stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

كتابات القراء

زمن الصوم المقدس-إكليريكي وائل أنور حبيب

784views

زمن الصوم المقدس-إكليريكي وائل أنور حبيبdigiuno_400

كل سنة وأنتم بخير بمناسبة حلول زمن الصوم الأربعيني المقدس، وهو زمن استعداد لقيامة
الرب من الموت، ولذلك الصوم هو مسيرة مقدسه لتقديس الحياة حتى تستقبل القيامة، ومن هذا
المنطلق سوف نتأمل معاً في زمن الصوم المقدس:-
        الصوم هو مسيرة 
كثُر التساؤل عن الصوم في أيامنا الحاضرة. لماذا الصوم؟ وما معنى الصوم الذي تلزم به
الكنيسة وما هي فائدته؟ وهل يا ترى هذا الصوم هو الصوم الذي يريده المسيح. في هذا العصر
الذي وصل فيه الإنسان إلى القمر وإلى قمة الاختراعات، ووصل إلى سهولة الحياة وهل يجوز
الكلام بعد عن الصوم والإنقطاع عن الطعام ؟ ويقول آخرون ما معنى الامتناع عن أكل اللحم،
وبعض المأكولات ؛ وكل يوم نأكل اللحم وقد خلقه الله وأباح أكله للإنسان. قد تصل هذه
التساؤلات والاعتراضات عند البعض إلى الاستهزاء والسخرية بتعليم الكنيسة وإلى الفتور
الديني. رغم كل هذا لا يزال المسيح والكنيسة يشدّدان على ضرورة الصوم، فالصوم هو عبور
الإنسان من حالة إلى حالة أخرى. والعبور إنما هو انتصار على الحواجز والفواصل، وتخطّي
الصعاب للوصول إلى الهدف. لذلك الصوم يدخل في إطار العطاء. فالإنسان يشعر، وقد سكنت فيه
شهوة الطعام وسكنت معها أهواء أخرى كثيرة، انه بحاجة إلى العطاء. فيقتطع من أنانيته
وكبريائه ومحبته لنفسه ليعطي الآخرين. 
يقدر الإنسان الصائم أن يسامح وأن يعطي الغفران،
فشهوة الحقد والتعالي قد هدأت؛ ويقدر أيضاً أن يتعاون مع الآخرين، فقد هدم حاجز الجفاء
والاحتقار للآخرين والبُعد عنهم؛ ويقدر خصوصاً أن يحبّ، لأن عينه أصبحت صافية، خالية من
الغشاء؛ وهكذا فُتح المجال له ليخدم الآخرين، وليضحّي في سبيلهم، وليعطيهم من وقته ومن
ماله ومن قلبه؛ ويقدر أن يتخلى عن الخيرات المادية ليعطي الآخرين. وهذا هو عبور الإنسان
إلى الله وإلى القريب. نفهم الإنجيل بعمق عندما نضع التعليم: “لا تكنزوا لكم كنوزاً على
الأرض حيث يفسد..” بعد التعليم عن الصوم. فالمسيحي قد تهيّأ لهذا التجرّد عن الخيرات
بالصوم. فهِمَت الكنيسة هذا المعنى فأمرت بالإحسان والعطف على المساكين في الصوم. نخطئ
كثيراً في فهم معاني الصوم الحقيقية. ما بالُنا صُمْنا وأَنتَ لم ترَ وعَذَّبنا
أَنفُسَنا وأَنتَ لم تَعلَمْ؟» في يَومِ صَومِكم تَجِدونَ مَرامَكم وتُعامِلون
بِقَسوَةٍ جَميعَ عُمَّالِكُم. 4 إِنَّكم لِلخُصومةِ والمُشاجَرَةِ تَصومون ولِتَضرِبوا
بِلَكمَةِ الشَّرّ. لا تَصوموا كاليَوم لِتُسمِعوا أَصْواتَكم في العَلاء. 5 أَهكذا
يَكونُ الصَّومُ الَّذي فَضَّلتُه اليَومُ الَّذي فيه يُعَذِّبُ الإِنْسانُ نَفْسَه.
إِذا حَنى رأسَه كالقَصَب وآفتَرَشَ المِسحَ والرَّماد تُسَمِّي ذلك صَوماً ويَوماً
مَرضِيّاً لِلرَّبّ؟ 6 أَلَيسَ الصَّومُ الَّذي فَضَّلتُه هو هذا: حَلُّ قُيودِ
الشَّرِّ وفَكُّ رُبُطِ النِّير وإِطْلاقُ المَسْحوقينَ أَحْراراً وتَحْطيمُ كُلِّ نير؟
7 أَلَيسَ هو أَن تَكسِرَ للجائِعِ خُبزَكَ وأَن تُدخِلَ البائسينَ المَطْرودينَ
بَيتَكَ وإذا رَأَيتَ العُرْيانَ أن تَكسُوَه وأَن لا تَتَوارى عن لَحمِكَ؟ 8 حينَئِذٍ
يَبزُغُ كالفَجرِ نورُكَ ويَندَبُ جُرحُكَ سَريعاً ويَسيرُ بِرُّكَ أَمامَكَ ومَجدُ
الرَّبِّ يَجمعُ شَملَكَ. 9 حينَئِذٍ تَدْعو فيَستَجيبُ الرَّبّ وتَستَغيثُ فيَقول
هاءَنَذا إِن أَزَلتَ مِن أَبْنائِكَ النِّير والإِشارَةَ بِالإِصبَعِ والنُّطقَ
بالسُّوء. 10 إِذا تَخَلَّيتَ عن لُقمَتِكَ لِلجائِع وأَشبَعتَ الحَلقَ المُعَذَّب
يُشرِقُ نوُركَ في الظُّلمَة ويَكونُ دَيجوُركَ كالظُّهْر 11 ويَهْديكَ الرَّبُّ في
كُلِّ حين ويُشبِعُ نَفْسَكَ في الأَرضِ القاحِلَة ويُقَوِّي عِظامَكَ فتَكونُ
كَجَنَّةٍ رَيَّا وكيَنْبوعِ مِياهٍ لا تَنضُب. 12 وبفَضلِكَ يَبْنونَ أَخرِبَةَ قَديمِ
الأَيَّام وأَنتَ تُقيمُ أُسُسَ الأَجْيال وتُدْعى سادَّ الثُّلْمة ومُرَمِّمَ
الأَزِقَّةِ لِلسُّكْنى

الصوم فترة نمو روحي ومن لا يشعر بذلك فإن مرجعه إلى أن صومه تم بطريقة خاطئة فهو إما
جسداني لا روح فيه، وإما اتخاذه غاية في ذاته بينما هو وسيلة توصل إلى الغاية ، والغاية
هي إعطاء الفرصة للروح. وللشعور بلذة الصوم يجب أن يقترن بالصلاة والصدقة والعمل بكل
الوصايا وبهذا يعظم انتصارنا بالذي أحبنا. والصوم الذي يريده الله منا والذي يُعجِبُ
قلبه، هو صوم ارتداد القلب، صوم توافُق قلبنا مع قلبِهِ….ولذلك فترة الصوم هي مسيرة
نحو الله، مسيرة حتى نقدر نرى الله في كل أمور حياتنا، الصوم هو زمن تقديس الحواس
وتقديس قلوبنا حتى نتحد بكل بقلوب البشر،  صوم العين عن النظرات الشريرة .صوم اللسان عن
الكلام الباطل .صوم الآذان عن سماع كلام الإدانة والذم .ويقول القديس مار إسحق السرياني
: ” إن صوم اللسان أفضل من صوم البطن، وصوم القلب عن الأفكار الشريرة أفضل من الاثنين
.ويقول ذهبي الفم : ” لا تقل إني صائم بماء وملح، وأنت تأكل لحوم الناس بالمذمة
والإدانة ” . ولذا علينا أن نصلي دائماً ونقول:  يا ربّ، أعطني صفاء النظر لأراك في
كلِّ شيءٍ، أعطني حدَّة السمع لأصغي إلى كلمتك وأصنع مشيئتك، أعطني شفافيَّة القلب
لأتحد بك في قلب إخوتي البشر. علِّمني الزهد الحقيقي، تقشُّف القلب لأصل إلى الخصب الذي
تريده منّي. رُدَّ قلبي إلى مشيئتك. آمين. ومن هذا المنطلق نعرف أن الصوم هو ابتعاد عن
الشر واقتراب إلى حضن الخير، وكما يؤكد القديس باسيليوس إن الصوم الحقيقي هو سجن
الرذائل أي ضبط اللسان وإمساك الغضب وقهر الشهوات. ونعلم جميعاً أن الهدف الأوحد لنا هو
شخص يسوع المسيح والاتّحاد به، وذلك عن طريق وسائل كثيرة ومتعددة مثل: الصوم، الصلاة،
الصدقة، أعمال الرّحمة.

في النهاية علينا أن نسأل أنفسنا في هذا العام قبل أن ندخل في الصوم،،، 
لماذا نصــــــوم ؟ 
وما معنى صومي؟ 
ما هي النّية الّتي أصوم من أجلها ؟ وكيف أحققها في حياتي اليوميّة ؟ 
المراجع المستخدمة في هذا الموضوع
1-        الكتاب المقدس 
2-        رسالة البابا بندكتوس السادس عشر بمناسبة الصوم المقدس لعام 2012
3-        تأملاتي الشخصية في موضوع الصوم