ستبكون وتنوحون أما العالم فيفرح – الأب وليم سيدهم
ستبكون وتنوحون أما العالم فيفرح
من بين كل التحذيرات التي وجهها يسوع المسيح لتلاميذه هي ساعات الحزن الشديد والنواح على ماذا؟ لا شك أن جريمة القتل التي إرتكبها اليهود في حق يسوع كانت هي لُب هذا الحزن وهذا النواح، لم يتوقع الإثنا عشر تلميذًا أن يموت معلمهم بهذه الطريقة الشنيعة على الصليب كواحد من المجرمين.
لقد آمن التلاميذ بيسوع وعاشوا معه ليلًا ونهارًا ولمسوا فيه ما لم يكونوا قد وجدوه قبله مع أي شخص آخر، ثم أنهم كل واحد ترك أسرته وعمله وتفرغ للتجوال والترحال مع معلمهم.
لقد أطلعهم على أسرار ملكوت الله وعندما سألوه لماذا يكلم الناس بالأمثال؟ قال لهم أنتم أعطيتم أن تعرفوا ما لم يعرفه الآخرون, وكم من مرة إندهشوا وفرحوا لرؤية معلمهم يشفي العميان والبُرص والعرجان والصم.. وسألوه عن سر هذه الشفاءات وكيف أن الطبيعة تطيعه عندما أمر العاصفة وهم في المركب فهدأت، وكم من مرة طرد الشياطين فأطاعته، وكبرت في عقولهم وقلوبهم شخصيته وأعتبروه أعظم من موسى وإيليا. لا بل تعشموا أن يفعل مثل داود النبي والملك، ويفهم ملك اسرائيل وسألوه: ”أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَا رَبُّ، هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟” (أع 1: 6).
هذا هو وقت الحزن والكآبة ، وقت الضيق والإحساس بالعجز، لم يصل تحذير يسوع لهم بأنه سوف يموت ويقوم من بين الأموات، فهناك فرق بين معرفة الحقائق وبين معيشتها.
لقد حدث ما لم يخطر بالهم، ولكن مهلًا فإن تحذير المسيح كان ينطوى على وعد، ولكن مثل المرأة التي تتألم في الولادة تعود فتفرح لأنها ولدت إنسانًا للعالم، هكذا التلاميذ بعد هذا الحزن والنواح ستعودوا فتفرحون ولن يستطيع أن ينزع أحد فرحكم منكم، نعم لقد فشل الفريسيون والكتبة في منعهم من التبشير باسم المسيح، لقد حل عليهم الروح القدس كألسنة من نار في يوم الخمسين وأخذوا يتألمون بلغات ويمجدون الرب.. وكانوا يفرحون كلما اضطهدوهم باسم المسيح.
ووقف بطرس يعلن بصوت جهورى أن المسيح قام من بين الأموات ونحن شهود على ذلك، وكان اسطفانوس أول شهيد للمسيحية قد أنب اليهود لقتلهم للمسيح فهجموا عليه وكان وجهه يشع نورًا وهو يستشهد بسبب معلمه، لا بل قال نفس الجملة التي قالها معلمه على الصليب “ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ». وَإِذْ قَالَ هذَا رَقَدَ.” (أعمال 7: 60).
هذا هو الفرح الذي إمتلأ بالشجاعة والرغبة العارمة في التضحية في سبيل نشر كلمة المسيح، هذا الفرح لن يستطيع الموت أن ينزعه من قلب المؤمن بالقيامة