تيلي لوميار ونورسات تنفرد برصد مراحل تأسيس إكليريكية الأقباط الكاثوليك في المعادي _ مصر” نبع الحياة الكهنوتية” والأب بيشوى رسمي شاوول” رسالة الإكليريكية تكمن بالحفاظ على جذوة الإيمان مشتعلة في الكنيسة”
(ليا عادل معماري، نورسات، المعادي، القاهرة)
تعني كلمة إكليريكية في أصلها اللاتيني “المشتل” وهو المكان الذي تنمو فيه البراعم والزهرات، ويشير ذلك الى عملية تكوين الدعوات الكهنوتية التي تتم في الاكليريكية، لتحمل يوما رسالة السيد المسيح التي سلمها الينا ووصلتنا عبر الأجيال.
ومن هنا، تقضي رسالة الاكليريكية في الحفاظ على جذوة الإيمان مشتعلة في الكنيسة وذلك عن طريق تكوين أجيال من الكهنة الصالحين الغيورين وكما تعمل على ان يكون الكهنة رجال تقوى وصلاة تحرص أيضا على تقديم تكوين متكامل لشخصية الإكليريكي في جميع ابعادها.
واذا ما نظرنا الى الحياة الروحية في الاكليريكية فيتراءى لك نبع الحياة الكهنوتية وأساس الحياة الجماعية والخدمة، والجانب الدراسي التكويني في خدمة الجانب الروحي للجماعة عامة وللفرد خاصة.
لذا تولي إكليريكية الاقباط الكاثوليك في المعادي _ القاهرة أهمية كبرى لهذا الجانب حتى يكون بمثابة العمود الفقري الذي تقوم عليه الحياة الكهنوتية.
واذا ما تحدثنا بإسهاب عن تاريخ الإكليريكية فلا بد من ذكر مراحل تأسيسها لا سيما انها الاكليريكية الوحيدة في جمهورية مصر العربية.
•في 25 يناير سنة 1897 تم وضع حجر الأساس للإكليريكيّة بمدينة طهطا.
• 15 نوفمبر سنة 1899 تم افتتاح إكليريكيّة القديس لاون بطهطا.
• سبتمبر سنة 1947 تم نقل الإكليريكيّة إلى مبنى كلية القديس لويس التّاسع للآباء الأفريقيين بطنطا.
• 3 نوفمبر سنة 1953 تم افتتاح مبنى الإكليريكيّة الجديد بالمعادي، بإدارة الأنبا إسطفانوس سيداروس.
• سنة 1958 طلب غبطة الأنبا إسطفانوس الأوّل من الأباء اليسوعين القيام بإدارة الإكليريكيّة، بالتّعاون مع أباء كهنة من الأقباط الكاثوليك.
• سبتمبر 1969 عادت الإكليريكيّة لإدارة أباء كهنة من الأقباط الكاثوليك.
أولاً: لمحة تاريخيّة
1_ الإكليريكيّة بحي الموسكي 1878
كان عدد الكهنة المتخرجين، من كلية انتشار الإيمان محدودًا وضئيلاً، ولم يكن كافيًا لسد احتياج الكنيسة إلى العديد من الكهنة المثقفين والملمين بجميع احتياجات الوطن. لذا فقد كلّف مجمع انتشار الإيمان، الآباء اليسوعيين في العام 1878م بتأسيس إكليريكيّة للأقباط الكاثوليك بمصر والقيام بإدارتها. فقدم إلى القاهرة الأب نورمان رئيس إرسالية الأباء اليسوعيين في سوريا في يناير 1879م، بصحبة الأب هنري اليسوعيّ، ونزلا ضيفين لمدة شهر طرف الأباء الفرنسيسكانن إذ لم يكن حينذاك كرسلون يسوعيون في مصر.
في 3 فبراير 1879، استأجرا منزلاً صغيرًا في حي الموسكي وبعد أن تفقد الأب نورمان الحالة وأتم مهمته، ترك الأب هنري في القاهرة ورجع إلى بيروت وأوفد من هناك إلى القاهرة الأ جرنييه والأخ يوحنا سيمرلي. وانتقل هؤلاء اليسوعيون الثلاثة، في شهر مايو من نفس السنة، من منزلهم الصغير بالموسكي، واستأجروا منزلاً فسيحًا ليس ببعيد عن الأوّل، هو قصر باغوص باشا، في حديقة روزيتا بالموسكي الّذي صار بعد قبل المقر الأوّل للمدرسة الإكليريكيّة للأقباط الكاثوليك.
اكثر من ذاك، فتحت المدرسة الإكليريكيّةأبوابها في أوّل أكتوبر العام 1879م، وكان قد تم الاتفاق على أن تكون هذه المدرسة، إكليريكيّة صغرى يتلقى فيها إكليريكيو الأقباط الكاثوليك دروسهم الثانويّة، ويرسلون من بعدها إلى الكلية الشّرقيّة للأباء اليسوعيين ببيروت ليواصلوا فيها علوم الفلسفة واللّاهوت. وأن يصرّح لمن شاء من الطّلبة، أن يتلقنوا الدروس في نفس المدرسة مع الإكليريكيين.
بدأ العام الدراسيّ وقد ضمّت المدرسة بين جدرانها ثمانية إكليريكيين وأربعة عشر طالبًا خارجيًا وكان قد عين لها رئيسًا هو الأب إدوارد سلزاني، عوضًا عن الأب هنري وأصبح جرنييه مساعدًا له، وقد حققت هذه المدرسة الإكليريكيّة نجاحًا باهرًا ونموًا مشجعًا. إلا أن ثورة عرابي باشا العام 1881م أرغمت الأباء اليسوعيين الّذين وصل عددهم آنذاك في القاهرة إلى حوالي سبعة عشر راهبًا على الرّحيل مع الإكليريكيين إلى بيروت ولم يبق منهم إلا الرئيس الجديد الأب ميشيل جوليان وأربعة من اليسوعيين ومعهم أكبر الإكليريكيين سنًا وهو حبيب سبع الليل ولكن نظرًا لتزايد حدة الثورة اضطر حتّى هؤلاء أن يرحلوا إلى بيروت في 15 يونيه 1882 ولم يرجعوا إلا في أعقاب ثورة عرابي باشا. بعد هذه المحنة البسيطة عادت المدرسة بالقاهرة لتفتح أبوابها في شهر نوفمبر 1882م وتواصل الإكليريكيّة سيرها على ما يرام وفي العام 1883م أي بعد ثلاث سنوات فقط من تأسيسها بلغ عدد طلاب المدرسة ثمانية عشر إكليريكيًا وثلاثة وستين طالبًا خارجيًا.
2_ الإكليريكيّة بحي الفجالة 1889م
في العام 1888م شرع الأباء اليسوعين، في بناء مدرسة كبيرة في حي الفجالة بالقاهرة وهي مدرسة العائلة المقدسة للأباء اليسوعيين حاليًا. وتم افتتاحها الرسمي في عام 1889م فترك الأباء حينذاك قصر باغوص يصحبهم الإكليريكيون إلى جناح خاص بهم بجوار مدرسة العائلة المقدسة وظلت المدرسة الإكليريكيّة الصغرى بالقاهرة تحت إدارة الآباء اليسوعيين إلى العام 1907م وتعيين نيافة الأنبا مكسيموس صدفاوي نائبًا رسوليًا للبطريركيّة فسافر طلابها الإكليريكيون إلى بيروت لمواصلة دراساتهم الثانوية والفلسفيّة واللاهوتيه، في الكلية الشّرقيّة للآباء اليسوعيين. ثم افتتحت في عهد الانبا مرقس خزام حتّى سنة 1947 حين انتقل كلّ الإكليريكيين إلى طنطا.
3_ إكليريكية المنيا الكبرى المؤقتة 1895_ 1896م
لما كان عدد الكهنة المتخرجين من بيروت قليلاً جدًا بالنسبة إلى احتياج الكنيسة اتجهت الفكرة في العام 1894م إلى افتتاح مدرسة إكليريكيّة في دير الآباء اليسوعيين بالمنيا، تقبل الرّاغبين في الكهنوت والحاصلين على السن القانوني للرسامة الكهنوتيّة، حتّى من المتزوجين يتلقى هؤلاء في مدة وجيزة ما هو ضروري من معارف الكهنوت يشمل شرح العقائد الدّينيّة وكيفيّة الاحتفال بذبيحة القداس .