عقيدة المطهر- الجزء الثالث / ناجي كامل
عقيدة المطهر- الجزء الثالث / ناجي كامل
ثامنا: ” المطهر والعقل “
لا نظن أن عقيدة المطهر تخالف العقل البشري على الإطلاق، وإنما هي في قمة العقلانية وإلا ما كان توصل إليها أو استنتجها العقل البشري وعبر عنها. وعقيدة المطهر هي قراءة كتابية بطريقة عقلية. في الكتاب المقدس نجد هذه الآية عن السماء. “ولن يدخلها شيء دنس ولا ما يصنع رجساً وكذباً إلا المكتوبين في سفر حياة الخروف” رؤ27:21. السماء لا يدخلها على الإطلاق شيء دنس أو رجس أو به أي شائبة وهنا يأتي السؤال لماذا؟ هذا السؤال بسيط جداً وهو لأن الله قدوس ولذلك يدعو الكتاب المقدس المؤمنين قائلاً : “كونوا قديسين كما أن أباكم السماوي هو قدوس” 1 بط 16:1 “أو كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي كامل هو” فعدل الله لا يقتضي أن لا يدخل السماء إلا النفوس النقية كل النقاء والحال كما نقول في أوشية الراقدين في الطقس القبطي. “فإنه ليس أحد طاهراً من دنس ولو كانت حياته يوماً واحداً على الأرض” وكما يقول سفر الأمثال “الصديق يسقط سبع مرات” أم 16:24 فهل معنى هذا لا يدخل أحد السماء ؟ وهل معنى هذا يوجد تساوي بين الإنسان الذي رفض الإيمان وبين الإنسان المؤمن الذي لا يخلو من هفوات أو شوائب ؟ ماذا نقول ؟ أهذا عدل !!فالمنطق يقول :-
أ . الإنسان البار القديس له الحق في الدخول والتمتع بالمشاهدة الطوباوية لله وهذا مثل القديس بولس الذي اشتهى أن ينطلق فلا غبار على مثل هذا البار والقديس فله هذه المكافأة. ب. الإنسان الشرير والذي رفض نعمة الإيمان والتجاوب مع الروح القدس فلا مفر له من الجحيم أو جهنم حيث الندم وصرير الأسنان.
. الإنسان المؤمن الذي لا يخلو من شوائب أو هفوات أو بعض الدنس هل يدخل السماء مع الإنسان القديس فهذا لا يعقل فهل يدخل مثل هذا الإنسان إلى جهنم مع الأشرار والخطاة فهذا أيضاً لا يطاق ولا يعقل لما يحويه من ظلم… فماذا يكون المصير لهؤلاء؟ هل نقف عند هؤلاء ونتركهم دون أن نحدد لهم لا مكافأة أو ربح أو خسران وعتاب. ما مصير مثل هؤلاء؟
جـ . المنطق هنا يقول بوجود حالة ثالثة يطلق عليها المطهر فيها تتطهر النفس البشرية من كل الأدناس والشوائب حتى يصبح عليها الملابس اللائقة بالوليمة والعرس والاحتفال ومع المنتصرين في السماء.
“وليس أحداً طاهراً من دنس الخطية ولو كانت حياته يوماً واحداً على الآرض” إشارة إلى الخطيئة الأصلية التي يولد الطفل وارثاً لحالة آدم فيها، وأنه لا سبيل إلى غفرانها إلا بموته مع المسيح في المعمودية المقدسة، التى أسسها الرب لينال بها المؤمنون استحقاقات الفداء بفعالية الروح القدس الذي يكسب المياه الطبيعية هذه الخاصية الروحية. ومن هذا كله نرى أن التطهير بدم المسيح وحده، وأن الصلوات عن الراقدين لا قوة لها في ذاتها إلا من حيث استنادها إلى دم المسيح وعمل المسيح”
” خـاتمـــة “
إن مخطط الله الأزلي للإنسان، هو أن جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون. هذا الخلاص والحق في الإنسان هما دعوته للقداسة. والقداسة هو أن يشارك الإنسان لله في محبته وسعادته. ولكي يحقق الإنسان هذه الشركة لابد أن يكون على نفس مستوى محبة الله، ومَن في البشر يصل إلى هذا الحد من المحبة الكاملة؟ من اجل هذا كان المطهر. فالمطهر: هو حالة تطهير النفس، من كل شوائب الخطيئة، ليصل الإنسان إلى كمال المحبة، حيث لا يدخل السماء نجس أو رجس. – المطهر هو نار الحب التي تُطهر، والإنسان يشترك في هذا التطهير بحريته، وكلما رأى نفسه قادر على التطهير والاقتراب من مجد الله، كان هذا فرح المطهر له. ولان المطهر هو حالة تكفير، فهو يبدأ على الأرض، مع الإنسان الذي يبدأ مسيرة توبته والتكفير عن خطاياه على الأرض.- في الكلام عن المطهر لابد من الخروج من الزمن، فهو لا يرتبط بزمان أو مكان، لا يجوز استخدام قبل وبعد. ولكن الأفضل أن نقول أن المطهر هو شرط دخول السماء. – عقيدة المطهر نشأت لوجود، الصلوات من اجل الموتى في الكنسية من قديم الزمن، وليس العكس.- المطهر هو تكفير لأجل التطهير، هذا التكفير ليس ضد ولا يلغى كفارة المسيح على الصليب، ولكن يقول القديس بولس:”أكمل ما نقص في جسدي من آلام المسيح” كو24:1، هو اشتراك في كفارة المسيح، واشتراك الإنسان في خلاص نفسه.- المطهر هو لحظة الحقيقة، لحظة اكتشاف حقيقة النفس أمام قداسة الله. – الكلام عن الآخراويات، هو من اكثر الكلام الذي يواجه صعوبات، فهو لابد أن نخرج من الزمن. لأنه لا وجود للكلام عن شئ ملموس أو محسوس. – وبالرغم من كل ما تتكلم فيه الكنيسة من عقائد وقضايا إيمانية، إلا إنها تبقى في مسيرة دائمة نحو الحقيقة. وتترك دائما الكلمة الأخيرة لله.
قائمة المصادر والمراجع:
1-الكتاب المقدس، دار المشرق، بيروت، لبنان.
2 – كناب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، المكتبة البولسية، بيروت، لبنان، 1999.
3 – كتاب معجم اللاهوت الكتابى دار المشرق، بيروت، لبنان،
4 – العقيدة المسيحية المبسطة (الاب يؤنس لحظى)
5- مقالات الاباء : اغطينوس موريس (عقيدة المطهر ) – الاب د. يوأنس لحظى (عقيدة المطهر ) – الاب يوسف رمزى (المطهر وحقيقة وجوده)
6- مرشد الارثوذكسى الكاثوليكى – تاليف المتنيح الانبا الكسندروس اسكندر – طبعة الصلاح الخاصة .