stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

أخبار الكنيسة

ضَريح القديس بُطرس المُحْتَضَنات التِّسعة

1.9kviews

ضَريح القديس بُطرس المُحْتَضَنات التِّسعة

في روما، قُربَ البازيليكا البابوية – بازيليكا القديس يوحَنّا اللاّتْراني (البازيليكا هي كنيسة كبيرة فَخمة، الكُبرَى في المدينة) – يوجد بناءٌ يَحتوي على «السُّلَّم المقدّس»، الذي هو من ذخائر آلام الرّبّ وقد وجدَتْه القديسة هيلانة في أورشليم ونقلَتْه بعد ذلك إلى روما. إنّه عبارة عن 28 دَرَجةً من الرُّخام كانت جزءًا من مَنَصّة محكمة بيلاطُس البُنطيّ، وقد صَعِدَ عليها يسوع بعد جَلْدِهِ لكي يُحاكَم من الوكيل الروماني.

إنَّ بازيليكا القديس بطرس عبارة عن حاوية ذخائر شاسعة في ضخامتها بها عِظام القديس بطرس؛ طولها 186.86 مترًا من «الأبواب البرونزيّة» حتّى «السُّدَّة» (أو المِنْبَر)، شاملةً الحوائط وصحن الكنيسة، وعرضها عند القِطاع العَرْضيّ 140 مترًا. إنها تشتمل على ما نسمّيه هنا بـ «سُلَّم مقدّسٍ» آخَر، به 9 «درجات» فقط، أو لِنَقُلْ – بما أَنها نَصْبٌ عظيمٌ فَخْمٌ لحبِّ الله وللحب تُجاه الله – إنّها 9 «مُحْتَضَناتٍ» تَزيد تدريجيًّا في اشتمالها على ما يَلي:

  • الحفرة (la Fosa) التي تمَّ دفنُهُ فيها؛

  • نَصْب غايوس (Trofeo de Gayo)؛

  • صَرْح قُسطَنْطين (Monumento de Constantino)؛

  • مذبح القديس غُريغوريوس الكبير؛

  • مذبح كاليسْتو الثاني؛

  • مذبح أَكْلِمَنْضُس الثامن؛

  • سِتار القُبَّة، مِن بَرْنيني (Balbaquino de Bernini)؛

  • قُبَّة (Cúpula) ميجِلْ أَنْخِلوْ؛

  • السماء

حين كنّا صِغارًا كنّا نَفْزَع عندما علّمونا أن الإمبراطور الروماني، لكي يحصل على المستوى الأرضيّ اللاّزم مُسَطّحًا كي يَشرَع في بناء أوّل بازيليكا إكرامًا للقديس بطرس، ولكي يتقيَّد بالمكان نفسِهِ الذي دُفن فيه، أمر باجتِزازٍ كامل للقسم العُلويّ من تَلّ الفاتيكان، حيث كانت تُوجد مدافن – وهو ما كان يُحَرّمه الأباطرة أَنفسُهم –، حتى يَملأ به المنخفضات التي كانت حول التلّ.

موقع الاستشهاد كان «سيرْك كاليجولا ونيرون»، في إطار «بساتين نيرون» (horti Neroni). ومكان الدفن كان قريبًا جدًّا، في مدفن وثني كان يحتوي منذ القرن الأوّل على قبور مسيحية، ناحية طريق «كورْنيلْيا» الذي كان يأتي من نهر «التّيبِرْ» مارًّا أمام أَنصاب الضَّرائح المُسَمّاة «ميتا»[1] و«رومولي»[2] و «تِرِبِنْتُس»[3] (عن يمين الطريق).

يوم 28 يونيو/ حُزَيْران 1939 قرّر البابا بيوس الثاني عشر أنْ تبدأ الحفريات للمستويات الأرضية التَّحتية أَسفلَ البازيليكا. دامت الأعمال من 1940 إلى 1949، واشترك فيها: الأب أنطونيو فِرُّوَا اليسوعي، والسيد إنريكو جوزي، والأب إِنْجِلْبِرْتْ كيرْشْباوُم اليسوعي، والسيد بْرونو أَبولّوني جِتِّي؛ وقد ساعدهم من العاملين المتخصّصين في شؤون كنيسة القديس بطرس (sampietrini): خوان سيجوني وأوليڤرْ زينوبيلي. كثمرة لتلك التَّحَرّيات، وفي 24 ديسمبر/ كانون الأول 1950، أعلن البابا بيوس الثاني عشر للعالم اكتشاف مقبرة القديس بطرس.

امتدّت مرحلة ثانية من الأعمال من عام 1952 حتى 1963 ثم تطوّرت بعد ذلك، مع مرجريتا جاردوتشي وأَدْريانو پرانْدي ودومنيكو مُسْتيلّي، والتي بِفضلها أعلن البابا بولس السادس لكل المؤمنين يوم 26 يونيو / حُزَيْران 1968 عن اكتشاف رُفات القديس بطرس، ذاكرًا كلمات البابا بيوس الثاني عشر عام 1950: «إنَّ أبحاثًا جديدة تتحَلَّى بالمهارة والصّبر قد تَمَّت مؤخَّرًا وأَدَّت إلى أننا، بعد اطمئنانِنا لِحُكم أشخاصٍ ذَوي مكانة رفيعة ومهارة وفطنة، نعتقد أن نتائجها إيجابية: أنْ قد تَحَدَّدَ رُفات القديس بطرس بشكل نستطيع أنْ نَعتبره مُقْنِعًا، وإننا لذلك نَمدح مَن قاموا بتلك الدراسات الدقيقة وذلك المجهود الضَّخم. لَمْ تَنْتَهِ بذلك بَعْدُ كلُّ التَّحرّيات والتَّحَقُّقات والنقاش والجدال. إنَّما، فيما يَخُصُّنا، يبدو لنا من الصَّواب، من حيث ما وصلت إليه إلى الآن الاستنتاجات الأَثَرِيّة والعِلميّة، أنْ نقدّم لكم وللكنيسة هذا الإعلان السعيد، بما أننا مُلْزَمون بإكرام الرّفات المقدّس التي تم دعم سَنَد حقيقتها بمجموعة من البراهين […] وفي الوضع الحالي، كم بالأكثر يجب أن نكون مُتلهِّفين ومبتهجين بما أنَّ لدينا أسبابًا لاعتبار أنْ قد تمَّ الكشف عن القليل – لكنه مليء من القداسة – الباقي من رفات جثمان هامة الرُّسُل»

ثانيًا: «المُحْتَضَنات»

  • الحفرة من القرن الأول

في قبر الدَّفن الأوّل[4] هذا، قد وُضع جُثمان القديس بطرس لمدة ثلاثة قرون. وُجِد هذا القبر – وهو في داخل الفتحة المستطيلة – فارغًا وقد تَدَخَّلت فيه الأيدي، ومُغَطًّى بحجرٍ من رخامٍ أملس قابلٍ للتحريك ومقلوبٍ، عليه اسم «پوبْلِيو إيليو إيسيدورو» من القرن الثاني، واتّجاهه لا يتماشى مع مِحْوَر «النَّصب» بل مع مِحور المدافن القديمة لذلك الموضع الذي دُعِيَ «مَجال پ» (campo P). ذلك يشير إلى أن القبر كان أقدم من «النَّصب». «فم القبر» (فَتْحَتُهُ) تُوجد في الأرضية المُبَلَّطة لِـ «نَصْب غايوس».

إنَّ «المَجال پ» مساحته 8 م × 4 م. تركيبة أرضِهِ الكيمائية هي: رمل من نوع مَرْنوسا (arena marnosa)، أي حُبَيْبات مُنحلَّة من صخور جيريّة (calcarea) تحتوي ما بين 35 إلى 60% طينًا صَلْصاليًّا (arcilla)؛ وهذه هي نفس التركيبة الكيميائية للتُّربة اللاصقة بالعظام التي قد وُجدت في الفَراغ المَرْمَريّ. من الملاحظ – على العكس – أنَّ تربة منطقة الفاتيكان هي في الغالب طينٌ صَلْصاليٌّ أزرق ورملٌ أصفر.

لقد وُجدت بقايا بشرية في مواضع أخرى من «المَجال پ»، وتمَّ تحليلُها من الأستاذ البروفيسور فينيراندو كورِّنتي، وهو أستاذ كرسي في علم الإنسان بجامعة بالِرْمو. لقد فُحِصت أولاً مجموعة العظام التي وُجدت بالقرب من قبر بطرس: كانت لثلاثة أفراد ثم فُحِصت مجموعة أخرى آتية من «المجال پ»: كانت لأربعة أفراد. لا أحَدَ من هؤلاء السبعة أَمْكَنَ مطابقته مع الرسول.

إلى ناحية الشرق، في كنيسة الكْليمَنْتينا الحالية، يقوم مذبح «الرأس» (ad caput) للقديس بطرس، وهو أقرب مكان من قبر القديس بطرس يمكن الاحتفال فيه بالقُدّاس.

الأرض إذًا تحتضن بقايا بطرس.

  • نَصْب غايوس (البناء الصغير ediculo [5]، أو هيكل القربان templete)، عام 160 تقريبًا.

  • الحائط الأحمر

سُمِّي هكذا بسبب لون مَحارتِهِ. هو فريدٌ في المدافن التي من القرن الأول إلى الرابع. لقد شُيِّد يومًا ما لأجل حماية مدفن بطرس من مياه الأمطار، وأيضًا كسندٍ سُفْليّ للنَّصب؛ وقد أُجرِيَتْ في الحائط نفسه الفَراغات أو التَّجْويفات الثلاثة لنصب غايوس.

  • الهضبة الصغيرة (el «clivus»)

خلف الحائط الأحمر توجد هضبة صغيرة، أيْ مَطْلَع صغير، تُوجَد أسفلَهُ قناة ماء فوقَها خَمسُ قطعٍ من القرميد عليها أختامُ معلومات (bolli doliari). على الأختام اسْمُ مالكَيْ الحقل الذي أُحضِر منه الطّينُ الصَّلصاليّ: ماركو أَوْرِلْيو وزوجته فاوْسْتينا أَوْغُسْتا [6]. نحن هكذا بين عام 146 (حين اتّخذت فاوستينا لقب أَوْغُسْتا أيْ الجليلة) وعام 161 (حين صار أَوْرِلْيو إمبراطورًا). بما أن القناة معاصرة للحائط الأحمر، وبما أنَّ هذا الحائط معاصرٌ لِنَصْب غايوس، فلا بُدّ لهذَيْن الأخيرَيْن أن يعودا لتلك الفترة الزمنية عينِها.

ذلك البناء الصغير، الذي اعتبره قُسطنطين بكل وضوح لائقًا بإكرامٍ استثنائيّ، يرتفع فوق مستوَى الجَبَّانة (المقبرة الكبيرة) الفاتيكانية التي يعود تاريخها للقرنين الثاني والثالث.

  • نَصْب غايوس

«النَّصب» يتكوّن من ثلاثة تجويفات [7] تعلو بَعْضُها بَعضًا. التجويف الأول على مستوى الأرض وارتفاعُهُ يماثل ارتفاع القواعد، كما لو كان لِوَضْع شيءٍ ما لحماية المدفن. الثاني والثالث يفصل بينهما حجر من نوع تْرافِرْتينو (lastra – travertino)[8] على شكل مائدة يَسنِدها عامودان صغيران من الرخام الأبيض، ارتفاعهما 1,18م ومكانهما بالتحديد عند 0,70 مترًا من الحائط الأحمر ناحيةَ اليسار (أي جهة الجنوب، وما زال موجودًا) وناحية اليمين (جهة الشَّمال)، ويتلاقيان عند جانبي التجويف 2 الموجود بالتحديد خلفَ ما يُرَى اليوم في موضع «الاعتراف»، والمُسَمَّى حتَّى الآونة الأخيرة بِـ «تجويف الأَوشحة» (Nicho de los Palios) لأنه كان فيه صندوقٌ كانت تُوضَع فيه الأوشحة التي كان البابا يُسَلِّمها لرؤساء الأساقفة الجُدد يوم عيد القديس بطرس. في الخلفية تُوجَد فُسَيْفَساء للمسيح ضابط الكلّ من القرن التاسع، مع صورٍ للقديسين بطرس وبولس عن اليمين وعن اليسار. ارتفاع هذا التجويف 1,50 مترًا وعرضه 0,87 مترًا وعمقه 1,35 مترًا.

التجويف 3 كان قد انكسر خلال بناء الصّرح القُسطَنطينيّ.

إنّ تسمية «نَصْب» (trofeo) في الأصل يونانيةٌ من كلمة «تروبايون» التي استخدمها غايوس وتعني «نَصْب الانتصار» الذي ناله الشهيد غير المهزوم. وهكذا فإن النَّصب، بتعبيرٍ مباشر، هو جسد الشهيد نفسه، وبتعبير غير مباشر هو النَّصب الذي يُذَكِّر به. «إن نصَّ غايوس قد وصل إلينا بواسطة أوزِبْيو أسقف قَيصرية في مؤلَّفِهِ «التاريخ الكنسيّ». غايوس هذا كان حكيمًا كنسيًّا من روما، عاش من منتصف القرن الثاني إلى بداية القرن الثالث؛ وقد دخل في نِزاع مع بْروكْلو – أحد المجادلين من آسيا الصغرى كان قد انضمَّ إلى شيعة الهراطقة المدعوِّين بـ «المُنْتانيّين» (أتباع فكر مُنتانو). لكي يسيء إلى سلطة كنيسة روما، عظَّم بْروكْلو من شأن وجود القبور المُكَرَّمة للرَّسول فيلِبُّس وبناته التَّقِيّات في آسيا الصُّغرى. لذلك كتب غايوس من روما ردًّا على ذلك المعارض: «لكنَّني أستطيع أن أُريكَ أنصاب الرُّسل. فإن أردت المجيء إلى الفاتيكان أو إلى طريق أُسْتِيا، فإنَّك لَسوف تجد أنصاب مَن أسسوا تلك الكنيسة» [9][10]. من الواضح أنه يقصد القديسَيْن بطرس وبولس.

  • محفورات مسيحية في المدافن [11]

  • على الحائط «الأحمر»

الأستاذة جاردوتشي تقول: «ما دفعني للاهتمام بالحفريّات أسفلَ بازيليكا القديس بطرس هو قراءة مقالين للأب أنطونيو فِرُّوا نُشِرا في «حامل الرسالة» (Il Messagero) و «المدنيّة الكاثوليكية» (La Civiltà Cattolica)، حيث يقدّم رؤية تجميعية ركَّبها هو نفسُهُ. فوق الحائط الأحمر عن يمين عامود الرخام الصغير في الجدار «g»، كان يوجد مخطوطٌ يتكوّن من سطرين. في السطر الأوّل تَتَّضح الحروف الأربعة الأولى للاسم اليونانيّ «بِتْروس» (Petros)، وفي الثاني «إي ني» (e ni). لم يكن الأب فِرُّوا دقيقًا في مقاله، بما أنَّ السطرين في الحقيقة ليسا متوازيَيْن كما أشار هو؛ وهو بالكاد أَعارَ اهتمامًا لذلك الاسم، ولم يقل أيَّ شيءٍ حول الحروف الثلاثة الأخرى. على الفور، بدأت أتساءل عن إمكانية قراءة ذلك المخطوط بالجملة الشيّقة «بطرس موجودٌ بالداخل» (Petros e ni). بالإضافة إلى ذلك، كنت قد قرأت أنَّ صَرْح قُسطنطين فيه جدارٌ مغطًّى بالمخطوطات، وتَذَكَّرتُ صورةً مأخوذة لضريحٍ في الجَبّانة يُقرأ عليه: «بطرس، صَلِّ…» (Petrus roga…)، بَدَتْ لي وكأنها تعبِّر عن ابتهال إلى الرسول. كلُّ ذلك أثار اهتمامي.

لكي أصل إلى الحفريات استخدمت مسؤوليتي في جامعة روما حيث كنت صاحبة كرسي دراسات المنقوشات اليونانية. فكتبت رسالةً إلى البابا بيوس الثاني عشر الذي استجاب بمَنحي الإذن لدراسة المنقوشات.

لدى أوّل زيارة لي إلى موقع الحفريات اضطلعتُ على ضريح فاليريو، حيث كنت قد رأيت رسم صورة الرسول مع اسمه وفعل «صَلِّ» (roga). ثم اتّجهنا إلى الكنيسة الكْليمانْتينيَّة، من حيث يمكن الوصول إلى الجدار «g»، وأخذت أبحث عن النقش الذي فيه اسم بطرس؛ لكنْ تعجَّبتُ من أنه لم يَعد يوجد؛ ولم يَبْقَ لي إلا أن اَقرأ غابة من المنقوشات أََدخلَتْ فيَّ الفَزَع»[12].

  • داخل ضريح فاليريو

إنَّ ضريح ك. فاليريو هِرْما (أو الضريح H) تمّ بناؤُهُ خلال حكم ماركو أَوْرِليو، وهو من أعظم وأجمل ما في الجَبَّانة. وفي نقوشه الرئيسية كنت قد قرأت «بطرس، صَلِّ…» وقد أُضيف عليها رسم صورة القديس بطرس يظهر فيه الرسول شيخًا أصلع. إلى الجانبين من الرأس، النقوش التي فَكَكْتُ رموزها كانت كالآتي:

بطرس، صلِّ (… X S H S)

Petrus roga …XSHS

للقديسين

Pro sanc(ti)s

الأُناس

Hom (ini)bus

المسيحيين الذين هم قُرْبَ

Chrestianis ad

جسدك مدفونون [13]

Co (r)pus tumm sep(ultis)

إنَّ فكّ رموز الصلاة إلى بطرس أعطى للبابا بيوس الثاني عشر فرحًا عظيمًا، لأنها كانت تشهد بالتفصيل للتعبّد للرسول في الجَبّانة التي تحت البازيليكا، وتَذْكُر جسده لأوّل مرة، رغم أنَّ عظامه لم تكن توجد بعد» [14].

إنَّ «نَصْب غايوس» يَحتضن قبر القديس بطرس.

  • صَرْح قسطنطين، إكرامًا للرسول، بين عامَيْ 321 و 326

إنَّ الصَّرح يَحتضن القبر الذي دُفِن فيه بطرس والحائط الأحمر و «نَصْب غايوس» وجِدار المنقوشات؛ وفي ذلك الجدار: القبر الثاني للقديس بطرس في الفَراغ الرخاميّ للجِدار «g». في داخل هذا الصَّرح يرقد القديس بطرس في مدفنه منذ عشرين قرنًا تقريبًا: ثلاثة قرون في المدفن الأرضيّ و17 قرنًا في التجويف الرخاميّ. كان الصّرح مزيَّنًا من الخارج بحامل مَشْعَل وصليبٍ من الذهب، ثم بعد ذلك بكثير بسقفٍ على 12 عامودًا سُلَيْمانيًّا (حَلَزونيًّا). عاش فلافيو فاليريو قُسطنطين الأوّل الكبير من 274 إلى 337.

  • الصَّرح / القبر القسطنطينيّ

  • الشكل والغطاءات

نجد أنفسنا أمام صَرْحٍ ذي أربعة أركان، أو متوازي مستطيلات، مُغَطَّى برخامٍ أبيض
من فريجيّة [15]، يسمَّى بالإيطالية «باوْناتْزيتو» (paonazzeto) [16] (وهو تصغير «باوْناتْزو»
– paonazzo[17]– وباللاتينية رُخام فريجيوم – marmor phrygium أو سِنّاديكُمْ – synnadicum أو دوسيمينْيوم – docimenium). إنَّ فريجيّة بقيت حاليًّا في تركيا، وهذه الأنواع من الرخام هي رَمْزٌ للتَّرَف والغِنَى [18].

بالإضافة إلى ذلك، على هذا الصَّرح خُطوط ضيّقة أو عريضة من حجر «البورفيدو» الأحمر[19]، الذي من المحاجر الشهيرة في جبل الدُّخان بمصر [20]، المعروف بكونه حجر الملوك. أبعاد الصَّرح هي 2.5 مترًا عرضًا وحوالي 1.80 م ارتفاعًا ومتران عمقًا. الحائط الغربيّ من صَرح قُسطنطين يمكن أن يُرَى اليومَ عند آخر عمق الكنيسة الكْليمانْتينيّة في «المغارات الفاتيكانية»
(Grutas Vaticanas). كان الصرح مفتوحًا من ناحية الشرق – كما الآن، حتَّى مدخل البازيليكا – ومسدودًا شَمالاً وغربًا وجَنوبًا.

  • زينات أُخرى

بعد ذلك بكثير، شُيِّد حاجز من البْرونْز، به عواميد سليمانية (حلزونية) مشغولةٌ فنيًّا ومزيَّنَة بِقِطع بارزة، استحضرها قسطنطين من الشرق. وفيما بعد ثُبِّتَ صليب من الذهب كإكليلٍ فوق الصّرح، قدَّمه قسطنطين والقديسة هيلانة؛ بالإضافة إلى شمعدان من الذهب.

في عهد القديس غريغوريوس الكبير وُضع اثنا عشر عامودًا سليمانيًّا حلزونيًّا لتزيين الصّرح، ثمانية منها توجد حاليًّا ضمن عواميد الارتكاز الأربعة [21] التي تحمل القُبّة: اثنان في قطاع القديس أندراوس، واثنان في قطاع فيرونيكا، واثنان في قطاع القديسة هيلانة واثنان في قطاع لونجينوس. واحدٌ يوجَد في «متحف الكنز» (Museo del Tesoro). حاجز البرونز الحاليّ ارتفاعُه ثلاثة أمتار تقريبًا وعرضُه متران، ويتكوَّن من بابين وجزءٍ عُلُويّ مستطيلٍ وثابت.

«عندما ما رأى أوزبيو الصّرح – حوالي عام 333 – كتب في كتابِهِ «تَجَلّي الله»:
‹…سمعان المدعو بطرس خرج من كفر ناحوم – مدينة في الجليل – وأنار نُفوسًا بشرية لا حصرَ لها بنور المعرفة الإلهية، وذاع صيتُهُ في العالم كلِّه حتَّى شعوب الغرب؛ ذِكراه لدى الرومانيين حيَّةٌ حتى الآن أكثر من ذكرى مَن سبقوه، لدرجة أنه حاز أيضًا على شرفٍ خاصٍّ بقبرٍ رائعٍ في مقدّمة المدينة يَتوافَد إليه جموعٌ لا حصرَ لها من جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية كَتَوافُدِهم على معبدٍ كبير أو على هيكل لله› [22]. ذلك القبر الرائع في مواجهة المدنية هو بالتحديد الصّرح الَّذي أقامه قسطنطين والذي يحتوي على رُفات الرسول» [23].

إنه الصّرح/ القبر الذي كرّسه قسطنطين للرسول بطرس في المكان الذي كان يُشير إليه التقليد على أنه قبره الأرضيّ المجيد. لا شكَّ أنّه تمَّ تشييده بعد زمن السلام الكنسي (313)، ومن المُحتمَل كثيرًا أنْ يكون قد سبق الزمن الذي أعطى فيه الإمبراطور أمر البدء بأعمال إقامة البازيليكا (حتَّى 322). يبدو ذلك تتميمًا لخبرٍ من أوزِبْيو – أُسقف قيصرية – كما رأينا أعلاه [24]. في الواقع إنه من المنطق أن يكون أوّل تفكير لقسطنطين ومهندسيه أنْ يَحْموا ويزيّنوا – وإنْ كان بشكلٍ مؤقّت – «موضع بطرس» المكرَّم (locus Petri). بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن استبعاد كونِ الصّرح القسطنطينيّ يعود حتى إلى عام 315، أيْ العام الذي تم فيه تدشين «قوس قسطنطين» (Arco de Costantino) الشهير، الذي فيه تمّت الاحتفالات المهيبة لتمجيد الانتصار الحاسم الذي حقّقه قسطنطين بالقرب من جسر مِلْفيو في ساكْسا روبْرا بروما، يوم 28 أكتوبر / تشرين الأوّل عام 312.

  • جدار المنقوشات

عند ناحية شمال «الضريح» يقوم جدار المنقوشات [25]، أيْ الجدار «g»، الذي يعود تقريبًا إلى العام 250، في الاتّجاه من الشرق إلى الغرب، مستقيمًا على الحائط الأحمر. أبعاده 0.87م طولاً و0.45م عرضًا، وارتفاعه مماثل لارتفاع الصّرح القسطنطينيّ. بين عامي 290 و315 – أي عند نهاية القرن الثالث وبداية الرابع – تَغَطَّى الحائط الشمالي شيئًا فشيئًا بغابة من الكتابات حيث يَكثُر ذِكر المسيح ومريم وبطرس (برموز P أو PE… إلخ)، ومعها ذِكر ظهور المسيح لقسطنطين الذي سيحكيه بنفسه للأسقف أوزِبْيو.

هنا يُوجَد الشيء الأعظم. فبينما كان عُلماء الآثار يبحثون عن قبر بطرس، وجدوا الجدار «g» مع الكتابات المنقوشة عليه: منقوشات الجدار «g» و التجويف الرخاميّ. ذلك الجدار «g» هو سبب زحزحة مِحْوَر الصّرح شمالاً بالنسبة لمحور البناء الصغير (edículo) الذي من القرن الثاني. حول ذلك المحور الذي للصَّرح القسطنطينيّ تحدّد فيما بعد توجُّهُ بازيليكا قُسطنطين وبازيليكا بْرامانْتْ وقبّة ميجِل أَنْخِلْ وسِتاربِرنيني.

  • المنقوشات: مفاتيح للتفسير

«إنَّ الحكايات الرسمية للحفريات كانت قد خَصَّصت بعض الجمل فقط لتلك المنقوشات في إطار ما كان يُقال عن أنَّ ذلك الكَمّ من الكتابات لَهُوَ دليل على الأهمّيّة العُظمَى التي كان يُعطيها المسيحيون لذلك المكان. الأب فِرُّوَا كان قد اكتشف فقط بعض أسماء أشخاص وبعض الإشارات للمسيح، لكنه لم يجد اسم بطرس. لذلك كرَّست نفسي لتلك المهمّة المشوِّقة. بَحثتُ أوَّلاً عن أيِّ عُنصر قد يساعدني، حتَّى لو كان بطريقة غير مباشرة. (ما ساعدني كثيرًا جدًّا هو المعلومة بأنَّ بعض العناصر كانت قد استُخرِجت من موضع الفَراغ الرُّخامي وأنها موجودة داخل صندوق من خشب الغار في مَخرْن أمام كنيسة القديس كولومْبانو، في الممرّ نحو المغارة).

أوّل شيء عملته هو تصوير الجدار. وبعد دراسة الكتابات المحفورة انتبهت لكون بعض الحروف كانت تتكرّر، مثل: AAA أو VVV، ولكنّني لم أكن أُدرِك مدلولها. أوّل ضوء بَلَغَني من نقشٍ لاحظت فيه انعكاس الحرفين اليونانيَّيْن AW (بداية الحروف الهجائية ونهايتها)، مِمَّا يعبِّر عن مفهوم الله الذي هو بداية ونهاية الكون؛ لكنْ بتطبيقه على الإنسان يجب تفسير W على أنه نهاية الإنسان، أيْ الموت، وA بداية الحياة التي تبدأ مع الموت. أيْ أنَّني بدأت أكتشف الكتابة السّرّيّة الرمزية المستخدَمة من الأقدمين المسيحيين. كانت هناك ثلاثة مفاتيح أتاحت لي فتح الأبواب ومِنْ ثَمَّ قراءة صفحة رائعة من الروحانية:

+ المفتاح الأوّل: هو القيمة الرمزية التي خصَّصها المسيحيون لبعض الحروف الهجائية، مثل:

T      = المعنى السّري (الرمزي) للصليب

X     = أوّل حرف من اسم المسيح باليونانية

F      = «فيليوس» (ابن)

N     = أوّل حرف من الفعل اليوناني «نيكا» (Nika/n) أيْ: انتصر

R     = «ريسورِكْسْيو» (Resurrectio) أيْ: قيامة

V     = «فيتا» (Vita) أيْ: حياة

هكذا يكون التكرار الثلاثي لحرفَيْ A و V إشارةً إلى مفهوم الثالوث.

+ المفتاح الثاني: هو الرمز المتمثِّل في التصاق اثنين أو أكثر من الحروف أو الرموز المسيحية المستخدمة، وذلك للتشديد على التعبير الديني.

+ المفتاح الثالث: هو الذي سمّيتُهُ «تجلّي الحروف»، أيْ تَحَوُّل بعض الحروف أو الرموز إلى أُخْرَى، وذلك لإبراز مفهومٍ جديد.

من أُولَى ثمار عملي كان اكتشاف أنَّ اسم الرسول كان يتكرّر كثيرًا على الجدار. في البدء وجدت الاسم كاملاً: بطرس؛ ثم تذكَّرت أنه كما كان يُكتب أول حرفٍ X لكتابة اسم المسيح (Xristos)، أو M أو MA لكتابة اسم مريم (Maria)، فأخذت ألاحظ كيف كان اسم بطرس مكتوبًا فقط بحرف P أو PE أو PET، أو حتى بدمج حرف E مع P =      ، على شكل مفتاح.

  • هُتاف لنصر المسيح ومريم وبطرس

ظهرت العلامة الخاصة بحروف متشابكة (monograma) للمسيح – الكْريسْمُنْ (Crismon) – أيْ الحرفان الأوَّلان من اسم المسيح باليونانية: «كي» (Xi) و «رو» ρ؛ ولكن شكل الـ «رو» يَصلح أيضًا لأوَّل حرفٍ (P) من بطرس، مع إلصاق الحرف الثاني (E) منه عند أسفل المستقيم في (P)، مِمَّا يمثل مفتاحًا:     . وبعد ذلك: مريم MARIA، و NICA أيْ انتصار.

  • تمنيات بالحياة في المسيح وفي بطرس

وتَتمثّل بعلامة المسيح – الكرْيسْمُنْ – وعلامة المفتاح لبطرس» [26].

  • «ها هي علامة الانتصار» (In hoc signo vinces)

«على سطح الجدار «g» يوجد نقشٌ مثيرٌ له أهمية تاريخيَّة كبيرة، يُشير إلى انتصار قسطنطين الكبير في معركة جسرمِلْفيو (Milvio). الجملة اللاتينية «هوكْ فِنْسي» (الانتصار آتٍ – Hoc Vince) هي ترجمةُ اليونانية «توتو نيكا»، وتشير إلى ما رآه قسطنطين ليلةَ المعركة في السماء: علامة من المسيح تُنْبِئُهُ بالانتصار.

الوحيد، من بين الكتاب القدماء، الذي يشير إلى ذلك هو أوزِبْيو الذي من قيصريّة، في «حياة قسطنطين» حيث يقول أنه قد سمعه من الإمبرطور بصوته عَينِهِ. بعض النقّاد الحديثين شكّكوا في حكاية أوزِبيو؛ لكن النقش على الجدار «g» يثبت افتقاد ذلك التشكيك للأساس، بما أنّ كلمات «النصرآتٍ» (Hoc Vince) بجانب علامة للمسيح لا يمكن ألاّ تقصد ما جرى في جِسر مِلْفيو. إنَّ النقوش التي على الجدار «g» تمّت قبل أن يأمر قسطنطين ببناء الصَّرح إكرامًا لبطرس (315 – 320)، وهذا جرى قبل أنْ يكتب أوزبيو «حياة قسطنطين» بسنين كثيرة. إن هذا النقش لا يبرهن أنَّ المعجزة حقيقية بل أنَّ نَبَأَ المعجزة كان قد ذاع في كل أنحاء روما.

بفضل هذه المعلومة وغيرها، نستطيع القول بأنّ الجدار «g» يسمح بأن نعتبره، بنقوشه الثمينة (وبالعظام ‹الساخنة› التي يحتويها)، كحجر الأساس للبازيليكا الفاتيكانية» [27]. بالإضافة إلى ذلك، فإنه القلبَ الحيّ النابِض لروما.

  • حادث من العناية الإلهية

إنَّ الأستاذة جاردوتشي كانت تقرأ الجدار «g» راكعةً وفي يدها عدسة مكبِّرة وفي اليد الأخرى مصباح إنارة. ذات مرّة هتفت: «يا حَنّا، أنت الذي كنت دائمًا قريبًا جدًّا من أعمال الحفريّات، ألا تَذْكُر شيئًا عن وجود شيءٍ بالداخل (داخل التجويف الرخامي) أكثر مِمَّا يُذكَر في الرواية عن الحفريات؟ أجاب خوان (حَنَّا) سيجوني – أحد العُمال المتخصصين في أمور كنيسة القديس بطرس
(uno sampietrino) – قائلاً: «بَلَى، هناك أشياءُ أخرى. أَتذكّر أنه، في زمن المطران كاسْ، يم تفريغ التجويف من محتوياته، وأنا بنفسي نقلت المحتويات إلى صندوقٍ وضعناه قريبًا من هنا». فصعدنا إلى مخزن أمام الكنيسة الصغيرة التي للقديس كولُمْبانو حيث وجدنا الصندوق الخشبي – هو من خشبٍ معطّر، طوله 35 سم وعرضه 26 سم وارتفاعه 10 سم. ثم أرسلناه إلى حيث يتم تحليل محتوياته عمليًّا [28].

  • التجويف الرخامي والـ «بطرس موجود بالداخل» (Petros eni)

في الداخل الحائط «g»، وُجد تجويف رخاميّ [29]، طوله 0,77 م وعرضه 0,31 م وارتفاعه 0,29 م. الوجوه الخمسة الداخلية للتجويف (بدون السقف) كانت مغطاةً بقشرة من الرخام الأبيض المسمَّى «الرخام البَصَليّ» بسبب الرائحة النافذة المنبعثة منه، قد أُحضِر من حقول جزيرة بْروكُنِّيسو (أيْ جزيرة الجِداء – cabritos) عند مَرْمَرَة على بحر بْروبُنْتيدْ أي مرمرة [30]، وهو المتّصل ببحر إيجَة عَبر مضيق الدردنيل وبالبحر الأسود عَبر مضيق البوسْفورْ. بداخل التجويف، خلف اللوحة الرّخامية الغربية، فوق الجدار «g»، كانت الكتابة «بطرس موجود بالداخل» (Petros eni). وتواصل الأستاذة جاردوتشي قولَها: «إنَّ هذا النقش هو الذي دفعني للاهتمام بالحفريات في بازيليكا القديس بطرس، لكني لم أستطِعْ رؤيته خلال زيارتي الأولى، بما أنَّ الأب فِرُّوَا كان قد نقله. وعندما أُعيدَ إلى دار صناعة القديس بطرس (Fabrica di san Pedro)، استطعت أنْ أفحصَه. إنَّ طول النقش 5.7 سم وارتفاعه 3.5 سم، وارتفاع حروفه 7 مم. تذكَّرت أنه كان أصلاً على قطعة من الجدار الأحمر حيث كان قد حُشِرَ المَوْضِع الرخاميّ الصغير.

على أنّي لم أكن بعدُ أعلم أنَّ العظام التي جاءت من الصندوق الذي كان في الحائط كانت عظام بطرس.

إنَّ رسم الأب فِرُّوَا لم يكن دقيقًا بما أن السطرين لم يكونا مُتوازِيَيْن، بل إنّ السطر الأوّل كان مائلاً إلى أسفل، والسطر الثاني كان به ثلاثة حروف فقط: e n i؛ والكلمة اليونانية الوحيدة التي كان يُمكن اعتبارُها كانت eni وهي الشكل المختصَر لِـ enestin أيْ موجود بالداخل.

في الوَهْلة الأولى اعتقدت أنَّ النقش كان من نفس عصر الحوائط – أي القرن الثاني أو الثالث – وأنَّ جملة «بطرس موجود بالداخل» كانت تشير إلى القبر الأوّل للرسول؛ لكنْ ما لفت انتباهي هو أن جملة مثل هذه قد كُتبت عند يَسار البناء لا في وَسَطِهِ. بعد ذلك بزمنٍ، اكتشفنا أنَّ العِظام هي لبطرس بِعَيْنِهِ وأنها قد وُضِعَت في التجويف الرخامي بأمرٍ من قسطنطين. بِذا أَدركْتُ أَنَّ ذلك لم يكن القبر الأصليّ، بل هو الثاني حيث كُتبت جملة «بطرس موجود بالداخل». فكّرت بأنَّ كَوْنَ النقش مكتوبٌ باليونانية يُثْبِت أنَّ ذلك كان في زمن قسطنطين، قبل إغلاق التجويف، كنوعٍ من التوقيع الدَّامغ المؤكِّد لحقيقة الذّخائر. ذلك التفسير يُبَرِّر مَيْلَ السطر الثاني نحو أسفل، على أساس أنَّ يَدًا قد أُدْخِلَت مَحْشورةً في الفجوة لم تَستطِعْ أن تَكتب على سطرٍ مستقيم أُفُقِيًّا 6 أَحْرُف وراء بعضها البعض.

إنَّ قراءتي للنقش تَلَقَّت انتقادات عديدة، على الأقلّ بسبب أنَّ ذلك النقش كان مُعتبَرًا كمخطوطٍ عادي، وأيضًا بسبب عدم الاتفاق على كونه توقيعًا مُصَدِّقًا على صِحَّة الذَّخائر بما أنه كان في داخل الحائط وأنَّ لا أحد كان يستطيع قراءته.

إنَّما لا مُبَرِّرَ للشَّكّ في قراءتي تلك، فإنَّ الإنسان لديه دافعٌ نفسيّ يجعلُهُ يَسعى لتخليد ذاكراه في أعماله فيكتب جُمَلاً أو ذِكريات – على حَجَرِ أساسٍ مثلاً – حتَّى وإنْ لم يقرأه أَحدٌ بعد ذلك.

خلاصة القَوْل: إنَّ التفسير المَنطقيّ الوحيد لما هو أشهرُ النقوش هو ما أََقترِحُهُ:
Petros eni (enestin)، أيْ «بطرس موجود بالداخل».

بالنسبة للنَّصّ ذاته وللموضع الذي يُوجَد فيه، يُمكن للجميع أن يُقَدِّروا قيمة تلك الشَّهادة العظيمة» [31].

  • محتويات التجويف الرخاميّ

بالإضافة إلى الـ «بطرس موجود بالداخل»، تُوجَد على الحائط الأحمر، بداخل الفجوة الرخامية، الأشياء التالية:

  • عظام لشخصٍ واحد، ذَكَر، متقدّم في السِّن (بين 60 و70 عامًا)، قويّ البُنْية … كما هو معروف عن بطرس. إنها العظام الوحيدة بداخل الصّرح القسطنطيني. إنه القبر الثاني لبطرس!

«إنَّ عمل الأستاذ كُرِّنتي (Correnti – وكان حينئذٍ أستاذًا مدرّسًا لِعلمْ الإنسان بجامعة روما)[32] فيما يَخُصّ عظام الفراغ الرُّخاميّ استمرّ من أكتوبر/تشرين الأوَّل من عام 1962 حتى يونيو/حزيران من عام 1963.

أوّل أنباء النتائج قُدّمت لي منه في أوّل أيام من يونيو/حزيران حين كان البابا بولس السادس ما زال الكاردينال مونْتيني. قال لي البروفِيسور كُرِّنتي:

  • هل تعلمين أن العظام التي كانت في صندوقها الخشبي الصغير تَبَيَّن لي- ويا لَلْغَرابة –أنها لفَرْدٍ واحد، لا لأفرادٍ عِدَّة كما هو الحال بالنسبة للمجموعة T أو K؟

  • لفردٍ واحد»؟ كان جوابي. «هل أَمْكَنَكَ تحديد نوعه؟

  • نعم، ذَكَرٌ.

  • ما عمرُهُ؟

  • متقدِّم في السِّنّ: بين 60 و 70 عامًا تقريبًا».

فأَضفتُ: «هل كان قويَّ البُنْيَة جدًّا؟»

وواصل كلامه مشيرًا إلى أنَّ كلّ أجزاء الهيكل العظمي – عَدا الرِّجلَيْن [33]– كانت واضحة المعالم بدرجات متفاوِتة (وكانت تُمَثِّل نصف الهيكل العظمي بالتقريب) [34]. من بين الأجزاء: أجزاءٌ من أعلى الجُمْجُمة، ومن الفَكَّيْن، ونابٌ (من الفك الأسفل الأيسر) [35]، ومن الضُّلوع، ومن الفَقرات، ومن الوَرْك، واليد اليُسْرى كاملةً تقريبًا، وقِطَع صغيرة جديرة بالذِّكر من المفاصل السُّفْلِيّة؛ بالإضافة إلى ذلك، على بعض العِظام، على النَّواحي المكشوفة أكثر، لوحِظَت بُقَعٌ ورديّة اللّون، وعلى كل الأجزاء طينٌ كثير (هذا ما كنتُ قد لاحظتُهُ أنا أيضًا) [36]».

فيما بعد حُفِظت العظام في 19 صندوقًا صغيرًا من الزُّجاج المُقَوَّى (plexiglas) وأُعيدَ وضعُها في التجويف الرّخاميّ للجِدار «g» يوم 27 يونيو / حزيران 1968، في إطار احتفال مُهيب، وبمَحْضَرٍ رَسْميٍّ (Acta notorial = Rogito) هذا نَصُّهُ:

«مَحْضَر رَسْميّ

لإيداع الذخائر المقدّسة للقديس بطرس هامَة الرُّسل، في التجويف الأصلي تحت مذبح الاعتراف

في كنيسة القديس بطرس بلڤاتيكان.

في العام الألف وسِتِّمِئةٍ وثمانيةٍ وستّين، في اليوم السابع والعشرين من شهر يونيو/ حزيران، عند الساعة العشرين والنصف، في منطقةِ اليسار للكنيسة الكْليمانْتينيّة بالمغارات الڤاتيكانية، اجتمع:

  • صاحب النيافة الكاردينال باولو مارِلاّ، الكاهن الرئيسيّ للبازيليكا البطريركية

    (Arcipreste de la Patriarcal Basilica) للقديس بطرس في حاضرة الڤاتيكان،

  • صاحب السِّيادة المطران پْريمو پْرِنْشِجي المُوَقَّر، رئيس الأساقفة الفَخريّ لِتِيانا والوكيل المالي المسؤول (ecónomo Secretario) عن دار الصِّناعة الموقَّرة للقديس بطرس

    (Rev. Fábrica de San Pedro).

  • صاحب السّيادة المطران دومينِكو جالِتِّي المُوَقّر، مسؤول الكاتدرائية (canónigo)،

  • صاحب السيادة المطران ماريو كْروڤيني المُوَقَّر، مسؤول الكاتدرائية (canónigo)، ممثِّلاً للمجلس العام الموقَّر (Rev.mo Capitulo) للقديس بطرس بالڤاتيكان،

  • الدكتور المهندس فْرَنْسِسْكو ڤاكّيني، مدير المكتب الفنّي لدار الصناعة الموقَّرة للقديس بطرس (Rev. Fábrica de San Pedro)،

  • الپْروفِسّورة الأستاذة مارجريتا جاردوتشي، الأستاذة المسؤولة عن قسم المخطوطات والتُّحَف (Epigrafia y Antigüedades) اليونانية بجامعة روما،

  • الپْروفِسّور ڤِنِرانْدو كورِّنْتي، الأستاذ المسؤول عن قسم علم الإنسان (Antropologia) بجامعة روما،

  • المطران ڤِنْسِنْسو فامّيلومي، رئيس خدمة المَراسِم،

  • والمُوَقِّع أَدْناه، المطران نيكُّلو مِتَّا، مُحَضِر المجلس الڤاتيكاني، للشُّروع في إيداع ذخائر القديس بطرس هامَةِ الرُّسل في التجويف الأصليّ الموجود في حائط النُّقوش – الجدار «g» – والمُبَلَّط بالرّخام، إلى جانب بقايا «نَصْب غايوس». تلك الذخائر تتكوَّن من أجزاء عَظميّة كثيرة، وقد وُضِعَت في تسعَ عشَرَ صندوقًا من الزّجاج المُقَوَّى (plexiglas)، وعلى كل صندوقٍ بيانٌ يحدِّد القِطع التي فيه من الهيكل العَظمي للرُّفات المقَدَّس. هذه الصناديق، كلُّ واحدٍ منها قد رُبط كما يَنبغي بأسلاكٍ من النّحاس المُفَضَّض وخُتِمَ بالرَّصاص الحامل للحروف الأولى من دار الصناعة المُوَقَّرة للقديس بطرس بالفاتيكان – F. S. P. V. –، بحضور الأشخاص المذكورين أعلاه وبحضوري الشخصي، أنا المُحْضِر؛ وقد أُدْخِلَت كُلُّها بالخشوع اللائق في التجويف الموصوف أعلاه. أمام الفَجْوة المؤدّية إلى ذلك التجويف وُضِع نسيج من المعدن المُذَهَّب وألواح زُجاج تُتيح رؤيةَ الذخائر المقدّسة. ذلك النسيج مُعَلَّق على سيخَيْن مُثَبَّتَيْن على مستقيمَيْن حائطِيَّيْن من عصر النّهضة؛ وقد ثُبِّت النسيج على هذه الأسياخ بِقِفْلَيْن مع مِزْلاجَيْن. النَّسيج الحامي الموصوف أعلاه يمنع لَمْسَ الصناديق المحتوية الرُّفات المقدَّس الباقي من هامةِ الرّسل. كل الأشخاص الموجودين، المذكورة أسماؤهم أعلاه، يشهدون معي أنا المُحْضِر أنَّه، بالإضافة إلى الصناديق الموصوفة أعلاه والموضوعة في التجويف المذكور سابقًا، هناك صندوقٌ آخر، مربوطٌ مثل الآخرين ومختومٌ، يحتوي على تِسْعِ قِطعٍ عَظميّة صغيرة، قد حَمَلَها معه سيادة المطران پريمو پرِنْشِپي المُوَقّر، بأمْرٍ من الأب الأقدس، لكي تَبقي تحت تَصَرُّف قداسته. بخصوص كلّ ذلك، أنا المُحْضِر الموقِّع أدناه، كتبت هذا المَحْضَر المقروء مني على مسمع من الحاضرين الموافِقين عليه جميعًا، والمُوَقِّعين عليه على كما يلي» [37].

  • قِماش أرْجُوانيّ اللون منسوجٌ بخيوط من ذهب: إنَّ الأستاذة جاردوتْشي عملت بأسلوبٍ عِمليّ في كلِّ شيء، كما يَتبيَّن فيما سَبَق وفي كلِّ ما يَلْحَق. لقد بحثَتْ في جامعة روما، لَدَى معهد الكيمياء، عن الپْروفِسّورة ماريا لويزا شْتايْنْ المتخصِّصة في علم دراسة النسيج والخيوط، وعن الپْروفِسّور باولو مالاتِسْتا، لأجل دراسة قُصاصات القماش الأرجواني الذي كان يُغَلِّف العِظام.

لأجل التَّعَرُّف على ما إذا كان القماش قد صُبِغَ بأُرجوانٍ أصلي حقيقيّ أم لا، حَدَّد الدكتور پول فْرينْدْلانْدِرْ أنَّه لا بدّ من إعمال الحامِض الكْلورِدْريكيّ على القماش ثم من بعدِهِ الحامض الهِدْروسُلْفيتْ الأَمونياكيّ. إنْ كانت الصَّبغة من الأُرجوان الأصلي من نوع الموريسي الخاصّ من الحَلَزونات البَحَريّة (de múrice) [38]، فإنَّ الحامض الأوّل يجعل اللون أكثر زُهْوًا، أما الثاني فيُحوِّله إلى الأصفر. ثمّ إنْ تعرّض القماش بعد ذلك إلى أَكْسَدَةِ الهواء فإنّه يستعيد لونه الأصليّ بشدّةٍ أكبر. إنَّنا وجدنا قطعة القماش الأكبر قيمةً في ذلك الزمان: أُرْجُوان موريسي! لم تكن الصبغة من الدود القُرمزيّ البديل. النسيج كان من الصوف. بعض العظام كانت عليها بُقَع لونها أُرْجُوانيّ، مِمَّا يُشير إلى أنها كانت قد لُفَّت بذلك القماش الغالي المنسوج بخيوطٍ من ذهب.

  • خيوط الذَّهب: لقد درس المتخصّصون أَنْفُسُهم الخيوط الذهبية ووجدوا أنه ذهب خالص جودته عالية، أصليّ ونقيّ جدًّا [39]. «يا لَيْتَنا كان لدينا كيسٌ منه!»، كانت صرخة واحد من الأساتذة [40].

  • تُربة: الپْروفِسّور كارلوس لاورو، من معهد التركيبات الحَجَريّة بجامعة روما، درس عيّنات الطين اللاصق بالعظام مقارِنًا إيّاه بِسِتِّ عيّنات من مواقع مختلفة من «الحقل P». كلّها كانت من التربة الصخرية الرملية الترسيبيّة (arena marnosa)، وتوافقت بالتالي مع نفس البيئة الجيولوجيّة والتركيبة الحجرية. لم تكن من نوع الطين الصلصالي الأزرق، ولا من الرمل الأصفر مثل تركيبة التربية الڤاتيكانية في مُعْظَم أنحائها. لذلك، فإن العظام التي من الفراغ الرّخامي كانت قبلاً في الحفرة الأرضية التي من وسط «النَّصْب» [41].

  • عظامُ حيواناتٍ: خِرفان أو مَعِيز، وجزء من الهيكل العظمي لفأر، قدم خنزير، جزء من وِرْك جاموسة، جزء من الغُضْروف الصَّدريّ لديك، قطعتان غير معلومَتيْن. وقد درسها الپروفِسّور لويس كَرْديني من جامعة فْلورِنسا، وهو الأستاذ المتخصّص الأفضل في هذا المجال. كلّها كانت لحيوانات أليفة تنتمي جيِّدًا إلى البيئة الريفية لبساتين نيرون (horti)، وكانت تُوجَد أيضًا مع البقايا البشرية المدفونة في الحقل «P». إنَّ عظام الفأر الصغير لم يكن عالقًا بها أيُّ طينٍ مثل عظام الحيوانات الأخرى، مِمَّا يقودنا إلى أنَّه دخل حيًّا إلى الخِزانة الحائطيّة الرُّخاميّة ومات فيها. أي أنّه سقط إلى داخلها من الشق الذي في الحائط الأحمر. في تابوت الآباء كوزْما من مِديتْشي ولورِنْسو الرائع، في كنيسة القديس لورِنْسو بفلورِنسا، كان الپْروفِسّور قد وَجد عَظْمَ ثورٍ وزَلَطَةً (حجرة صغيرة) من نهرٍ، مِمَّا يَدُلّ على أنهما كانا قد دُفِنا أوّلاً ثم وضِعا بعد ذلك في التابوت، تمامًا مثل القديس بطرس[42].

  • قطع نُقود: لقد وُجدت تِسْعُ قِطعٍ من النقود في الشقوق بين الغطاءات الرخامية في التجويف الرخامي، … إلخ. وقد درسها كلَّها الپْروفِسّور لويسْ ميجِلْ تُكِّي، مدير هيئة سَكّ العُملة الخاصة بالمكتبة الڤاتيكانيّة. بما أنَّ الصَّرح بقي غيرَ مُقْتَحَمٍ منذ عهد قسطنطين حتى 1941، فالتفسير الوحيد الممكن هو أنَّ العُملات أُدخِلت عَبْرَ الشّق الذي في الحائط الأحمر. مِنْ بينِها تمَّ تنظيف عُملة بَدَتْ من العهد الكلاسيكيّ (حوالي القرنين الرابع والخامس). الپْروفِسّور فِكتورْيو فِدِريتْشي، مدير مكتب تجديدات المتاحف الڤاتيكانيّة، أكَّد أنَّ العملة تحمل صورة الإمبراطور قُنْسْتانْسْ الثاني وأنَّ تاريخها قد يعود إلى 357، مِمَّا يجعلها أقدم عملة وُجِدَت هناك. أمَّا الأحدث فكانت من النصف الأوَّل من القرن الثاني عشر. ولماذا لم تَدخل عُملاتٌ أُخرى في التجويف؟ لأنَّ حاجزًا كانَ قد شُيِّد حينذاك: إنه مذبح كالِسْتو الثاني (1119 – 1124).

  • أجزاء من مَحارَة بناء الحائط الأحمر. بما أنه المكان الوحيد في كل مدافن القرون من الأوّل إلى الرابع حيث طُلِيَ حائِطٌ باللون الأحمر، فمن الواضح أنّ العظام كانت موضوعة في التجويف الرّخاميّ المسنود بالحائط الأحمر.

  • قِطع من القرميد ومن مَعْجون خَلْطة طِلاء المباني. وقد سقطت إلى داخل التجويف الرّخاميّ بفِعل الضربات القويّة للمُعِدّات المستخدمة للحَفريّات.

  • قطع من الرخام: في معهد الكيمياء الجيولوجية بجامعة روما، توصّل الأستاذ ماريو فُرْناسيري والأستاذة سيزارينا كُرْتيزي إلى أنَّ قطع الرخام في التجويف (من الألواح الملساء التي كانت تُغَطّيه من الداخل) والقطع التي وُجِدَت في الصندوق الخَشبي الصغير كانت متطابقة في تكوينها. بعد تحليلها بِرَسْم الطَّيف، تبيّن تركيبُها: 1- نسبة كبيرة من الكَلْسيوم؛ 2- كمّيّات قليلة من المَغْنِسْيوم (Mg) والإسْـتْرُنْـتِيوم (Sr) والسِّليكون (Si) والأَلومنيوم (Al)؛ ثم آثار من الأَنْتيموني (Sb – الإِثْمِد). ينجلي دون شكّ أنّ العظام أتَت من التجويف الرخامي للجِدار «g».

  • ورقة من شجر البَقْس (boj – أو الشِّمشاد). الپْروفِسّورة ماريا فُلْييري – مُدرّسة النّبات الذي من العصر البالِيوليتيكيّ في جامعة روما – تَعرّفت على تلك الورقة على أنها من بساتين نيرون (horti Neronis)

  • بَكَرَتا خيطٍ فَضِّيٍّ (أو ذهبيٍّ؟) . (لقد اختفتا).

  • «شريط من الرَّصاص» (faja de plomo). (اختفى).

بالإضافة إلى ذلك، وُجِدَت في الصندوق الخشبي:

  • قطعة من الحَطَب. درست الدكتورة ماريا فُلْييري، في معهد دراسة النبات بجامعة روما، هذه القطعة مع عينة من الصندوق الخشبي الذي احتوى لأكثر من 10 سنوات ما كان يوجد في التجويف الرخاميّ. النتيجة هي أنهما يتكوّنان من نفس تركيبة نسيج الخلايا وأنهما الاثنين ينتميان إلى نفس نوع الشجر (alerce). بالتالي فإنَّ قشرة الحطب المعزولة مَصْدرُها الصندوق الخشبيّ.

  • الجدار الشرقيّ للتجويف الرخاميّ [43].

كثيرًا ما أكّد عُمّال الحفريات الأربعة أنّ التجويف كان قد فُتِح في العُصور الوُسطَى من الناحية الشرقية، نَظَرًا لأنه لم يكن هناك تفسير لظهور عملات من العصور الوُسطى بداخله، ولأنّ اللوح الرخامي كان مائلاً من تلك الناحية.

الپْروفِسّورة جاردوتشي درست ذلك الجدار الشرقي ولم تَجد أيّة آثار لفَتْحِهِ المزعوم. أرادت أن يفحص متخصّصون ذلك الأمر؛ وهذا ما أَجْراه المهندس ڤَكِّيني، وعُلماء الآثار خوان بِكَتِّي وأنطونيو جوليانو وفرناندو كَسْتَنْيولي وتيودورو كْراوْسْ، مع الدكتور كُرَّادو فينَنْتْسي، وهو خبير في الحوائط الكلاسيكيّة وخصوصًا في حوائط العصور الوُسْطى بروما. كلّ هؤلاء العلماء السّتّة فحصوا الموضوع وأكّدوا أنَّ التجويف لم يتمّ فتحه أبدًا. بالتالي فإنّ حكاية الفتح هذه هي فقط من نسيج الخيال.

ثلاثة أسباب ذاتُ وزنٍ تمثّل أساسًا لهذا التأكيد:

  • كان لا بدّ أنْ تَبقَى في الجدار الشرقي آثار النَّقر بشاكوشٍ، وتلك لا تُوجَد، بكل وضوح؛ فالحائط تَمَّ تثبيته من الداخل.

  • اللوح الرخاميّ الأَملس كان لا بد أن يكون عليه علامات الطّوب والمَحارة، وهذا أيضًا لا يُوجَد.

  • الطوب طوله 23 سم، أيْ من العصر الكلاسيكي، بينما طوب العُصور الوُسطَى لم يكن أبدًا أقلّ من 27 سم. الحائط إذًا من العصر الكلاسيكي، لا من العصور الوُسطَى.

  • لجنة الخبراء

على كل حال، ولبلوغ تأكيدٍ أكبر في هذا الشأن، تمّ السَّعْي إلى لجنة خبراء لِتُبدي رأيها في حكم الپْروفِسّورة جاردوتشي وفي كل العناصر التي وُضِعَت تحت تصرّف اللجنة.

تكوّنت اللجنة من العلماء التاليين:

  • الپْروفِسّور خوان بِكَتِّي، أستاذ كرسي عِلم الآثار والتاريخ الخاصّ بالفَنّ اليوناني والروماني بجامعة روما.

  • الپْروفِسّور جيانْفيلِبّو كارِتّوني، مدير الحفريات بمنطقة الفورو رومانو والپَلاتينو

    (del Foro Romano y del Palatino).

  • الپْروفِسّور جييِرْمو دي أَنْجِلِسْ دوسات، أستاذ كرسي خصائص الأساليب والبناء للآثار بجامعة روما.

  • الپْروفِسّور فيلِبي ماجي، أستاذ كرسي علم الآثار والتاريخ الخاص بالفنّ اليوناني والروماني بجامعة پيروجْيا، ومدير الدراسات والأبحاث بمدينة الڤاتيكان.

  • الپْروفِسّور ڤِرْخيلْيو پالاديني، أستاذ كرسي اللغات والآداب اللاتينيّة بجامعة باري.

كل هؤلاء الأساتذة، كلُّ واحدٍ على حِدة، فحصوا العناصر المختلفة، وتَقَصّوا، ورأوا الصّور، وفحصوا المكان… إلخ. ثمّ أَجْمَعوا على النتائج.

  • أعداء رُفات القديس بطرس

بالنسبة لخصوم ذخائر القديس بطرس: «لكي لا يُقِرّوا بأنَّ العظام الموجودة بداخل تجويف الصَّرح القسطنطيني هي للقديس بطرس، فإنَّ الدافعَيْن الحَثيثَيْن لهم كانا عادةً:

  • إن عظام بطرس كانت موجودة في زمنٍ ما، لكنها لا تُوجَد الآن بَعد. ولِمَن يسأل عن أينَ استقرَّت، لا يجيبون بشيء أو يكون الجواب لا نعلم.

  • العِظام التي وُجِدَت في تجويف صَرح – أو قبر – القديس بطرس ليست لبطرس بل لآخَر. ولِمَن يسأل عن هويّة ذلك الفرد وعن سبب أنّ قسطنطين، أو أيًّا كان، قد وضع العظام في الصَّرح، يكون الجَواب أنّه رجلٌ مجهولٌ مِنّا لكنْ رفيعُ الشأن دون شكّ؛ وأنَّ قسطنطين أرادَ إظهار الإكرام له ولِذا أمر بإيداع عظامه بداخل الصَّرح المكرَّس للقديس بطرس.

إنهما في الواقع «تفسيران» مستغرَبان: فعظام القديس بطرس تختفي هكذا في العَدَم، بينما المجهول رفيع الشأن يُكْرِمُهُ قسطنطين متيحًا له بأن يستولى على مكان هامة الرسل. ثُمّ إنّ الموضوع يكون في الحقيقة اغتصابًا، بما أنَّ التجويف الوحيد في الصَّرح أو القبر الذي شُيِّدَ خِصّيصًا للقديس بطرس كان يتوقّع وَضعَ القديس بطرس فيه  لا آخرين. لكنْ بالإضافة إلى ذلك، إنْ فكَّرنا مَلِيًّا، حتى ذلك المزعوم رفيع الشأن، الذي قد يكون قسطنطين أراد أن يُكَرِّمَه، لم يَكُنْ لِينال أية ميزة من جَرّاء وضعِهِ عن غير حقّ في تجويف الرسول. فَبِمُجَرَّد وضعِهِ بالداخل يكون قد حُكِم عليه بأنْ يَظَلَّ مجهولَ الاسم إلى الأبد، وذلك لا يمكن أن يمثِّل أيَّ تكريم.

فوق كلّ ذلك، كيف يفسّر المقاومون كونَ العظام الموضوعة في التجويف الرُّخاميّ للجدار «g» تتطابق تمامًا – من حيث النَّوع والسِّنّ والبُنْية الجسمانية مع الصفات التي يُلصقها التقليد بشخص بطرس؟ أو كَوْنَ التربة الملتصِقة بالعظام هي نفس تربة «الحقل P» حيث وُجِدَ – بكلِّ دِقّةٍ – القبرُ الأصلي للرسول؟ وكَوْنَ القبر الأصليّ قد أُفرِغَ بينما التجويف الوحيد في الصّرح – القبر – المكرّس لبطرس كان فيه العظام، وبالذات العظام التي كُنّا نأمل أن نجدها؟

إن المعارضين يَلْزَمون الصمت في كل هذا» [44].

  • تأكيدات يَقينيّة من علم الآثار يَتجاهَلها المعارضون

«إنَّ التَّحَرِّيّات العِلميّة الأَثَريّة قد أثبتت أشياءَ من بينها:

  • إنَّ السِّيْرك كان يمتدّ بطول الناحية الجنوبية من البازيليكا الحالية.

  • من المستحيل أن يُنكَر – بدون إثبات سابق (a priori) – أنَّ الشهيد قد دُفِنَ فعلاً بالقرب من السيرك حيث يحدّد التقليد مكان قبره، أيْ أَسفل المذبح البابوي الحالي. تُسْتَنْتَج تلك الاستحالة من ملاحظتين: أ– لم يكن غريبًا، بالنسبة للرومان القدماء، أن تُبْنَى المدافن إلى جانب مكانٍ لِلَّهو والاستعراض؛ ب– بالقرب من السيرك الڤاتيكاني، وبالتحديد على امتداد الطريق الذي كان يُحازيه من جهة الشَّمال، كانت توجَد فعلاً بعض المدافن في القرن الأوّل، وتُوجَد إلى الآن علامات لتلك المدافن في منطقة البازيليكا الحاليّة.

  • في الجَبّانة التي أخذت تتطوّر خلال القرنين الثاني والثالث بالقرب من منطقة السيرْك والتي تَغَطَّت فيما بعد بالبازيليكا، يمكن تفسير بعض المؤشّرات المسيحية بطريقة أفضل، وسطَ الأجواء الوثنية القوية المُحيطة، في حال نَسَبْنا إلى المؤمنين الأقدمين الاقتناعَ بأنَّ قبر الرسول كان موجودًا بكل تأكيد في المحيط القريب الملاصق لهم.

  • إنَّ اقتناعًا كهذا يُبرّر النَّفقات الباهظة والأعمال الكبيرة التي تمّت ابتداءً من القرن الرابع لأجل إقامة البازيليكا الڤاتيكانيّة في ذلك المكان بالتحديد لا في أيِّ مكانٍ آخر.

  • في الموضع الأكثر قداسةً من البازيليكا، تحت المذبح البابوي، يُوجَد مذبحان سابقان، الواحد فوق الآخَر؛ ونُزولاً أكثرَ إلى الأسفل، يُوجَد الصرح الذي أمر ببنائه الإمبراطور قسطنطين لتكريم القديس بطرس.

  • الصَّرح القُسطنطينيّ يحيط بِضريحٍ صغير («نَصْب» غايوس) يعود تاريخه إلى حَوالي العام 160.

  • ذلك البناء الصغير لا يمكن أن يكون إلاّ النَّصب الخاصّ ببطرس، الذي ذَكَرَهُ غايوس.

  • تحت البناء الصغير ما زالت توجد بقايا حفرةٍ اتّجاهُها يُماثِل اتّجاه غيرها من قبور الدّفن الفقيرة والقديمة جدًّا، التي قد يعود بعضُها حتَّى إلى القرن الأوّل.

  • يُوجد نقشٌ محفورٌ على البناء الصغير، يعود غالبًا إلى القرن الثاني، يؤكِّد أنَّ «بطرس موجودٌ (مدفونٌ) بالداخل».

  • عند أواخر القرن الثالث وأوائل الرابع، تَغَطَّى جدارٌ قريبٌ من البناء الصغير (الجدار «g») بغابة حقيقية من الكتابات المسيحيّة التي، بفضل تكويمِها نفسِهِ ومضمونها العقائدي القيِّم، تشهد بقداسة المكان. هذه الكتابات المنقوشة تحكي لنا بالتفصيل عن أنَّ هذا المكان مكرَّس لبطرس.

إنَّ نُقوش الجدار «g» تُثْبِت أنَّ المؤمنين – حتَّى منذ أواخر القرن الثالث وأوائل الرابع –كانوا يُكرّمون قبر بطرس في الڤاتيكان، مِمَّا يُضعِف النّظرية القائلة بأنَّ رُفات الشهيد كان موجودًا خلال تلك الحقبة في معبد دَياميس (catacumbas – سراديب تحت الأرض) طريق آبْيا (via Apia). لأجل ذلك، فإنَّ التَّعَبُّد عند القبر الرسوليّ بالڤاتيكاني يُمكنه أن يَفتخر باستمراريّة رائعة» [45].

إنَّ الصَّرح القُسطنطينيّ يحتضن الحفرة والحائط الأحمر و «النَّصب» والجدار «g» ورُفات القديس بطرس.

  • خلاصة الدَّلائل التي تُجْمِع على التَّحَقُّق من ذخائر بطرس.

بمُحاذاة كلِّ ما كتبتُهُ لاثبات أنَّ العظام البشرية الموضوعة في التجويف الرخامي للجدار «g» هي حقًّا رُفات بطرس، أَوَدُّ تقديم خلاصة مُتَأَنِّية، مع التحديثات اللازمة – وقد سبق أن نَشَرْتُها – للاثباتات التي تُجْمِع على التحقّق، بل – إذا جاز لي التعبير- تُلْزِم أيَّ شخصٍ عاقلٍ على أن يَقبل بها.

  • الصَّرح الذي أقامه قُسطنطين إكرامًا لبطرس، بين عامَيْ 321 و 326، اعتبرَهُ معاصروه «قبرَ الرسول» (كما يُسمّيه أوزِبيو أُسقف قيصريّة الذي كان يعرف قُسطنطين شخصيًّا).

  • في داخل الصَّرح يوجد تجويفٌ واحد فقط.

  • هذا التجويف تَمَّ حَفْرُهُ في الحائط الذي دعاه الحَفّارون بعد ذلك «الجدار g»، وهو مُبَطَّن من الداخل بألواح رخاميّة منذ عهد قسطنطين.

  • بقي التجويف غير مُتَعَدًّى عليه منذ عهد قسطنطين إلى أن اكتشفه عُمال الحفريّات يوم 13 نوفمبر 1941.

  • من هذا التجويف – وذلك مُؤَكَّد بالمستندات – أُخِذَت العظام التي وُجِدَت عام 1953.

  • تلك العظام هي لذلك نفسُ التي اعتبرها قسطنطين ومعاصروه عظامَ بطرس.

  • تلك العظام، التي وضعت في عهد قسطنطين في التجويف الرخامي للجدار «g»، كانت مُغَلَّفة بقطعة قماشٍ أُرجوانيّ منسوجٍ بالذهب (بعد تحليلها، تَبَيَّن أنَّ البقايا القليلة من ذلك القماش، التي وُجدت بين العظام، هي من الأرجوان الأصليّ الثمين، أيْ الموريسي، وأنَّ الذهب صافٍ ونقيٌّ جدًّا).

  • إنَّ الجودة الكريمة للذهب وللأرجوان تَتّفق مع جودة صخرة الپُرْفيدو التي تُزَيِّن خارجَ الصَّرح المُقام من قسطنطين على شرف بطرس.

  • إنَّ الفحص العلميّ للعظام، من متخصّصي علم الإنسان، (التي تمثّل تقريبًا نصف الهيكل العظميّ) أثبت أنها انتمت لفردٍ واحد نوعُهُ ذكرٌ وعمره بين 60 و 70 عامًا وقويٌّ البُنية، وتتوافق بذلك مع ما نعرفه عن بطرس من زمن استشهاده.

  • التُّربة الملتصقة بالعظام تُبَيِّن أنها جاءت من قبرٍ تُرابيّ، وهذا ما كان عليه القبرُ الأصلي لبطرس بالفعل.

  • الفحص العلمي للمكوِّنات الصخرية لتلك التُّربة يُبَيِّن أنها من رمال الصخور الرمليّة الترسيبيّة (arena marnosa)، أيْ مطابقة لتربة مكان القبر الأصلي، في حين أنَّ الأماكن الأخرى في الڤاتيكان ليس بها إلا الطين الصلصالي الأزرق (arcilla azul) أو الرمل الأصفر (arena amarilla).

  • القبر الترابيّ الأصلي لبطرس، تحت البناء الذي شُيِّدَ في القرن الثاني (سُمِّي بِـ «نَصب غايوس»)، وُجِد مَعبوثًا به، وفارغًا، مِمَّا يتوافق مع إيجاد العظام مغلَّفة بالقماش الثمين المنسوج بالأرجوان وبالذهب بداخل التجويف الوحيد في الصَّرح – أو القبر – المُقام من قسطنطين.

  • في داخل التجويف يُوجَد مخطوط باليونانية منقوش في عهد قسطنطين، مِن قبل أن يُقفَل التجويف نهائيًّا، يُصرِّح: «بطرس موجود (هنا) بالداخل».

  • من المعروف بالتأكيد أنَّ وُجود الجدار «g» في الصَّرح القسطنطينيّ يُبَيّن انحرافًا قدرُهُ 45 م نحو الشَّمال بالنسبة لمِحْوَر البازيليكا الأولى إذا قورن بمحور البناء المشيَّد في القرن الثاني (وهو نفس مِحور بناء بْرامانْتي ومعه القُبَّة والسِّتار – de Bramante, la cúpula y el Baldaquino). ذلك الانحراف نفسُهُ يعطينا فكرة عن الأهميّة التي كان المسيحيون يُوْلونها لمحتوى التجويف الرخاميّ.

  • برهانٌ أخير أضفتُهُ أنا حديثًا – كما سبق أن رأينا – لأجل التَّأكيد على أنَّ العظام التي وُجدت في تجويف الجدار «g» هي في الحقيقة ما تَبَقَّى من ذخائر الرسول، وهو: الفقدان الغريب لِعظام الرِّجلين. هذا الواقع – كما رأينا – له تفسير منطقي واحد مُتعلِّق بالمعلومة المترسِّخة بأنَّ بطرس قد صُلِبَ ورأسُهُ إلى أسفل.

من كل ذلك (أكرِّر)، لا بدّ من استنتاج أنَّ تجويف الجدار «g» هو القبر الثاني والنهائي لبطرس، وأنَّ العِظام التي أودعها قسطنطين فيه، مع التكريم المناسب بالأرُجوان والذهب، هي في الحقيقة رُفات جثمان الرسول» [46].

الصَّرح القُسطنطيني يحتضن الحفرة والحائط الأحمر و«النَّصب» والجدار «g» وذخائر القديس بطرس.

  • مذبح البابا القديس غُريغوريوس الكبير (590 – 604)

إنه مذبح شُيِّدَ فوق سطح صَرح قُسطنطين. لقد تغطَّى، أو احتُوِيَ فيما بعد بداخل مذبح كالِسْتو الثاني. وهو يَحتضن الأَبنية السابقة.

  • مذبح البابا كالِسْتو الثاني (1119 – 1124)

لَقَد «حُشِرَ» [47] بداخل مذبح القديس غُريغوريوس الكبير، بطريقة العِلَب الصينية أو العرائس المتداخلة الروسية (matriuskas). كان لهذا المذبح، من جهتِهِ الغربية، صليبٌ رُخاميٌّ أصفر قديم.

  • مذبح البابا أَكْلِمَنْدوس الثامن (1592 – 1605)

إنه المذبح البابوي للبازيليكا المُعاصِرة، وهو يَعلو مذبح كالِسْتو الثاني من على مستوى البازيليكا بارتفاع 7 درجات من رُخامٍ خاصّ (mármol imetto) تقود إلى مستوى المذبح الحالي.

  • المذبح البابوي

يُوجَد المذبح البابوي بالتحديد تحت مِصباح  القُبّة (linterna de la cúpula) وفي نفس اتّجاه مِحْوَر القبر الموجود عند المستوى المنخفض إلى أسفل – أيْ قبر القديس بطرس -، وفوق المذبح الذي كان كالِسْتو الثاني قد أقامه عام 1123. ذلك الموضع أراده أكْلِمَنْضوس الثامن لَدَى الانتهاء من أعمال بناء المغارات الجديدة (las Nuevas Grutas)، ما إنْ تَمَّ تبليط البازيليكا. إنَّ المذبح البابوي – سُمِّيَ هكذا لأن البابا فقط يُمكنه أن يحتفل بالليتورجيا عليه، أو الشخص المَنوب منه – ارتفاعه 1,22 م ومائدته مكوّنة من حجر واحد من الرخام الأبيض وطولها 4,35 م وعمقُها متران. جوانبه وزخارفُهُ البارزة مغطّاة بمادة ذات أشكال طاووسيّة (pavonazzetto). يبرُز من المذبح ثلاثة مستطيلات من جهة الجانبين الرئيسيَّيْن ومستطيل واحد من الجانبين الآخَرَيْن. المستطيلات مكبوسة من أسفل بعواميد مِغزليّة الشّكل، ومُزَخْرَفة من أعلى بالنَّجم ذي الثماني زوايا من معدنٍ مُذَهَّب، وهو الشِّعار الرمزيّ لأَكْلِمَنْضوس الثامن. على الوجه المركزي للجانب المواجه للعَرش (غربًا)، هناك صليبٌ مُثَبَّتٌ من مادّة الأصفر القديم [48]، مثل مذبح كالِسْتو الثاني.

في العمق، 3 رخامات عليها كتابات:

  • إلى جهة اليَسار، أَحْيا البابا بولس الخامس (1603 – 1621) ذِكرَى امتداد الهيكل، واستُخدِمت الكلمة «Extruxit» كعلامة للمناسَبة.

  • إلى اليمين، ذِكرى لمناسبة تكريس البازيليكا من قِبَل البابا أُرْبانوس الثامن، يوم 18 من نوفمبر عام 1626، بكلمة «Consagravit».

  • في الوَسَط، انتهى البابا إِنوسِنْسيو العاشر (1644 – 1625) من زخرفة البازيليكا، مشيرًا إلى المناسَبة بكلمة «Terminavit».

الكتابة المحفورة على رأس العواميد تشير إلى تاريخ تكريس المذبح من الحبر الأعظم أَلْدوبْرانْديني (أَكْلِمَنْضوس الثامن)، الذي مسح المذبح بسِتَّ قاروراتٍ من الزيت:

«كرّسه البابا أَكْلِمَنْضوسْ الثامن بالطقوس الجَليلة يوم 26 يونيو/ حُزَيْران عام 1594،
الثالث من حَبْرِيَّته»

 

وبعد ذلك بثلاثة أيام، في الاحتفال بعيد القديسين بطرس وبولس، احتفل أَكْلمَنْضوس الثامن بأوّل قدّاسٍ احتفالي [49].

تمَّ تَخطيط المذبح تحت إدارة جياكومو ديلاّ پورتا. ورغبةً من البابا تَقَرَّر ترك المذبح القديم – الذي لكالِسْتو الثاني – ضمن أساس المذبح الجديد، عِلْمًا بأنَّ القديم كان يحتوي «مذبحًا أقدم منه كان يظهر عليه ختم التجويف الحاوي للذخائر. لذا قرّر مجمع الطّقوس المقدّس بأنه ليس من الضروري إِرساء ذخائر أخرى هنا للتكريس الجديد». بعض المتخصّصين الآخرين فسّروا ذلك القرار مُذَكِّرين كيف كان كافيًا جعلُ المذبح فوق أقدس مكان في البازيليكا بما أنه يوجد لا فقط جسد القديس بطرس بل أيضًا أجساد قديسين آخرين كثيرين. توجد وثيقة تحدِّد أنه في المذبح الرئيسي: «لم تُوضَع ذخائر أخرى توقيرًا لأجساد الرسل». الدرجات السَّبْعةُ التي من الرخام اليوناني الخاصّ – رخام «إِمِتُّو» [50] (marmol hymettium) ولونه رصاصيّ مع زَراقٍ – والتي تقوم عليها قاعدة المذبح، قد طلبها أُرْبانوس الثامن عندما قرّر تَشْييد سِتار برنيني.

المواد النفسية التي استُخدِمت للمذبح كان «معظمها مأخوذًا من معبد مينِرْڤا أو نِرْڤا في «المنخفَض المتوسِّط» (Foro Transitorio) بالقرب من «برج النّبلاء» (Torre dei Conti) على بُعد أمتارٍ من «القديسة مريم عند الجبال» (Santa Maria ai Monti). إنَّ جسم المذبح عبارة عن كُتلةٍ رائعةٍ من رخام پاريو الأبيض (من جزيرة پاروس اليونانية) [51]، بينما رخام المائدة جاء – حَسَبَ جْريمالدي – من عامود واجهة معبد نِرڤا نفسِهِ الذي كان قد تمّ اكتشافه قبل ذلك بقليل. ذلك العامود قد رفعه إلى القديس بطرس كْرستوفانو الذي من كَرّارة يوم 19 مارس/آذار عام 1593، وتمَّت تَسويتُه على يَد أُراتْسيو كايلي في نفس السنة. نُقل المذبح أمام ذهول وابتهاج وتصفيق الناس مارًّا – كما يبدو – من «طريق سِتّيمينيا» (Via Settiminia) حتى وصل إلى «دار صناعة القديس بطرس» (Fabrica de San Pedro).

من مائدة المذبح البابوي وحوالي 7 أمتار إلى أسفل، يُوجَد القبر الأوّل الذي دُفن فيه القديس بطرس، ومعه التجويف الرخاميّ إلى حيث نُقِل في القرن الرابع وحيث يبقى حتى يومنا هذا.

  • «الاعتراف» (La Confesión)

عند التقاء القطاعين الطولي والعرضي مع الصحن المركزي للبازيليكا، ينفتح ما يُسَمّى بـ «اعتراف القديس بطرس»، كتَذكارٍ لتقديم الرسول حياتَهُ اعترافًا بالإيمان بيسوع المسيح. إنه عبارة عن كنيسة صغيرة مفتوحة مزخرَفة بأنواع فاخرة وثمينة من الرّخام. اللّذان أعادا العمل على زخرفة «الاعتراف» هما البابا أَكْلِمنضوس الثامن – إپّوليتو أَلْدوبْرانديني – والبابا بولس الخامس – كامِلّو بُرْغيزي – ، فأَتَمّا ذلك بشكلٍ بديع. هذا الحَيِّز حدودهُ عند الأركان هي العواميد الأربعة التي تحمل القُبّة. «الاعتراف» هو مساحة نصف دائرية تُوجَد إلى أسفل على مستوى «المغارات» (las Grutas) – أيْ مستوى أرضيّة البازيليكا القُسطنطينية – على مَقرُبة من قبر هامّة الرُّسل. إنها من بين المساحات الأفخم زَخرفةً في البازيليكا، ويُنزل إليها بسُلَّمٍ مزدوَجٍ. إنها عند مركز الملتقى وتُمَثِّل نقطة الارتكاز fulcro)[52]) التَّعليمي واللاهوتي لكل البازيليكا.

إنّ حدود «الاعتراف»، على مستوى أرضية البازيليكا، هي عند دَرابْزين يَخترق العواميد السابقة التي لسِتار بِرْنيني، وينقطع في الناحية المقابلة حيث يتوقّف عند بوابة بْربْرونْزيّة مذهَّبة. الدًّرابْزين هو من الرخام الأبيض عند قاعدته وعند قمّته، ويجري فيه شريط زخرفيّ لونه أخضر. يعترضه 74 عامودًا من رخام البْروكّاتِلّو (brocatello – رخام ثمين أبيض من سِيِينا به عُروق حجرية سوداء وبَنَفْسِجِيّة وذهبيّة)، ويتداخل فيما بينها 24 عامودًا صغيرًا الواحد منها من المَرْمَرْ الشرقي يليه آخر من الرخام الأبيض ثم الأسود. الدَّرابزين نفسُهُ يَجري بمُحاذاة الدَّرَج المُزدوَج المؤدّي إلى «الاعتراف»، وهو مُزَيَّن بمصابيح مُثَبَّتة على أشكال قُرونٍ [53] برونزيّة مُذَهَّبة وعليها فوانيس. عند ناحية الدّرابْزين التي على مستوى أرضية البازيليكا، يُوجد 21 قرنًا من هذه إلى جهة الجنوب ومثلُها إلى الشَّمال، و32 إلى الغرب. اثنا عشر قرنًا آخر تُزَيَّن جزءَ الدَّرابزين المصاحبِ للدَّرج المزدوَج المُنْحَدِر إلى أسفل. مجموعها إذًا هو 86 من هذه القرون الزخرفية التي تُضيء على الدّوام للقديس بطرس الموجود في قبره (منذ 1983، ولكي يُجْعَل حَيِّز الكهنة (presbiterio) أوسع إلى الأمام، تمَّ الإبقاء على 46 منها فقط).

عند نهاية الدَّرابزين المنحدِر، هناك عامودان من المرمر الذي من أُرتي (Orte)، قاعدتاهما وتاجاهما من معدنٍ ذهبيّ، ويعلوهما تمثالان صغيران للقديسين بطرس وبولس من البرونز المذهَّب. أرضية «الاعتراف» مزيَّنة برُخامٍ ثمينٍ مُطَعَّم.

الجدار الذي في المواجهة، بعد نزول الدّرَج المزدوج، مزخرَف بمستطيلات من الرخام الجميل متوزّعةً أفقيًّا أو عاموديًّا. عند الطرفين الجانبيّين، وعلى المكان المُخَصَّص عند كل جانب، يُوجد تمثال للقديس بطرس وآخر لبولس. إلى الوسط، بالقرب من كل تمثال، يَقف عامودان من المرمر من نوع كوتونينو cotognino)[54]) به زَخارف رخامية (على جانب مِمَّا يُسَمّى بتجويف الوشاحات – Nicho de los Palios –  أي التجويف الثاني في نَصْب غايوس). ذلك التجويف مغلقٌ ببوّابة صغيرة فَخْمة من البرونز المُذَهَّب، وفوقها نقشٌ مكتوبٌ بارزٌ يحيط به ملاكٌ من الرّخام الأبيض، يقول:

«الاعتراف المقدَّس للطوباوي بطرس. زَيَّنَهُ البابا بولس الخامس خادمُهُ في سنة الربّ 1615،
السنة الحاديةَ عَشْرَةَ لِحَبْرِيّته».

هذا الجدار بفصل بين «الاعتراف» وبين الكنيسة الكْليمانتينيّة، وكانا من قَبل متَّصلَيْن، ولذلك صارت كلمة «الاعتراف» تُستخدَم غالبًا لِتُشير إلى كنيسة أَكْلِمَنْضوس الثامن أو إلى «الاعتراف» الذي يعود إلى بولس الخامس.

  • ما يسمَّى بِـ «تجويف الوِشاحات» (Nicho de los Palios)

ارتفاع هذا التجويف 1,50 م وعرضه 0,87 م وعمقه 1,25 م، وهو مزيَّنٌ بثلاثِ لوحات فُسْيَفُسائية (mosaicos). على جدار المواجَهة يتمثّل المسيح ضابط الكلّ (Cristo Pantocrator- أو نيمبادو Nimbado) الذي يحمل في يده اليُسرى الإنجيل المفتوح حيث مكتوبٌ: «أنا الحَقّ والحياة، من آمن بي فسيحيا» (يوحنا 14/6  و 11/25). على الجدارين الجانبين صورتا القديس بطرس والقديس بولس. الصور الأصلية تعود للقرن التاسع ووُضعت هنا من ليون الثالث، وقد تَرَمَّمت عدّة مرّات. على المستوى الأفقي يوجد حَيّز مغلَق، من البْرونز، به الفراغ المتّصل مباشرةً بمدفن القديس بطرس، وقد وضعه إِنُسِنْسْيو العاشر – خوان فامْفيلي –؛ عرضُ جانبيه من الشرق إلى الغرب 0,70 م، وعرض جانبيه من الجنوب إلى الشمال 1,12 م. هذا الفَراغ به، في إطاره المركزيّ، صليبٌ بِأشِعَّةٍ. هذا الصليب أخذ مكان صليبٍ سابق من الرّصاص كان الإسكندر الثالث – رولاندو بَلْدِنِلِّي – قد وضعه هناك، وهذا نفسه كان بديلاً لشبكة من الأسلاك الذهبية كان قد وضعها بِنِدِكْتوس الثالث. إلى الجانب الأيمن الأعلى من الصليب المُشِعّ يوجد شُبّاك صغير يُمكن فتحُهُ يُشير إلى سبب وجود ذلك الفراغ: إتاحة الاتّصال بالقبر الأوّل للقديس بطرس. عَبْرَ ذلك الشّبّاك الصغير كانوا يُمَرِّرون قِطَعَ قماشٍ – كانت طويلة عمومًا، وضَيِّقة مثل شريطٍ مِمَّا أدَّى إلى تَسْمِيَتها بـ «أحْزِمة» (brandeas) – فكانت تلك القطع القماشية تتحول إلى ذخائر بالتَّلامُس.

في داخل تجويف الوشاحات توجد شبكة سلكية من البرونز، طولها متران وارتفاعها 43 سم وعمقها 45 سم، بها 38 سيخًا عاموديًّا مستطيلاً وسيخٌ عَرضيٌّ واحدٌ يَقسِمها إلى جزأين متساويَيْن تمامًا. خلف الشبكة البرونزية يُمكن رؤية قطع من النّحاس المذهّب موضوعة على مائدة خشبية يُوجَد عليها، ناحيةَ اليمين من قَوْسِ التجويف، عامودان صغيران من النحاس المَطْلي بطريقة «شانْلوڤي» [55](champlevé)، ارتفاعهما 19 سم والمسافة بينهما 13 سم؛ وها مُزَيَّنان، فوق المساحات المَطليّة، بزهرة نخليّة الشكل عند التاج والقاعدة، وعلى الجذع بمجموعة فنّيّة من النخيل ذي ثلاثة فروع نَجِدُهُ أيضًا يُزيِّن الجزء العُلُوِيّ الأفُقُيّ. تلك القِطع النَّحاسية مثَبَّتة بمسامير مُبَرْشَمة. هذه الطريقة من الفَنّ الزَّخرَفيّ تمَّ تحليلها بدقّة والتَّعرّف على أنها من طِراز منطقة ليموج (Limoges). ذلك العمل، الذي يختلف كثيرًا عَمَّا بقي منه حاليًا ويبدو أنه كان قَبْلاً نوعًا من المِظَلّة (paliotto o antependium) لمذبحٍ، قدَّمه إِنوسِنْسْيو الثالث- واسمُه لوتاريو وكان من نُبَلاء سينْيي- كما يَتَّضِح من الكتابة المحفورة على الجزء العُلويّ على سطرٍ واحد:

«هكذا سيجلس المسيح، مع ستّة من تلاميذه إلى كلِّ جانبٍ، عندما سيعطي كلَّ الشعوب ما يكون قد استحقّه كلُّ واحدٍ + إِنوسِنْسْيو الثالث يقدّم هذا من أجل أنْ يكون رفيقًا لك في الحياة (الأبدية)،

 أَيا بطرس الإِسرائيلي!» [56].

 

  • سِتار برنيني – El Baldaqumo de Bernini [57](1633)

هذا هو أكبر عملٍ معروفٍ من البرونْز. يُظهر شكل مِظَلّة أو غَطاء مُتنقِّل يحمي المذبح البابوي ورفات بطرس. السِّتار ارتفاعه 29 مترًا. يتكوّن من 4 عواميد حَلَزونيّة الشكل – تسمَّى سليمانيّة – من البرونز الأسود والذهبيّ، ترتكز على قواعد رُخامِيّة مزخرفة بالشِّعار البابويّ ومعه فروعٌ مثلُ أَنْصال السُّيوف وأطفالٌ صِغارٌ يُطاردون النَّحْل، وهذا رمزٌ لآل برْبِريني (Barberini). هذا الصَّرح كلُّه يوحي بإحساسٍ يُشْبِه التَّعليق في الفَضاء (ingravidez)، غالبًا بسبب العواميد برشاقِتها وفخامتها. وزنُهُ 93 طِنًّا، منها 62 طِنًّا من المعدن، أمَّا الداخل فهو من الأسمنت المُقَوّى [58]. وهو يُتيح رؤية مذبح العرش (Altar de la catedra) الذي هو عبارة عن إلهام عَبْقريّ.

فوق تيجان العواميد يوجد مُسَطّحٌ، وتحت المسطَّح يُوْجَد السّتار بحدِّ ذاته. يَعلو العواميد 4 ملائكة كِبار الحَجم، ويتوسَّطُهم 4 أزواجٍ من الملائكة الصِّغار الذين يحملون مفاتيح وتاج القديس بطرس وأيضًا سيف وكتاب القديس بولس. في سماء السِّتار تعلو حمامة الروح القدس شمسًا تُصْدِرُ أشعّة وَهّاجة، وعند القمّة كُرَةٌ بها الصّليب.

السِّتار يحتضن كلَّ ما سبق.

  • قبة ميجِلْ أَنْخِلو

إنها من أعظم ما أضافه ميجِلْ أَنْخِلْ بُووناروتِّي للبازيليكا على ارتفاعها 137 م. عند القمة من الأَرضيّة (147 م. من ساحة القديس بطرس)، ووزنُها، كما حَسَبَهُ رياضيّون أوربّيّون مشهورون عام 1741، 15208837 كجم. في الواقع تُوجَد قُبّـتان: الأولى داخليّة، وهي نصف كُرَوِيّة، والأخرى مُمتَدّة إلى أعلى، ممّا يُعطيها انطباعًا من التحليقِ في الفضاء؛ وتُشْبِه تاجًا ضخمًا للمَلكوت الروحي القائم على قبر وعظام هامّة الرّسل.

  • القُبّة الدّاخليّة

القُطر الداخلي للقبّة مِقْدارُهُ 42,56 م؛ وارتفاعها 119,88 م إلى قاعدة قُبّة الفانوس في الأعلى

  • الخُصْلات (رؤوس الأركان – penachos)

الخُصْلات [59] الأربع عرضُها 8.5 م وهي مزيَّنة بصور فُسَيْفُسائيّة للإنجيليين الأربعة: القديس متى في الناحية الجنوبية الغربية، ومرقس في الشَّمالية الغربية (ريشة الوَزَّة قِياسُها 1.85 م)، ولوقا في الجنوبية الشرقية، ويوحنّا في الشمالية الشرقية.

  • الكتابة

على شريط عرضُهُ متران، وبخلفيّة ذهبيّة وحُروفٍ زرقاء بالشّكل الكبير(mayusculas) ارتفاعُها 1,40 م، مكتوبٌ باللاتينيّة: «أنتَ بطرس وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي، وأبواب الجحيم لَنْ تَقْوَى عليها» (متى 16/18). وتعلو هذا الشريط أول دائرة زخرفيّة عند قاعدة حَلْقة القبة، على ارتفاع 53 م من الأرضيّة.

  • الحَلْقة (el tambor)

الجزء الأعلى من الخُصلات مُزَيَّنٌ بملائكة جالسين على ضفائر من الورد ولهم رؤوس أطفال، ويحملون مناديل على أعناقهم وشعار سِكْسْتوس الخامس. الحلقة تَستند إلى أعلى الخصلات.

ستّة عشَر شُبّاك تَعلوها تيجان تتناوب بين شكل العتبة الواحدة وشكل القنطرة، وتفصل بينها عواميد مستطيلة الشكل ومزدوجة.

  • الجِدار المقعَّر (ático)

بعد نهاية الحَلْقة تبدأ الدائرة المزخرَفة الثانية التي تتكوَّن من قسم به أشكال هندسية وضفائر والشِّعار المميَّز للنَّجم ذي الثماني أركان.

  • الطّاقِيَّة (casquete)

عليها ستّة عشر قسمًا طوليًّا مرتفعًا بمظهر مسماريّ، وفي إطارها أماكن الفُسيفساء. كلُّ قسمٍ منها ينقسم إلى أجزاء يَتصاغر حجمها مع الارتفاع إلى أعلى تَقْعيرة الطاقيّة، وبداخله 6 صُفوف أَحاديّة المَرْكَز بها وجوه أشخاص، بمجموعة 96 وجهًا:

  • الصَّفّ الأوّل، بعد حلقة القبّة إلى فوق، يتكوّن من أُطُرٍ مُزَيَّنة بصور نِصْفِيّة «للآباء» و«الأساقفة» المحفوظُ رُفاتُهم في البازيليكا. بين كلَّ إطارٍ والتَّالي رأسٌ ذهبيّةٌ لأسَدٍ.

  • الصّف الثاني، يتكوّن، ابتداءً من الجهة الغربية، بصورة يسوع المسيح تليها دائريًّا صور العذراء فالقديس يوحنَّا المعمدان فالرُّسل، بالأجسام الكاملة وكلٌّ برموزه التقليدية.

  • الصّف الثالث يَحتلُّهُ 16 ملاكًا. الملائكة الثلاثة الذين في الوسط – ناحيةَ الغرب – يحملون أدوات الآلام: إكليل الشوك فوق رأس المسيح، والصليب فوق مريم، وعامود الجَلْد فوق القديس يوحنا المعمدان.

  • الصَّف الرابع يَشغَلُهُ كروبيم يَنظرون إلى الرسول – إلى أسفل – أو إلى الخالق (إلى أعلى عند سقف فانوس القبة).

  • الصّف الخامس: هذه الدائرة تتكوّن من ملائكة راكعين يَضُمّون أيديَهم ابتهالاً.

  • الصّف الأخير – إلى أعلى تُجاه المركز – فيه ساروفيم على شكل رؤوسٍ ذهبيّة بأجنحة بيضاء.

عند القمة الداخلية للقبّة، أعلى الدائرة العُليا، يوجد 32 نجمًا ذهبيًّا بخلفية زرقاء، ترمز إلى السماء، وعند قاعدة الفانوس المُنير توجد الكتابة التالية باللاتينيّة: «مجدًا للقديس بطرس، البابا سِكْسْتوسْ الخامس، عام 1590، الخامس لحبريّته»، التي تُكَرِّم البابا الذي أكمل القُبّة، وقد أمر بكتابتها البابا أكْليمَنضوس الثامن كذِكرَى لِسِكْسْتوس الخامس.

  • الفانوس العُلوي (linterna)

قياس الفانوس 17 مترًا وبه: ثلاثُ دوائر تعلو كلٌّ منها الأخرى، وسقفٌ:

– أولاً: هناك 16 نافذة «عمياء» بِبَراويز من الرخام الأبيض، تحيط بها فسيفساء ذهبيّة.

– ثانيًا: 16 فسيفساءً مستطيلةً، بوضعٍ عاموديّ، لونها أزرق وأصفر، تُمَثّل بالتناوب شمعدانًا ثم صليب القديس أندراوس، ومعهما عدد كبير من النّجوم الصفراء ذوات الثماني أركان، وهي الشعار المميَّز للبابا أكْلِمَنْضوسْ الثامن.

– ثالثًا: 16 نافذةً بالزجاج الشّفّاف، مغطاةً جزئيًّا بالرخام الأبيض، ومنها يدخل فَيْضٌ من النور.

– رابعًا: عند سقف الفانوس العُلْوِيّ، صورة الله الآب الخالق باسِطًا يده على وضع إعطاء البركة، محاطًا بالغيوم وبثماني سِرافيم.

  • القبة الخارجيّة

القُطْر الخارجي للقبة مِقدارُهُ 58,90 م؛ وإنْ حَسَبنا الصليب الذي يعلو القِمّة، يكون الارتفاع الكلّيّ 137 م.

  • الحَلْقة (tambor)

من على الشُّرفة الخارجية يمكن الإحساس بطريقة ارتفاع الحلقة، مع الجزء السُّفليّ الدائري الساند للقبة الذي له 32 عامودًا تتناوب مع 16 نافذةً لها تيجان خاصّة.

  • الجِدار المقعَّر (atico)

يَستند إلى الحلقة، وهو مزَّينٌ بضفائر من الورد و16 رأسًا لأُسودٍ زائِرة.

  • الطاقِيّة (casquete)

على الجدار المُقَعَّر تستند الطاقِيّة المزدوَجة. إنها تنقسم إلى 16 شريحة منحنية نحو المِحوَر إلى أَعْلَى – أيْ شُطور – تُضْفي إلى الطاقِيّة مظهرًا رقيقًا خاصًّا. كلُّ شَطْر له 3 منافذ للضوء مختلفة الأحجام تساعد على ملاحظة سهلة لخطّ الانحناء إلى أعلى. العدد الكُلّيّ هو 48 منفذًا.

  • الفانوس العلوي (linterna)

«إنه مِثلُ قُبّةٍ كبيرةٍ ثانية، لكنْ مُصَغَّرة» [60]. عند انتهاء الشُّطور يبدأ الفانوس الذي ارتفاعه 17 مترًا وله جزآن:

  • الرَّفّ (las repisas):

هنا تُوجَد شُرْفة دائرية كبيرة، يَزورها كثيرون من الحُجّاج، وتَحْمِل 16 قَواطعَ مع 32 عامودًا.

  • القمة العُليا (cupside)

يُحيط بها 16 شمعدانًا مزيَّنًا بزخرفات.

  • الكرة (globo)

إلى أعلى القمة تُوجد كرةُ البْرونْزْ، وارتفاعها 126 مترًا من أرضية البازيليكا. قُطرُها 2,50 م (يوجد عليها سُلَّمٌ يؤدّي إلى الصَّليب فوقها)، ويعلوها صليبٌ طوله 5 أمتار وارتفاعُهُ 137 م من الأرضية (وهو نفسه يَعلوه واقٍ من الصواعق).

  • في الوسط (أيْ بين جِسْمَي القبّـتين الداخلية والخارجية)

لأجل الصعود إلى الشُّرفة الدّائريّة الأولى للفانوس، يجب استخدام مجموع 537 درجة سُلَّمِيّة. يمكن توفير المجهود بتفادي الـ 145 درجة الموصِّلة للشُّرفة الكبرى للحلقة الخارجيّة، وذلك باستعمال المِصْعَد الكهربائي. وبعد ذلك لدينا الآتي:

  • الصّعود إلى القبة من شرفة الحلقة الخارجية.

  • باب المَنْفَذ.

  • مَمْشَى الحَلْقة.

  • الدخول إلى داخل البُروز الدائري الأوّل. يسارًا نواصل الصعود.

  • الرؤية الداخلية للحلقة.

  • مواصلة الصعود بدءًا من مداخل البُروز الأوّل.

  • بداية السُّلَّم الحلزونيّ للحلقة.

  • و (9) و(10) بُلوغ البُروز الدائري الثاني عند آخر سُلَّم الحلقة الحلزونيّ.

(11) السُّلَّم الحلزونيّ الذي بعد البُروز الدائري الثاني.

(12) استراحة من السُّلَّم الحلزوني، ثم بدء السّلّم الذي بين الطّاقِيَّـتَيْن (الداخلية والخارجية).

(13 و 14) السّلّم الذي بين الطاقيّتين.

(15) المَمَرّ الدائري بين الطاقيّتين، المُؤَدّي إلى السّلَم المعدنيّ.

(16 و17 و18) السّلّم المعدنيّ بين الطّاقيّتين.

(19) المَمَرّ الدائري الواقع خلف «مقصورة الخالق».

(20) بدء السّلّم الحَلَزونيّ حتّى الشرفة الأولى لفانوس القبّة.

(21) شرفة الفانوس.

(22) بدء السّلّم الحلزوني الصاعد إلى داخل القمّة العُليا.

(23) السّلّم الحلزونيّ الصاعد إلى القمّة العُليا.

(24) نهاية السّلّم الحلزونيّ وبدء سلّم قاعدة القمة العُليا.

(25) السّلّم المؤدّي إِلى قاعدة القمة العُليا.

(26) استراحة على قبة الفانوس.

(27) السّلّم الحلزونيّ عند القمّة العُليا.

(28) سُلّم الدَّرَجات عند ذروة القمة العُليا.

(29 و 30) الدخول إلى داخل الكرة.

(31) قبّةُ الكرة وداخلُها.

إن أشعّة الشمس تَجعل من القُبّة جميلة بطريقة فريدة، تَبعًا لأوقات النهار المختلفة؛ فإنها تظهر حمراء عند الشفق، وباللون الأزرق اللبنيّ عند الفجر، فضّيّة عند المساء، باللون الأحمر الأُرْجُوانيّ عند الغروب.

إنَّ القبة تُتَوّجُ «المُحْتَضَنات السابقة».

  • السماء

إنَّ خطّ امتداد النَّظَر إلى القبّة يُشير إلى السماء الفَلَكِيّة، وهذه تمثِّل الواقع السّماويّ الذى حارسُهُ هو القديس بطرس.

ثالثا – خاتمة

عودة استرجاعية (un feed-back)

الآن يُمكننا إجراء عودة استرجاعية (feed-back – تغذية من جديد). لِنَعُدْ نُزولاً إلى الماضي[61].

من عند «حارس السماء» نستطيع أن نَنزِل إلى قبّة ميجِلْ أَنْخِلْ، ومنها إلى سِتار برنيني، ثم تحته نَجد مذبح أَكْلِمَنْضوسْ الثامن – أيْ المذبح البابوي الحالي –. وإذا نزلنا أكثر نجد تحته مذبحًا آخَرَ هو مذبح كالِكْسْتو الثاني (1119 – 1124). لكنْ تحت هذا أيضًا يوجد آخَرُ أمَرَ ببنائِهِ القديس غُريغوريوس الكبير (590 – 604). ونزولاً بعد هذا نَجد صَرْحًا مستطيلَ الشكل مُغَطًّى برخام أبيض وبحجرٍ من صخور رخامية حمراء (porfidos rojos). هذا هو الصَّرح الذي كَرَّسَه قسطنطين لِيُهْديه للرسول بطرس في المكان الذي يُعتبَر – بحسب التقليد – مَوضِع قبرِهِ المجيد. من المُؤَكَّد أنّ هذا الصرح قد شُيِّد قبل السّلام الممنوح للكنيسة عام 313، و أنه من المُحتمَل كثيرًا أنه قد سَبَقَ الزمن الذي شرع فيه الأمبراطور في أعمال بناء البازيليكا (حتى 322). يبدو أنّ ذلك استنتاجٌ من ملحوظة قالها أوزبيو أُسقف القيصرية، وقد علّقنا عليها في ما سبق. والصَّرْح القُسطنطيني المُكَرِّم للقديس بطرس احتوى – أو بطريقة تصويرية حَشَرَ – فيما بين جُدرانه الرخامية أَبْنِيَةً أخرى أقدم منه: حائط النُّقوش، الجدار الأحمر، وبناء صغير به حفرة هو «نَصْب غايوس». تلك الحفرة هي موضع القبر الأوّل حيث دُفن القديس بطرس.

* * * * * * *

كلُّ شيءٍ في بازيليكا القديس بطرس يَحمِلنا – كَمَن يقودُنا مِن يَدِنا – إلى قبر ورُفات القديس بطرس.

فلنتعلّم منه الأمانة إلى حَدِّ إهراق الدَّم، ومعها الإيمان الجريء والمحبّة المُتَّقِدة.

لَعَلَّنا نَبني «الكنيسة» دائمًا على الصخرة الوحيدة التي أراد مؤسِّسها بناءَها عليها: إنها بطرس وخُلَفاؤُهُ!

إن كان التعبير التّالي يَصْلُح لمُحَرِّر ثلاثةِ بلادٍ، فكَمْ بالأكثر يَصْلُح لهامة الرّسل!:

«فَلْيَدْعُنا قَبْرُهُ بينما عالَم الناس لا يزال فيه أيّام.

وَ لْيَشْتَعِلْ حتى المنتهَى حَريقٌ من تحتِ صَمْتِ رُفاتِهِ الأبَوِيّ» [62].

1- هذا عامودٌ مَخروطيّ الشكل، يُشبه الحوائط التي كانت توضع عند طرف الحائط الوسطيّ في السيرك.

2- كان هرميّ الشكل ومُغَطًّى برخامٍ أبيض أَمْلَس. كان الرومان في العصور الوُسطى يعتقدون أنه قبر رومولو. كان مَقامُهُ في وسط المساحة التي فيها الآن مبني الـ Auditorium في شارع الـ Conciliazione (أوّل تقسيم أرضٍ على يمين بداية الشارع، قُربَ ضريح أَدْريانو)

3- هذا كان مشغولاً بعناية أكبر، ومبنيٌّ كلّه بحجر الـ travertino المسمَّى تِرِبنتُس (أو تِرْبِنْتينوم نيرونِسْ) لأنه شُيِّد بحجر من منطقة تيفولي هو «ترافِرْتينو» (اسمه العلميّ – lapis Tiburtinus)

4-  كلمة دفن في الأسبانية: inhumación، من اللاتينية: in = في و humus = الأرض.

5- ediculo، من اللاتينية aediculum = بناء صغير. و templete: شكل هيكلٍ يَصلُح كبيت للقربان أو كحاوٍ لِذخائر مقدسة … إلخ.

6- «Ex pr(aedis) Aurelii Caes (aris) et Faustin (ae) Aug» = «مِلْكٌ لماركو أَوْرِلْيو و فاوستينا أَوغُستا».

7- nicho: من الإيطالية القديمة: تجويف في سُمْك الحائط لأجل وضع تمثال أو جَرَّة أو غيرهما، مثلما تُبنَى المقابر بتجويفات لوضع الجَثامين.

8- جسمٌ صَلْبٌ قليل الكثافة، أَوْجُهُهُ المتقابلة الرئيسية متوازية وغالبًا مستطيلة؛ أو حجر لغطاء القبر.

9- أوزِبْيو، التاريخ الكنسيّ 2، 25، 5 – 7: الآباء اليونانيون 20، 208.

10- راجع م. جاردوتشي، استعادة وجود بطرس. الاستشهاد – القبر – النَّخائر (فيرونا 1969) 50. [أبرزناه بالأَسود الثقيل].

11- سنتعرّض فيما بعد إلى الحائط «g»، أو حائط المخطوطات.

12- راجع جاردوتْشي، استعادة وجود بطرس، 56 – 58.

13- بالأسبانية: «Pedro, ruega / por los santos / hombres / cristianos / sepultados junto a tu cuerpo».

14- راجع جاردوتْشي، استعادة وجود بطرس، 58 – 59.

15- Frigia: هي في مدينة دوسيميو (Docemio) القديمة التي أسّسها القائد العام المقدونيّ دوسيمو في حوالي 310 ق. م بالقرب من نهر دوريو. اسمها الحالي أَفْيونْكَرا هيسار (Afyonkarahisar) بتركيا.

16- هي صخور جيرية من ذوات المُرَكَّب الواحد، تَتكوّن من أجزاء رخامية بيضاء، بها عروق مُبَيَّتة غامقة جدًّا. في مجلة «30 يومًا» (30 Dias)، في عامها 26، رقم 10 – 2008 ص 57، نجد إلى جانب «باوْناتْزيتو» كلمة أسبانية هي «بروكاتِلْ» (brocatel) وهي صخور بها بُقَع وعروق متعددة الألوان. لكن في الإيطالية تعني شيئًا مختلفًا.

17- مشتقّة من (pavone, paone) أي طاووس: بسبب لونٍ من ألوان ذيل الطاووس الحقيقيّ، هو البَنَفْسَجيّ الغامق جدًّا.

18- راجو هوراسيو، الكتاب 3، قصيدة 2؛ أُوفيديو، الرسالة 15؛ تيبولو، مختارات 3 (elegía 3)، الكتاب 13.

19- (من الإيطالية «بورفيدو» وأصلاً من اليونانية «بورفوروس»، لونها أحمر غامق) هي صخرة سميكة وصلبة، مكوّنة من مادّة غير منتظمة الشكل، لونها عادةً أحمر قانٍ وبلّوراتها من الفِلْدْسْبارْ (نوع من السيليكات) والكوارتز.

20- إن حقول البورفيدو الأحمر الخام تُوجد في الصحراء الشرقية في مصر، تقريبًا عند خط العرض 27 درجة و15 دقيقة شمالاً، وخط الطول 33 درجة و31 دقيقة شرقًا، بالتحديد فوق الجبل الذي اتخذ اسمه من اللون القاني: «جبل بورفيريتس، أي جبل بورفيدو، أو جبل إِنْيِيوُسْ (Igneus) أي جبل النار؛ اسمه الآن جبل الدّخان أو الجبل المُدَخِّن. ذلك الجبل هو أرض جرداء بدون حياة ويرتفع 1661 مترًا فوق مستوى البحر، ويبعد حوالي 50 كلم. من الميناء القديم مِيوسْ هُرْموسْ (Myos Hormos)، واسمه الحالي أبو شَعْر، على البحر الأحمر، وحوالي 150 كلم. من موقع كُبْتُسْ على النيل. الطريق الرئيسي المؤَدِّي إليه هو عَبْر وادي أمّ سِدْري ووادي المعامل الرافد إليه. المسافة بين مدخل وادي أمّ سِدْري ومعبَد سِرابيون (Serapide)، عند القرية الرئيسية هناك في وادي المعامل هي حوالي 30 كلم. حقول التنجيم كلّها على ارتفاع أعلى من 1000 متر، ويمكن تقسيمها عامَّةً إلى 3 مجموعات أو أقاليم: الشرقي (أ) إلى يمين وادي المعامل، أعلى معبد سِرابيون بالتحديد، على علو 1100م من مستوى البحر و 300 م أعلى من الوادي الأدنى منه؛ الغربي (ب)، وهو الأهَمّ، على ارتفاع 400م من الوادي؛ والشمال الغربي (ج) الذي له طريق رئيسيّ يؤدّي إليه من وادي أمّ سِدْري. إنَّ جودة ولون البورفيدو يتغيّران بحسب الإقليم الذي استُخرِج منه.

21- كنيسة «القديس كارلينو عند النافورات الأربع» أبعادُها مطابقة تمامًا لعامود ارتكازٍ واحدٍ من الذين يحملون القبّة الكبيرة (أيْ: ارتفاعها 45 مترًا ومحيطها 71 مترًا).

22- أوزِبْيو، تَجَلِّي الله، 4، 7. [أبرزناه بالأسود الثقيل].

23- جاردوتْشي، استعادة وجود بطرس، 54 – 55.

24- راجع أوزِبْيو، تَجَلِّي الله، 4، 7.

25- منقوشات، «جرافيتو» من الإيطالية = كتابة أو رسم يدَويّ نقشه الأقدمون على الآثار.

26- راجع جاردوتشي، استعادة وجود بطرس، 60 – 71.

27- راجع جاردوتشي، إستعادة وجود بطرس، 79 – 81.

28- راجع جاردوتشي، إستعادة وجود بطرس، 98 – 99.

29- من الإيطالية: «loculo» – لوكُلو – معناها: تجويف جِداريّ يستخدم في المقابر والدَّياميس وأماكن دفن أخرى لكي يحتوي تابوتًا أو عُلبةً للرماد؛ و«ألاسينا» من العربية في أسبانيا: «الخِزانة» معناها خِزانة حائط لها أبواب وأَرْفُف حيث كانت توضَع أشياءُ متنوّعة. إذًا: إنه موضع للتخزين أو فَراغ أو حاوٍ أو صندوق أو تجويف أو فَجوة… محفورة في حائط.

30- الرُّخام البْروكُنّيسْيو هو نوع من الرخام الأبيض من أكثر الأنواع استخدامًا في الإمبراطورية الرومانية. كان قد استُخدِم من قَبلُ لإعادة بناء معبد فينوس في بومْبييا بعد زلزال عام 62.

31- راجع جاردوتشي، إستعادة وجود بطرس، 81 – 84.

32- أَضْفْنا نحن ما بين القَوسَيْن.

33- هذا مؤشّر للصَّلب مقلوبًا – الرأس إلى أسفل – حيث إنَّهم اعتادوا كسرَ الأرجُل لتنزيل الذي تم إعدامه صَلْبًا.

34- أَضْفْنا نحن ما بين القَوسَيْن.

35- أَضْفْنا نحن ما بين القَوسَيْن.

36- جاردوتشي، استعادة وجود بطرس، 105. الرواية والصّور… إلخ في: جاردوتشي، ذخائر بطرس. تحت «الاعتراف» (la Confessione) داخل البازيليكا الفاتيكانية (مدينة الفاتيكان 1965)، 83 – 160.

37- راجع مَرجريتا جاردوتْشي، ذخائر القديس بطرس في الڤاتيكان (روما 1995)، 62 – 63  (أبرزنا نحن ما بالأسود الثقيل).

38- حَلَزون بحريّ يُفْرِز سائلاً ضارب في الحُمْرة، كان يُستعمل قديمًا للصِّباغة.

39- فيما يتعلّق بالأرجوان وبالخيوط الذهبية، راجع جارْدوتْشي، ذخائر بطرس، 182 – 185.

40- م. جاردوتشي، قبر القديس بطرس، حادثةٌ رائعة (ميلانو 1990)، 98.

41- راجع جاردوتْشي، ذخائر القديس بطرس، 169 – 181.

42- راجع جاردوتْشي، ذخائر القديس بطرس، 161 – 168.

43- راجع م. جاردوتْشي، ذخائر بطرس، قدّاس مخصوص (روما 1967)، 17.

44- جاردوتْشي، استعادة وجود بطرس، 133 – 134.

45- م. جاردوتشي ، التقليد البطرسي في الڤاتيكان. على ضوء التاريخ وعلم الآثار (حاضرة الڤاتيكان 1963)، 77 – 78.

46- راجع م. جاردوتْشي، ذخائر القديس بطرس في الڤاتيكان، 55 – 57.

47- يمكن في الواقع استخدم مرادفات كثيرة: من الأسبانية: Acoplar – Embutir – Encastrar – Encajar – Ensamblar – Englobar – Enfundar – Envolver – Incluir – وقد يقابلها في اللغة العربية مصادر أفعال: تعشيق – تطعيم – إدخال – حشو – تشبيك – إدراج – تركيب – تجميع – تغليف – تحويط – تطويق – تضمين – إشمال.

48- في الغالب من منطقة شِمْتو (حاليًّا: شِمِتُّو بين قرطاجة وهيبونا التي تسمَّى اليوم بونا أو عَنَّابا)، في نوميديا (أيْ تونس حاليًّا)، ويُسَمَّى الرُّخلم النوميدي (marmor numidicum).

49- راجع AA.VV.، بازيليكا القديس بطرس بالڤاتيكان (طبعة س. سِتِّسْ – S. Settis) (روائع إبطالية – Mirabilia Italiane، 10؛ مودينا 2000) 797.

50- من سلسلة إِمِتّو اليونانية بمنطقة الآتيكا؛ باللاتينية إمِتّوس، وباليونانية الحديثة تْرِلّوس. أهل فينيسيا (أي البُندقية) غَيَّروا الاسم إلى ماتّو (matto)، ومن ذلك الشكل جاء الاسم الحالي من اليونانية الحديثة «تِرْلّوس» ومعناها مجنون، معتوه (matto, pazzo).

51- من حيث جُلِبَ الرخام الشهير (Venus de Milo) وأيضًا (Victoria de Samotracia)، والنوعان في متحف اللوڤر (Louvre) بباريس.

52- نقطة الاتِّزان: fulcrum باللاتينية، كما في الميزان.

53- من اللاتينية : cornucopĭa، أي زهرية على شكل قرن، تَرْمُز إلى الوَفرة.

54- لونها مائل إلى البنّي. من اللاتينية: Cotoneum، ومن اليونانية كيدونيوس، من كيدون أي قانيا الحالية (Canea) بجزيرة كريت. غالبًا من حقل المرمر قُربَ هِرْموپوليس العظمَى، قريبًا من موقع الأشمونيين حاليًّا (27 درجة و 46 د و 53 ث  شمالاً، مع 30 درجة و 48 د و 14ث شرقًا) بمصر (راجع رانييرو نيولي، الرخام الروماني [روما 1988]، 215 – 216).

55- من الفرنسية: عَمَلٌ مشغول على مُسَطَّح أَمْلَس يقوم على نَزْع شيء من مادّتِهِ، مثلاً لإِلصاق مُسَطَّحٍ آخر عليه أو لجعلِهِ لوحًا للنقش عليه من أجل ترك مساحات فارغة. مِن كامْبيادو.

56- مكتوبٌ باللاتينيّة. راجع AA.VV.، بازيليكا القديس بطرس بالڤاتيكان (طبعة س. سِتِّسْ – S. Settis) (روائع إيطالية 10 – Mirabilia Italiane؛ مودينا 2000)، 788.

57- بَلْدَكان: من بَلْدَكْ، الاسم المُعطَى في العصور الوُسطى لبغداد من حيث كانت تأتي أقمشة تحمل هذا الاسم. نوع من ناموسيّة سرير أو غطاء مصنوع من الحرير. معنًى ثانٍ: سِتارة أو مِظَلّة تغَطّي المذبح.

58- راجع بازيليكا القديس بطرس. الفَنّ والإضاءة (روما 2001) Mortero s/p: في البناء، خليط أو معجون من الرمل مع مُكَتِّل وماء، وقد يحتوي على إضافات.

59- أو pechina (من اللاتينية pecten-inis، أي مُشْط أو صَدَفة): مكان إقامة الحُجّاج (عَنْبَر). المعنى الثاني في مجال الآثار: كلّ واحدٍ من المثلثات الأربعة المنحنية التي تكوّن الحلقة الداخلية للقبة، مع الأقواس البُرجِيّة التي تستند إليها.

60- أناسْتاسْيو ناڤارّو، الأب الفرنسيسكاني، إرشادات مختصرة في بازيليكا القديس بطرس (روما 1986) 58.

61- جاردوتشي، تقليد بطرس في الڤاتيكان، 43.

62- فرنْسِسْكو لويسْ بِرْنارْدِثْ، «المُحَرِّر»، مُرشِد من سان مارتينو (طبعة بِليسارْيو فِرْنانْدِثْ – إِدْوارْدو هوجو كَسْتانينو) (بوينُسْ أَيْرِسْ 1950) 144.