عَمِلنا ليلًا ونهارًا – الأب وليم سيدهم

عَمِلنا ليلًا ونهارًا
يقول القديس بولس في رسالته الثانية لأهل تسالونيكي “إِذْ أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ يُتَمَثَّلَ بِنَا، لأَنَّنَا لَمْ نَسْلُكْ بِلاَ تَرْتِيبٍ بَيْنَكُمْ، وَلاَ أَكَلْنَا خُبْزًا مَجَّانًا مِنْ أَحَدٍ، بَلْ كُنَّا نَشْتَغِلُ بِتَعَبٍ وَكَدٍّ لَيْلًا وَنَهَارًا، لِكَيْ لاَ نُثَقِّلَ عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ. “لَيْسَ أَنْ لاَ سُلْطَانَ لَنَا، بَلْ لِكَيْ نُعْطِيَكُمْ أَنْفُسَنَا قُدْوَةً حَتَّى تَتَمَثَّلُوا بِنَا.” (2 تس 3: 7 -9)
حينما نتأمل اليوم في هذا النص يتوارد على ذهننا عدد العاطلين والمتنطعين الذين يتخذون من كنائسنا مكانًا للتسلية أو مكانًا للإرتزاق بحجج كثيرة أولها أنهم “أبناء الكنيسة” وثانيهم أن “الكنيسة مكانًا للجميع” أو أن هذا المكان يجب أن يكون مفتوحًا ليلًا ونهارًا لإستقبالهم وأمثالهم. النقطة الثانية هي صورة الراعي أو الكاهن في هذه الكنائس، غني عن البيان أن رعاة اليوم في غالبيتهم عينوا ليقيموا الذبيحة ويمارسون أسرار العماد والزواج بالإضافة إلى الجنازات وغيرها من الطقوس، وبالتالي فلا وقت لهم لعمل شيء آخر إلا أن في ثنايا هذه الطقوس تتعدد الأطباق لجمع النقود من الترددين على الكنيسة. وهنا يكمن مربط الفرس.
لكي يضمن الراعي حصيلة وفيرة من النقود عليه أن يعد غنمه أي رعاياه وهذا يختلف من بيئة إلى أخرى ومن قرية إلى قرية ومن مدينة إلى مدينة، ويزيف الكهنة وعي الناس حينما يتبارون في تكفير أو هرطقة الكنائس الأخرى، وبالتالي على الجميع أن يصلوا في كنيستنا ولا يتغيبوا ولا يتأخروا في حضور القداس (ولا يتأخروا على مرور الطبق).
أين نحن من كلام القديس بولس “إقتدوا بي”؟ إذن ما الذي يمنع الكاهن أن يقتدى به الشباب والشابات والكبار والصغار؟
بقي الصوت المجلجل في القداس، الفرح المليء بالترانيم عالية النبرة، العظة التى غالبًا ما تصب في خانة زجر المؤمنين وتخوفهم من نار جهنم والويل لمن لا يحضر القداس ويمارس الطقوس.
وإذا إكتشفنا أن أغلب الرعاة والكهنة ينقصهم التكوين العقلاني ودراسة الفلسفة وعلوم اللاهوت بفروعها المختلفة والإنفتاح على الأدب وعلى الفلسفة وعلم الإجتماع فإننا نحزن على مصير ومآل ملايين الشباب والشابات الذين يقعون فريسة الخوف والإحساس بالذين إذا لم يطيعوا هؤلاء الرعاة. وبينما كان بولس الرسول متضلعًا في الكتاب المقدس والفلسفة اليونانية نجد كهنة اليوم هم من يصفهم الكتاب المقدس بالقادة العميان، وكيف يقود أعمى أعمى آخر:«هَلْ يَقْدِرُ أَعْمَى أَنْ يَقُودَ أَعْمَى؟ أَمَا يَسْقُطُ الاثْنَانِ فِي حُفْرَةٍ؟”… (لو 6: 39-49)
إن غياب القدوة هو أول لبنة في تحضير ملحدين خلال العشر سنوات القادمة لأن ضحالة ما يحصلون عليه من كهنتهم يجعل أى حجة قوية وعقلانية تهدم ايمان الكثيرين من الشباب.