«إنَّ حَبَّةَ الحِنطَةِ الَّتي تَقَعُ في الأَرض إِن لَم تَمُتْ تَبقَ وَحدَها. وإذا ماتَت، أَخرَجَت ثَمَراً كثيراً» (يو 12: 24)
“مَثَلُ مَلكوتِ السَّمَوات كَمَثَلِ حَبَّةِ خَردَل أَخذَها رَجُلٌ فَزرعَها في حَقلِه. هيَ أَصغَرُ البُزورِ كُلِّها، فإِذا نَمَت كانَت أَكبَرَ البُقول، بل صارَت شَجَرَةً حتَّى إِنَّ طُيورَ السَّماءِ تَأتي فتُعَشِّشُ في أَغصانِها” (مت13: 31-32). ترمزُ حبّة الزرع هذه إلى الرّب يسوع المسيح الّذي وضِع في حقلٍ حيث دُفِنَ في الأرض، ثمّ خرج منها بقيامته منتصبًا مثلَ شجرةٍ كبيرة.
يمكننا القول إنّ الربّ يسوع المسيح كان أشبهَ بحبّة زرع صغيرة عند موته. لقد كان بذرة زرع بإذلال جسده، وشجرة كبيرة بتمجيدِ عظمته. كانَ بذرة زرع عندما ظهرَ لأعيننا مشوّهًا كليًّا، وشجرةً كبيرةً عندما قامَ من بين الأموات كـ “أَجمَلِ بَنِي آدَم” (مز45[44]: 3).
يشكّلُ القدّيسون المبّشرون بالإنجيل أغصانَ هذه الشجرة السريّة، ويشيرُ المزمور إلى هذا الامتداد: “في الأرضِ كُلِّها سُطورٌ بارِزة وكَلماتٌ إِلى أَقاصي الدُّنْيا بَيِّنة” (مز19[18]: 5؛ راجع رو10: 18). تستظلّ العصافير في أغصانها متى وجدت الأرواحُ البارّة التي جُذبَت عن الأرض مرتكزةً على أجنحةِ القداسة التعزيةَ التي تحتاجها في كلام المبشّرين بالإنجيل في ظلّ المصاعب والضيقات التي تواجهها في هذه الحياة.