حية موسى وجسد المسيح – مار يعقوب السروجي
لما كانت الافعى تلدغ احد العبرانيين، فلو كان يحتقر حية موسى ولا ينظر اليها،
كانت قوة السم تقتله، لانه اهمل ولم يقتنع حتى يهرب الى ملجأ الحية،
وجد من احتقرها فمات بلدغتها ولم يشف، ووجد من صدق فاقترب ونظر اليها فنسى وجعه،
كان الملدوغ حرا فيما يصنعه، لانه كان من السهل عليه ان ينظر او لا ينظر،
المنظر مجاني، ولم يكن موسى يطالب باجرة، والحية قائمة، ومن نظر اليها زال ضيقه،
من كان ملدوغا كان فعله متعلقا بارادته: من نظر ُ شفي، و من لم ينظر مات بضربته،
هناك انتصر الايمان بواسطة المرضى، فمن آمن ونظر الى الحية عاش برؤيتها،
ومن لم يؤمن قتله سم الحيات، ولم يتعاف لانه لم يشأ ان ينظر كما أُمر،
هنا اذًا الايمان يشفي الجروح، وبارادة المجروح هي موضوعة عافيته،
الصليب ممدود ولا يطالبك ابدا باجرة، فلو نظر َ ت اليه سيشفيك مجانا ويطببك،
هوذا الشيطان قد صنع حيات في كل العالم، ايها الملدوغون انظروا الى الصليب وسيشفيكم،
لا يحتقر احد المنظر الجلي امام الكثيرين، فلو احتقره سيموت بسم الحية الكبرى،
الصليب لا يجبر احدا لياتي اليه، من اراد ان يشفى به فهذا الامر يعود اليه،
وللخاطي الحرية، وهو مسلط ليشفي وجعه بارادته بدون وسطاء،
توجد امامه آية شافية، فلو نظر اليها سيشفى بها بالحقيقة،
بجسد الابن تموت خطيئة الجسد عن الجميع، بهذا الذي لم يخطيء هوذا هولاء الذين اخطأوا يشفون،
كما قهرت الحية الحيات في حوريب، كذلك الجسد يشفي بامان الاجساد التي تلتصق به،
بتلك الافعى انطفأ سم الحيات، وبهذا الجسد تضمحل نهائيا خطيئة الاجساد،
منظره بسيط، وشفاؤه عظيم جدا، الموت مصور به، ومنه تنبع الحياة كل يوم،
الصليب بمنظره يعلن الموت للناظر اليه، وبالتامل فيه يعطي الحياة للناظر اليه،
الحية ايضا بمنظرها كانت تخيف من لدغته، اسمها ومنظرها كان يخيف من هو مجروح،
ولما كان يجرؤ احد وينظر اليها زال حالا وجعه، لان قوتها لم تكن بسيطة كمنظرها للناظر اليها،
لعل الملدوغ كان يخاف ويفزع لما كانوا يقولون له: هلم وانظر الى الحية وستطيب،؟
وكان يقول ايضا: قتلتني الحية، فلماذا انظر الى الحية يا ترى، فانا افزع حتى من منظرها،؟
لماذا انظر اليها لانني اتعذب بلسعتها، انا ابغض منظرها فلتبتعد عني لانها قتلتني،؟
ماذا تفيدني لانها لا تحمل الدواء الذي يشفي جرحي، ولا يوجد عقار لاضعه على جرحي وانتفع به،
منظرها مخيف، ولو انظر اليها تضاعف الالم، فالحية هي ذكرى ضربتي في كل الاشكال.
وهذا ما حدث للصليب من قبل الكثيرين، يهربون منه لانهم لا يعرفون ما هي قوته،
الموت مصور فيه، وينبت الحياة للقريبين منه، وانه يعلن الموت وهو للعارفين مليء انبعاثا،
ميمر 4 من كتاب “ترجمة من السريانية إلى العربية ودراسة على ميمر الملفان ماريعقوب السروجي” للأب الدكتور بهنام سوني،