كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال (24) مهارة العقاب
كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال
تأليف
الأب / جوستاف كورتوا
ترجمة
القمص / لويس نصرى
مراجعة
الأنبا / أنطونيوس نجيب
الأب / مجدى زكى إسطفانوس
القسم الثالث
(24) مهارة العقاب
لا تضرب الطفل أبداً، لا تقُل أبداً: “لقد أثارنى. أفقدنى أعصابى. لا يسمح أبداً الكلام. إنّه مستهتر…إلخ”. فلا يجوز للمربّى أن يفقد أعصابه. وإن كان الطفل لا يسمع كلامك، ولا يجدى التوبيخ معه نفعاً، فذلك لأنك لم تفهمه، أو لم تستطع أن تجعله يفهمك ويتجاوب معك.
لا تُعاقب طفلاً بأن تحكم عليه بالوقوف وحده أمام الحائط، أو فى مكانٍ منعزل، فإن هذا يُنافى تماماً كلّ المبادئ التربويّة.
لا تُعاقب طفلاً بأن يركع فى الكنيسة أمام الجميع، ففى هذا مذلّة تجعله ينفر مع الوقت من العبادة والأمور الدينيّة.
إن عاقبت طفلاً، فلا تجعله يشعر أنك تعاقبه بسبب مزاجك أو ضيقك، أو للانتقام منه، بل بالعكس، يجب أن يشعر أنك تأخذ هذا الإجراء آسفاً لخيره الشخصى وللخير العامّ.
لا تُعاقب طفلاً إلاَّ إذا تأكّدت أنه مُذنب فعلاً. وإن كان الذنب هو مخالفة أمرٍ، فتأكّد جيّداً أنه سمع الأمر وفهمه، ومع ذلك قصد المخالفة.
استبعد الظنون غير القائمة على أساس، وأرفض رفضاً قاطعاً الوشاية ونقل الكلام.
فليكن العقاب متناسباً مع الخطأ. وليكُن مقياسك للخطأ مبنياً. لا على شعورك الذاتى، إنما على خير الطفل نفسه، وعلى الصالح العامّ. فمثلاً ستتضايق كثيراً إذا كسر طفل لوح زجاج، ولكن ذلك أقلّ جسامة من الكذب أو الكلام الردئ.
وليكن العقاب تربويّاً، وله ارتباط بالفعل الخطأ. مثلاً: فى المعسكر الصيفى، إذا تأخّر طفل عن الخروج من البحر، بعد إعطائه الإشارة لذلك، يُمكن حرمانه من السباحة مع زملائه المرّة التالية.
لو ألقى أحد الأطفال أوراقاً أو قِشر فاكهة على الارض، بدلاً من إلقائها فى المكان المخصّص لذلك، أطلب منه على سبيل التدريب على النظام، أن يجمع ما يجده فى الفناء من أوراقٍ، مدّة يوم أو يومين.
عندما تُقابل مقاومة من أحد الأطفال، إسأل نفسك أوّلاً إن لم يكن سببها، ولو جزئيّاً، خطأ أو سوء تصرّف منك فى إصدار الأمر، وإن كان السبب خارجاً عنك فحاول أن تزيله وتتخلّص منه. وإن واجهت مقاومة لم تسبّبها، ولم تنجح فى التغلّب عليها بالسياسة، كُن حازماً، ولكن بكياسة وهدوء، وابعد المُذنب عن زملائه، دون أن تجرح كبرياءه.
احذر أن تُعاقب قبل الأوان. واعطِ الطفل فرصة للإقرار بالخطأ والتعويض عنه. واعلم أن العقاب الذى لا رجوع عنه، يقتل فى الطفل رغبة التعويض عن الخطأ.
ومتى كان لك سُلطة فعليّة على الأطفال، لن تحتاج فى أغلب الأحيان إلى العقاب، تكفى نظرة صارمة منك لردع الطفل المُخطئ. وإن كان الطفل يُحبّك، فسوف يشعر بالألم الذى سبّبه لك، وهذا أنجح عقاب له.