خرجت مريم مسرعة – الأب وليم سيدهم
أم يسوع تلتقي مع أم يوحنا المعمدان، البتول تلتقي مع التي كانت عاقر. يوسف النجار البتول يلتقي زكريا الكاهن الذي كان عاقرًا.
ما معنى هذه الثنائيات؟ إنه الإنتقال من العهد القديم إلى العهد الجديد. ها هو يوحنا ابن زكريا يولد ستة أشهر قبل يسوع، ليعد له الطريق. نحن هنا في حضرة التاريخ المقدس لشعب الله الذي بدأ بدعوة أبينا ابراهيم من أور الكلدانيين، ويصل الآن إلى تمامه واكتماله. مسيرة الله مع الانسان ليشركه في صنع تاريخه، تاريخ الخلاص.
ولما كان معظم اليهود في عصر يسوع قد ارتدوا إلى الوراء، ونسوا وعد الله لهم، وعبدوا ألهة وثنية، وعلبوا كلام الله وأفرغوه من مضمونه من خلال الكتبة والفيسيين، فإن الله قيض لنفسه أشخاصًا يحافظون على سر محبته للبشر، ويسيرون معه لا عليه، مثل ما فعل كبار رجال الدين من الفريسيين والكتبة والصدوقيين اليهود.
لم يختر الله أحدًا من خارج الشعب المختار، بل اختار مريم العذراء يهودية، محسوبة على تيار الحياة الألهية، كما اختار من العهد القديم رجلًا بارًا وإمرأة بارة ليقوموا بمهمة تسليم الوديعة التي تركها الله بين ايدي الشعب المختار في منهج رباني، يتميز بالعمل في صمت لتحقيق مشيئة الله.
وتعتبر مريم العذراء من خلال النشيد الذي جاء على لسانها عن هذه التغيرات الدراماتيكية، التي انتهت برحلة ابينا ابراهيم، إلى طريق مسدود، بسبب الفريسيين ورجال الدين اليهود في عصر يسوع منذ الفين عامًا.
يقول النشيد: ” وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ». (لوقا 1: 50 55)
لقد خرجت مريم مسرعة بعد بشارة الملاك، لكي تشارك اليصابات نسيبتها فرحتها الغامرة بخبر حملها من يسوع كما قررت مريم البقاء اكبر فترة ممكنة الى جانب اليصابات ام يوحنا المعمدان وتبادلتا الإكرام والإمتنان كل منهما للأخرى، لهذا السر العظيم الذي جعل العاقر تحبل والبتول تصبح أم يسوع، في هدوء شديد وتواضع جم، لن نرى ثماره إلا بعد سنوات كما يقول الإنجيل، حينما يذهب يوحنا يكرز بمعمودية التوبة، ثم يلحق يسوع ليعتمد منه ثم ينطلق إلى البشارة بالعهد الجديد عهد الحب وإنكار الذات، عهد الرحمة وتأسيس الكنيسة.