stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكتبالمكتبة الكاثوليكية

كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال ‏(29) النظام والتنظيم‏

928views

كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال
تأليف
الأب / جوستاف كورتوا
ترجمة ‏
القمص / لويس نصرى
مراجعة ‏
الأنبا / أنطونيوس نجيب
الأب / مجدى زكى إسطفانوس
القسم الرابع
بعض النصائح العمليّة

 

‏(29) النظام والتنظيم‏

يُقال إن عدم النظام من نتائج الفنّ. قد يَصحّ ذلك فى معرض أو فى حجرة استقبال، ولكن لا ‏يَصلُح أبداً فى مكتب مدير، أو فى متعلّقات مسؤول عن عملٍ أو خدمة.‏
 النظام ضرورىّ فى كلّ مكان. وبالأخصّ لا غنى عنه فى حياةٍ مُثقلةٍ ومتشعّبة النشاط، كما ‏هى حياة المسؤول عن تربية الأطفال.‏
 يوفّر عليك النظام الكثير من المتاعب، ومن البحث الدائم عن حاجاتك، كما يُقلّل إلى أقصى ‏حدّ من الوقت الضائع.‏
 رتّب كلّ ما تحتاج إليه، بحيث تجده بسهوله، دون أن تفقد صبرك وتضيّع وقتك.‏
 إعرف دائماً المكان الذى وضعت فيه المستندات الرسميّة والأوراق الهامّة، بحيث تجدها ‏بمجرّد الاحتياج إليها. هكذا مثلاً العقود، مستندات الملكيّة، والإيصالات، والفواتير، ‏وغيرها.‏
 ربّما كُنت تُخصّص أوقاتاً لترتيب أوراقك بصفة دوريّة. وهذا حَسن. ولكن من الأفضل لو ‏اجتهدت أن تكون مُنظّماً فى كلّ وقت أوّلاً بأوّل، وأنت تُنجز أعمالك. بذلك توفّر على نفسك ‏وقتاً كبيراً، وتكون دائماً مستعداً لإيجاد أىّ مستند تحتاج إليه فجأة.‏
 عند الانتهاء من استعمال أىّ شئ، عليك أن تُعيده فوراً إلى مكانه الصحيح. هناك أشخاص ‏من طبعهم أن يصنعوا ذلك. وإنّما يجب اكتساب هذه العادة بأىّ ثمن، إذا أردت أن تحتفظ ‏بهدوء أعصابك وأن تكسب وقتك.‏
 أطلب من جميع معاونيك الالتزام الدقيق بهذه القاعدة الأوّليّة للنظام فى المجموعة: أن يعيدوا ‏كلّ ما يستعملونه، من آلاتٍ وأدواتٍ ومستنداتٍ، إلى المكان المخصّص فور الاستعمال. ‏وكُن صارماً فى هذه النقطة.‏
 درّب الأطفال على النظام، مثلاً فى الألعاب، وفى أشيائهم الخاصّة كالملابس والكتب ‏والأدوات. وفى المعسكرات، قُمّ من وقتٍ لآخر بتفتيش الحقائب والدواليب. ولا تقبل أبداً أن ‏تكون المأكولات مثلاً وسط الملابس بدون أوانى تحفظها، أو أن تكون الملابي المُتّسخة ‏وسط النظيفة.‏
 فليكن النظام جزءاً من المسابقات بين الفِرق. مثلاً، يُمكنك أن تفرض غرامة أو تخصم نقطة ‏على الفريق الذى يفقد أحد أعضائه شيئاً يخصّه، سيتعوّد الأطفال بذلك على الانتباه ‏والحِرص والنظام.‏
 لا تملّ أبداً من تكرار هذَين الشعارين:
‏- “لكلّ شئٍ مكان. وكلّ شئٍ فى مكانه”.
‏- “لكلّ شئٍ وقت. وكلّ شئٍ فى وقته”.‏
 قد تحتاج إلى عدّة سنين، ليتحوّل ذلك إلى سلوك تلقائى عند أعضاء مجموعتك. ولكنّك لن ‏تكون قد أضعت وقتك، لأنّك ستكون ساعدتهم فى تحقيق انتصار كبير على الفوضى، ‏والتسيّب، وعدم المُبالاة.‏
 كلّما إزداد عملك وكثُرت مشاغلك، كلّما احتجت إلى عدم تبديد وقتك بسبب عدم النظام. ‏ضَع ترتيباً للأولويّات. وحَدّد فى كلّ يوم برنامج أعمالك. وبقدر الإمكان، تمّم كلّ عمل فى ‏الوقت الذى حدّدته له.‏
 إذا كان عليك أن تقوم بعملٍ لا تُحبّه، فأعمله فى الحال إن أمكن، أو فى الوقت المحدّد له. ‏وهكذا تستريح من القلق والتردّد والضيق الذى لا فائدة منه.‏
 لا تؤجل أبداً ما يُمكنك أن تعمله فى الحال.‏
 لا تتساهل أبداً فى تأجيل مُراسلاتك، أو حساباتك، أو أىّ عملٍ يلزمك القيام به. فهكذا تكون ‏دائماً هادئ الأعصاب، ومستريح البال، وفى غاية النظام.‏
 إن كنت تُهمل بعض الأمور الضغيرة، فى انتظار وقتٍ أنسب لها، فإنها ستتراكم، وستجد ‏نفسك عاجزاً تماماً عن إنجاز ما أهملته. وسيكون عملك دائماً ناقصاً. وبذلك تتعرّض إلى ‏الكثير من المتاعب الإضافيّة والأخطاء الاضطراريّة.‏
 لا تتوانَ أبداً فى إنجاز مُراسلات، وفى الردّ على ماهو مطلوب منك، مهما كان بسيطاً، ‏كإعطاء شهادة، أو الإفادة عن معلومة.
وتذكّر هذا الشعار: “مَن يُعطى سريعاً، يُعطى مُضاعفاً”.
‏ إن احتاج المطلوب منك إلى بحث، تعجز عن عمله الآن، فردّ حالاص على مُراسلك، ‏واخطره باستلام رسالته، وبأنك ستُجرى البحث المطلوب. وضع الرسالة ضمن الاعمال ‏المطلوب انجازها، لكى لا تنساها، وردّ عليها فى أقرب فرصة.‏
 بدون برنامج دقيق، تضيّع الحياة بلا فائدة، ويَضيع أكثر الوقت فى البحث عمّا يلزم عمله، ‏وعن كيفيّة انجازه.
‏ وبالفعل، كثيراً ما يحدث الآتى: تتذكّر فجأة عملاً يلزمك القيام به. ولكنك مشغول أو ‏غير مبالٍ، ولا تهتمّ بتدوينه فى مفكرتك. وقد تُعاود التفكير فيه. ولكنّك تؤجّله إلى وقت آخر ‏لسببٍ أو لغيره. ثُم تُفكّر فيه من جديد وتنوى تنفيذه. ثُمَّ يُصبح إنجازه ضرورياً، ولكنّك بعد ‏كلّ هذا التردّد، لا تشعر بالحماس، وقد لا تجد وقتاً للدراسة الكافية، فتقوم به ارتجالاً، ولا ‏تُحقّق النجاح المرغوب.
‏ أمّا الأسلوب الصحيح فيكون كالآتى: إذا كان العمل وجيزاً، فأعمله حالاً، بمقدار ما لا ‏يتعارض مع العمل الجارى. وإلاَّ، فدوّنه فى مفكرتك، مُحدّداً فى الوقت نفسه متى ستنفّذ ‏العمل. ثُمَّ نفّذه فعلاً فى الوقت الذى حدّدته بالضبط، كاملاً ومرّة واحدة.‏
 متى تكاثرت عليك الهموم والأعمال، إجلس، وخُذ ورقة وقلماً، وأكتب قائمة بكلّ ما هو ‏مطلوب منك، ثُمَّ رتّب الأمور حسب أولويّة أهميّتها واستعجالها، وحدّد جدولاً لتنفيذها. أبدأ ‏فى العمل بالترتيب الموضوع، ولا تُفكّر إلاَّ فى الأمر الذى تنفّذه، تاركاً باقى الأمور إلى أن ‏يأتى دور كلّ منها كالترتيب الذى وضعته.‏
 اكتب بعناية كلّ فكرة نافعة تخطر على بالك، بمجرّد أن تمرّ بذهنك، وإلاَّ طارت دون ‏رجعة. ولكن بعد تدوين الفكرة، عُد إلى العمل الذى تقوم به، وأكمله حتّى النهاية. وإرجع إلى ‏ما دوّنته عندما يأتى دور الموضوع الخاصّ به.‏
 لا تقُل أبداً إنك مشغول فوق طاقتك. وإلاَّ سوف تقتنع بذلك، ولن تستطيع القيام بأىّ عملٍ فى ‏هدوءٍ وسلام.‏
 والناس الأكثر انشاغالاً، هم الذين يجدون دائماً وقتاً لكلّ شئ. أمّا الذين لا يعملون شيئاً، فهُم ‏الذين يشتكون دائماً من نقص الوقت.‏
 علامة جودة العمل ليس كثرة الحركة، أو الارتباك، والضوضاء، والقلق، ولكنها الثمار ‏الجيّدة: “اخترتكم لتأتوا بثمر” (يو15 : 16).‏
 لو كان الفرد، وبالأخصّ المسؤول عن رسالة، يوفّر الوقت الذى يضيّعه فيما لا ينفع من ‏أحاديث، وتنقّلات غير ضروريّة، وقراءات غير مفيدة، وزيارات غير مُجدية، وفى أعمال ‏يقدر غيره أن يعلمها، بعد تكوين مُناسب، لوجد وقتاً كافياً لتقوية حياته الروحيّة والثقافيّة، ‏وأعطى ثمراً أفضل فى نشاطه الرسولى.‏
 لا يكفى أن تقول: “عندى عمل كثير”. وإنما عليك أن تسأل نفسك: “هل هذا العمل نافع ‏ومُلائم لرسالتى الحاليّة”، وإلاَّ كنتُ كثير الجرى، ولكن خارج الطريق الصحيح.‏
 اختصر قراءة الجرائد اليوميّة إلى أقصى حدّ. وللاقتناع بذلك، إقرأ مثلاً جردية صدرت من ‏شهرٍ فقط. سوف ترى أن أغلب ما ورد فيها قليل الأهميّة فى الواقع، بعكس ما يكون قد ‏ظهر عليه يوم صدوره.
‏ من الأفضل أت توفّر وقتك لقراءة المجلاّت الشهريّة والأسبوعيّة، لما فيها عادةً من ‏مقالاتٍ مدروسة ودسمة، تُغذّى فِكرك وتنفع رسالتك.‏
الدقائق الضائعة غالية الثمن. فالوقت، بالنسبة إلى الرسول، ليس فضّة إنما هو أبديّة، لأنه مُخصّص ‏للعمل من أجل الخلاص الأبدى للنفوس.‏