stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

عن الكنيسة

عدم انحلال الزواج في الكنائس الشرقية غير الكاثوليكية – الأب د. أيوب زكي الفرنسيسكاني

861views

images (6)

علّمت الكنيسة الأرثوذكسية والكنائس الشرقية القديمة، بأن الزواج سر مقدس لا يخضع للانحلال، ولا تستطيع أية سلطة على الأرض دينية كانت أو مدنية أن تحل وثاقه.

وقد سمحت بعض الكنائس في الماضي السحيق بأن يعقد الذين حُل زواجهم زواجاً جديداً دون الاعتراف به كسر، وهذا التقليد يشهد عنه العلاّمة أوريجانوس (+253) وهو يعلق على نص إنجيل القديس متى (19/3-12) ويقول بأن رئيس كنيسة سمح لبعض النساء بأن يعقدن زواجاً جديداً، وهذا يخالف تعليم الإنجيل المقدس، حيث أن أزواجهن كانوا مازالوا على قيد الحياة (راجع 1كو7/39، رؤ 7/13). ويبدو أن هؤلاء الرؤساء سمحوا بزواج أولئك الضعفاء لكي يتفادوا شراً أعظم. إن العلاّمة الإسكندري أوريجانوس لا يوافق على هذا النظام ولا يعتبره منطقياً على الإطلاق.

ويدعو أيضاً القديس باسيليوس في آسيا الصغرى الذين هجروا زوجاتهم وعقدوا زواجاً آخر، بأن يندموا على صنيعهم هذا ويتوبوا توبة صدوقة تستمر طيلة سبع سنوات، تؤهلهم أن يُقبلوا في عداد المؤمنين ويشتركوا في التقدمة وتناول القربان المقدس. ويحث القديس باسيليوس في القانون 9 ويعلم بأنه في حالة زنا الرجل، لا يحسن أن تنفصل المرأة عنه، ولكن إذا أرادت الانفصال فليكن لها هذا. ولكن إذا انفصلت المرأة وكانت هي وحدها مذنبة، فالرجل الذي يأخذ امرأة أخرى، يستحق الغفران، ولا يجب أن تدان المرأة التي تعيش معه. ومن هنا يتضح لنا أن الزوج الزاني وجب عليه أن يكفر عن خطيئته لمدة سبع سنوات قبل أن يُقبل في عداد المؤمنين، والزوج البريء يستحق الغفران والصفح، لذلك أيضاً، حسب تقليد قديم، لم تكن العقوبات القانونية مطبقة على مثل هؤلاء الزناة.

ولا نستطيع أن نجزم بأن الكنيسة سمحت بزواج جديد على ضوء تعاليم متى البشير “وأقول لكم إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج الفاتيكاني الثاني، يميل الفقهاء إلى القول بأن الرأي الذي يرى بأن الكنيسة سمحت خلال القرنين الثالث والرابع بزواج المطلّقين، لا سند علمي له، ولكن يمكن القول بأنه من القرن العاشر ربما دخل نظام الطلاق في الكنيسة البيزنطية. ولكن لا شك في أن الكنيسة الأرثوذكسية قبلت بمبدأ الطلاق وذلك عبر قنوات القانون المدني.

وفي عام 893، قرر الإمبراطور لاون الفيلسوف بأن الزواج الذي تم انعقاده وباركه الكاهن في الكنيسة، هو زواج صحيح وله آثاره المدنية المعترف بها ومن هنا وبقبول الكنيسة بهذا المبدأ أقحمت نفسها إذ أخذت على عاتقها القيام بإجراءات مدنية، وبدأت تبارك زواج الذين حصلوا على طلاق من المحكمة المدنية، وهكذا دفعت الكنيسة الأرثوذكسية الثمن غالياً، إذ أخذت على عاتقها المسئولية المدنية والاجتماعية الممنوحة لها من قبل الدولة. وبقرار الإمبراطور الكسيوس الأول الصادر عام 1086، أصبح للكنيسة الاختصاص المدني والقضائي للزواج، فترتب على ذلك أن تصدر الكنيسة أحكاماً بالطلاق حسب القانون المدني الذي أسهب في خلق أسباب عديدة تجيز الطلاق للمتزوجين ومن هنا قبلت الكنيسة ضمن قوانينها الأسباب المدنية الداعية إلى الطلاق.

ومن القرن التاسع عشر، وبعد إلغاء الاختصاص المدني والقضائي للكنيسة استمرت هذه الأخيرة في إصدار أحكام تبرر الطلاق. وقد ثار أساقفة عديدون على هذا الوضع البغيض وحرّضوا على العودة إلى التقليد السائد في العصور الأولى.

الطلاق في الكنيسة الكلدانية (النسطورية)

في مجمع 585، قررت الكنيسة، ولأول مرة، شرعية الطلاق استناداً إلى نص إنجيل متى “وأما أنا فأقول لكم إنّ من طلق امرأته إلاّ لعلة الزنى يجعلها تزني، ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني” (مت5/32) ولكنها لم تفصح صراحة عن شرعية عقد زواج جديد، وبداية من القرن السابع، لدينا شهادات صريحة تقرر عقد زواج جديد للزواج البريء.

الكنيسة السريانية (اليعقوبية)

حافظت هذه الكنيسة، ولقرون عديدة، على عدم انحلال الزواج ووحدته. ومع بزوغ القرن الثالث عشر تتغير الأحوال، وها هو ماربارأبريئوس (1226-1286) يعدد في قوانينه أسباباً تجيز الطلاق: زنا المرأة، جحود أي من الزوجين، والمرض المعدي أو العجز الجنسي وفي حقبة لاحقة أُضيفت أسباب أخرى مثل الغش في بكارة المرأة، والمرض العقلي الغير قابل للشفاء.

الكنيسة الأرمنية 

في مجمع شاهابيفان عام 444، قبلت الكنيسة مبدأ الطلاق كما ورد في القانون4. واليوم تقبل الكنيسة الطلاق كما جاء تقنينه في القوانين المدنية المختلفة.

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

في القرن الثالث عشر ذكر الصفي بن العسال في كتاب القوانين الأسباب التي تؤدي إلى فسخ الزواج.

وفي عام 1896، ذكر القمص فيلوثاؤس عوض نفس الأسباب في مؤلفه “الخلاصة القانونية في الأحوال الشخصية” وفي عام 1938 قرر المجلس الملّي العام وجود تسعة أسباب للطلاق، بينما قرر المجلس الملّي العام 1955 ستة أسباب فقط. وتؤكد مذكرة البابا كيرلس السادس الصادرة 1962 أن الزواج ينحل في حالة الزنا فقط وقد تم إرسال هذه المذكرة إلى فتحي السنهوري وزير العدل في ذلك الوقت.

وفي 18 نوفمبر 1971 أصدر قداسة البابا شنودة الثالث قراراًَ يحدد فيه موقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من الطلاق، حيث أنه يؤكد ما جاء في مذكرة البابا كيرلس السادس ألا وهو إن الطلاق يجوز فقط لأجل علة الزنا. ويرفض قداسة الأنبا شنودة الثالث الأحكام الصادرة عن المحاكم المدنية التي لا تطابق هذا الموقف الجديد، إذ أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تعتبر أنّ الزواج يظل قائماً لمن طلق لأي سبب يخالف تعليم الكنيسة. واليوم فإن الأحكام الصادرة عن المحاكم المدنية تعرض على المجلس الإكليريكي الذي يعترف بها أو يرفضها. وفي حالة اعتراف الكنيسة بالحكم المدني، فإن الكنيسة تصرّح بزواج المطلّق، أما في حالة الرفض فإن الكنيسة تعتبر الزواج قائماً ولا تصرح بزواج جديد.

عن مجلة صديق الكاهن 1 / 1993