stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكنيسة الكاثوليكية بمصرروحية ورعويةكنيسة الأقباط الكاثوليكموضوعات

عِظَةُ الأَبِ البَطريركِ الأنبا إبراهيم إسحق فِي عِيدِ اِنْتِقَالِ السَّيِّدَةِ العَذرَاءَ مَرْيَم بِالنَّفسِ وَالجَسَدِ

792views

مُبَارَكٌ الآتي بِاسْمِ الرَّبِّ. رَبُّنَا وَإلَهُنَا وَمُخْلِّصُنَا وَمَلِكُنَا كُلِّنَا يَسُوعُ الْمَسِيحُ اِبْنُ اللهِ الْحَيِّ لَهُ الْمَجْدُ إِلَى الْأبَدِ. بَاركْ يا ربّ فَصِلٌ شَرِيفٌ مِنْ إِنْجيلِ مُعَلِّمِنَا (لوقا) الْبَشير بَرَكَاتُهُ عَلَيْنَا آمِينْ. (لو1: 39-56)

»فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا، وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ:«تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ». فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا». والمجد لله دائمًا

مَرْيَمُ تَوَحِّدُنَا جَمِيعًا
مَحَبَّةُ اللهِ الآب وَنَعَمَةُ الْاِبْنِ الْوَحِيدِ وَعَطِيَّةُ الرَّوْحِ الْقُدْسَ تَكُونُ مَعَ جَمِيعِكُمْ
الْأَبْنَاءُ الْأَحِبَّاءُ في مصر وبلاد المهجر
تهنئة قلبيَّة خالصة وكلّ عامّ وحضراتكم بخير ونعمة وسلام بمناسبة احتفالنا بعيد “انتقال أُمّنا مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السَّماء”.

اليوم أتأمُّلُ معكم حول مريم العذراء وفضائلها، وجوهر ومعنى عيد انتقالها إلى السَّماء، والاقتداء بها.

في بدايةِ الحديث نُؤكِّدُ قاعدة أساسيَّة وبديهيَّة وهي أنَّ الرَّبّ يسوع المسيح هو الطَّريقُ المؤدي إلى اكتمال الإنسان روحيًّا وأخلاقيًّا، وهو معلنُ الشَّريعةَ الجديدةَ وسيّدها، وهو الحقيقةُ الَّتي تضيء بنورها ملء الحياة الَّتي يطمحُ إليها كلُّ إنسان.

كلُّ قديس شهير تميَّز بتمثّله إحدى فضائل الرَّبّ يسوع: فمنهم من تمثّل بفقره، ومن تمثّل بشغفه بالحقيقة، ومن تمثَّل بسرّ طاعته البنويّة للآب، وغير ذلك من وجوه يسوع المختلفة وفضائله الكثيرة. أمّا مريم فقد تمثَّلت بقداسة ابنها تمثُّلًا كاملًا، وببساطة كلّيّةٍ. لقد بلغت كمال الإيمان والرجاء والمحبَّة، بعيشها ببساطة التَّسليم لله في حياةٍ يوميَّةٍ عاديَّة: كأم شجاعة تسهر على حماية ابنها، وربّة المنزل النشيطة المُحبَّة، المتأمِّلة الصَّامتة الَّتي تختزنُ أسرار ابنها، وتتأمَّلُ بها في قلبِها.

ليس هناك الكثير من نصوص العهد الجديد الَّتي تتكلَّم عن مريم العذراء، إلا أن الموجود منها يقول فيها كلِّ شيء. فهي حاضرةٌ في كلِّ مراحلِ الخلاص: التَّجسُّد (الناصرة)، في انطلاقة رسالة المسيح (قانا الجليل)، في الموت الفدائي (الجلجلة)، في ولادة الكنيسة وإرسالها (العلية). هذا الحضور حضور هادئ يحركه الإيمان الصَّافي والمحبَّة المتأهبة لخدمة التدبير الإلهي وتعطشات البشر.

نعمت مريم بامتيازاتٍ فريدةٍ، ولكنّ هذه الامتيازات لم تُبْعدها عن عامَّة البشر، بل زادتها منهم قربًا. وبفضلِ بساطةِ قداستها، يمكن لكلِّ مسيحيّ الاقتداء بحياتِها وبفضائلِها.

يقول البابا القدِّيس يوحنَّا بولس الثاني، إنَّ مريم هي العلامة المُضيئة، والمثال الجذّاب للحياة الأخلاقيَّة؛ ففضائلها الفائقة السموّ تحث النُّفوس على التَّشبُّه بالمثال الإلهي يسوع، الَّتي كانت مريمُ له الصُّورة الأشد صدقًا.

أوَّلًا : عيد الانتقال

“إنَّ مريم أُم الله الطَّاهرة الدَّائمة البتولية، بعدما أتمَّت مسيرة حياتها على الأرض، انتقلت بالنفس والجسد إلى المجد السَّماويّ”. انتقال مريم بالجسد إلى السَّماءِ كان امتيازًا طبيعيًّا لمن دعاها الملاك “الممتلئة نعمة”، لمن اُختيرت لتكونَ أُمًّا لله ولمن وصفتها أليصابات “مباركةٌ أنتِ في النساء”.

هذا الانتقال هو امتيازٌ إلهيٌّ مُنحَ لأمِّ الله القدِّيسة من أجل اتّحادها المميّز بيسوع. إنَّه اتّحاد جسديّ وروحيّ بدأ في البشارة ونضج في حياة مريم من خلال مشاركتها الفريدة في سرِّ الابن الكلمة. يرينا العهد الجديد أنَّ حياة العذراء قد تمّت كحياة امرأة عاديّة في زمنها: كانت تصلّي وتدير عائلتها وبيتها وتصعد إلى الهيكل، ولكنّ كلّ عمل كانت تقوم به كان في اتَّحادٍ كاملٍ مع يسوع. وعلى الجلجلة بلغ هذا الاتِّحاد قمَّتَه في المحبَّةِ والرَّأفةِ وفي ألم القلب. لذلك منحها الله مشاركةً كاملةً في قيامةَ يسوع، وانتصاره على الموت، بقيامة مسبقة. فحُفظ جسد الأمِّ القدِّيسة من الفساد، تمامًّا كجسد الابن.

أمرٌ أخر يُؤكِّدْه واقع انتقال العذراء ويُظهره، وهو وحدة الشَّخص البشريّ نفسًا وجسدًا. فيذكِّرنا بأنَّنا مدعوون لنخدم الله ونمجّده بكل ِّكياننا، بالنفس والجسد. يقول القدِّيس إيريناوس إنَّ: “مجد الله هو الإنسان الحي وحياة الإنسان تقوم في رؤية الله”. فإن عشنا هكذا في خدمة الله الفَرحِة الَّتي يُعبَّر عنها في خدمةِ إخوتنا وخاصَّة الأكثر احتياجًا، سيكون مصيرُنا في يوم القيامة شبيهًا بمصير أمّنا السَّماويّة مريم العذراء.

ثانيًّا : ماذا نتعلَّم من مريم العذراء؟

قد يُخيّل إلى البعض أنّه من المستحيل التمثّل بحياة مريم، ولكنَّ بساطة عيشها، والقداسة البسيطة التي أسبغتها على حياتها اليوميَّة، جعلت منها نموذجًا أمثل لكلِّ من يسعى إلى القداسة.

إنَّ مريم بانتقالها إلى السَّماءِ تدعونا إلى أن نعيد النَّظر في نوعية حياتنا وإيماننا وصلاتنا ومحبَّتنا. فهي تريد أن ننتقل من اليأس إلى الرَّجاء، من الخطيئة إلى البرارة، من الحقد إلى الغفران، وتدعونا لكي نزيلَ الحواجز من أعماقِنا فننفتحَ على الله وعلى الآخرين. بحياتِنا مع مريم نحقِّق دعوتنا أن نكون مع يسوع، ونتّخذها نموذجًا لكلّ أعمالنا.

1- مَنْ هو يسوع المسيح؟

للعذراء مريم دورٌ هامٌ في التَّعريف بيسوع، وفي توثيق العلاقة به، إذ لم يعرفه ولم يُحبّه ولم يتأمُّله أحدٌ مثلها. حياتها كلّها متمحورة حول يسوع وموقوفة على خدمته، فهي القناة الَّتي تصلنا بالينبوع. ثلاث وثلاثون سنة تأمّلت به وسمعت له ورأت مجده، بقيت منتصبة واقفة أمام الصليب ترى ابنها يتألم إلى أن أسلم الروح. وعاشت مريم نور قيامة يسوع المسيح من بين الأموات.

فإذا سِرْنا مع مريم من خلال مراحل حياتها، تَعلّمنا منها كيف “نقرأ المسيح”، وكيف نتعمَّق في معرفة أسراره وفهم رسالته. فالمسيح هو المعلِّم الأصيل، وهو مصدر الوحي، والوحي نفسه. فلا يكفينا أن نتعلَّم ما ألقاه علينا من تعليم، بل يجب علينا أيضاً أن نتعلَّم مَنْ هو، وأن نعرفه معرفةً حياتيَّة حقيقيَّة.

ما أروع كلام يسوع المصلوب ليوحنَّا الحبيب ولأمه: “هذه أمك “، “هذا ابنك”. هكذا، وبكلِّ محبَّة لنا، جعل يسوع أمه مريم أمنا كلّنا، أمًا لكلِّ البشريَّة، إنها حواء الجديدة لبشرية جديدة. فكلنا نحتاج إلى أم وخصوصاً في الأوقات الصَّعبة في الحياة، في الضُّعف، في الوحدة، في أوقات الشَّكّ، في الألم. ومريم تعزينا وتشجعنا وترافقنا في طريق يسوع. وتدعونا لننتمي إلى عائلة يسوع المسيح ربّنا وإلهنا. وتدعونا اليوم إلى قبول كلمة الرَّبّ في حياتنا، فنعمل بموجبها كل يوم لنصير للمسيح شهودًا حقيقيّين.

2-الإيمان

الإيمان في طبيعته العميقة هو انفتاح القلب البشريّ على الله، وهو تقبُّل كلمة الله في أعماق الفكر والقلب لتوجِّه كلّ لحظات حياتنا. فالإيمان ينير ويحرر ويرشد إلى الواقع الأسمى.

يقول القديس أوغسطينوس: “آمنت مريم، وما آمنت به تحقق. فلنؤمن نحن أيضًا، كي نستفيد مما آمنت به مريم”. إيمانها جعلها تلد يسوع، وإيماننا يوحِّدنا به. ومريم في إيمانها هذا خير نموذج لنا.

اختصرت أليصابات استحقاقات مريم عندما هتفت بالهام من الروح القدس “طوبى للتي آمنت بأنّه سيتم ما قيل لها من قبل الرب” (لو1: 45). آمنت مريم أكثر مما فهمت؛ وفهمت بفضل مثابرتها على الإيمان، فعلمتنا أن الإيمان فعل حرّ وفعل حبّ. وعندما قالت للخدام “افعلوا ما يقول لكم” كان ذلك تعبيرًا عن ثقتها المطلقة ودليل على إيمانها الراسخ.

قالت العذراء مريم للرَّبّ “نعم”. وعلى هذه الـ “نعم” أن تكون علامة ملموسة في حياتنا لأسلوب يقوم على الإصغاء العميق لمشيئة الله. فنضع أنفسنا في تصرّف هذه المشيئة، عالمين أنَّه لا يمكن تغيير العالم بالقوّة ولا السُّلطة ولا العنف وإنما بالتحقيق اليوميّ لمخطط الله للتاريخ والبشر الذي هو على الدوام مشروع سعادة وخلاص. (قداسة البابا فرنسيس)

3-الصَّلاة والتَّأمُّل

الصَّلاة هي تنفس الكنيسة، وهي الخدمة التي تُمكِّن البشر من الانفتاح على المخلِّص. وليس غرض الصَّلاة الأول هو ارضاؤنا بل هو تجردنا عن ذواتنا، كي يصلي فينا الروح القدس. والعذراء هي نموذج المصليين بامتياز، والعهد الجديد يُقدِّمُ لنا نماذج لصلاة مريم العذراء التي هي صلاة امرأة تمثّل البشريَّة وتشترك مع الكنيسة جمعاء.

o صلاة التماس للفهم: “تتسأل مريم كَيفَ يَكونُ لي هذا وَأنا لا أَعرِفُ رَجُلاً ؟” (لو1: 34)
o صلاة إرادة وتسليم: “أنا خادِمَةُ الرَّبِّ: فَلْيكُنْ لي كَما تَقولُ” (لو1: 38).
o صلاة شكر وتسبيح: “تُعَظِّمُ نَفْسي الرَّبَّ وتَبتَهِـجُ رُوحي بِاللهِ مُخَلِّصي” (لو1: 46).
o صلاة استسلام للروح القدس: “وحَفِظَت مَريمُ هذا كُلَّهُ وتأمَّلتْهُ في قَلبِها.” (لو2: 19).
o صلاة وساطة، في قانا الجليل: “فقالَت لَه أُمُّهُ: “ما بَقِـيَ عِندَهُم خمرٌ، ثم قالت للخدم:
“مهما قال لكم فافعلوه”. (يو2: 3)

ثالثًا: اكرام العذراء مريم في الكنيسة

كم من مؤلَّفاتٍ كُتبتْ عن مريم، على مرّ التَّاريخ! كم من أعيادٍ لها في الليتورجيات! وما أكثر ما أُقِيمَ على اسمها من كنائس ومذابح ومزارات وأماكن حج! لماذا كلّ هذا الاهتمام؟
لأنَّ مريم هي أم جميع المؤمنين فهي عامل وحدتهم، وتكريمها يُحقّق تناغمًا بين كرامتها وسمّوها من جانب وقربها من أبنائها من جانب أخر.

1-طبيعته وأساسه

يقول المجمع الفاتيكاني الثاني إنَّ الكنيسة تكرّم تكريمًا خاصّا ومستحقًا، تلك التي جعلتها نعمة الله أدنى من ابنها، دون شك، ولكن أرفع من جميع الملائكة والبشر، لدورها كأم الله والكلية القداسة ومشاركتها لأسرار المسيح.

وقد كُرِّمتْ العذراء الطوباوية منذ أقدم الأجيال تحت لقب “أم الله” الَّتي يلجأ المؤمنون تحت حمايتها في جميع مخاطرهم. وقد ازداد تكريم شعب الله لمريم ازديادًا عجيبًا بعد مجمع أفسس بنوع خاصّ، محققًا بذلك كلماتها النبوية “فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ تُطَوِّبُنِي جَمِيعُ الأَجْيَالِ، لأنَّ القدير صنع بي العظائم” (لو1: 48). (دستور عقائديّ في الكنيسة، ف66). بهذه النبؤءة، تعلن مريم قناعتها بأنّ الإيمان بسرّ التجسُّد سيولِّد لدى المؤمنين أعمق عرفان بجميل الله الذي أظهر مدى حبّه للبشر.

وعلى الكنيسة أن تتمثّل بمريم التي تصغي، وتصلّي وتهب يسوع للعالم، ومن خلاله تهبه الفرح. فالمخلّص الذي ولدته مريم، على الكنيسة أن تلده كلّ يومٍ، بل كلّ لحظةٍ.

2-سمات الاكرام

يؤكد المجمع الفاتيكاني الثاني أنَّ التكريم الصحيح لمريم العذراء، ينفي في وقت واحد كلّ تقليل لمكانتها وكلّ مغالاة تتعارض والعقائد المعلنة التي أقرتها الكنيسة. كما ينفي أيّ أشكال الخرافات والممارسات الزائفة، وأن يكون تكريمًا مجانيًا بعيدًا عن أيّ متاجرة أو غاية نفعيَّة.

ويذكِّر المؤمنين أنَّ التَّقوى الحقيقيَّة لا تقوم بالعواطف السطحيَّة العابرة ولا بالاعتقادات الباطلة، بل تصدر عن الإيمان الحقيقيّ الَّذي يدفعنا إلى الاعتراف بسموّ أمّ الله والحبّ البنويّ نحو أمنا والاقتداء بفضائلها. (دستور عقائدي في الكنيسة، ف67).

فالعذراء مريم هي المثال الأسمى لكلّ الفضائل: الإيمان، التواضع، الوداعة، المحبَّة، الخدمة، الرجاء، العمل بمشيئة الله. ويسوع المسيح مخلصُنا هو الغايةُ الأخيرة من تكريم مريم وغاية كلِّ تقوانا. ولأنَّ مريم العذراء هي صورة المسيح الشفَّافة فهي تقودُنا إلى هذه الغاية.

ختامًا

لنرفع طلباتنا إلى أمنا مريم العذراء لتساعدنا بشفاعتها على عيش مسيرتنا اليوميّة في الرجاء لنبلغ جميعنا مع جميع القديسين وأحبائنا إلى الفردوس.

 أيّها الآب السَّماويّ، يا من منح مريم العذراء جسداً ممجداً ورفعها إلى السماء، نسألك بشفاعتها وصلاتها من أجلنا لكي نقدّر الجسد الذي وهبتنا إياه، ونتقبل حالتنا الجسديَّة. ولا تسمح أن نُدمِّر هيكل الروح القدس هذا بالكسل، والعادات المؤذية، والإدمان، وعدم الطَّهارة، فيكون جسدنا في ساعة موتنا مستعدًا لينال مكافئته السَّماويَّة.

 أيُّها الآب السَّماويّ، بشفاعة أمّ الكنيسة مريم، نلتمس عونَك وحمايتَك للكنيسة الواحدة التي أسّسها الرَّبّ يسوع، ونصلي من أجل الخطأة المساكين الَّذين لا يعرفون النُّور الإلهي، نسألك أن تردّهم إليك.

 نتضرعُ اليكِ أيَّتها القدِّيسة مريم العذراء، أنتِ السَّاهرة على الكنيسة كأم لها، وعلى كلّ واحد من أبنائِك، كأم لجميع المتألمين. أسقطي من قلوبنا الحواجز التي تولَّد الكراهية والعنف والخوف واللامبالاة بين الناس وبين الشُّعوب. اجمعينا ووحدينا تحت حمايتك واحمينا من كل شرّ وافتحي باب الرجاء في حياتنا دائما. اشعّي فينا وفي هذا العالم حضارة الحبّ المتدفق من الصَّليب ومن قيامة ابنكِ الإلهي، يسوع المسيح، مخلِّصُنا الَّذي يحيا ويملك إلى دهر الداهرين. آمين

#البطريرك_الانبا_ابراهيم_اسحق