فليترك الشرير طريقه – الأب وليم سيدهم
من الصعب جدًا على الإنسان أحيانًا أن يميز بين ما هو شر وما هو خير، خاصة إذا كان قلبه يميل إلى احدهما. يدعونا اللله دائمًا إلى التوبة والرجوع عن طريق الشر، ويعدنا بالرحمة والخلاص إذا رجعنا. إن شهوات القلب كثيرة، تبدأ بالكبرياء والرغبة في المجد بأي ثمن وأيضًا يمكننا أن نشتهي الانتماء إلى الملكوت.
يدعونا الكتاب المقدس على لسان النبي اشعياء أن ارجعوا عن عمل الشر وها أنا أغفر لكم. إنه ليس تهديدًا ووعيدًا، لكنه دعوة مجانية مُحبة هدفها أن نعيش في سعادة وتصالح مع النفس “كَثِيرَةٌ هِيَ بَلاَيَا الصِّدِّيقِ، وَمِنْ جَمِيعِهَا يُنَجِّيهِ الرَّبُّ.” (مز 34: 19)
طريق الشر مفروش بالورود في أوله ولكن من منتصف الطريق إلى آخره آلام وعذاب. يصعب علينا أن نترك أحلامنا حتى لو كانت واهية وتؤدي إلى الهلاك. رغبات الجسد في المأكل والملبس والجنس والسلطة لا تنتهي. لأن الجسد بدون العقل والإرادة أعمى، إن الدفة التي تغير اتجاهها عند كل وهم هي دفة معطوبة. وعلينا أن نفحص دائمًا عن من يمسك بالدفة، هل اللسان أم العقل أم الوجدان؟
إن الوصول إلى تسييد العقل في حياتنا يحتاج إلى تدريب، والتدريب يحتاج إلى مُعلم، ورسائل القديس بولس في العهد الجديد هي النموذج الأفضل لمعرفة الكيفية التي بها ندير جسدنا ونفسنا. فمثلًا نجد بولس يفرق بين حكمة الصليب وحكمة العالم فحكمة العالم تتقاذفها أمواج السلطة والمجد الباطل، بينما حكمة الصليب يغذيها سيدنا يسوع المسيح، إن محبة الله ترى أن لا تحكم على الشرير وتمنعه في فرصة مراجعة نفسه ثم التوبة عن شره، إنها ليست سلطة آمرة وقاسية، بل رحومة وصبورة وملهمة.
إن أردنا أن نكون في منأى عن الشر علينا أن نصغي غلى كلام المزمور الأول” طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ، وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ، وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ. لكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ، وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَارًا وَلَيْلًا. فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِيَاهِ، الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ، وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ. وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ. لَيْسَ كَذلِكَ الأَشْرَارُ، لكِنَّهُمْ كَالْعُصَافَةِ الَّتِي تُذَرِّيهَا الرِّيحُ. لِذلِكَ لا تَقُومُ الأَشْرَارُ فِي الدِّينِ، وَلاَ الْخُطَاةُ فِي جَمَاعَةِ الأَبْرَارِ. لأَنَّ الرَّبَّ يَعْلَمُ طَرِيقَ الأَبْرَارِ، أَمَّا طَرِيقُ الأَشْرَارِ فَتَهْلِكُ.”
لنغرس أنفسنا على ضفاف مجاري نهر المحبة الإلهية، ولنرتشف ماء الحياة كالسامرية، ونعطي للفقراء مثل القديس أنطونيوس أبو الرهبان ولا نتشبه بالشاب الغني الذي فضل المال على الله.
فلنترك طرقنا الشريرة ونسير في طريق الرب فيضيء لنا حتى لا تعثر أرجلنا، لنسلك طريق الاستقامة.