عظيم إيمانك أيتها المرأة – تأمل الاب وليم سيدهم 27-6-2018
No tags
“عظيم إيمانك أيتها المرأة”
تأمل الاب وليم سيدهم
27-6-2018
هذه المرأة الكنعانية المعتبرة “وثنية” عند اليهود نالت أكبر تقدير من يسوع الناصرى، لم نسمع أو نقرأ أنها قبلت المعمودية ، أو إنها عملت أول مناولة أو أنها قامت بعمل رياضة روحية، و مع ذلك أثنى يسوع على إيمانها، المقصود إيمانها به كمنقذ و مخلص.
آمنت هذه المرأة الوثنية أن شفاء ابنتها لن يتم إلا على يدى هذا الشخص المدعو يسوع الناصرى، لنتذكر هنا أيضاً حالة “قائد المئة” وهو وثنى أيضاً جاء الى يسوع ليشفى عبدهُ، هذا القائد الذى احتفظت الكنيسة بكلماته المليئة بالتقوى و التواضع و الانسحاق التى قالها ليسوع حتى يتحنن عليه و يشفى عبده : “يَا سَيِّدُ، لَسْتُ مُسْتَحِقًّا أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي، لكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَقَطْ فَيَبْرَأَ غُلاَمِى”.
و فى أعمال الرسل يحدثنا بطرس الرسول عن “الروح القدس” الذى حل على الوثنين كما حل علينا و كيف أن الأغيار الدينيين – من غير اليهود – أصبحوا فى عداد الشركاء لقبولهم الشفاء من يسوع القائم من بين الأموات.
عظيم هو إيمان المرأة الكنعانية لأنها اخترقت دفاعات المتعصبين اليهود و اثبتت أن غير اليهود ممكن أن يكون لديهم ” ايمان عظيم” اكثر من اليهود أنفسهم نحو شخص يسوع المسيح.
تتحدث النصوص الانجيلية عن ما نعتبره نحن إذلال ما بعده إذلال لهذه المرأة الغريبة عن شعب الله المختار، ولكن مخلصنا حاشا أن يكون سليط اللسان مثل متعصبى الأمس و اليوم، بل على العكس إستخدم كل الطرق التربوية ليبعث رسالة لأبناء وطنه فحواها ” كفاكم تشدقاً بالايمان و بإنتمائكم إلى الأمة المختارة. كفاكم إنغلاقاً و فريسية وإدعاءً أنكم الأحق برحمة الله من غيركم. كفاكم البر الذاتى و الكبرياء الدينى.
فحينما قال يسوع للكنعانية “لم أرسل إلا إلى الخراف الضالة من بيت اسرائيل ” كان يقصد الحاضرين معه فى ذلك المشهد و كان يريد أن يبرهن لهم، أنه يحترم دوره كنبى و مخلص للشعب المختار وأنه وجه رسالة مزدوجة الأولى لليهود من معاصريه، و للمتعصبين و المتشددين فى كل عصر، أنه مستعد أن يرفض خدمة الأغيار الدينين من أجل شعبه، الرسالة الثانية أن يثبت أن المرأة الكنعانية غير اليهودية “أعظم” إيماناً ممن يتشدقون بإحتكار الخلاص لملة اليهود فقط. و بالتالى لا يمكن أن يتجاهل حقيقة أن شعبه “جاحد” و “متعصب” ، ولكن الكنعانية بإصرارها و إيماننا بيسوع ترد عليه قائلة ” ساعدنى يارب”، و يرفض يسوع ثانية و بشكل أقوى الاستجابة للمرأة عملا بالمثل الذى نعرفه اليوم “الذى يحتاجه البيت يحرم على الجامع” “لا يحسن أن يؤخذ خبز البنين و يُعطى للكلاب” وهو مثل كان يستخدم فى ذلك الحين للتعبير عن أولوية خدمة أهل البيت أعنى “اليهود”.
و أيضاً مرة أخرى يعطى يسوع لليهود درساً فى كيفية الايمان و الاصرار عليه كما عبرت عنه هذه الكنعانية. وليس فى هذه الجملة ما يشين يسوع لكنه استخدم ثقافة عصره لكى يفحم المتطرفين و الرافضين الانفتاح على بقية ابناء الله و يلقنهم درساً فى الإيمان.
بالنهاية العبرة ليست بالعبارات التى استعارها يسوع من ثقافة شعبية، و لكن برسالة التأنيب و التهذيب الذى وجهها يسوع لأبناء أمته من اليهود و التمجيد و الإستحسان لموقف الايمان للكنعانية .
نعم إن الله لا يحابى أحداً على حساب أحد و لكن يعامل كل إنسان بحسب إيمانه بشخص وليس بدينه، فالديانات هى طرق تساعد الإنسان للإستجابة لدعوة الله كل انسان للخلاص و لست ايدلوجيات صمّاء يمتلكها تجار الدين ليوزعوا الاتهامات على الآخرين و يتهموهم بإزدراء الدين و إبتعادهم عن طقوسه المتجمدة.
رحماك يارب لأنك تريد الخلاص للجميع و لا تريد موت الخاطئ و لا تسمح بإستثناء أحد من رحمتك.