رسالة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو الى الكنيسة الكلدانية بمناسبة شفيعها عيد مار توما
نقلا عن الموقع الرسمي لبطريركية بابل للكلدان
1 يوليو – تموز 2020
ابتداءً، اهنيء اساقفتنا وكهنتنا ورهباننا وراهباتنا وبنات وابناء كنيستنا الكلدانية حيثما هم، بعيد شفيع كنيستهم مار توما الرسول الذي نحتفل به سنوياًّ في 3 يوليو – تموز 2020. ويُسعدني بهذه المناسبة، ان أحملهم في صلاتي.
عندما انضمَّ توما الرسول في اليوم الثامن الى الجماعة ” الكنيسة” في العلية، صار يرى يسوع بشكلٍ مختلفٍ، رآه “من الداخل“، وراح بفعل تلقائي يركع أمامَه، ويعلن جهاراً إيمانه به: “ربي وإلهي” (يوحنا 20/ 28). انها لشهادة مؤثرة.
هذا الإيمان الوجداني هو إيمان الكنيسة الكلدانية باساقفتها وقسسها، ورهبانها وراهباتها ومؤمنيها. ايمان يشدّ الى اتباع المسيح بشجاعة، وخدمة المحتاجين بفرح. هذا الايمان يعبر في الوقت ذاته عن اهمية الاندماج في الكنيسة- الجماعة. هذا ما فعله توما.
ها انا اليوم اركع ساجداً أمام المسيح مثل توما، مجدداً ايماني بكلِّ فكري ووجداني، وبثقة مطلقة قائلا: “ربي والهي“. وادعوكم جميعاً ان تفعلوا كذلك.
هذا الإيمان الواعي والعميق، قوّةٌ عظيمة، يزرع الرجاء في قلوبنا، وسط مشاعر التعب، ويرسخ ثقتنا، ومسيرتنا وخدمتنا، مهما كانت الصعوبات والتحديات، ومهما كانت محاولات (قوى الشرّ) في خلق التشويش والانقسام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من دون ضمير. ليُدرك هؤلاء جيدا ان حرية التعبير لا تسمح لهم ان يشتموا الناس! وليتذكروا قول يسوع “ان كل كلمة باطلة يقولها الناس سيحاسبون عليها” (متى 12/ 36).
هذه العواصف سوف لن تُثنيني عن اصراري بمواصلة رسالتي وخدمتي، بكل حزم وامانة، وقد علمتني الخبرة الصبر والمثابرة، واليقين بأن الله هو الذي يرى ويجازي، وليس فلان وعلان. شكري وتقديري لكل الاقلام النبيلة التي وقفت وتقف مع الحقيقة وتدافع عنها.
أيها الأحبّة،
هذه فرصة يُقدمها لنا الانجيل من أجل التحول الشخصي والجماعي، من أجل الكنيسة والناس، ومن أجل ان نكون أكثر قُرباً من المسيح، وامينين له، وأكثر تآلفاً ووحدةً وتضامناً مع بعضنا البعض. وسوف يمنحنا الله الحكمة للقيام بالإصلاحات الضرورية مع الحفاظ على اصالة تقليدنا الذي عمره ألفا عام.
كنيستنا الكلدانية ستبقى جسداً واحداً وحيًّا، بالرغم من تنوع المواهب والمهام والثقافات، واختلاف وجهات النظر. كنيستنا ستبقى رائدة في رسالتها وخدمتها، لانها تحمل في جسدها آلام المسيح عبر الاضطهادات والشهداء. كنيستنا ستبقى صوت مواطنيها في ظروفهم العصيبة، لاسيما لمن هم باقون على الارض الام، والوطن الهوية. لذلك امام هذه القضية المصيرية حيث يشتد الخناق الصحي والمعيشي وعدم الاستقرار على عناقهم،أطلب من المسيحيين من كل الكنائس والقوميات ان يراجعوا مواقفهم ويشبكوا الايدي، ويوحدوا الجهود، لتحسين أوضاع من هم باقون في العراق، وظروف معيشتهم وحفظ حقوقهم وتمثيلهم وأمنهم واستقرارهم. لنتحلى بالرجاء والشجاعة.
أود هنا ان اوجه كلمة شكر وامتنان، لكلِّ ذوي القلوب المحبة والسخية التي مدت الايدي لمساعدة اخوتهم أثناء التهجير، والعودة إلى بلداتهم، وايضا اثناء جائحة كورونا.
بهذه المناسبة أتوجه الى جميع الكلدان، واحثهم على دعم الرابطة الكلدانية التي ولدت قبل خمس سنوات، وفي مثل هذا اليوم. لقد قطعت شوطاً جيداً بالرغم من الصعوبات والتحديات التي واجهتها. وادعو كل كلدانية/ كلداني ان يتآزر معها، ويساندها معنويا وماديا لتقوم برسالتها الإنسانية والاجتماعية والثقافية. على الكل ان يظهروا لها عضداً قويا. ولنا الامل ان يقوم المؤتمر القادم بتقييم المسيرة واعادة النظر في الهيكلية.
“الكلدانية ليست مذهباً” ولا يوجد في الدنيا مذهب اسمه كلداني، كما لا يوجد مذهب اسمه ارمني. هذا هراء! مذهب الكنيسة الكلدانية كاثوليكي اما هوية شعبها فهي الكلدانية.
هذا العام يبدو اننا لن نتمكن من عقد سينودسنا السنوي في شهراب كعادة كل عام، بسبب جائحة كورونا واغلاق الحدود وتعليق الرحلات، فأرجاناه الى أجل غير مسمى. نأمل ان تزول الجائحة وتعود الامور الى مجراها الطبيعي، ونقدر عقده في نهاية هذه السنة او في بداية العام القادم..
لتكن صلاة مار توما وشفاعته معنا جميعا