عِظَةُ غبطةِ البَطريركِ الأنبا إبراهيم إسحق فِي قُدَّاسِ عيد القيامة المجيد
باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
من البطريرك إبراهيم إسحق
بنعمةِ الله، بطريركِ الإسكندريَّةِ وسائِرِ الكِرازَةِ المُرقسيَّةِ للأقباطِ الكاثوليك، إلى إخوتِنا المطارنة والأساقفة، وإلى أبنائِنا الأعزاء القمامصةِ والقسوس والرهبانِ والراهبات والشمامسة، وإلى أبناءِ كنيستنا القبطيَّة الكاثوليكيَّة في مصر والمهجر
” ودنا منها يسوع ، وأخذ يسير معهما ” ( لو 24 : 15 )
الأخوة والأخوات الأحباء
اخرستوس أنستى – أليسوس انستى
بعد مسيرة الصوم الأربعينى و أسبوع الفصح المقدس ، نحتفل هذا المساء بعيد قيامة الرب يسوع من بين الأموات . هذا الحدث الأهم فى الأيمان المسيحي . فالمسيح القائم هي قلب الأيمان المسيحي والحياة الروحية . وهى محور الترتيب الطقسي فكل يوم أحد هو عيد قيامة اسبوعي و كل قداس الهي هو استمرار وتحقيق لها.
بالقيامة يتحقق الخلاص الذي شاء الرب أن يتممه بتجسده و صلبه ، انها برهان خلاصنا . لذلك فهي الركيزة الأساسيه للبشارة المسيحية ، و قد كان الرسل قبل كل شىء شهوداً المسيح القائم (1 ع :21 ، 22 )
” ودنا منها يسوع ، وأخذ يسير معهما ” ( لو 24 : 15 )
يأتى احتفالنا هذا وسط أحداث عالمية : الحروب والأوبئة وتدهورالأقتصاد. وأحداث كنسية :- خبرة السينودسية التى تعيشها الكنيسة الكاثوليكية ، تحضيراً لسينودس الأساقفة سنة 2023 ، أي ” السير معاً ” كشركة و مشاركة ورسالة، وأيضا وسط ظروف عائلية وشخصية.
ما أشبه حياتنا بحياة تلميذي عمواس اللذين التقى بهما يسوع القائم و أخذ يسير معهما ، أحداث مؤلمة و أخرى مفرحة فيها نختبر المسيح حياَ.
أتامل معكم انطلاقاً من لقاء المسيح القائم بتلميذى عمواس الوارد في انجيل القديس لوقا. يتحدث التلميذان بشأن ما حدث ليسوع من الألام و الموت ، و كم خاب رجاؤهما في امكانية تدخل الله . ” كنا نرجو …..” ( لو 24 : 21 )
الشركة: “ودنا منهما يسوع ” يسوع يقترب منهما و يسمع ما في قلبيهما ، و كيف فهما الأحداث المتعلقة به . فموقف الرب هو من يصغي الينا حتى حين نظن أنه لا يردّ وسط الألام، و فى وقت احساسنا و شعورنا بغيابه يكون هو بجوارنا ، يمشى معنا و يقترب منا ، يسوع الحي يسير معنا و يرافقنا . و يصير هو طريقنا ” أنا هو الطريق ” ( يو 14 : 6 )
مشاركة : ” أخذ يسير معهما “. يسوع يلتقى بنا على طريقنا و يعيش معنا خبرة السير معاّ، يتبنى خبرتنا ويشاركنا حياتنا و يبدأ يدخلنا فى مسيرة الفصح من خلال كلمته الحية التى تلهب قلوبنا كما عبر التلميذان بقولهما ” أما كان قلبنا يحترق في صدرنا ، حين حدثنا في الطريق وشرح لنا الكتب المقدسة ” وتجدد فينا الرجاء و تحقق فينا القيامة و خبرة كيف أن المسيح
” حىّ فىّ ” كما يقول لنا بولس الرسول غلاطيه ( 2 : 20 )
لم يغيّر يسوع الأحداث و لا الظروف بل حوّل التلمذين : من عيون مقفلة عمياء إلى عيون مستنيرة من الجهل الى المعرفة بالأختبار، من الشك الى الايمان ، من اليأس والأحباط الى الرجاء والانطلاقة . فمهما كانت الأحداث و الظروف فهى لا تمنع خبرتنا بأن الرب حي، وإنما هى فرصة كي نعلن أنه حي و نحن به نحيا و نتحرك و نوجد .
التجربة كبيرة أن نفكر فى القيامة و كأنها مجرد حقيقة لا هوتية نظرية بعيدة عنا.
إن نص تلميذي عمواس هو احتفال ليترجي ، فيه يستقبلنا يسوع بما نحن عليه و يجدد قلوبنا بكلمته و يعرفنا بنفسه بأن يكسر الخبز معنا. فكل مرة نتقاسم كلمة الله معاّ ، يكشف المسيح لنا بروحه عن نفسه ، ويطهّر قلوبنا ويجددها . كل عائلة تجتمع حول كلمة الله يعمل فيها الروح القدس لتعيش خبرة لقاء بالمسيح الحي . لا يزال المسيح يقترب منا و يصغى الينا، ويعلن لنا أنه حي ويعدّ قلوبنا من خلال خبرة معايشة الكلمة و كسر الخبز التى نعيشها فى كل قداس.
كم من مرة تقدم فيها إلي التناول دون استعداد!؟
ودون أن نعيش خبرة حقيقية مع المسيح القائم؟
السينودس هو شركة ومشاركة من أجل رسالة.
رسالة : كيف نكون على مثال تلميذي عمواس، نعيش خبرة لقاء بالمسيح الحي ؟ فننطلق للبشارة بها. فكم من أحداث عديدة لم نضعها بعد على نور كلمة الله و نور المسيح الحي ! دعوة إلي كل شخص مرً بخبرة مؤلمة اختبر فيها صمت الله ، إلى أن يقرأها على نورالمسيح القائم، الذي يقاسمه هذه الخبرة. المسيح يحررنا من الخطيئة بموته المحي و بقيامته يفتح لنا المدخل الي حياة جديدة .
( ت م ك ك 654 )
هكذا فكما أدخل يسوع تلميذي عمواس يدخلنا نحن أيضاً فى شركة جديدة معه ، بها ننتصروننضم الى شهود القيامة و الرجاء و نحمل إلى اخوتنا و عائلاتنا و جماعاتنا و مجتمعنا رسالة فرح ورجاء بلقاء الرب القائم .
لنرفع صلاتنا متحدين مع قداسة البابا فرنسيس و سائر اخوتنا البطاركة و الأساقفة و كل المحتفلين بعيد القيامة ، داعين أن يبسط القائم من بين الأموات سلامه على عالمنا المثقل بالحروب والمعاناة، و يعمق الرجاء فى قلوب البشر جميعاً.
لنصلي من أجل العائلات المكافحة الأمينة ، و العائلات المجروحة قلوبهم و المتألمين بكل نوع.
نصلي معاً من أجل وطننا الغالي مصر خاصة في هذه الأيام المباركة التي نعيش فيها معاً عيد القيامة المجيد وشهر رمضان المبارك حتى تكون فرصة لاسترداد مزيد من السلام و الرجاء والعمل من أجل بناء و نشر ثقافة الحياة.
نصلي من أجل رئيس الجمهورية و كل المعاونين له فى خدمة الوطن و قيادته ، لكي يؤيد الرب مسعاهم و يكلل جهودهم بالنجاح و التوفيق لبناء مستقبل أفضل لكل المصريين .
ختاماً نصلي أيها المسيح القائم:-
أقمنا معك لحياة جديدة ، أقم عقولنا الى نور الايمان العامل بالمحبة ،
وارادتنا الى طريق الخير والرجاء وقلوبنا الى الشركة والمشاركة
حتى نصير رسلاً و شهود للقيامة والحياة والرجاء ويكون هذا العيد لخلاص نفوسنا و تقديسها.
بشفاعة أمنا مريم العذراء الشاهدة الأمينه للقيامة . أمين