stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

رسالة قداسة البابا بمناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصّة

391views

13 ديسمبر 2020

زينت
كتبت ريتا عاطف من المكتب الإعلامي الكاثوليكي بمصر

إنّ الاحتفال باليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصّة هذا العام هو فرصة لكي أعبّر عن قربي من جميع الذين يعانون من ظروف صعبة للغاية في هذه الأزمة الناتجة عن الجائحة. إننا جميعًا في نفس القارب وسط بحر هائج قد يخيفنا؛ ولكن البعض في هذا القارب يَجِدون صعوبة أكبر، ومن بينهم الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة.

موضوع هذا العام هو “إعادة البناء بشكل أفضل: نحو عالم ما بعد الكوفيد-19. عالم يشمل الإعاقة، ومُتاح لذوي الاحتياجات الخاصّة ومُستدام“. لقد أدهشتني عبارة “إعادة البناء بشكل أفضل”. فهي تذكّرنا بمثل البيت المبنيّ على الصخر أو على الرمل في الإنجيل (را. متى 7، 24- 27؛ لو 6، 47- 49). لذا أغتنم هذه الفرصة الثمينة لأشارككم بعض الأفكار، انطلاقًا من هذا المثل.

1. خطر ثقافة الإقصاء

في المقام الأوّل، يمكننا أن نشبّه “المطر والأنهار والرياح التي تهدّد البيت، بثقافة الإقصاء المنتشرة في عصرنا” (را. الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل-Evangelii gaudium، عدد 53). فبالنسبة لهذه الثقافة، “تبدو أجزاءٌ من الإنسانية وكأن التضحية بها متاحة وفق خيار يفضّل قطاعًا بشريًا “يستحقّ العيش” بلا حدود. في الواقع، “إنّ الأشخاص لا يُعتبرون بعد قيمةً أساسيّة ينبغي احترامها وحمايتها، لا سيما إذا كانوا فقراء أو ذوي احتياجات خاصّة” (الرسالة العامّة Fratelli tutti [FT]، عدد 18).

إن هذه الثقافة تؤذي بشكل خاص أكثرَ الفئات هشاشةً، بما في ذلك الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة. لقد تمّ اتّخاذ خطوات مهمّة خلال الخمسين سنة الماضية، على مستوى المؤسّسات المدنية كما وعلى مستوى الواقع الكنسي. ونما الوعي بكرامة كلّ شخص، وقد أدّى ذلك إلى اتّخاذ خيارات شُجاعة من أجل إدماج الأشخاص ذوي المحدودية الجسدية والنفسية. ومع ذلك، فلا يزال هناك على المستوى الثقافي، الكثير من الأمور التي تتعارض مع هذا التوجّه في الحقيقة. هناك مواقف من الرفض تقود أيضًا إلى التهميش، بسبب العقليّة النرجسيّة والنفعيّة، بدون أيّ اعتبار لكون الضعف ينتمي إلى الجميع. في الواقع، هناك أشخاص يعانون من إعاقات شديدة وقد وجدوا السبيل، ولو بصعوبة، إلى حياة جيّدة وذات معنى؛ كما هناك أشخاص كثيرون “سليمو الأجساد”، لكنّهم غير راضين، أو يائسين أحيانًا. “الضعف ينتمي إلى جوهر الإنسان” (را. خطاب البابا خلال مؤتمر “التعليم المسيحي والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة”، 21 تشرين الأوّل/أكتوبر 2017).

لذلك فمن المهمّ، خاصّة في هذا اليوم، أن نعزّز ثقافة الحياة التي تؤكّد باستمرار كرامة كلّ شخص، ولا سيما دفاعًا عن الرجال والنساء ذوي الاحتياجات الخاصّة، من جميع الأعمار والأوضاع الاجتماعية.

2. الادماج

لقد سلّطت الجائحةُ التي نمرّ بها مزيدًا من الضوء على عدم المساواة والتفاوتات التي تميّز عصرنا، لا سيما على حساب الأضعف. “الفيروس الذي لا يستثني أحدًا، أَظهر في طريقه المدمّر عدم المساواة والتفرقة الكبيرة بين الناس، وزادها!” (تعليم البابا خلال المقابلة العامة في 19 آب/أغسطس 2020).

لذا فإن الادماج هو أوّل “صخرة” نبني عليها بيتنا. وحتى لو أُسيء استخدام مصطلح الادماج أحيانًا، إن مَثَل السامريّ الصالح في الإنجيل ما زال ينطبق حاليًا (لو 10، 25- 37). لأننا في الواقع، غالبًا ما نصادف في طريق حياتنا “الشخصَ الجريح”، الذي يحمل أحيانًا سمات الإعاقة والضعف. “إنّ إدماج أو استبعاد الشخص الذي يتألّم على هامش الطريق، يحدّد جميع المشاريع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية. ونحن نواجه كلّ يوم خيارَ أن نكون سامرّيين صالحين أو مارّين غير مبالين مرورَ الكرام” (FT، 69).

3. “صخرة” المشاركة الفعّالة

من أجل “إعادة بناء مجتمعنا بشكل أفضل”، يجب أن يشمل إدماجُ الأشخاص الأكثر ضعفًا تعزيزَ مشاركتهم الفعّالة أيضًا.

قبل كلّ شيء، أؤكّد مجدّدًا وبقوّة على حقّ الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة في قبول الأسرار مثل باقي أعضاء الكنيسة. لذا فيجب أن تكون جميع الاحتفالات الليتورجيّة في الرعيّة مُتاحة للجميع حتى يتسنّى لكلّ فرد، مع الإخوة والأخوات، التعمّق بإيمانه والاحتفال به وعيشه. ويجب إيلاء اهتمام خاصّ للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة الذين لم ينالوا بعد أسرار التنشئة المسيحيّة: يمكن قبولهم في دورة التعليم المسيحي استعدادًا لقبول هذه الأسرار. فلا أحد يستطيع أن يستبعد النعمة التي يحملونها.

“كلّ عضوٍ من شعب الله، بفضل المعموديّة التي نالها، أصبح تلميذًا مرسلًا (را. متى 28، 19): كلّ معمّد، مهما كانت وظيفته في الكنيسة، ومستوى تنشئته الإيماني، هو عنصر نشيط للتبشير بالإنجيل” (الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل، عدد 120). لذلك يَطلبُ ذوو الاحتياجات الخاصّة أيضًا، في المجتمع والكنيسة، أن يُصبحوا رعايا فاعلين في الأعمال الراعوية وليس مجرّد متلّقين. “فالعديد من الأشخاص ذوي الإعاقة يشعرون أنهم موجودون دون انتماء ولا مشاركة. هناك الكثير من الأمور التي ما تزال ’تمنعهم من الحصول على الجنسية الكاملة‘. والهدف ليس فقط الاهتمام بهم، بل أن يشاركوا فعليًّا في المجتمع المدني والكنسي. وهذا مسار شاقّ ومُتعِب، لكنه سوف يساهم أكثر فأكثر في تكوين ضمائر قادرة على الاعتراف بكلّ شخصٍ على أنّه إنسانٍ فريد لا يتكرّر” (FT، 98). في الواقع، إنّ مشاركة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة مشاركة فعّالة في التعليم المسيحيّ تشكّل غنًى كبيرًا لحياة الرعيّة بأكملها. فإنهم في الواقع، قد طُعِّمُوا بالمسيح في المعموديّة، ويشاركونه، انطلاقًا من وضعهم الخاصّ، في الخدمة الكهنوتيّة والنبويّة والملكيّة، فيبشّرون من خلال الكنيسة ومعها وفيها.