stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

تأمل الأب جورج جميل

582views

تاملك 11-3-2019‏

مز79‏

‏1اَلَّلهُمَّ، إِنَّ الأُمَمَ قَدْ دَخَلُوا مِيرَاثَكَ. نَجَّسُوا هَيْكَلَ قُدْسِكَ. جَعَلُوا ‏أُورُشَلِيمَ أَكْوَامًا. 2دَفَعُوا جُثَثَ عَبِيدِكَ طَعَامًا لِطُيُورِ السَّمَاءِ، ‏لَحْمَ أَتْقِيَائِكَ لِوُحُوشِ الأَرْضِ. 3سَفَكُوا دَمَهُمْ كَالْمَاءِ حَوْلَ ‏أُورُشَلِيمَ، وَلَيْسَ مَنْ يَدْفِنُ. 4صِرْنَا عَارًا عِنْدَ جِيرَانِنَا، هُزْءًا ‏وَسُخْرَةً لِلَّذِينَ حَوْلَنَا. 5إِلَى مَتَى يَا رَبُّ تَغْضَبُ كُلَّ الْغَضَبِ، ‏وَتَتَّقِدُ كَالنَّارِ غَيْرَتُكَ؟ 6أَفِضْ رِجْزَكَ عَلَى الأُمَمِالَّذِينَ لاَ ‏يَعْرِفُونَكَ، وَعَلَى الْمَمَالِكِ الَّتِي لَمْ تَدْعُ بِاسْمِكَ، 7لأَنَّهُمْ قَدْ أَكَلُوا ‏يَعْقُوبَ وَأَخْرَبُوا مَسْكَنَهُ.‏

‏8لاَ تَذْكُرْ عَلَيْنَا ذُنُوبَ الأَوَّلِينَ. لِتَتَقَدَّمْنَا مَرَاحِمُكَ سَرِيعًا، لأَنَّنَا ‏قَدْ تَذَلَّلْنَا جِدًّا. 9أَعِنَّا يَا إِلهَ خَلاَصِنَا مِنْ أَجْلِ مَجْدِ اسْمِكَ، وَنَجِّنَا ‏وَاغْفِرْ خَطَايَانَا مِنْ أَجْلِ اسْمِكَ. 10لِمَاذَا يَقُولُ الأُمَمُ: «أَيْنَ هُوَ ‏إِلهُهُمْ؟ ». لِتُعْرَفْ عِنْدَ الأُمَمِقُدَّامَ أَعْيُنِنَا نَقْمَةُ دَمِ عَبِيدِكَ ‏الْمُهْرَاقِ. 11لِيَدْخُلْ قُدَّامَكَ أَنِينُ الأَسِيرِ. كَعَظَمَةِ ذِرَاعِكَ اسْتَبْقِ ‏بَنِي الْمَوْتِ. 12وَرُدَّ عَلَى جِيرَانِنَا سَبْعَةَ أَضْعَافٍ فِي أَحْضَانِهِمِ ‏الْعَارَ الَّذِي عَيَّرُوكَ بِهِ يَا رَبُّ. 13أَمَّا نَحْنُ شَعْبُكَ وَغَنَمُ ‏رِعَايَتِكَ نَحْمَدُكَ إِلَى الدَّهْرِ. إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ نُحَدِّثُ بِتَسْبِيحِك.‏

تامل
شرّعوا الأبواب للتوبة (الأربعين يومًا زمنُ زمنٌ مشبعٌ ‏بالنعمة والمحنة…!)‏

الكنيسة لديها الدافع كي تتأمّل ، مع الأحد الأوّل من الصوم ، ‏في صفحة الإنجيل التي ترينا الربّ معتزلا في الصحراء . ‏إعتمدَ يسوع فعبّر عن كامل استعداد قلبه البنويّ لإتمام ‏خلاص البشر بحسب مشيئة الربّ ، ثمّ قاده الروح إلى ‏الصحراء حيث مكث ، على ما يكتب القدّيس مرقس ، ” ‏أربعين يومًا يجرّبه الشيطان ” (مر 1 : 13 ) ، وذلك بدل أن ‏يدفعه إلى طرقات فلسطين ليعلنَ منها الملكوت .‏

في المشرق والمغرب ، أعار آباؤنا في الإيمان انتباههم إلى ‏العدد ” أربعون ” هذا ، والقدّيس أمبروسيوس يلخّص مجمل ‏التقليد فيعظ قائلا : ” إنّك تتذكّر كيف انه في هذا العدد من ‏الأيّام ، غمرت مياه الطوفان الأرض ، وكيف قدّس الصومُ ‏النبيّ إيليّا ، واستحقّ موسى البارّ أن يقبل الشريعة ، وكيف ‏عاش الآباء في الصحراء من خبز الملائكة ” (شرح الإنجيل ‏بحسب بشارة لوقا 4 : 15 ) .‏

‏ إحتفلَ آباؤنا في الإيمان بالصوم الأربعينيّ ، فأدركوا أنهم ‏كانوا يقومون بعمل من الأعمال التي تظهر خاصيّة ايماننا . ‏فهم يعبّرون عن مجمل رؤيتهم اللاهوتيّة للتاريخ البشريّ في ‏هذه ” الأيّام الأربعين ” ، وهي زمنٌ مشبعٌ بالنعمة والمحنة . ‏فبذلك كانوا يعلنون معارضتهم لتصوّر مأساويّ لا مسيحيّ ‏للتاريخ ، فقد كان يظهر ، إمّــا في شكل تطوّر دائريّ لا ‏متناه ٍ ، وإمـــّا في وجه سياق ٍ حتميّ لعالم لا متحرّك أبدًا ‏، ترتبط فيه ، على ما يبدو ، كلمة الختام بالموت ، وحيث لا ‏شيء يثبت ولا شيء يُبنى . أمّا المسيحيّ ، في احتفاله ‏بالأربعين يومًا مع الكنيسة ، فهو يعترف بأنّ في التاريـــخ ‏البشريّ أحداثـــــا هي عبارة عن تدخّل حقيقيّ وخاصّ لذراع ‏الله في التـــاريخ ، وهي أحداث تضعُ علامة مميّزة ” مرّة ‏واحدة للأبد ” على عالم البشر . والقدّيس غريغوريوس ‏النيصيّ يلحظُ ذلك قائلا : ” إنّ التاريـــــخ البشريّ يسيرُ من ‏بداية إلى أخرى في المسيح . وبداياته لا نهاية لها أبدًا”.‏