رسالة البابا فرنسيس إلى المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في دافوس بسويسرا
نقلا عن الفاتيكان نيوز
17 يناير 2024
كتب : فتحى ميلاد – المكتب الاعلامي الكاثوليكي بمصر .
بعث البابا فرنسيس برسالة إلى المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي تستضيفه سنوياً مدينة دافوس السويسرية وقد بدأ أعماله يوم أمس الثلاثاء بمشاركة موفدين من مائة وعشرين بلداً، بينهم ستون رئيس دولة وحكومة، يتناقشون لغاية التاسع عشر من الجاري في قضايا متعلقة بالمناخ، والحروب والاقتصاد والتكنولوجيات الحديثة.
الرسالة البابوية وُجهت إلى الرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي، وكتب فيها فرنسيس أن اللقاء يُعقد هذا العام في أجواء تبعث على القلق نتيجة انعدام الاستقرار على الصعيد العالمي، مضيفا أن المنتدى يرمي إلى توجيه وتعزيز الإرادة السياسية والتعاون المتبادل، ويقدم بالتالي مناسبة ملائمة لترسيخ الالتزام المتعدد الأطراف في البحث عن الوسائل الكفيلة ببناء عالم أفضل. وعبر عن أمله بأن تأخذ النقاشات في عين الاعتبار الحاجة الملحة لتعزيز التلاحم الاجتماعي والأخوة والمصالحة بين الجماعات والدول بغية مواجهة التحديات المطروحة أمامنا.
تابع البابا رسالته مشيرا إلى أننا نجد أمامنا اليوم عالما ممزقاً يتألم فيه ملايين الأشخاص، لاسيما بسبب الصراعات المستمرة والحروب. وأضاف أن ما يزيد الطين بلة أن الحروب المعاصرة لا تُخاض فقط على أرض المعركة ولا تتعلق بالمقاتلين وحسب، إذ يبدو أنه لا يوجد اليوم تمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، ولا يوجد صراع لا يستهدف السكان المدنيين العزل.
أوضح فرنسيس في هذا السياق أن السلام الذي تتوق إليه الشعوب ينبغي أن يكون ثمرة العدالة، لذا فهو لا يمكن أن يقتصر على التخلي عن أدوات الحرب، إذ لا بد من مواجهة الظلم الذي يكمن غالباً وراء الصراعات، لاسيما آفة الجوع التي ما تزال تعاني منها مناطق عديدة من العالم. ولفت إلى أن استغلال الموارد الطبيعية ما يزال يعود بالفائدة على قلة من البشر، تاركاً الجزء الأكبر من السكان في حالة من الفقر والعوز. وتوقف أيضا عند مشكلة استغلال العديد من الرجال والنساء والأطفال الذين يجبرون على العمل مقابل أجر زهيد ويُحرمون من فرصة التقدّم الشخصي والنمو المهني.
لم تخل رسالة البابا من الحديث عن ظاهرة العولمة التي أظهرت بوضوح مدى اعتماد الأمم والشعوب على بعضها البعض، ولديها أيضا بعد خلقي لا بد أن يكون حاضراً في النقاشات الاقتصادية والثقافية والسياسية والدينية المتعلقة بمستقبل الجماعة الدولية. وكتب أنه في عالم مهدد من قبل العنف والاعتداءات والتفتت من الأهمية بمكان أن تعمل الدول والشركات على تطوير نماذج للعولمة بعيدة النظر وسليمة خلقياً، وتوجّه نحو الخير العام للعائلة البشرية، مولية اهتماما خاصاً بالفقراء ومن يعيشون في أوضاع من الهشاشة.
فيما يتعلق بعالم المال والأعمال شدد البابا على أهمية ألا يقود الشركاتِ منطقُ البحث عن الربح المادي وحسب إذ لا بد أن تتمتع بمعايير خلقية رفيعة، لاسيما فيما يتعلق بالبلدان الأقل نمواً، وأكد أن هذه المقاربة ضرورية من أجل التوصل إلى هدف التنمية البشرية المتكاملة في إطار التضامن.
بعدها تحدث فرنسيس عن الحاجة إلى نشاط سياسي دولي يسعى إلى إحلال السلام العالمي والنمو الأصيل، لافتا إلى أن هذا الهدف يتطلب جهداً من قبل المنظمات الدولية لأنه يتخطى إمكانيات الدول منفردة، كما عليها أن تضمن حق الجميع في المشاركة في عملية النمو هذه.
في الختام ذكّر البابا المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي بالمسؤوليات الخلقية في التصدي لآفة الفقر، من خلال التوصل إلى نمو متكامل لجميع الأخوة والأخوات والتعايش السلمي بين الشعوب. وكتب أن هذا هو التحدي الأكبر المطروح اليوم أمامنا، متمنيا أن تتكلل أعمال المنتدى بالنجاح وابتهل لجميع المشاركين في الأعمال فيض البركات الإلهية.