رسالة البطريرك الكردينال لويس روفائيل ساكو الى العراقيين
رسالة البطريرك الكردينال لويس روفائيل ساكو الى العراقيين
أيتها الأخوات، أيها الإخوة الأعزاء
السلام معكم،
أعودُ الى العراق بسرورٍ، حاملاً معي الكثيرَ من المشاعر. لقد كنتُ في حضرة البابا فرنسيس بمناسبة الاحتفال بمنحي القبعة الكاردينالية، وكذلك في اجتماع البطاركة الشرقيين في مدينة باري Bari، وحمّلني ان انقلَ الى كلِّ العراقيين تحياتِه، وتضامنَه معهم، مؤكدا صلاتَه من أجل ان يعمّ بلدَنا السلام والاستقرار والازدهار.
المجد لله وحده على نعمه الكثيرة، وعلى رعايته لنا، والشكر لقداسة البابا فرنسيس على تسميته مواطناً عراقيا “كردينالا” وتحميله اياه رسالةً كبيرة.
هذه الرسالة بالنسبة لي، هي أن أكون في خدمة بلدي المنكوب، إنها في خدمة الجميع من دون استثناء، كما يفعل البابا فرنسيس على الصعيد العالمي. أدرك تماماً أن تسميتي كردينالاً، اذ تضع على عاتقي المزيد من المسؤولية في الكنيسة الجامعة، ستمنحني دعماً وزخماً، ومساحةً أوسع لهذه الخدمة، بحيثُ اعمل مع كلِّ المخلصين لتحقيق العناوين الكبرى التي نتطلع جميعا اليها.
ان الثوب الأحمر والقبعة الحمراء اللذين يرتديهما الكردينال يرمزان الى الشهادة، وفي بلدنا المُمتَحن أكثر من مرّة يرمزان واقعياً الى دماء الشهداء العديدين التي سُفِكتْ على تربتنا، ومن كل المكونات. اللون الأحمر يرمز أيضاً الى الحبّ، الذي ينبغي أن يُلهبَ قلبَ من يرتديه، لكي يبذل ذاته حتى النهاية من أجل الذين يحبّهم.
إني بهذه المناسبة، أجدد للعراقيين عهدي كما فعلتُ في بطريركيتي، بتعامل مباشر وصريح، بأن أكون أخاً وخادماً للجميع، وأن أبذلَ قُصارى جهدي، متّكلاً على بركة الله، ومتعاوناً مع كل الطيبين، من أجل تمتين الوحدة الوطنية، والشركة بين العراقيين، وتعزيز العيش المشترك، وإشاعة ثقافة الحوار والتفاهم ، وإيجاد بيئة أفضل مبنيّة على المحبّة والعدالة والمساواة، والحرية والكرامة والسلام. إذ لا مستقبل لنا من دون السلام والعيش المشترك، معا نكون أو لا نكون.
وبهذه المناسبة ادعو المرجعيات الدينية المسلمة والمسيحية ومن الديانات الأخرى الى ان نكون رموزاً وطنيًّة ندعم المصالحة المجتمعية، والسلام والاستقرار، ومكافحة التطرف والعنف، فالدين والعنف يتعارضان.
كما اُهيب بالسياسيين العراقيين الى المصالحة الحقيقية وطيّ صفحة الماضي، لتكفّ هذه الحروب “بالوكالة” على أرضنا التي دمرت البشر والحجر، علينا ان نحافظ على بلدنا ووحدتنا، فالوطن لا يبنى بالمحاصصة والطائفية والمصالح الذاتية، انما على المواطنة المتساوية والكاملة. لذلك ادعو كل الأطراف الى الاسراع في تشكيل الحكومة المنتظرة القوية وفق الدستور، حكومة تضع استراتيجية عامة للتنمية تنهض بالخدمات والاقتصاد وتحارب الفساد. وان تأخير تشكيلها يضعف عمل المؤسسات ويؤثر سلبا على الأوضاع الأمنية والخدمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
كذلك ادعو المتظاهرين الى الحفاظ على سلمية التظاهر، والالتزام بمطالبهم المشروعة، وعدم الانجرار الى الاعتداء على الممتلكات الخاصة ومؤسسات الدولة، مما يعقد الأمور، وعلى الحكومة حمايتهم وتلبية مطالبهم.
عسى أن تتغلب علامات الرجاء على قسوة ظروفنا وتعبنا وقلقنا، ونبقى نفتخر بالانتماء الى وطننا.
وفي الختام أود أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى جميع المهنئين والمستقبلين والأصدقاء.
عشتم وعاش العراق
نقلا عن موقع بطريركية بابل للكلدان