تاملك 21-2-2019
مز55
1اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ لأَنَّ الإِنْسَانَ يَتَهَمَّمُنِي، وَالْيَوْمَ كُلَّهُ مُحَارِبًا يُضَايِقُنِي. 2تَهَمَّمَنِي أَعْدَائِي الْيَوْمَ كُلَّهُ، لأَنَّ كَثِيرِينَ يُقَاوِمُونَنِي بِكِبْرِيَاءَ. 3فِي يَوْمِ خَوْفِي، أَنَا عَلَيْكَ أَتَّكِلُ. 4اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الْبَشَرُ؟ 5الْيَوْمَ كُلَّهُ يُحَرِّفُونَ كَلاَمِي. عَلَيَّ كُلُّ أَفْكَارِهِمْ بِالشَّرِّ. 6يَجْتَمِعُونَ، يَخْتَفُونَ، يُلاَحِظُونَ خُطُواتِي عِنْدَمَا تَرَصَّدُوا نَفْسِي. 7عَلَى إِثْمِهِمْ جَازِهِمْ. بِغَضَبٍ أَخْضِعِالشُّعُوبَ يَا اَللهُ. 8تَيَهَانِي رَاقَبْتَ. اجْعَلْ أَنْتَ دُمُوعِي فِي زِقِّكَ. أَمَا هِيَ فِي سِفْرِكَ؟
9حِينَئِذٍ تَرْتَدُّ أَعْدَائِي إِلَى الْوَرَاءِ فِي يَوْمٍ أَدْعُوكَ فِيهِ. هذَا قَدْ عَلِمْتُهُ لأَنَّ اللهَ لِي. 10اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. الرَّبُّ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. 11عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الإِنْسَانُ؟ 12اَللَّهُمَّ، عَلَيَّ نُذُورُكَ. أُوفِي ذَبَائِحَ شُكْرٍ لَكَ. 13لأَنَّكَ نَجَّيْتَ نَفْسِي مِنَ الْمَوْتِ. نَعَمْ، وَرِجْلَيَّ مِنَ الزَّلَقِ، لِكَيْ أَسِيرَ قُدَّامَ اللهِ فِي نُورِ الأَحْيَاءِ.
تامل
لقد قال القديس ايرونيموس وعلى حق، في صدد حديثه عن سفر يونان: “ان يسوع هو يونان الجديد”. فكما تكلم القديس بولس عن آدم الجديد ومن بعده آباء الكنيسة، فالحديث عن “يونان الجديد” وقد سمى يسوع نفسه”، اعظم من يونان “يفتح أمامنا آفاقاً لاهوتية وانسانية رائعة. يسوع الناصري، هو هذا الانسان المتأصل في تاريخ وفي شعب، هو هذا الانسان الذي عاش في حدود بشريتنا وشاركنا الافراح والاحزان ودخل في اعماق واقعنا البشري وعاش خبرة الموت إلى اقاصي الحدود وهو الانسان البريء. انه يونان، وهذا يعني انه اخذ ضعفنا على عاتقه وصار خطيئة لاجلنا على حد قول القديس بولس. ويسوع الناصري هذا هو يونان الجديد، هو أعظم من يونان. لقد شدّد كاتب سفر يونان مرات عديدة على موقف الهرب في يونان “هرب من وجه الرب” في بداية الرواية كما شدّد أيضاً على ركبة يونان في الموت في آخرها:
”خذ نفسي مني، فانه خير لي ان أموت من ان أحيا” (4/3). أما الاناجيل فتصف لنا يسوع في موقف معاكس تماماً للهرب أولاً. فالأجير يهرب في انجيل يوحنا (10/12)، اما يسوع فيسير في مقدمة القطيع. فيونان الجديد هو الابن أمام الاب وهو الاخ مع الاخوة. والرغبة في الموت التي يتمناها يونان، وهي تعبير عن الحسد والحقد والانتقام في قلب الانسان، تتحوّل في يسوع إلى رغبة في اعطاء الحياة: “لا أحد يأخذ حياتي، بل أنا أعطيها”. ان يونان الجديد يعطي حياته في طاعة كاملة لإله العهد وفي تضامن كامل مع إخوته البشر. في موت يسوع وقيامته صارت آية يونان واقعاً، واعطي الخلاص مجاناً لكل انسان تحت السماء.
ألسنا اليوم في عالم يحمل التساؤلات نفسها؟ وبشكل أدق، ألسنا في عالم تتهدده دوماً تجربة الاستسلام إلى الخصوصية الضيقة والقومية السهلة، وفي عالم يسعى نحو شمولية كاملة ومتحققة؟ أليست المسيحية، وبشكل خاص، اليسس سر موت المسيح وقيامته هو المجال الذي فيه تعاش أولاً وتعلن ثانياً في العالم ضرورة عيشِ جدلية خصوصيات الشعوب وانفتاحها على بعضها البعض في حب شمولي متصاعد ومتكامل؟
كانت تأملات يونان منقولة عن الاب أنطوان أدواو اليسوعي