فليضئ نوركم قدام الناس – الأب وليم سيدهم
نحن ابناء النور. نحن نور العالم. أنتم نور العالم. لا يوضع المصباح تحت غطاء، بل يوضع في أعلى مكان حتى يضيء للناس.
ولكن كيف يضيء الإنسان الطريق للآخرين أم لنفسه؟ هذا التماهي بين نور الشمس ونور القمر ونور المصباح من ناحية ونور الإنسان من ناحية أخرى يعلمنا أن كما تفعل الشمس حينما تشرق صباحًا بأنها ترفع ظلمة الليل الذي يضع ستارًا كثيفًا على المخلوقات بكل أنواعها فتنير أركان المسكونة، وتجعلنا نبصر الورود بألوانها والشجر بأنواعه والحيوانات بأسماءها والناس من خلال وجوههم العبسة أو المشرقة هكذا نحن، فشعاع الشمس يتحول عند الإنسان إلى شعاع الفضيلة،
يترجم سلوك الإنسان إلى جملة من الإضاءات والأنوار للآخرين، فنحن حينما نعطي العطشان كأس ماء، نضيء بهذا الفعل قلب العطشان فإلى جانب تمكينه من شرب الماء ليرتوي فهو يتأثر بفعل “العطية” وتمجد الله الذي في السموات على خليقته وعلى النور الخارج من خليقته،
إن كأس الماء حينما يروي العطشان يصبح جدولًا يفيض من هذا المرتوي إلى آخرين أيضًا، فتنقشع الظلمة من عينيه ومن قلبه ليحل محلها نور العطاء، نور الفضيلة… وهكذا حينما ننقذ عريانًا من برد الشتاء القارس، تصبح الكسوة التي توفر الدفئ لهذا العريان المسكين، زادًا جميلًا، ينير القلب البارد ويحوله الى حرارة الفضيلة.
“أنتم نور العالم” بهذا يعلن يسوع، أن كل مؤمن قبل المسيح وآمن به، أصبح يضيء مثل الشمس، قلبه مليء بعلامات تضيء طريق المسافرين على درب المسيح، هكذا يمتد نور القائم من بين الأموات، كلما تحولت كتلة الجسد البشري إلى مصدر طاقة، تنير وتغذي بهذا النور الآخرين الباحثين عن الطريق الصحيح للخلاص.
“فليضئ نوركم أمام الناس” نعم جاء المسيح ليبدد الظلمات ويفتح الطريق المناسب لكل من قرر أن يغير حياته، ويترك الأنوار التي يطلقها العالم ليصطاد بها ضعاف النفوس والبعيدين عن الإيمان، إن أنوار العالم الرضي هدفها المكسب والتجارة، هدفها القوة والسلطة وإستغلال الآخرين.
فليبدد نور المؤمن هذا النور الوهمي في العالم، الذي لا يمكنه أن يتجاوز سطح الأرض ليخترق قلوب الناس، إنها أنوار علامات المرور التي تؤدي إلى الموت.
أما نور المسيح فهو نور القيامة والإنتصار على الأنانية، وحب الذات والسلطة والجاه، قبل حب الله الخالق والمُحب.