تأمل الاب وليم سيدهم “أحبوا أعداءكم و أحسنوا الى مبغضيكم” – 3- 31/7/2018
No tags
1.2kviews
تأمل الاب وليم سيدهم “أحبوا أعداءكم و أحسنوا الى مبغضيكم” – 3- 31/7/2018
“أحب عدوك” نعم عدو قد يكون “أهل بيتى” كما يقول الإنجيل حينما يصبح مقام الله الخالق “الثانى” و ليس الأول في اهتمامى و أن يكون الله الأول فى حياتى لا يعنى أنى ليلاً و نهاراً أجلس فى الكنيسة أو فى غرفتى أقرأ الكتاب المقدس أو أصلى السبحة، كلا أن يكون الله الأول يعنى أن أفعالى و إختياراتى و أعمالى الروحية و المدنية والسياسية و الإجتماعية تكون مصبوغة بلون المحبة و الإحترام و بخشية الله.
هو أن يكون الله معى أربعة و عشرين ساعة على اربعة وعشرين ساعة و كل ثانية غاب الله فيها عن حياتى تخصم من قيمة هذه الأفعال لأنها تصبح فارغة و مبنية على الرمل و ليس على الحجر و الحديد والصلب.
“وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيضطهدونكم” نعم انهم يضطهدوا المسيح نفسه من معاصريه ، الم يضطهد الكتبة والفريسيين فى شفاءاته ، في إخراجه للشياطين، في تطهير البُرص، فى الحديث مع العشارين … الخ ، إن الإضطهاد الذى نعيشه اليوم حصرناه فى “الإضطهاد الدينى” و إن كان صحيحاً فإن كل قراراتنا المنزلية و الاسرية و المدرسية و المجتمعية قد تتعرض للإضطهاد و قد يكون ذلك لإختلاف النظرة لقراراتنا او لطريقة تفكيرنا و لكن هذه حياتنا و فيما نصلى لأجل من يضطهدوننا قد نكتشف أننا نحن أيضاً نضطهد بعض الآخرين من حولنا دون أن ندرس العامل ، الكناس ، الفراش ، التلميذ ، التلميذة.
الصلاة من أجل المضطهدين لم تفارق المسيح مع معاصريه لا بل كانت دعوته لهم و زياراته لهم لم تنقطع بفعل اضطهادهم له و الاستهزاء به. الم يذهب يسوع ليتعشى مع الفريسى الذى دعاه لكى يستهزء به، الم يذهب لزيارة ذكا العشار و كانت زيارة مثمرة للغاية ، الم يعاشر ما كان يعتبرهم الفريسيون أنفسهم أعداء الله (البرص – الزناة – العشارون … الخ)
إذن المطلوب من كل واحد منا أن نعيد النظر في علاقاتنا اليومية و نميز بين اعداءنا و اصدقائنا لنحملهم في صلاتنا وفى علاقاتنا مع الله و أن نتأمل في أسباب عدواتهم لنا. هل لأسباب يمكن إزالتها لأنها تتعلق بتصحيح علاقاتنا بهم أم لأنها عداوة مبنية على شرط عداوتنا لله حبيبنا و مخلصنا.
ذكرنا سابقاً أن اخضاع يسوع الناصرى إلى التجربة كان هدفه الخلط بين ما هو انسانى و ما هو الهى، و نحن نميز بين أن نخضع مشيئة الله إلى مشيئتنا و بين أن نترك لله المساحة المناسبة التى تجعله يسعى الى تضميد و شفاء إرادتنا المحدودة.
فكما قلنا سابقاً أن يكون الله الأول فى حياتنا 24 ساعة لا يعنى أن نلغى إرادتنا و حريتنا بل على العكس تقوم حريتنا في أن ندعو الله أن يشاركنا في اتخاذ قراراتنا و لم يفعل يسوع الناصرى سوى ذلك طيلة حياته.
و لعل حدث اختفاء يسوع ثلاثة أيام في الهيكل منذ صغره و تحميل العذراء و يوسف مغبة غيابه و البحث عنه مردود عليه كما جاء فى الانجيل : “ألَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟” (لو 2 : 49)
إن هذا المثل يساعدنا على فهم ثمن حريتنا و ثمن لجؤنا الى الله فى كل قراراتنا، فقد يخفى على الذين يعيشون معنا في حياتنا او من لهم مسئولية نحونا أننا قد نتخذ قرارات لا يفهمها الآخرون لأسباب تخصهم أو تخصنا، و قد يتسبب ذلك فى إرتباك في اعمالنا أو في حياتنا لأننا قررنا أن نسير على هُدى مشيئة الله و ليس على هُدى قوى العرض و القلب في سوق الاستغلال الآدمى للآخرين، فعلينا أن نستعد لتحمل هذه التبعات و لما كان فرضنا هو أن جميع المؤمنين قد يفعلون الشئ نفسه فى لجوئهم الى عمل ما يرضى الله في حياتهم فلابد أن نحترم سيرة كل أحد فالله لا يعاملنا كما يعامل المسئولون عن الفضائيات زبائنهم في المشرق و المغرب من العالم.
إن مشيئة الله مرتبطة بمشيئة كل إنسان منذ الحمل به حتى إنتقاله الى العالم الآخر و بالتالى لا نتوقع أننا سنحصل على برنامج محدد لنعامل كل إنسان.
وفي النهاية، فإن الله يأمرنا بمحبة الأعداء لأن الواقع يفترض أن بعض البشر، و قد يكون منهم يجهلون لسبب أو لآخر القيمة الكبرى التى وضعها الله فى كل إنسان فيتعاملون معنا كما تعامل الفريسيون مع المسيح بإعتباره عدو الله (الههم المحفوظ في مخيلتهم) و لذلك فطوبى لنا إ استطعنا أن نمجد الله بأن نحبهم كما أحبهم الله.
و حينما نكون علىالصليب على غرار المسيح نقول للآب “إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون”.