سيكون لديكم طفل – الأب وليم سيدهم
من واقع حياتنا اليومية نتمنى لكل الناس الخير أحيانًا رغم ما نعانيه من الألم، ولا يمكن وصف ألم الزوجين اللذين حُرما من نعمة الأولاد والبنات، في الثقافة العامة يُعتبر الرجل العاقر أو المرأة العاقر كالشجرة التي لا تثمر، وبالتالي السؤال لماذا يارب؟ ماذا فعلت حتى تحرمني من ثمرة بطني؟
وكان أبونا ابراهيم وأمنا سارة من هؤلاء المكلومين والمعذبين لغياب الخلفة. وفي تقاليدنا الإجتماعية نطلق على المرأة العاقر أو الرجل العاقر “أبو غايب، او أم غايب” فحينما نطلق على الرجل أو المرأة لقب “أب” أو “أم” نكون قد تمنينا لهم أفضل وأهم الأمنيات التي ينتظرانهاأن يكون لهم طفلًا. أما كلمة “غايب” فهو اسم عبقري لطفل غير موجود نتمنى أن يُوجد فهو دعاء وأمنية راقية جدًا.
فكان ابراهيم لقبه “ابو غايب” إلى أن بشره الرجال الثلاثة بقدوم هذا الطفل، ويحدثنا النص عن حرارة الاستقبال الذي استقبل فيها ابراهيم ضيوفه” وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَلاَ تَتَجَاوَزْ عَبْدَكَ. لِيُؤْخَذْ قَلِيلُ مَاءٍ وَاغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ وَاتَّكِئُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَآخُذَ كِسْرَةَ خُبْزٍ، فَتُسْنِدُونَ قُلُوبَكُمْ ثُمَّ تَجْتَازُونَ، لأَنَّكُمْ قَدْ مَرَرْتُمْ عَلَى عَبْدِكُمْ». فَقَالُوا: «هكَذَا تَفْعَلُ كَمَا تَكَلَّمْتَ». فَأَسْرَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الْخَيْمَةِ إِلَى سَارَةَ، وَقَالَ: «أَسْرِعِي بِثَلاَثِ كَيْلاَتٍ دَقِيقًا سَمِيذًا. اعْجِنِي وَاصْنَعِي خُبْزَ مَلَّةٍ». ثُمَّ رَكَضَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الْبَقَرِ وَأَخَذَ عِجْلًا رَخْصًا وَجَيِّدًا وَأَعْطَاهُ لِلْغُلاَمِ فَأَسْرَعَ لِيَعْمَلَهُ. ثُمَّ أَخَذَ زُبْدًا وَلَبَنًا، وَالْعِجْلَ الَّذِي عَمِلَهُ، وَوَضَعَهَا قُدَّامَهُمْ. وَإِذْ كَانَ هُوَ وَاقِفًا لَدَيْهِمْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ أَكَلُوا.” (تكوين 18: 3- 8)
ويخبرنا الكتاب المقدس عن السخاء الذي تصرف ابراهيم به أمام غرباء ليس من لحمه ولا دمه. فكان من الطبيعي أن يكافأ هذا العطاء المجاني من الله، وفي سياق نص الكتاب المقدس فإننا نشعر بما شعر به ابراهيم وهو يتحدث ، وهو يقدم الخبز واللحم لهؤلاء الغرباء، ولعل بشارتهم له بميلاد ابن في العام القادم لم تخلو من الدعابة حيث ضحكت سارة “أَبَعْدَ فَنَائِي يَكُونُ لِي تَنَعُّمٌ، وَسَيِّدِي قَدْ شَاخَ؟” (تكوين 18: 12) ويذكرنا العهد الجديد موقف الصيادين الذين أمضوا الليل كله ولم يصطادوا شيئًا. ولكن قال بطرس: “وَلكِنْ عَلَى كَلِمَتِكَ أُلْقِي الشَّبَكَةَ».” (لو 5: 5) وجاء الحصاد وفيرًا جدًا.
إن الله يبعث لنا رسائل يومية لا، بل كل لحظة من خلال أشخاص نعرفهم أو لا نعرفهم ولكن نرى في كلامهم أو نصائحهم أو في مشاركتهم لنا في العمل تبعث فينا الإقبال على العمل وتزرع فينا الأمل وأحيانًا تحثنا على الصبر، ومرة أخرى على التغيير الفورى لبعض طرقنا … الخ
دون دروشة أو ديماجوجية يمكننا بتمييزنا الروحي أن نقرأ أو نسمع هذه الرسائل، لقد علمنا الكتاب المقدس أن الله دائم البحث عن خلائقه ودعواته لا تنقطع لمشاركة الإنسان له في تعمير الكون وخدمة خليقته فنحن لسنا إستثناء عن القاعدة، الله يدعونا كل يوم لكي نقترب منه وننقي أنفسنا من أنانيتنا وننخرط في نهر الحب الجاري كما يجري نهر النيل لدينا في مصر فيحمل النماء والخضرة والإرتواء والبهجة والشفافية والإقدام والتغيير، ليس فقط العام القادم ولكن من اليوم ستكون لدينا ما يجدد الأمل والحياة فينا.