قداسة البابا لاون الرابع عشر يزور لبنان “بلد الرسالة” حاملاً الرجاء والسلام إلى الشرق المضطرب على خطى أسلافه

٢٧ نوفمبر ٢٠٢٥
الفاتيكان نيوز
يستعد لبنان لاستقبال زيارة تاريخية، يقوم بها قداسة البابا لاون الرابع عشر في الفترة من الثلاثين من نوفمبر الجاري، وحتى الثاني من ديسمبر المقبل، في جولة رسولية تلي زيارته إلى تركيا، وتحمل في جوهرها رسالة رجاء وسلام إلى منطقة أنهكتها النزاعات والتوترات.
وتأتي الزيارة تنفيذًا للرغبة التي لطالما عبّر عنها سلفه قداسة البابا فرنسيس لزيارة “بلد الأرز”، وتأكيدًا على الدور الروحي، والإنساني الذي تضطلع به الأديان في تعزيز الحوار، وحماية الخليقة، وبناء الجسور بين الشعوب.
ومن أبرز محطات الزيارة المرتقبة، الصلاة الصامتة التي سيقيمها الأب الأقدس في موقع انفجار مرفأ بيروت، تكريمًا لأرواح أكثر من 200 ضحية قضوا في مأساة الرابع من أغسطس 2020، في خطوة رمزية تحمل معنى المشاركة في الألم، والسعي إلى الشفاء الوطني.
منذ ستينيات القرن الماضي، احتلّ لبنان مكانة خاصة في قلب البابوات الذين رأوا فيه بلد رسالة، ونموذجًا للتعددية، والعيش المشترك.
قداسة البابا بولس السادس كان أول حبر أعظم يزور لبنان، في 2 ديسمبر 1964، حيث لاقى استقبالًا شعبيًا غير مسبوق، وترددت أجراس الكنائس في بيروت كلها احتفاءً بلحظة تاريخية.
وبين الحشود التي احتشدت لرؤيته، أكد البابا مونتيني أن لبنان يحتل مكانته بجدارة بين الأمم، متمنيًا أن يبقى دائمًا أمينًا لرسالته الحضارية.
أما الطوباوي البابا يوحنا بولس الأول، فرغم وفاته المبكرة عام 1978، فقد عبّر عن رغبته بزيارة لبنان، للمساهمة شخصيًا في مسار السلام، خلال الحرب الأهلية، كما كشف البطريرك أنطوان خريش آنذاك.
وجاءت الزيارة الأكثر تأثيرًا مع القديس البابا يوحنا بولس الثاني عام 1997، في زمن جروح الحرب، حيث وجّه نداءً قويًا لبناء الجسور، ونزع الجدران، وأطلق عبارته الشهيرة:
“لبنان ليس وطنًا فحسب… إنه رسالة” ولا تزال هذه العبارة حتى اليوم تختصر هوية لبنان، وتعددية نسيجه الاجتماعي.
وفي عهد البابا بندكتس السادس عشر، حملت زيارته إلى لبنان عام 2012 روحًا من الأخوّة، والحوار، مؤكدًا ضرورة تعاون الكنائس، وتلاقي الديانات، ومشددًا على إمكانية أن يكون لبنان، نموذجًا للتعايش في الشرق الأوسط، والعالم.
ويحمل قداسة البابا لاون الرابع عشر معه إلى لبنان الرسالة نفسها التي حملها البابوات من قبله: دعم شعب يواجه تحديات سياسية، واجتماعية، واقتصادية عميقة، وتعزيز المبادرات المشتركة بين المؤمنين من مختلف الطوائف.
وتكتسب زيارته طابعًا خاصًا بعدما كان الإخفاق في تحقيق زيارة قداسة البابا فرنسيس أمنية مؤجلة لسنوات. ومع ذلك، ظل لبنان حاضرًا بقوة في قلب الحبر الأعظم الذي أوكل في عام 2013 كتابة تأملات درب الصليب للبنانيين، حيث جاء فيها “اجعل يا رب دماء الضحايا الأبرياء بذرة لشرق جديد، أكثر أخوّة وسلامًا وعدلًا”.
واليوم، يواصل عظيم الأحبار هذا الإرث، متوجهًا إلى بلد الأرز، بعينين تحملان رؤية سلفه، وقلبًا يسعى إلى أن يكون لبنان مجددًا أرضًا للمصالحة، والرجاء.
يشبه اللبنانيون وطنهم بشجرة الأرز: شامخة، باسقة، تمتد بأغصانها كمن يريد أن يحتضن العالم. ورغم الجراح، والاضطرابات، يبقى لبنان، كما وصفه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني “رسالة حرية وتعددية للشرق والغرب”.
ومع الزيارة المرتقبة لقداسة البابا لاوُن الرابع عشر، يتجدد الأمل بأن تستعيد هذه الأرض رسالتها، وأن تبقى رغم كل التحديات، مساحة للسلام، والعيش المشترك.




















