stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

رسالة البابا إلى مدينة روما والعالم لمناسبة عيد الميلاد ٢٠٢٠

506views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

25 دبسمبر 2020

كتب : فتحي ميلاد – المكتب الأعلامي الكاثوليكي بمصر .

“ليساعدنا طفل بيت لحم في أن نكون مستعدّين وأسخياء ومتضامنين، لاسيما تجاه الأشخاص الأكثر هشاشة” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في رسالته إلى مدينة روما والعالم لمناسبة عيد الميلاد ٢٠٢٠

وجّه قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الخميس كما جرت العادة لمناسبة عيد الميلاد المجيد، رسالته التقليدية إلى مدينة روما والعالم، قال فيها: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، ميلاد مجيد! أرغب في أن تصل إلى الجميع الرسالة التي تعلنها الكنيسة في هذا العيد، بكلمات النبيّ أشعيا: “ولد لنا ولد، أُعطي لنا ابن”.

تابع البابا فرنسيس يقول ولد لنا ابن: إن الولادة هي على الدوام مصدر رجاء، إنها حياة تزهر، إنها وعد مستقبل. وهذا الطفل يسوع قد ولد لنا: إنه نحن لا يعرف الحدود، وبدون امتيازات أو تهميش. إنّ الطفل الذي ولدته العذراء مريم في بيت لحم قد ولد لنا جميعًا: إنه الابن الذي منحه الله للعائلة البشريّة بأسرها. وبفضل هذا الطفل يمكننا أن نتوجّه إلى الله وندعوه “أب”. يسوع هو الابن الوحيد؛ ولا أحد يعرف الآب غيره. ولكنّه جاء إلى العالم لكي يظهر لنا وجه الآب. وهكذا بفضل هذا الطفل يمكننا جميعًا أن نسمي أنفسنا وأن نكون إخوة حقيقيين: من كل قارة، من أي لغة وثقافة، بهوياتنا واختلافاتنا، ومع ذلك جميعنا إخوة وأخوات.

أضاف الأب الاقدس يقول في هذه اللحظة التاريخية، المطبوعة بالأزمة البيئية والاختلالات الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة، التي تفاقمت بسبب وباء فيروس الكورونا، نحتاج إلى الأخوة أكثر من أي وقت مضى. ويقدمها لنا الله بإعطائنا ابنه يسوع: لا أخوّة مكونة من كلمات جميلة، ومُثُل مجردة، ومشاعر غامضة … لا! أخوّة قائمة على الحب الحقيقي، وقادرة على الذهاب للقاء الآخر الذي يختلف عني، فأعاني لآلامه، وأقترب منه وأعتني به حتى لو لم يكن من عائلتي أو إثنيّتي أو ديني؛ هو مختلف عني لكنه أخي وأختي. وهذا الأمر يصلح أيضًا في العلاقات بين الشعوب والأمم: جميعنا إخوة! نحتفل في عيد الميلاد بنور المسيح الذي يأتي إلى العالم ويأتي من أجل الجميع: ليس من أجل البعض فقط. اليوم، في زمن الظلمة والشكّ هذا بسبب الوباء بشأن الوباء، تظهر أنوار رجاء مختلفة، مثل اكتشافات اللقاحات. ولكن لكي تتمكن هذه الأنوار من أن تضيء وتحمل الرجاء للعالم كله، يجب أن تكون متاحة للجميع. لا يمكننا أن ندع القوميات المنغلقة تمنعنا من العيش كأسرة بشرية حقيقية كما نحن. ولا يمكننا أن ندع فيروس الفردية الراديكالية يتغلّب علينا ويجعلنا غير مبالين بمعاناة الإخوة والأخوات الآخرين. لا يمكنني أن أضع نفسي قبل الآخرين، وأضع قوانين السوق وبراءات الاختراع فوق قوانين الحب وصحة والبشريّة. أطلب من الجميع: قادة الدول والشركات والمنظمات الدولية تعزيز التعاون وليس المنافسة، والبحث عن حل للجميع: لقاحات للجميع، وخاصة للفئات الأكثر ضعفاً واحتياجاً في جميع مناطق الأرض. في المقام الأول، الأكثر ضعفاً وحاجة!

تابع الحبر الأعظم يقول ليساعدنا طفل بيت لحم في أن نكون مستعدّين وأسخياء ومتضامنين، لاسيما تجاه الأشخاص الأكثر هشاشة والمرضى والذين وجدوا أنفسهم في هذا الوقت بدون عمل أو يواجهون صعوبات خطيرة بسبب العواقب الاقتصادية للوباء، وكذلك النساء اللواتي تعرّضن للعنف المنزلي خلال الأشهر الأخيرة من الحجر الصحّي. وإزاء تحدٍّ لا يعرف الحدود، لا يمكننا إقامة الحواجز. نحن جميعا في السفينة عينها. كل شخص هو أخ لي. وفي كل فرد أرى انعكاس وجه الله وفي الذين يتألّمون أرى الرب الذي يطلب مساعدتي. أراه في المريض والفقير والعاطل والمهمَّش والمهاجر واللاجئ.

في اليوم الذي أصبح فيه كلمة الله طفلًا، لنوجه نظرنا إلى العديد من الأطفال الذين وفي جميع أنحاء العالم، ولاسيما في سوريا والعراق واليمن، لا زالوا يدفعون ثمن الحرب الباهظ. تهز وجوههم ضمائر الرجال ذوي الإرادة الصالحة، لكي تتم معالجة أسباب النزاعات، ونعمل بشجاعة من أجل بناء مستقبل سلام.

أضاف البابا فرنسيس يقول ليكن هذا الوقت ملائمًا لتخفيف التوترات في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط. ليشفِ الطفل يسوع جراح الشعب السوري الحبيب، الذي ومنذ عقد من الزمن ترهقه الحرب وعواقبها التي تفاقمت بسبب الوباء. ليحمل العزاء إلى الشعب العراقي وجميع الذين يلتزمون في مسيرة المصالحة، ولاسيما اليزيديين الذين تضرروا بشدة بسبب سنوات الحرب الأخيرة. وليحل السلام في ليبيا ويسمح بأن تحمل المرحلة الجديدة من المفاوضات الجارية إلى إنهاء جميع أشكال العداء في البلاد. وليعطِ طفل بيت لحم الأخوَّة للأرض التي ولد فيها. وليستعِد الإسرائيليون والفلسطينيون الثقة المتبادلة من أجل البحث عن سلام عادل ودائم من خلال حوار مباشر، قادر على التغلب على العنف وتخطّي الأحقاد المتفشِّية، لكي يقدّموا للعالم شهادة لجمال الأخوَّة.

تابع الأب الاقدس يقول لتكُن النجمة التي أضاءت ليلة عيد الميلاد مُرشدًا ومُشجّعًا للشعب اللبناني، لكي وبدعم من المجتمع الدولي لا يفقد الرجاء في الصعوبات التي يواجهها. وليساعد أمير السلام المسؤولين في البلاد لكي يضعوا مصالحهم الخاصة جانبًا ويلتزموا بجدية وصدق وشفافية لكي يتمكّن لبنان من السير في طريق الإصلاح ويستمر في دعوته للحرية والتعايش السلمي. ليعضد ابنُ العلي التزامَ الجماعة الدولية والبلدانِ المعنية من أجل الحفاظ على وقف إطلاق النار في ناغورنو – كاراباخ، كما في المناطق الشرقية في أوكرانيا، وبغية تعزيز الحوار الذي هو السبيلُ الوحيد المؤدي إلى السلام والمصالحة.

أضاف الحبر الأعظم يقول ليخفّف الطفلُ الإلهي من آلام السكان في بوركينا فاسو، مالي والنيجر الذين يعانون من أزمة إنسانية خطيرة، سببُها التطرفُ والصراعات المسلحة، فضلا عن الجائحة وكوارث طبيعية أخرى؛ ليوقف العنفَ في أثيوبيا، حيث يُجبَر العديدُ من الأشخاص على النزوح نتيجة الصدامات؛ ليمنح العزاءَ لسكان منطقة كابو ديل غادو، شمال موزمبيق؛ ليدفع المسؤولينَ في جنوب السودان ونيجيريا وكاميرون إلى متابعة مسيرة الأخوّة والحوار الجارية حاليا. ليكن كلمةُ الله الأبدي مصدرَ رجاءٍ للقارة الأمريكية، حيث يعاني السكان من فيروس كورونا الذي زاد من الآمهم الكثيرة والمتفاقمة غالباً بسبب الفساد والاتجار بالمخدرات. ليساعد على تخطي التوتراتِ الاجتماعية الأخيرة في تشيلي، وليضع حداً لمعاناة الشعب الفنزويلي.

ليحمِ ملكُ السماء الشعوب التي تعاني من الكوارث الطبيعية في جنوب شرق آسيا، لاسيما في الفيليبين وفيتنام، حيث سببت العواصفُ الكثيرةُ فيضاناتٍ ترتبت عليها نتائجُ مدمرةٌ بالنسبة للعائلات المقيمة في تلك المناطق، على صعيد الخسائر في الأرواح والأضرار التي ألحقتها بالبيئة وبالاقتصادات المحلية. وإذ أفكرُ بآسيا، لايسعني أن أنسى شعب الروهينغا: ليحمل لهم يسوعُ، الذي وُلد فقيرا بين الفقراء، الرجاءَ وسط معاناتهم.

وخلُص البابا فرنسيس إلى القول أيها الأخوة والأخوات الأعزاء، “لقد وُلد لنا طفل”. جاء ليخلّصنا! إنه يعلن لنا أن الكلمةَ الأخيرة ليست للألم والشر. إن الاستسلام للعنف والظلم يعني نبذ فرحَ الميلاد ورجاءَه. في يوم العيد هذا أوجه تحية خاصة لمن لا يتركون الظروف المعادية تهزمهم، بل يعملون من أجل حمل الرجاء والتعزية والمساعدة، ويهبّون لنجدة المتألمين ولمرافقة المتروكين. لقد وُلد يسوع في اسطبل، لكنه كان محاطاً بحب العذراء مريم والقديس يوسف. من خلال ولادته بالجسد كرّس ابنُ الله الحبَّ العائلي. يتوجّه فكري في هذه الأثناء إلى العائلات: إلى تلك العاجزة عن الالتئام، وتلك المرغمة على البقاء في المنزل. ليكن عيدُ الميلاد بالنسبة للجميع فرصةً لإعادة اكتشاف العائلة كمهدٍ للحياة والإيمان؛ كمكانٍ للمحبة المضيافة، والحوار والغفران والتضامن الأخوي والفرح المتقاسم، وكمصدرِ سلام للبشرية جمعاء. ميلاد مجيد للجميع!