مقدمة
لا يحتفل دائماً بالزواج صحيحاً على ضوء القوانين الإلهيّة والوضعيّة. ويمكن أن يكون الزواج غير صحيح بسبب عيب في الرضى، أو وجود مانع مبطل، أو بسبب عيب في صيغة الاحتفال بالزواج. ولتصحيح زواج غير صحيح، يقرر القانون الكنسي: التصحيح العادي والتصحيح من الأصل. ويتم الأول بواسطة تجديد الرضى الزواجيّ، أما الثاني، حيث لا يجدّد الرضى، فيتم بواسطة السلطة الكنسيّة المختصة
1- التصحيح العادي
أ- تصحيح زواج غير صحيح بسبب مانع مبطل
يقرر القانون 843 البند1- “لتصحيح زواج غير صحيح بسبب مانع مبطل، يلزم أن يزول المانع أو يفسح فيه، وأن يجدّد الرضى ولو الطرف الذي علم بالمانع.
البند2- هذا التجديد مطلوب لصحة التصحيح حتى وإن كان الطرفان قد أبديا رضاهما في البداية ولم يعدلا عنه فيما بعد.
القانون 844- تجديد الرضى يجب أن يكون فعلاً إراديّاً جديداً في الزواج الذي يعلم أو يعتقد الطرف المجدّد أنّه كان غير صحيح منذ البداية.
القانون 845- إذا كان المانع علنيّاً وجب على الطرفين تجديد رضاهما، وفقاً لصيغة الاحتفال بالزواج المقرّرة شرعاً.
البند2- إذا كان المانع خفيّاً، يكفي أن يجدّد الرضى على حدة وسراً؛ وذلك من قبل الطرف الذي علم بالمانع بشرط أن يستقر الطرف الآخر على الرضى الذي أبداه، أو من قبل الطرفين إذا كان المانع معروفاً لدى كليهما”.
التصحيح هو إعلان صحة فعل قانوني قد تمّ باطلاً؛ وتصحيح زواج غير صحيح، هو فعل بواسطته يصبح الزواج صحيحاً شريطة أن يستمر الرضى أو أن يجدّد من قبل الطرفين. إن من واجب الكنيسة أن تولي عناية خاصة بقدسيّة الزواج وتساعد الزوجين لكي يعيشا الحالة الجديدة في نعمة وقداسة. وفي حالة الطعن في صحة الزواج، وهو حق لكلا الطرفين، هناك واجب يقع على القاضي، كما يقرّر القانون 1362: “على القاضي، قبل أن يقبل القضية وكلما توقع حلاً موفقاً، أن يستخدم الوسائل الرعويّة لحمل الزوجين، إذا أمكن، على تصحيح الزواج واستئناف شركة الحياة الزوجيّة”.
ويكون الزواج باطلاً بسبب وجود مانع (القوانين 790، 800-812)، وهو يجعل الشخص غير أهل للزواج، حتى إذا كان المانع متعلقاً بطرف واحد. ولتصحيح زواج باطل بسبب مانع مبطل، يجب زوال المانع وأن يجدّد الرضى على الأقل الطرف الذي علم به. ويمكن زوال المانع بمرور الزمن (مثل مانع السن) أو في الواقع (مثل مانع الوثاق الذي يزول بوفاة أحد الطرفين). ويزول المانع بالتفسيح فيه، شريطة أن يكون مانعاً كنسيّاً (مانع القرابة الدمويّة في الخط المنحرف، مانع الرهبنة، مانع الدرجة المقدسة الخ). ولا يمكن أبداً تصحيح زواج باطل بسبب وجود مانع لا يمكن التفسيح فيه (مثل مانع العجز الجنسي، مانع الوثاق، مانع القرابة الدمويّة في الخط المستقيم، مانع القرابة الدمويّة في الدرجة الثانية من الخط المنحرف).
ولصحة التصحيح العاديّ يجب تجديد الرضى ولو من الطرف الذي علم به. ويعتبر تجديد الرضى فعلاً إرادياً جديداً، حيث يعتبر الطرف أو الطرفان أن الزواج كان باطلاً، ويصحّح بتجديد الرضى. وإذا كان المانع علنيّاً، يجدّد الرضى على ضوء منطوق القانون 828، أي بحضور الكاهن المختص، والشهود وصلاة الإكليل، أما إذا كان المانع خفيّاً، فيجدّد الرضى في السرّ ولا يتطلّب ذلك تطبيق صيغة الاحتفال المقررة في الشرع (ق828).
ب- تصحيح زواج باطل بسبب عيب في الرضى
يقول منطوق القانون 846 البند1: “يصحّح الزواج غير الصحيح بسبب عيب في الرضى، إذا الطرف الذي لم يرض، عاد ورضي، يشرط أن يستقر الطرف الآخر على الرضى الذي أبداه”.
البند2- إذا لم يمكن إثبات العيب في الرضى، يكفي الطرف الذي لم يرض أن يبدي رضاه على حدة وسراً.
البند3- إذا كان إثبات عيب الرضى ممكناً، فلابد من تجديد الرضى حسب صيغة الاحتفال بالزواج المقررة شرعاً”.
يعتبر الرضى، الذي لا يمكن لأي سلطان بشري أن يعوّض منه، هو حجر الزاوية الذي ينشأ عليه الزواج. ولتصحيح زواج غير صحيح بسبب عيب في الرضى، يجب تجديد الرضى من الطرف الذي لم يرض أو من قبل الطرفين إذا لم يرضيا. ويجدّد الرضى حسب صيغة الاحتفال المقررة في القانون 828.
ج- تصحيح زواج غير صحيح بسبب عيب في صيغة الاحتفال
يقرر القانون 847: »لتصحيح الزواج غير الصحيح بسبب عيب في صيغة الاحتفال بالزواج المقررة في الشرع، يجب الاحتفال به من جديد”. يكون الزواج باطلاً بسبب عيب في صيغة الاحتفال بالزواج، ويتحقق ذلك عندما لا تحترم صيغة الاحتفال نهائياً (مثل الاحتفال بالزواج حسب القانون المدني، أو في جماعة كنسية بروتستانتية، أو بدون التفسيح المقرر في القانون 835)، أو لا يطبق عنصر أساسي من صيغة الاحتفال بالزواج (مثلاً عندما يبارك الزواج كاهن غير مختص، أو عدم حضور الشهود، أو عدم تلاوة صلاة الإكليل).
مما سبق، يجب القيام بالاحتفال بالزواج من جديد حسب الصيغة المقررة في الشرع.
2- التصحيح من الأصل
أ- تعريف ومتطلبات وآثار التصحيح من الأصل
يقرر القانون 848 البند1: “التصحيح من الأصل لزواج غير صحيح هو تصحيحه بدون تجديد الرضى، تمنحه السلطة المختصة ويتضمّن التفسيح في المانع إن وُجد وفي صيغة الاحتفال بالزواج المقرّرة في الشرع إن لم يعمل بها، كما [يتضمن] مفعولاً رجعياً للآثار القانونيّة بالنسبة إلى الماضي.
البند2- يتم التصحيح منذ منح الإنعام، أما المفعول الرجعي فيعتبر عائداً إلى حين الاحتفال بالزواج، ما لم يستدرك غير ذلك صراحة عند منح [الإنعام]”.
القانون 849 البند1: “يمكن منح تصحيح الزواج من الأصل على وجه صحيح، حتى بدون علم أحد الطرفين أو كليهما. البند2- لا يمنح التصحيح إلا لسبب هام، وعلى أن يكون هناك احتمال أن الطرفين يريدان الاستقرار في شركة الحياة الزوجية”.
القانون 850 البند1: “يمكن تصحيح الزواج غير الصحيح، بشرط أن يستقر رضى الطرفين.
البند2- الزواج غير الصحيح بسبب مانع من شرع إلهي لا يمكن تصحيحه على وجه صحيح إلا بعد زوال المانع”.
القانون 851 البند1: “إذا خلا من الرضى لكلا الطرفين أو أحدهما لا يمن تصحيح الزواج من الأصل على وجه صحيح، سواء خلا الرضى من البداية أو أبدى في البداية ثم عدل عنه.
البند2- أما إذا خلا من الرضى في البداية ثم أُبدى فيما بعد، فيمكن منح تصحيح الزواج منذ إبداء الرضى”.
ب- السلطة المختصة لمنح التصحيح من الأصل
يقرر القانون 852: “بوسع البطريرك والأسقف الإيبارشي منح التصحيح من الأصل في حالات فردية، إذا حال دون صحة الزواج عيب في صيغة الاحتفال بالزواج المقررة شرعاً، أو مانع بوسعهما التفسيح فيه، وفي الحالات المحدّدة في الشرع بعد استيفاء الشروط المنصوص عليها في القانون 814؛ وفي سائر الحالات، وإن تعلّق الأمر بمانع من شرع إلهي وقد زال، فالتصحيح من الأصل يمكن أن يمنحه الكرسي الرسولي دون سواه”.
من منطوق هذا القانون، نستخلص ما يأتي:
(1) للكرسي الرسولي منح التصحيح من الأصل لزواج باطل بسبب مانع كنسي التفسيح فيه محفوظ للكرسي الرسولي (ق795)؛ أو لزواج باطل بسبب مانع طبيعي (العجز الجنسي) أو مانع إلهي وضعي قد زال (الوثاق، أو الارتباط بزواج سابق).
(2) يمنح الأسقف الإيبارشي التصحيح من الأصل لزواج باطل بسبب مانع له صلاحية التفسيح فيه، وفي هذه الحالة يمنح التصحيح من الأصل لكل حالة بذاتها، أي لزيجات محددة مهما كان عددها.
(3) يستطيع البطريرك التصحيح من الأصل للزيجات الباطلة، بسبب موانع كنسية له الصلاحية أن يفسح فيها (ق795 البند2)، أو صيغة الاحتفال المقررة في الشرع.
عن مجلة صديق الكاهن