stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

على خطى القديس فرنسيس الأسيزي من أجل بناء طريق الأخوّة

597views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

4 فبراير 2021

كتب : فتحي ميلاد – المكتب الاعلامي الكاثوليكي بمصر .

في الذكرى السنوية الثانية لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك في الرابع من شباط فبراير ٢٠١۹ في الإمارات العربية المتّحدة، نستعيد معًا الخطوات التي قام بها البابا فرنسيس على خطى القديس فرنسيس الأسيزي

تدخل العديد من خطوات وأفعال البابا فرنسيس في مسار ينطلق من أسيزي ويمكننا أن نراه بوضوح منذ الأيام الأولى لحبريته. في القداس الإلهي لبدأ خدمته البطرسيّة في التاسع عشر من شهر آذار مارس عام ٢٠١۳، أشار الأب الأقدس إلى التوجّه الذي سيرافق تعليمه. كما أكد في عظته إذ قال: “إنَّ الدعوة للحماية لا تتعلق بنا نحن المسيحين فقط، ولكنها تملك بُعدًا يسبق وهو بكل بساطة انساني ويتعلق بالجميع. إنه حماية الخليقة بأسرها وجمال الخليقة كما يقول لنا سفر التكوين وكما أظهر لنا القديس فرنسيس: بأنه التحلي بالاحترام لكل خلائق الله وللبيئة التي نعيش فيها”.

تشكّل حماية الخليقة الموضوع الأساسي الذي تتمحور حوله الرسالة العامة “كُن مسبحا” التي تأخذ عنوانها من نشيد المخلوقات، ويطرح موضوع إيكلوجيا متكاملة من أجل نموذج جديد للعدالة. فقرات عديدة لهذه الوثيقة التي نُشرت في الرابع والعشرين من شهر أيار مايو لعام ٢٠١٥ قد كُرِّست للقديس فرنسيس الأسيزي؛ ويكتب البابا لقد أخذتُ اسمَه كمرشد وكالهام في لحظة انتخابي أسقفًا على مدينة روما. أعتقد أن القديس فرنسيس هو المثال بامتياز للعناية بكل ما هو ضعيف ولإيكولوجيا متكاملة، تُعاش بفرح وصدق. جميع الأمور مرتبطة ببعضها البعض ولذلك يتابع البابا هذا الأمر يتطلب منا اهتمامًا بالبيئة يرافقه حب الصادق للكائنات البشرية والتزام مستمر يتعلق بمشاكل المجتمع. ومن هنا يأتي التشجيع للأصغاء لصرخة الأرض والفقراء.

إن حبرية البابا فرنسيس هي أيضا تقاطع طرق ورجاء. ففي عام ٢٠١٧ وخلال زيارته الرسولية الى مصر ذكَّر البابا بزيارة أخرى تلك التي قام بها فقير أسيزي إلى ذلك البلد عينه. وإذ توجّه في الثاني والعشرين من شهر نيسان من تلك السنة إلى المشاركين في المؤتمر العالمي للسلام قال الأب الأقدس: نحن مدعوين، مسيحيون ومسلمون، وجميع المؤمنين لكي نقدّم إسهامنا: نحن نعيش تحت شمس إلهٍ واحد رحيم… وبهذا المعنى يمكننا أن ندعو بعضنا البعض إخوة وأخوات.

يكتب القديس فرنسيس الأسيزي في توصياته لإخوته: “طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدعَون. إنَّ صانعي السلام حقًا هم الذين يحافظون على الرغم من جميع الآلام التي يتكبَّدونها محبّةً بربنا يسوع المسيح، على السلام في الروح والجسد”. وهذا النص يحمل الآفاق عينها التي تمتد نحو المصالحة والتي يشار إليها في وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك التي وقّعها قداسة البابا فرنسيس وشيخُ الأزهرِ فضيلةُ الإمامِ الأكبرِ أحْمَدْ الطيِّب، في الرابع من شباط عام ٢٠١۹، في أبو ظبي والتي تحتوي على دعوة قوية لكي نكتشف مجدّدًا بأننا إخوة ونعزز معا العدالة والسلام ونضمن حقوق الانسان والحرية الدينية. ونقرأ في مقدمة الوثيقة: إن الايمان يحمل المؤمن لكي يرى في الشخص الآخر أخًا عليه أن يدعمه ويحبّه.

جاءت وثيقة أبو ظبي ٨٠٠ سنة على لقاء تاريخي، ذكّر به البابا فرنسيس خلال اللقاء بين الأديان في الرابع في الرابع من شباط عام ٢٠١۹، في أبو ظبي إذ قال: “بروح ممتنٍّ للرب، في الذكرى المئوية الثامنة للقاء بين القديس فرنسيس الأسيزي والسلطان الملك الكامل اغتنمت الفرصة لآتي إلى هنا كمؤمن مُتعطّش للسلام وكأخ يبحث عن السلام مع الإخوة. طلب السلام وتعزيز السلام وأن نكون أدوات للسلام: نحنا هنا من أجل ذلك”. كذلك وخلال زيارته الرسولية إلى المغرب ذكّر الأب الأقدس باللقاء التاريخي بين القديس فرنسيس والسلطان، وقال في كلمته في الحادي والثلاثين من شهر آذار مارس عام ٢٠١۹ متوجهاً الى الشعب والسلطات في المغرب: “إنَّ ذلك الحدث النبوي يُظهر أنَّ شجاعة اللقاء واليد الممدودة هما طريق السلام والتناغم للبشرية حيث يكون التطرف والكراهية عاملين للتفرقة والدمار”.

تبعت الزيارة الباباوية إلى شبه الجزيرة العربية زيارة تاريخية أخرى، وبالتالي من أبو ظبي انتقل البابا فرنسيس الى أسيزي، وفي الثالث من تشرين الأول عام ٢٠٢٠ وقع الأب الأقدس على قبر القديس فرنسيس الرسالة العامة “Fratelli tutti” وهي دعوة لتحقيق الرغبة العالمية بالأخوة من أجل حلم جديد بالأخوة والصداقة الاجتماعية لا تحده الكلمات، ويكتب البابا فرنسيس: “جميعنا إخوة هكذا كتب القديس فرنسيس متوجّهًا إلى جميع الإخوة والأخوات مقترحًا عليهم أسلوب حياة يحمل مطعم الإنجيل. ويدعوهم القديس فرنسيس إلى محبة تذهب أبعد من الحدود الجغرافية والمكان، ويعلن الطوبى لمن يحب الآخر عندما يكون بعيداً عنه كما ولو أنه قريب منه. ويؤكّد الحبر الأعظم أنّه بهذه الكلمات البسيطة والقليلة شرح القديس فرنسيس الأسيزي جوهر وأساس أخوّة منفتحة تسمح لنا بأن نعترف بكب شخص ونقدّه ونحبّه بغضِّ النظر عن بعده أو قربه الجسدي وبغضِّ النظر عن المكان الذي ولد فيه ويقيم فيه في العالم.

إنَّ القديس فرنسيس يحدثنا اليوم أيضا في هذا الزمن الذي يهزّه الوباء، هو يحدثا بصوت البابا وأصوات جميع الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة ويحثّنا على أن نعتني بالخليقة ونعترف بأننا جميعنا إخوة. إن القديس فرنسيس – يكتب البابا في الرسالة العامة “Fratelli tutti” – قد أصغى إلى صوت الله والى صوت الفقراء والمرضى والى صوت الطبيعة، وحوّل هذا كلّه إلى نمط حياة. والأخوة هي أيضا طريق للخروج من وباء فيروس الكورونا. ولكنها بالتأكيد أولاً تناغم وانسجام. ويكتب الأب الأقدس إنَّ محاولة التسلق في الحياة لكي نكون متفوقين على الاخرين تدمِّر التناغم. إنّه منطق السيطرة والسيطرة على الاخرين. لكن التناغم هو أمر مختلف تمامًا: إنه الخدمة. الأخوّة أيضا هي خيار تفضيلي للفقراء، وهي أيضًا تضامن وبالتالي لكي نتمكن من الخروج بشكل أفضل من هذه الازمة يحب علينا أن نقوم بذلك معاً. إن القديس فرنسيس الأسيزي – يؤكد البابا – كان يعرف هذا الأمر جيّدًا، وإذ حرّكه الروح القدس أعطى لجميع الأشخاص لا بل لجميع الخلائق اسم الأخ أو الأخت، وبالتالي لقد حان الوقت لكي ننمِّيَ محبتنا الاجتماعية، لأن الاعتناء بالآخرين ورعايتهم هو ميزة أخرى للأخوَّة. وبالتالي جميعنا مدعوين لنسير في درب الأخوّة. وفي هذا الزمن الذي تمزّقه الأزمة ليس الصحية وحسب ينبغي على البشريّة أن على العالم وعلى الإخوة وجميع أنحاء العالم. هذه هي الدرب التي علينا اتباعها لكي نخرج بشكل أفضل من الأزمة.