كانوا ممتلئين من الفرح – الأب وليم سيدهم
نحن هنا في أنطاكية وهي أول بلد في العالم أطلق فيها لقب “مسيحيين” على المؤمنين بالمسيح، وهي بلد مهم في سوريا الحالية، كما جاء في سفر أعمال الرسل نرى بولس وبرنابا يبشرون بالمسيح أهل انطاكية، إلا أن يهود المدينة رفضوا البشارة فقرر بولس أن يتوجه الي الوثنيين “وَأَمَّا كَلِمَةُ اللهِ فَكَانَتْ تَنْمُو وَتَزِيدُ.” (أع 12: 24)
إلا أن يهود المدينة آثاروا كرائم النساء العابدات، وأعيان المدينة، وحرضوا على اضطهاد بولس وبرنابا، حتى طردوهما من بلدهم، ويقول الكتاب إن التلاميذ مارسوا ما أوصى به المسيح في الإنجيل “وَمَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ كَلاَمَكُمْ فَاخْرُجُوا خَارِجًا مِنْ ذلِكَ الْبَيْتِ أَوْ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَانْفُضُوا غُبَارَ أَرْجُلِكُمْ.” (مت 10: 14)
ولأن قلبا بولس وبرنابا كانا عامرين بالإيمان والغيرة على كلمة الله، فلم يعتبرا هذه الاضطهادات أو هذا الأذى لا داعيا للألم بل للفرح عملًا بما قاله السيد المسيح “طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ.” (مت 5: 11)
ولذا يقول سفر أعمال الرسل “وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَكَانُوا يَمْتَلِئُونَ مِنَ الْفَرَحِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.” (أع 13: 52) هذا الفرح غمر بولس وبرنابا لأنهم اعتبروا أن آلام هذا الدهر كله لن تستطيع أن تنزع فرح إنتمائهم للمسيح المنتصر على الموت والألم. كما كانا مملوئين من الروح القدس وهو الروح المُعزي والمؤيد لكل فعل خير.
لقد غطت الرسالة المسيحية معظم المسكونة ومازالت الكنيسة تعمل من خلال مكرسيها من كهنة ورهبان وراهبات وعلمانيين في المحافظة على عمل الروح القدس المحيي فيها، إلا غان مخاطر الخارج التي تتجسد في الصراعات المذهبية خاصة في الدول المتخلفة التي لا تحترم حقوق الانسان وفي الدعوات الإرهابية في أفريقيا وآسيا وكا أنحاء العالم. وعل مثال بولس وبرنابا يتحمل المكرسون للبشارة الإضطهاد والطرد والقتل حتى يومنا هذا، أما الخطر الآتي من الداخل فهو العناصر التي تنتمي رسميًا إلى المؤسسة الكنسية لكنها حولت الايمان بالمسيح الى تجارة في الأسرار مثل سر الزواج وسر الكهنوت وسر المعمودية.
ونحن نمر اليوم بتحديات غير مسبوقة من تهديدات وبائية وتهديدات إرهابية وتهديدات طبيعية مثل التغيرات المناخية البيئية فإننا نرفع أعيننا إلى الله كي يخفف من هذه الضغوط وأن يزودنا من بركاته ونعمه لنغير هذه التحديات متكلين على رحمته ومحبته وسخائه في عطاياه لنا كما تعودنا دائمًا ونطلب منه أن يثبت إيماننا فيه إلى الدوام.