عاموس يتوعد – الأب وليم سيدهم
عاموس يتوعد
عاش النبي عاموس في القرن الثامن قبل الميلاد أى حوالي ما بين787 و 747 ق.م. كانت الحياة المترفة للأغنياء اليهود لافتة للنظر، وشكّل ضعف الدول المجاورة للمالك يهوذا وإسرائيل مناخًا للإزدهار الإقتصادي إلاّ أن الأغنياء إمتلكوا كل شيء وتزايد عدد الفقراء بسبب غياب العدالة وفساد الطبقة الحاكمة.
جاء عاموس في هذا السياق يتوعّد المسيطرين على زمام الأمور وفضح وهدد هذه الطبقة الغنية لأنها تركت وصايا الله، يقول عاموس النبي:” إسمعوا هذا يا دائسي الفقير لإفناء وضعاء الأرض قائلين: متى يمضي رأس الشهر فنبيع الحبوب والسبت فنصرف القمح مصغرين الايفة ومكبرين المثقال ومستعملين موازين غش مشترين الضعفاء بالفضة والفقير بنعلين وبائعين نفاية القمح؟” (عا 8: 5- 6) (الترجمة اليسوعية)
”وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، أَنِّي أُغَيِّبُ الشَّمْسَ فِي الظُّهْرِ، وَأُقْتِمُ الأَرْضَ فِي يَوْمِ نُورٍ، وَأُحَوِّلُ أَعْيَادَكُمْ نَوْحًا، وَجَمِيعَ أَغَانِيكُمْ مَرَاثِيَ، وَأُصْعِدُ عَلَى كُلِّ الأَحْقَاءِ مِسْحًا، وَعَلَى كُلِّ رَأْسٍ قَرَعَةً، وَأَجْعَلُهَا كَمَنَاحَةِ الْوَحِيدِ وَآخِرَهَا يَوْمًا مُرًّا!” (عا 8: 9- 10)
كان دور الأنبياء في العهد القديم هو تقويم الملوك وفضح تجاوزاتهم وعدم أمانتهم للشريعة، ويعتبر عاموس نبي العدالة في العهد القديم. إن الفروق الطبيعية التي تقسم الشعب إلى جزءٍ يحكم ويستغل، وجزء آخر مقهور يُستَغلّ. جاء في الكتاب المقدس “إِلاَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيكَ فَقِيرٌ”(تثنية 15 :4) ، ولكن هيهات يرتدع الطماعون في كل العصور وفي يومنا هذا. ورغم نداءات المُدافعين الحقيقيين عن الحقوق الإقتصادية والإجتماعية لأفراد الشعب فإن المظالم نفسها والكبائر نفسها التي تحدث عنها النبي عاموس من حوالي ثلاثة آلاف سنة نعيشها اليوم. ورغم التطور الكبير الذي حصل في المائة سنة الأخيرة لتقنين العلاقات بين أصحاب رؤوس الأموال وبين العاملين تحت سيطرتهم، فإن الإستغلال والإستبعاد وأكل حق الفقير يتردد في مجتمعنا وكل المجتمعات.
وها هو عاموس ينادينا من عمق التاريخ ويحذرنا من غضب الله ومن مغبة صمّ آذاننا عن تطبيق روح العدالة و الدفاع عن المظلومين. إن اللعب في الموازين والسرقات التي تتم من خلال اللعب في المقاييس في الحياة الصناعية والتجارية والزراعية تجعلنا نستعرِّ من أنفسنا ومن نوعيات البشر التي تسيطر على قوت وأرزاق الناس.
إن توعد الله للمترفين الذين غيبوا الله من حياتهم أن يدفعون ثمن إختياراتهم. فالطبيعة نفسها لا ترحمهم. الشمس والقمر والمواجع القتالة التي تنهش جسم هؤلاء الذين نفضوا العهود وإزدروا دور الله في صقل ضميرهم وشفاء إرادتهم الملتوية. إن بركة الرب تتركهم لأنهم أصرّوا على أخطائهم المفارقة لمحبة القريب.
إن صوت النبي عاموس مازال يجلجل في حياتنا ويدعونا إلى التوبة وتغيير السلوك عسى أن نحصل على رحمة الله ومغفرته.