” اِبتَهجَ أَبوكُم إِبراهيم راجِياً أَن يَرى يَومي ورآهُ فَفَرِح ” .
ما معنى ذلك ؟
إنّ إبراهيم قد ” آمَنَ بالرّبِّ فَحَسِبَهُ لَهُ ذلكَ بِرًّا ” (تكوين ١٥ : ٦). لقد آمن بدايةً إنّ الرّب هو خالق السماء والأرض ، وهو الله الواحد ، بعد ذلك ، آمن أنّه سيجعلُ ذريّتَه كثيرةً كنجوم السماء ( تكوين ١٥ : ٥ – ٦ ) … لهذا السبب بالذّات تركَ إبراهيم روابطه الأرضيّة وتبعَ كلمةَ الله ، فتحوَّلَ إلى غريبٍ عن الكلمة ليصبح مواطنًا مع الكلمة ( أفسس ٢ : ١٩ ) . ولذلك أيضًا، تركَ أولئك الرُّسُل الّذين هم من ذريّة إبراهيم سفينتَهم وأبيهم ، وتبَعوا الكلمة المتجسّد ، ابن الله ( متى ٤ : ٢٢ ). كذلك علينا نحن أيضًا أن نقومَ نحن الذين نشاركُ إبراهيم إيمانه ، بحملِ صليبِنا كما حملَ إسحق الحطب ( تكوين ٢٢ : ٦ ) ، ونتبعَ هذه الكلمة نفسها بفرح .
فمع إبراهيم ، تعلَّمَ الإنسان مُسبقًا واعتادَ على اتّباعِ كلمة الله . ففي الواقع، تَبِعَ إبراهيم في إيمانه تعاليم كلمة الله ، وقدَّمَ بدون أيّ تردُّد ابنه الوحيد المحبوب ذبيحةً مرضيّةً إلى الله ، كي يقبلَ الله أيضًا أن يقدِّمَ ابنه المسيح يسوع ، الوحيد والمحبوب ذبيحةً لخلاصِ ذريّتِه كلِّها .
وحيثُ أنّ إبراهيم كان نبيًّا وكان يرى من خلال الرُّوح يومَ مجيء الربّ وتدبيرَ آلامِه الخلاصية ، أي الخلاص له ولكلِّ الذين سيؤمنون بالله مثلَه ، فقد ابتهج فرِحًا . إذًا، لم يكن الربّ مجهولاً من إبراهيم ، لأنّ هذا الأخير أرادَ أن يرى يومَه . هكذا بما أنّ إبراهيم قد تلقّى العلم من الكلمة الإلهية ، فإنّه قد عرف الآب بواسطة الكلمة الإلهي المتجسّد من العذراء مريم فآمن به … لذا قال : ” رَفَعتُ يَدي إِلى الرَّبِّ الإِلهِ العَلِيّ ، خالِقِ السَّمَواتِ والأَرض” ( تكوين ١٤ : ٢٢) .
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية واورشليم والاردن للأرمن الكاثوليك