كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال (14) الهدوء
كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال
تأليف
الأب / جوستاف كورتوا
ترجمة
القمص / لويس نصرى
مراجعة
الأنبا / أنطونيوس نجيب
الأب / مجدى زكى إسطفانوس
(14) الهدوء
كما أن عدوى الانفعال تسرى بسهولة، هكذا أيضاً عدوى الهدوء. يجب أن تُشعّ شخصيّتك كلّها بالهدوء. فإن أقلّ علامة من القلق، والانهيار، والتوتّر، والذُعر، وإن كانت لا تُسبّب بالغاً لو كنت وحدك، قد تؤدّى إلى عواقب مؤسفة وجسيمة فى جماعة.
قٌل لنفسك إن مئات العيون الفاحصة مسلّطة عليك باستمرار. فإن بدا عليك التوتّر، أو القلق، أو الملل، أو الاضطراب، أو التعب والضَجر، انعكس فى الحال على الجماعة. ويزداد التأثير كلّما ازدات قوّة الاعتماد التى كانت الجماعة تضعها عليك.
فإن كنتَ تائهاً، وظهرت بمظهر الضائع، فقد ضعت فعلاً، لأنك حرمت نفسك من التصرّف العاقل والسليم، وسيقضى ذُعر الأطفال من حولك على ما بقى فيك من تماسك. أمّا إذا بدأت تُغنّى، فالأطفال كلّهم يغنّون معك، وستسترد شجاعتك، وسيطرتك على الموقف، لتُقرّر، وتهتدى إلى الطريق السليم.
لا تلفظ كلمة تشير إلى أنك مهموم، أو أنك لا تحتمل أكثر من ذلك، أو لن تنجح، فإن هذا يُقلّل من نفوذك وقوّة سُلطتك.
إن الحالة الأدبيّة لمجموعة ما، تتجلّى على وجه قائدها، وتلقائيّاً، تنعكس كلّ مواقفه، بل حتّى أفكاره الحميمة، على تصرّف الأطفال ومشاعرهم، وتنتقل إليهم.
لا تقُل أبداً: “أنا مشغول فوق طاقتى”. فإنك سوف تعتاد هذه النغمة، وتشعر بالحاجة إلى إشباعها، وستنتهى إلى الإيمان بها، وتفتح الباب لكلّ أنواع التقصير وفُقدان الصبر.
تعلّم كيف توفّر مجهودك وترتّب أعمالك. فليكن عندك حسّ التناسب، فلا تفرض عقاباً شديداً على ذنبٍ تافه، ولا تتدخّل شخصيّاً فى كلّ لحظة، فإن كثرة التدخّل، ولأبسط الأمور سوف تُرهق الأطفال، وتُقلّل من نفوذك عليهم.
لا تُكثر من استخدام الصفّارة، أو أىّ مؤثّرات صوتيّة أخرى لإعطاء تعليماتك.
لا تُعطِ أمراً فى كلمتين، إن كانت كلمة واحدة تكفى. وإن كانت الإشارة تكفى، فإعط أمرك بالإشارة، وتجنّب الصُراخ، ولا تَظهر منفعلاً وثائراً، بل إخلق للأطفال جوّا من الهدوء والثقة.
لا تحوّل أىّ أمر إلى مأساة، واعمل بنصيحة المارشال فوش: “لا تخلق مأساة فى الأمور البسيطة، وهوّن الأمور المأساوية”.
مثلاً: فى ناحية ما، شبّ حريق فى المسرح أثناء العرض. وفى الحال، ظهر المدير وقال للجمهور: “لا خطر عليكم بالمرّة. والأمر بسيط جدّاً. اخرجوا بهدوء. وسينتهى كلّ شئ على ما يرام”. ولم تقع أيّة ضحيّة.
بينما فى ناحية أخرى، شبّ حريق فى كابينة السينما، وهى غرفة مصفّحة لا يُمكن للنار أن تتسرّب منها إلى الخارج.ولم يكن هناك أىّ خطر على الجمهور. ولكن المدير صرخ بصوتٍ يرتعب: “الأمر رهيب. يا ربّ استر”. فخاف الجمهور، واندفعوا إلى الخارج مذعورين، فداس بعضهم بعضاً، ومنهم مَن مات، وجُرح كثيرون.
تدرّب على الاحتفاظ بالهدوء والبشاشة، بأن تُقابل المتاعب الصعبة بروح المَرح والفُكاهة. ولا تجترّ ما عندك من مضايقات، ولا تجعل المشاغل تتحوّل إلى هموم.