كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال (34) الشجاعة
كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال
تأليف
الأب / جوستاف كورتوا
ترجمة
القمص / لويس نصرى
مراجعة
الأنبا / أنطونيوس نجيب
الأب / مجدى زكى إسطفانوس
القسم الرابع
بعض النصائح العمليّة
(34) الشجاعة
على المسؤول، ولا سيّما فى مجال التربية، ألاَّ ييأس أبداً. فالخير الحقيقى الذى نعمله ليس دائماً ما نراه. ومَن يعمل الخير، لا يُمكنه أن يعرف كلّ ما يَنتج عنه من خيرٍ فعلىّ.
كثيراً ما يحدث أن مَن نعتقد أننا أضعنا وقتنا معهم، يظلّون الأكثر أمانةً لتربيّتنا. وحتى إن كان البعض يخيّبون أملنا، وينحرفون عن الطريق القويم، فمَن يدرى عمل الله فى المستقبل. قد يتذكّرون هذه الكلمة أو تلك التى سمعوها منك، فتكون سبباً فى عودتهم إلى الله فى اللّحظة الأخيرة.
عن طريق التعامل اليومى البسيط، تتحقّق روابط مليئة بالنتائج غير المتوقّعة، فلا أحد يعرف مدى ما يتركه عمله الصالح أو الردئ فى النفوس. وقد لا يُثمر حديثٌ طويل تعبنا فى أعداده، بينما قد تترك ابتسامة، أو كلمة عابرة، أو لفتة بسيطة تأثيراً عميقاً يهزّ النفس ويُغيّرها تماماً.
اليأس هو خسران ما تبقّى فى النفس من شجاعة، بحجّة أن هذا المقدار لا يكفى، وهذا بالطبع حلّ عقيم وخطير.
إعرف مُقدَّماً أن أكبر الصعوبات سوف تأتيك من الذين كُنتَ تعتقد أنه يمكنك الاعتماد عليهم. وهذا ما قاسى منه يسوع نفسه.
وليس التلميذ أفضل من معلّمه.
كثيراً ما يتولّد الخير الاكبر من أسوأ الأحوال. فالثبات والأمانة والصبر فى مثل هذه الأحوال، هى مصدر نعمة الانتصار، ومنطلق تكاتف القوى لتحقيق النصر الآتى.
من الهزائم ما يُعتَبر نصراً.
لا توجد هزيمة بلا علاج، لَمن يعرف أن يكتشف اسبابها، ليُزيلها ويتلافاها فى المستقبل.
لا نستعجب أبداً من جحود الجميل عند البشر.” ربّيت بنيناً” (اش 1: 2).
ليس لنا أن ننتظر مكافأةً أرضيّة. من الافضل لنا ألاَّ نكون مع مَن سيُقال عنهم: “هؤلاء أخذوا أجرهم” (مت 6: 2، 5).
لا يُريد الله أن يتمّ الخير بسهولة. هذا مبدأ لا استثناء فيه. فإن أردنا أن نعمل خيراً، من الطبيعى أن نُلاقى المصاعب: “لا يتزعزع أدٌ منكم فى هذه الشدائد، فأنتم تعرفون أن هذا نصيبنا” (1 تس3: 3).
العمل المبنى على الصليب والالم، وبالأخصّ فى الأساس، هذا وحده يدوم.
لم يُخلّص السيّد المسيح العالم إلاَّ من خلال أكبر فشلٍ ظاهر. يوم الجمعة العظيمة، عندما ظهر أن كلّ شئ ضاع وانتهى، تمّ النصر.
من صفات الكنيسة أنها “دائمة البداية من جديد”. ونحن أبناء الكنيسة، وعلينا ألاَّ نملّ أو نيأس. فما نعمله ونُجدّد عمله ليس عملنا نحن، بل عمل الله.
يا إلهى، علّمنى أن أضحّى بذاتى، دون أن أنتظر مكافأة من مخلوق، ولتكن مكافأتى الوحيدة راحة ضميرى: أن أعرف أننى أعمل الخير، لأتمّم مشيئتك المقدّسة.