غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يحتفل بقداس عيد بشارة العذراء مريم ويرسم الشمّاس طارق إدوار خيّاط كاهناً للخدمة في أبرشية بيروت البطريركية
نقلا عن موقع بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية
24 مارس – أذار 2021
كتب : فتحي ميلاد – المكتب الأعلامي الكاثوليكي بمصر .
في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الأربعاء 24 مارس – آذار 2021، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي، بمناسبة عيد بشارة العذراء مريم بالحبل بالرب يسوع، وخلاله قام غبطته برسامة الشمّاس طارق إدوار خيّاط كاهناً للخدمة في أبرشية بيروت البطريركية، وذلك في كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي في الكرسي البطريركي، المتحف، بيروت.
عاون غبطتَه الأب حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية، بمشاركة عدد من الآباء الخوارنة والكهنة يمثّلون أبرشية بيروت البطريركية ودير الشرفة والرهبان الأفراميين والراهبات الأفراميات. واتّخذ الكاهن المرتسم عرّاباً لدعوته ورسامته الكهنوتية، هو الأب سعيد مسّوح نائب مدير إكليريكية سيّدة النجاة – الشرفة والقيّم في دير الشرفة.
كما شارك أيضاً زوجة الكاهن الجديد وابنه وابنته والعاملون في الكرسي البطريركي، بغياب المؤمنين والمدعوين، وذلك حرصاً على سلامة الجميع في ظلّ التدابير والإجراءات المتَّخذة منعاً لاستمرار تفشّي وباء كورونا.
تلا غبطته الإنجيل المقدس، وخلاله نفخ في وجه المرتسم نفخة الروح القدس.
وبعد الإنجيل المقدس، ألقى غبطة أبينا البطريرك موعظة روحية أعرب في مستهلّها عن سروره بالاحتفال بهذا القداس ومنح السيامة الكهنوتية للشمّاس طارق خيّاط “بالرغم من هذه الأزمة الصحّية التي نمرّ بها، إن كان هنا في لبنان أو في كلّ أنحاء العالم”، منوّهاً إلى أنّ الكاهن المرتسم “أظهر أمانته للرب يسوع وللكنيسة طيلة سنواتٍ عديدةٍ منذ أن كان إكليريكياً في الإكليريكية الصغرى في دير الشرفة، وهو ابن رعية زحلة”.
وتحدّث غبطته عن عيد بشارة العذراء مريم بالحبل بالرب يسوع، هذه الأمّ المباركة التي سلّمت حياتها بين يدي ابنها الرب يسوع، لافتاً إلى أنّنا “اليوم عشية عيد البشارة، بشارة أمّنا مريم العذراء، وكاتدرائيتنا اليوم في لبنان هي كاتدرائية سيّدة البشارة، بعد أن تهدّمت كاتدرائية مار جرجس في الخندق الغميق – الباشورة، ونحن سعينا وسنتابع بناءها كما كانت سابقاً لأنّها هي الكاتدرائية الرمز لوجود كنيستنا هنا في لبنان”.
وتوقّف غبطته عند كلمات من أحد الأناشيد السريانية التي تُتلى في رتبة السيامة الكهنوتية «ܕܰܒܰܪ ܠܡܰܪܥܺܝܬܳܟ ܢܺܝܚܳܐܺܝܬ ܘܟܺܐܢܳܐܺܝܬ ܘܡܰܟܺܝܟܳܐܺܝܬ»، وترجمته “دبِّر رعيتك بالوداعة والعدل والتواضع”، مؤكّداً أنّ “على الكاهن أن يدبّر أمور رعيته بالبرارة أولاً، ثمّ بالوداعة، وبالتواضع. وهذا الأمر يذكّرنا بالتقليد المسيحي في كلّ الكنائس، ومنها كنيستنا السريانية، أنّ الكهنوت دعوةٌ خاصّةٌ يوجّهها الرب يسوع إلى بعض المختارين، بقوله: لستم أنتم الذين اخترتموني، بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتنطلقوا وتأتوا بثمارٍ كثيرةٍ وتدوم ثماركم”، مشدّداً على أنّ “الدعوة الكهنوتية ليست وظيفةً وليست نتيجة شهاداتٍ عليا حصلنا عليها وليست منصباً في العالم، بل هي نعمةٌ يوجّهها الرب يسوع لمن يختارهم كي يتابعوا رسالة الخلاص التي ابتدأها. لذلك نتذكّر كلّنا، إن كنّا كهنةً شباباً يخدمون في الرعايا، أو كنّا بطريركاً أو أساقفةً أو رهباناً أو راهباتٍ أو مكرَّسين، نتذكّر أنّ على عاتقنا تقع مهمّةٌ كبرى جداً، أن نشارك الرب يسوع في خلاص العالم”.
ولفت غبطته إلى أنّ “الشمّاس طارق يلبّي دعوة الرب الذي دعاه، وهذه نعمةٌ كبيرةٌ، وهو رجلٌ مؤمنٌ، وزوجٌ وأبٌ ونفتخر به، وهذا يملأ قلبنا بالفرح، لأنّ الدعوة الكهنوتية هي دعوة للخدمة، خدمة شعب الله. والكاهن يتقدّس حين يقدّس المؤمنين، وهذا يعني أنّه يعيش بالبرارة، مقتنعاً كلّياً أنّ دعوته هي من الرب، ولا يمنّن الرب أو الكنيسة أو الشعب المؤمن، وكأنّه أصبح رئيساً متولّياً عليهم، بل هو خادمٌ. لذلك فالكهنوت هو كهنوت الخدمة، فعلى الكاهن أن يتفانى في خدمة الرعية مهما كانت الصعوبات والتحدّيات، ومهما كانت أطباع البعض ومشاكسات البعض ونكران الجميل من البعض. نحن على مثال الرب يسوع، علينا أن نخدم بالفرح والتواضع والمحبّة والرأفة”.
وأشار غبطته إلى أنّ “الشمّاس طارق الذي يتقدّم لنيل الدرجة الكهنوتية يدرك أنّه كإنسانٍ ضعيفٌ ويحتاج إلى نعمة الرب، يحتاج أن يكون رجل صلاة متواصلة، لأنّ له توكَل خدمة المذبح، وهذا امتياز كبير له أن يصعد إلى المذبح كي يحتفل بالذبيحة الإلهية، ذبيحة الإفخارستية، فيكون قريباً من الرب يسوع ومن الكنيسة، وعليه أن يستمع إلى صوت الرب على الدوام، ويناجيه، ويصلّي إليه، ليس من أجله فقط، بل من أجل عائلته أيضاً، وخاصّةً من أجل الشعب الذي سيخدمه. كما عليه أن يكون ممثّلاً للرب يسوع، أي أن يكون مسيحاً آخر، وهذا هو أيضاً من الصفات التي تُعطى للكاهن، مسيحاً آخر لأنّه على المذبح يمثّل المسيح، ويقدّم الرب يسوع بالذبيحة غير الدموية فداءً لنا جميعاً، للكنيسة وللرعية التي يخدمها”.
وشدّد غبطته أنّ “على الكاهن الجديد أن يتمّم خدمته بصبرٍ وتأنٍّ وتواضعٍ ووداعةٍ، لا أن يأمر، حتّى لو كانت هناك صعوبات، فعليه أن يعرف كيف يتغلّب على هذه الصعوبات بحكمته ونزاهته”، مذكّراً إيّاه “أنّنا جميعاً اليوم، إن كان الكهنة الذين يعرفونك، أو الشمامسة والرهبان والراهبات، يصلّون من أجلك كي تكون الكاهن الصالح، كنتَ وستكون الزوج الصالح والأب الصالح، وهنا تُدعى من قِبَل الرب يسوع ومن الكنيسة كي تصبح الكاهن الصالح”.
وختم غبطته موعظته ضارعاً “إلى الرب يسوع، بشفاعة أمّه مريم العذراء سيّدة البشارة، أمّنا السماوية، كي يبارك الكاهنَ الجديدَ ويحميه وعائلتَه والنفوسَ التي سيخدمها، ويباركنا جميعاً من إكليروس ومؤمنين، لنتابع شهادتنا له رغم كلّ التحدّيات، فنعيش إيماننا بالصدق والنزاهة، ناشرين إنجيل المحبّة والفرح والسلام، وثابتين في وطننا، حيث نحيا بالاحترام المتبادَل مع جميع المواطنين، بالكرامة الإنسانية وبالحقوق المدنية، وذلك في خضمّ ما يشهده بلدنا لبنان من فوضى، إن كان في السياسة أو في المعاناة اليومية لمعيشة المواطنين”.
وقبل المناولة، ترأس غبطة أبينا البطريرك رتبة الرسامة الكهنوتية بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، مستهلاً إيّاها بالتوصيات والتوجيهات للمرتسم، موجّهاً إليه أسئلةً أجاب عنها مجاهراً بإيمانه وواضعاً يده على الإنجيل والصليب. ثمّ توالت الصلوات والترانيم، وتلا غبطته صلاة دعوة الروح القدس، مغطّياً المرتسم ببدلته الحبرية وناقلاً إليه بركة الأسرار المقدسة. وبعدئذٍ وضع غبطته يمينه على هامة الشمّاس طارق خيّاط، ورقّاه إلى درجة الكهنوت المقدس، وسط جوّ روحي خشوعي مهيب، يعبق بالترانيم السريانية.
ثمّ ألبس غبطتُه الكاهنَ الجديدَ الأب طارق الحلّة الكهنوتية، وسلّمه المبخرة. فطاف الكاهن الجديد في زيّاح خشوعي داخل الكنيسة، ومعه عرّابه، وسط التهاليل والتصفيق الحادّ وجوّ من الفرح الروحي العارم والبهجة والسرور.
وبعد المناولة، أكمل الكاهن الجديد القداس الإلهي. وقبل الختام، ألقى الكاهن الجديد الأب طارق خيّاط كلمة الشكر، استهلّها بالآية التي اتّخذها شعاراً لمسيرته ودعوته الكهنوتية: “هاءنذا أرسِلني”، شاكراً الرب على هذه النعمة العظيمة، وموجّهاً شكره وامتنانه لغبطة أبينا البطريرك على توجيهاته الأبوية ومحبّته ودعمه وتشجيعه، وشاكراً أيضاً الأساقفة والخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات والمؤمنين، وجميع الذين أرادوا المشاركة في هذه المناسبة ولم يستطيعوا بسبب الأوضاع الصحّية الراهنة، خاصّاً بالشكر زوجته وابنه وابنته، وراجياً من الجميع أن يصلّوا من أجله كي يكون أميناً على الدعوة التي دُعي إليها، متعهّداً بالطاعة البنوية لغبطته والإخلاص للرسالة المقدسة التي ائتُمِن عليها.
وبعد البركة الختامية، تقبّل الكاهن الجديد الأب طارق خيّاط التهاني من الحضور جميعاً بهذه المناسبة المباركة المفرحة. ألف مبروك.