كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال (16) موهبة السُلطة
كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال
تأليف
الأب / جوستاف كورتوا
ترجمة
القمص / لويس نصرى
مراجعة
الأنبا / أنطونيوس نجيب
الأب / مجدى زكى إسطفانوس
(16) موهبة السُلطة
السُلطة مجموعة صفات، بها يحمل المربّى الأطفال بسهولة، على أن يحبّوا ويُريدوا ما يراه ملائماً أكثر لخيرهم وتكوينهم.
لا تأتى السُلطة بالأمر أو بفعل الوظيفة، يجب اكتسابها واستحقاقها.
فليُمارس المربّى السُلطة لخير الأطفال الأكبر دائماً. وهنا أكثر ممّا فى أىّ مجالٍ آخر : الرئاسة خدمة.
لا تخلط بين السُلطة والتسلّط. فالتسلّط تشويه للسُلطة. هو تحكّم بلا داعٍ. ولا شئ أخطر وأبغض من التسلّط، لأن كثرة التدخّل فى كلّ لحظة، لسبب ولغير سبب، تخنق التلقائيّة، وتجعل المسؤول مكروهاً.
وقد لوحظ أن الإنسان الخجول هو الأكثر عُرضة للتسلّط، فهو يفتقر إلى الثقة فى نفسه، فيُزيد أن يُثبت رئاسته بالأوامر الكثيرة، وفى غير وقتها.
مل يهمّ هنا ليس الأوامر بل التنفيذ، والحال الأمثل هة أن تحصل على التنفيذ بأقلّ الأوامر.
السُلطة والمسؤوليّة متلازمتان. فأنت صاحب سُلطة بنفس فعل تكليفك بمسؤوليّة، وبمقدار هذا التكليف.
فإن كانت صفات السُلطة فيك ليس على مستوى مسؤوليّتك، حدث خللٌ، قد يتسبّب فى أكبر الاخطار لك وللآخرين، لأنك إن لم تستطع حمل الأطفال على احترام السُلطة، فأنت تساعد على الاستقلاليّة، والتمرّد، والفوضى.
وكقاعدة عامّة، إن كان الأطفال لا يطيعون، فالعيب فى القائد. والمربّى العديم السُلطة يتسبّب سريعاً فى الفوضى بين الأطفال. إنه يُكرّر الأوامر دون نتيجة، فيضطر أن يقوم بالجزء الأكبر من العمل الذى لا يحصل عليه، وهكذا يتعب ويُرهق نفسه، ويصل إلى نتائج مؤسفة. ولانعدام تأثيره على الأطفال، لا يحصل منهم على المجهود اللاّزم لاكتساب الخِصال الحسنة والنافعة.
يحتاج الأطفال إلى مساعدة. يجب أن يقاموا الأمثال الرديئة. ويلزم أن يكتسبوا تدريحياً الصفات التى تنقصهم، أو أن ينمّوا الصفات البادئة فيهم.
وهذه هى مهمّة المربّيّين، من والدَين ومعلّمين وكهنة وخدّام، عليهم بتأثيرهم أن يُساعدوا الأطفال أن يكتسبوا الصفات الحسنة.
لا يجب أن تكون السُلطة أبداً قوّة السيادة، ولكنها خدمة محبّة، هدفها أن تصل تدريجيًا إلى تكوين شخصيّة سويّة.
من الناس مَن يتمتّعون طبيعيّاً بموهبة السُلطة، فهى مولودة معهم، ولهم تأثير واضح على مَن حولهم، وكأنه تَخرُج منهم طاقة مغناطيسيّة، تتحكّم فى الجوّ المحيط بهم. إنهم لا يحتاجون إلى المُطالبة بالصمت والهدوء. يتكلّمون فيسود السكوت تلقائيّاً. وبمجرد حضورهم يعمّ الهدوء، بينما غيرهم يفشل فى أن يستمتع إليه الاطفال.
ومع ذلك فالسُلطة يمكن اكتسابها، ويمكن تنميتها، كما يُمكن فقدانها. وذلك بموجب قواعد يَحسُن دراستها.
إن أردت أن يحترمك الاطفال، احترم نفسك. فلا تقُل أبداً كلمة غير لائقة أو مبتذلة، ولا تمزح مزاحاً مشبوهاً، ولا تسمح لنفسك بالفة زائدة، ولا تبدو أبداً خاملاً أو مستهتراً. كُن دائماً الأب، والقائد، والمربّى. كُن مثلاً أعلى.
وكلّما زاد تأثير المسؤول على الأطفال، نظراً لسنّة أو خبرته أو مواهبه، كلّما كان عليه أن يحرص على عدم خنق شخصيتّهم المتفتّحة، وإنما يجتهد فى إبرازها وتنميتها.