« فَيَكونَ لَكَ كَنزٌ في ٱلسَّماء، وَتَعالَ فَٱتبَعني » – القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم
القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 – 407)، أسقف أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة ومعلِّم في الكنيسة
العظة 63 حول إنجيل القدّيس متّى
« فَيَكونَ لَكَ كَنزٌ في ٱلسَّماء، وَتَعالَ فَٱتبَعني »
قال الرّب يسوع المسيح للشاب: “إِذا أَرَدتَ أَن تَدخُلَ ٱلحَياة، فَٱحفَظِ ٱلوَصايا” (مت 19: 17). فسأل: “أَيَّ وَصايا؟” لا ليمتحنه، بل على العكس من ذلك؛ افترَضَ أن يكون له، إلى جانب وصايا شريعة موسى، وصايا أخرى من شأنها أن تعطيه الحياة؛ كان ذلك دليلاً على رغبته العارمة. فلمّا عدّد له الرّب يسوع وصايا الشريعة، قال له الشابّ: “هَذا كُلُّهُ قَد حَفِظتُهُ مُنْذُ صِبَايَ”. ولم يتوقّف عند هذا الحدّ، فسأل: “فَماذا يَنقُصُني؟” (مت 19: 20)، وكان ذلك بالذات دليل رغبته العارمة. إنّها ليست نَفسًا صغيرة تُقدِّر أنّها لا تزال تفتقر إلى شيء ما، وتجد بأنّ المثال المقتَرَح غير كافٍ للوصول إلى الهدف من رغبتها الخاصّة.
وما الذي سيقوله الرّب يسوع المسيح؟ لقد عرض أمرًا عظيمًا. بدايةً عرض المكافأة بإعلانه: ” واحِدَةٌ تَنقُصُكَ. اِذهَب فَبِع ما تَملِك وَأَعطِهِ ٱلفُقَراء، فَيَكونَ لَكَ كَنزٌ في ٱلسَّماء، وَتَعالَ فَٱتبَعني”. هل ترى ما هو الثمن، وما التيجان التي يقدّمها لهذا السباق الرياضيّ؟… إنّه يبيّن له مكافأة قيّمة جدًّا ليجذبه ثمّ يُعيد كلّ شيء لحكمه. ما قد يبدو مؤلمًا، يتركه في الظلّ. يبيّن له المكافأة قبل الحديث عن الصراع والجهد بقوله: “إنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً”، هذا هو المجد، هذه هي السعادة!… “فَيَكونَ لَكَ كَنزٌ في ٱلسَّماء، وَتَعالَ فَٱتبَعني”: هذه هي المكافأة، المكافأة الرائعة التي هي أن تسير وراء الرّب يسوع المسيح، وأن تكون رفيقه وصديقه! قدّر هذا الشاب ثروات الأرض؛ فنصحه الرّب يسوع المسيح بأن يتجرّد منها، لا ليفتقر في العَوَز ولكن ليغنيه أكثر.