stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكتبالمكتبة الكاثوليكية

كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال ‏(35) المشاركة‏

1.1kviews

كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال
تأليف
الأب / جوستاف كورتوا
ترجمة ‏
القمص / لويس نصرى
مراجعة ‏
الأنبا / أنطونيوس نجيب
الأب / مجدى زكى إسطفانوس
القسم الرابع
بعض النصائح العمليّة

 

‏(35) المشاركة‏

 إن أردتَ أن تعمل كلّ شئ بنفسك، وان تكون فى كلّ المواقع معاً، وأن تحلّ كلّ المسائل ‏بنفسك، فإنك تُنهِك قواك سريعاً. سوف تكثر أمامك المشاغل، وتتراكم الالتزامات، ولن ‏تعرف كيف وإلى أين تتّجه.‏
 إنك بالعمل وحدك، سوف تضيّع الوقت الثمين فى كثيرٍ من الأمور الثانويّة. وستنقصك ‏الفرصة للتفكير والتدبير، فتؤجّل تجهيز أعمالك إلى آخر لحظة، وستكون فى أغلب الأحيان ‏متأخراً، وتفقد الصبر والهدوء، وتتّخذ القرارات فى اللّحظة الأخيرة.
وبذلك يشعر الذين معك بالإحباط واليأس، وتَفتُر العزائم الطيّبة، ويتعثّر العمل.‏
 أمّا إذا اشركت غيرك معك، فسيكون فِكرك أكثر ارتياحاً، ويتوفّر جهدك لتُساعد الآخرين ‏وتحرّك عزائمهم. وبالأخصّ، سيكون عندك الوقت الكافى، لتعمل ما لا يستطيع غيرك أن ‏يحلّ مكانك فيه، وهو التوجيه والقيادة، الجماعيّة والفرديّة.‏
 دورك هو صياغة الرؤية الشاملة، والتخطيط، وخلق الجوّ، والتحريك والدَفع إلى التنفيذ، ‏والتشجيع. ولا يتمّ حُسن التدبير بإصدار الأوامر، بل بوضع كلّ شخصٍ وكلّ شئٍ فى مكانه ‏المُناسب والصحيح، حسب الخُطة المرسومة.‏
 لا تنسَ أن عينى القائد تعملان أفضل ممّا تعمله يداه.‏
 أوّل شرط لاكتساب وتكوين مشاركين ومعاونين هو أن تعطيهم عملاً شيّقاً، وأن تقبل أن ‏يقوموا به البداية بصورة أقلّ كمالاً ممّا تقوم أنت به، ليتدرّجوا بعمله بصورةٍ أفضل وبنجاحٍ ‏أكبر.‏
 من النادر أن يَقدر معاونوك أن يعملوا بالضبط ما كُنت ستعمله أنت، وإنما قد يعملون أفضل ‏منه، ولكن بأسلوبٍ مختلف.‏
 إقبل معاونيك كما هُمّ، إن كُنت لا تستطيع أن تجدهم كما تتمنّاهم. وغستخرج من صفاتهم ‏ومن نقائصهم أفضل ما يُمكن. هكذا صنع السيّد المسيح مع رُسله.‏
 من الخطأ أن تعتقد أن تدعيم سُلطة المسؤول، يتمّ بهَدف كلّ سُلطةٍ أخرى، ولذا فلا يجوز ‏مُطلقاً أن تُقلّل فى نظر الطفل من الاحترام لأىّ مسؤول آخر له سُلطة عليه.‏
 الشريك والمُعاون فى الخدمة ليس مجرّد مثنفّذ للتعليمات. فالمشاركة تعنى العمل معاً، ‏وبالتالى التفكير معاً. وهذا ليس عملاً آلياً، بل واعياً، يتعلّق به خير الأطفال.‏
 الوضوح الكامل ضرورى، فى تحديد ألقاب ومهام واختصاص كلّ واحد من المسؤولين. ‏فليكُن لكلّ واحد اللّقب المُناسب لدوره، لا أكثر ولا اقلّ.‏
 تجنّب كلّ ما يُمكنه أن يشلّ حركة معاونيك ويخلق اليأس عندهم، مثلاً:
‏- لا تتدخّل بدون سببٍ هامّ فى النشاط المُسنَد إليهم.
‏- لا تتدخّل باستمرار فيما هو من اختصاصهم.
‏-لا تقطع عليهم كلّ مبادرة ذاتيّة فى نطاق عملهم.
‏- لا تثقلّل من أهميّة آرائهم واقتراحاتهم.
‏- لا تنسب إليهم كلّ خطأ وفشل.
‏ مِن المسؤولين مَن يُريد السيطرة على معاونيه، بشلّ حركتهم، وبحرمانهم من إمكانيّة ‏العمل الذاتى. فلا غرابة فى أن يفقدوا ثقتهم ويضيّعوا حماسهم.‏
 اجتماعات الاستشارة الدوريّة ضروريّة للعمل الجماعى، لتقويم ما تمّ، وإعداد ما سيأتى، ‏فلتكن منتظمة، فى جوّ من المودّة والثقة والتفاهم، وعلى المسؤول عنها أن يُجهّز لها جدول ‏أعمال دقيق، وأن يوفّر لكلّ عضو فرصة إبداء الرأى بصراحة، مع مراعاة المحبّة ‏الأخويّة، والاحترام الواجب للرئاسة.
‏ ولتكن مدّة الإجتماع معقولة. ولذلك يجب استبعاد المناقشات الفرعيّة والعقيمة والبعيدة ‏عن الموضوع. وفى ختام الاجتماع، على المسؤول أن يلخّص، فى كلماتٍ وجيزة ودقيقة، ‏النتائج الواجبة التنفيذ مباشرةً.‏
 ساند شركائك ومعاونيك، فكلّما قويت سُلطتهم كلّما زادت سُلطتك قوّة، إبرز مواهبهم، ‏وكلّفهم بأعمال شيّقة، وأعلن لهم، وبالاخصّ فى المناسبات العلنيّة، تمسّكك الشديد بهم، ‏وتقديرك الكبير لعلمهم.‏
 لا تنفرد وحدك فى إعلان الأخبارة السارّة، إجعل شركائك ومعاونيك يقومون بذلك، ففى ‏هذا توطيد لمركزهم، وإعلان لعملكم معاً لصالح المجموعة.‏
 فليشعر الأطفال بالوحدة التامّة بينك وبين شركائك ومُعاونيك، وإنكم تعلمون معاً كوحدة ‏واحدة، بروحٍ واحد وقلبٍ واحد، ففى هذا دفعه كُبرى لتحقيق النجاح.‏
 إن كانت لديك ملاحظة لأحد معاونيك، فانتظر أن تكون معه على انفراد، وتصرّف بكلّ ‏رقّة ومحبّة.‏
 لا توجّه أبداً نقداً أو توبيخاً علنيّاً لأحد شركائك أو معاونيك.‏
 لا تقلّل من سُلطة معاونيك بتدخّلات غير مناسبة، ولا تتصرّف بدلاً منهم. وإجعل كلّ طفل ‏يعود إلى المسؤول عنه مباشرةً. فلا تُصدر للطفل أمراً باسمك الشخصىّ. بل باسم المسؤول ‏عنه. فلا تقُل للطفل: “أنا أقول لك إعمل هذا”. بل قُل له: “ماذا طلب منك المسؤول؟”، ‏‏”إعمل ما طلبه منك المسؤول”، “إذهب واستأذن المسؤول”، بهذا أنت تؤيّد معاونيك ‏ونفوذهم.‏
 ولكن، من جهةٍ أخرى، لا تتخلّ عن دورك وسُلطتك، فى حدود اختصاصك، فأنت ‏المسؤول الاوّل فيه.‏
 إعطِ لمعاونيك فرصة التقييم والنقد لإدارتك، بأن يُعبّروا لك عن انطباعهم وملاحظاتهم، ‏ولكن فليكُن هذا بصورةٍ شخصيّة، لا علنيّاً أبداً، وليس أمام باقى المعاونين.‏
 كُن مُحبّاً ومُشجّعاً للصراحة والشجاعة، أحبب أن تُقال لك الحقيقة، وإن كانت تؤلمك. ولكن ‏لا تقبل أبداً معارضة علنيّة. فمن حقّك ومن واجبك أن تحرص على احترام سُلطتك.‏
 الأسلوب هو ما يفرّق غالباً بين الناس، لا المبادئ.‏
 فإن أردتَ توجيه لوم، فليكُن بصراحة، مُقترنة باللّطف والمودّة والمحبّة، وبهذا الأسلوب ‏تستطيع أن تقول كلّ ما يجب، وما تُريد أن تقوله من لومٍ أو توجيه، دون جرح أو إذلال.‏
 كُن أكثر لطفاً مع مَن همّ أقلّ لطفاً. فالأسلوب الطيّب له تأثيره، وسرعة انتشاره، وقوّة ‏مفعوله، مثل الأسلوب الردئ، بل أكثر، وإن لم يكُن بصورةٍ جليّة.
‏ لا تقُل إن الصداقة أو الألفة، تسمح لك بأن تقول أشياء غير لطيفة لزملائك ومعاونيك، ‏بالعكس، بمقدار ما تكون العلاقات وثيقة، بمقدار ما تتطلّب المزيد من الذوق، واللّطف، ‏ومراعاة الشعور.‏
 نقد الناس والأشياء لا فائدة منه، إن لم يَكُن للبناء وبالمحبّة. أمّا إعلان التقدير وإظهار ‏الصفات الجيّدة فهو جزيل الفائدة وكثير الثَمر.
‏ لا تَقُل للآخرين شيئاً يُكدّرهم أو يحرجهم، إن لم يكن ذلك ضرورياً، فلتكُن هذه قاعدة ‏مُطلقة عندك.
‏ إيَّاك أن تتكلّم بالسوء عن شخصٍ غائب، من الأفضل أن تبقى صامتاً كالحجر، من أن ‏تفعل ذلك.‏
 إحرص على خلق التفاهم والتعاون بين العاملين معك، سيكون ذلك أكثر سهولة، إذا اشتركوا ‏جميعاً فى المبدأ الرائد لكلّ عملٍ جماعىّ ناجح: تحقيق الخير الأكبر للنفوس، من خلال ‏العمل المشترك، الذى يُسهِم فيه كلّ واحد بأكبر سخاء، وبتجرّد عن الذات.
‏ ولذلك، يلزم تنمية الحياة والقيم الروحيّة العميقة، عند المسؤولين عن العمل والخدمة، كما ‏يجب أن يكونوا على معرفةٍ كافيةٍ بمختلف أوجه النشاط فيها، فلا يكفى أن يهتمّ كلّ واحد ‏بالمجال الذى يخصّه فقط، وإنما لا بدّ من أن يهتمّ أيضاً بالمسيرة العامّة للعمل كلّه، بوصفه ‏جزءاً من وحدةٍ متكاملة غير منقسمة.‏
 لا تخشَ من توسيع آفاق العاملين معك، إجعلهم يتعرّفون على أعمال وأنشطة أخرى تسعى ‏إلى بناء ملكوت الله، سواء فى مجالٍ موازٍ لما يعملون فيه، أو مجالاتٍ أخرى.‏
 إحذر بشدّة من المبدأ البغيض: “فَرّق تَسُد”. فالمسؤول الذى يزرع التفرقة والحَسد بين ‏العاملين معه، يحصد عدم الثقة والاحتقار.‏
 لا تنتظر الكمال من العاملين معك ومعاونيك، لكن من حقّك أن تطلب الصدق والأمانة، ‏وكلّ من يُخالف ذلك قصداً، يُصبح غير أهلٍ للثقة.‏
 إذا شكا إليك طفلٌ من أحد معاونيك، فاحرص تماما على صورة السُلطة، فيجد عندك الطفل ‏طِيبةً كبيرة دون أن يرى فيك مُشجّعاً على الشكوى والتمرّد.
‏ إجعله يروى ما حدث وراجعه فى كلّ مرّة تُلاحظ المُغالاة أو الاختراع، وإجعله يُدرك أنه ‏يخسر قضيّته كلّما انحرف عن الحقيقة، وبالأخصّ، لا تجعله أبداً يستشّعر فكرك أو رأيك ‏فى مَن يشكو منه، ففى هذا مساس بكرامتك وكامة زملائك، ودليل على ضعف فى مركزك ‏الأدبى وقوّتك الإداريّة، يتندم عليه أشدّ الندم.‏
 حاول أن تتعرّف شخصياً على أهالى الأطفال الذين تهتمّ بهم، وإعتبر نفسك شريكاً معهم، ‏فى رسالة تربية أبنائهم، وإجعلهم يحسّون بذلك. وبهذا الأسلوب ستجعل منهم، دون أن ‏يشعروا، معاونين لك فى مهمّتك.
‏ تذكّر أن صفة “الأب والأمّ” أقوى من صغة “الرجل والمرأة”. فخاطب الوالدين من هذا ‏المُنطلق، ومتى شاهدا الرعاية والتضحيّة التى تبذلها لأبنائهم، لا يُمكن أن يبقا بلا تجاوب ‏معك. قد يكون الوالدان فى غير الصورة المطلوبة، وقد يكونان سبباً فى سوء تربية الأبناء، ‏وحتّى فى هذه الحالات، إيَّاك أن تُقلّل من سُلطة الوالدين، بل عليك أن تُدعّمها وتقوّيها، ولا ‏تتسرّع أبداً فى الحُكم على الوالدين ولومهم.‏
 يميل الأطفال إلى انتقاد والديهم. وهذا الموضوع حسّاس للغاية.
إذا اشتكى أو تعجّب طفل، من أن والديّه لا يواظبون على الصلاة والحياة الدينيّة، يُمكن أن ‏نقول له مثلاً: “عندما كان بابا وماما أطفالاً مثلك، لم تكن هناك مثل هذه الأنشطة الدينيّة ‏لتربطهم بالكنيسة.
والآن عليك أنت أن تشجّعهم على الصلاة والحياة الدينيّة، وأن تُصلّى من أجلهم، وتكون ‏لطيفاً معهم ومُطيعاً لهم، وأن تحترمهم وتُساعدهم، بهذا سيُحبّون الكنيسة التى علّمتك كلّ ‏ذلك، ويقتربون من المسيح. ‏
 المثال المنشود فى تربية الاطفال، هو العمل فى تعاون وثيق مع الوالدين، وفى الاجتماعات ‏الخاصّة بهم، يسعَد الوالدون جداً بالنصائح والتوجيهات الرشيدة الخاصّة بتربيّة الأبناء.‏
 وياحبّذا لو تمّ التعاون أيضاً مع المدرسة فى هذه الرسالة.‏
 إجعل الأطفال يصلّون من أجل معلّميهم.‏
 حاول أن تتعرّف على معلّمى الأطفال الذين تخدمهم، ولو على سبيل المجاملة لهم. وإعرف ‏أن ازدياد الصِلة والوحدة بين القائمين بالتربيّة، هى دائماً لصالح وخير الطفل.
‏ الانقسام بين القائمين بتربية الطفل، تَهدم عنده الاحترام لكلّ سُلطة.‏
 إتخذ لك معاونين من الأطفال أنفسهم، سيكونون بذلك أوّل من يستفيد من الخير الذى ‏يعلمونه. فأحسَن وسيلة تُحقّق الخير للشخص، هى حملة على أن يعمل الخير لغيره. ‏المسؤوليّة نفسها التى تسندها للأطفال، ستُلزمهم أن يسهروا أكثر على أنفسهم، ليس فقط فى ‏ذلك النشاط، وإنما أيضاً خارجاً عنه.
‏ وعندما يختبر الطفل حدوده الذاتيّة، سيكون أكثر تفهّماًوتسامحاً مع غيره.
‏ وبممارسة نصيب من السُلطة، سيلمس الأطفال الصعوبات المقترنة بالإدارة والرئاسة.
‏ ومتى اختبر الأطفال عدم كفاية الوسائل البشريّة، مع رغبتهم فى عمل الخير، سيدركون ‏ضرورة الإلتجاء إلى الوسائل الروحيّة وبالأخصّ إلى الصلاة والتضحيّة. وعلى المسؤول ‏أن يُعطيهم القدوة فى ذلك، وأن يوجّههم إلى هذا الطريق.‏
 يرتبط الطفل بعملٍ أو نشاط، بمقدار ما يُعطى نفسه له.‏
 لا تَقُل أبداً: “لا أجد مَن يقدر أن يكون قائداً”. اهتمّ بأن تكتشف من لهم الصفات لذلك، ‏وليشغل هذا الموضوع الأساسى نصيباً كبيراً من صلاتك.‏
 أنظر إلى السيّد المسيح: كان يُمكنه أن يعمل كلّ شئ بنفسه، أو على الأقلّ أن يجعل الملائكة ‏تخدمه، ولكنّه أراد أن يُشرك البشر فى عمل خلاصهم. واختار منهم جماعة من المعاونين ‏له.
‏ قبل أن يُحدّد المسيح اختياره، بدأ الصلاة وحده، ليلةً كاملة، على الجبل (لو6)، وأنت ‏أيضاً، عليك أن تُصلّى كثيراً إلى الربّ، ليُظهر لك منِ أبناء الخدمة، مَن يُريد أن يهيّأهم ‏ليواصلوا عملك.
‏ لم يختَر المسيح أشخاصاً يتمتّعون بكفاءات خاصّة أو بتقوى فريدة، ولكنّه استبعد ‏الفريسيّين. وطلب المسيح من الذين دعاهم ثلاثة أشياء: الاستقامة، السخاء، والروح الطيّبة.‏
 على مثال المسيح لا تستعجل فى اختيار قادة المستقبل. لاحظ الأطفال فى اللّعب، ‏والرحلات، والأحداث اليوميّة البسيطة، فهى تكشف ما فى أعماق النفس، أكثر مماتكشفه ‏المناسبات الرسميّه والأحاديث المكتبيّة.‏
 لا تفضّل بالضرورة الطفل المهندَم، ولكنّه يخشى أن يقوم بأىّ حركة حتّى لا يتَّسخ. ولا ‏يتّجه اختيارك إلى الطفل صاحب التقوى العاطفيّة الحسيّة، الذى يميل إلى العُزلة، ولا ‏يستريح إلاَّ وهو معك.
‏ فليتجه اختيارك بالأحرى إلى الطفل البسيط، والنشيط، والسخى، والمحبوب من رفاقه، ‏والمستعدّ دائماً للخدمة.
‏ لا بدّ أنك ستجد مثل هذا الشخص، فى كلّ مجموعة من الأطفال، تابعه عن قُرب، وفى ‏الوقت المناسب، إدعه إليك، واشرح له ما تنتظره منه.‏
 إقرأ بهذا الاعتبار ما جاء فى الأناجيل عن دعوة الرُسُل:
‏- لا يستخدم المسيح العبارات الطنّانة… إنه يقول فقط: “تعالَ وانظر” (يو1: 39، 46).
ويطلب منهم بكلّ بساطة أن يتبعوه: “اتبعنى” (مت 9: 9… إلخ). ويُخبرهم أنه سيجعل منهم ‏صيادين للناس (مت 4: 19).
‏- لا يَعد المسيح رُسُله بأيّة مكافأة أرضيّة، ولا بأىّ لقب فخرى، ولا بمال أو وسام، وإنّما ‏يُبيّن لهم أن الحصاد كثير والفَعلة قليلون، ويَغرس فيهم حبّ الخروف الضال والغيرة على ‏خلاص النفوس.
‏- اهتمّ المسيح اهتماماً خاصاً برُسُله. أخذهم على حِدة. أنمى فيهم روح الفريق. شدّد فى كلّ ‏وقت على المحبّة الأخويّة، القادرة وحدها أن توحّد بينهم: “كلّ مملكة تنقسم تخرب” (مت ‏‏12: 25). “أيُّها الآب القدّوس… ليكونوا واحداً، مثلما أنت وأنا واحد” (يو11: 17، 22).
‏- ومع ذلك، لم يكُن فى تكوين المسيح لتلاميذه خشونة خاصّة.
‏- كان المسيح حريصاً على أن يُبعد اليأس عن تلاميذه، ولم يُعلن لهم شريعة التضحيّة ‏الكبرى إلاَّ تدريجيّاً، وبمرور الوقت.
‏- لم يطلب المسيح من تلاميذه ما يتخطّى قواهم، لم يفرض عليهم الصوم 10 يوماً فى ‏البريّة. بعكس ذلك، نراه يصطحبهم فى عُرس قانا الجليل.
‏- يُعلن المسيح تعليمه تدريجياً، وبمقدار ما يَقدر التلاميذ أن يقبلوه، ويعلّمهم بمثابة أكثر من ‏كلامه. وبعد أن غسل أرجلهم، أعلن لهم: “أنا أعطيتكم ما تقتدون به فتعملوا ما عملته لكم” ‏‏(يو 13 : 15).
‏- كم احتاج المسيح إلى الصبر مع تلاميذه. ومع ذلك، لم يفقد أبداً الطيبة معهم. كثيراً ما كان ‏يؤاخذهم. ولكنّه لم يذلّهم أبداً علنياً. وبّخهم على قلّة إيمانهم، عندما هاجمتهم العاصفة، ولكنه ‏خلّصهم من المِحنة (مت 8: 23 – 26).
‏- ساند المسيح تلاميذه ودافع عنهم، فى كلّ مرّة هاجمهم الفريّسيّون. وهكذا مثلاً عندما ‏قطعوا السُنبل وأكلوه فى السبت (مت 12: 1 -8). وعندما انتقد الفّريسيّون التلاميذ لأنهم لا ‏يغسلون أيديهم قبل الطعام (مت 15: 1 – 19).
‏- وبمجرّد أن أصبح الأمر ممكناً، كلّف المسيح تلاميذه بمهمّة رسوليّة، وأولاهم ثقته، ‏فأرسلهم اثنين اثنين أمامه إلى القُرى التى عزم الذهاب إليها، وأعطاهم نصيباً حقيقياً من ‏المبادرة الشخصيّة. وفى نفس الوقت، حَرص على أن يزودّهم بتوجيهاتٍ دقيقة، وأن يتحقّق ‏مما تمّ فى مهمتّهم.
‏- وسهر المسيح على ألاَّ يتجاوز حماس التلاميذ الحدود المعقولة. فأمرهم أن يستريحوا. ‏وجهلهم يفكّرون فى ما سمعوا ورأوا. وتشاور معهم. وطلب رأيهم. وسمع اقتراحاتهم. ‏وأعلن لهم، فى رقّة بالغة، أنهم سيعملون أشياء أعظمهم من التى هو عملها. وشيئاً فشيئاً، ‏أعطاهم ما له من سُلطان.‏
 على مثال السيّد المسيح، فليقع اختيارك على مَن تتوسّم فيهم القيادة فى المستقبل، ثُمَّ اشركهم ‏شيئاً فشيئاً فى اهتماماتك الرسوليّة.
‏ درّبهم على الاهتمام بالنفوس، وعمّق فيهم روح الإيمان. وأعطهم روح الفريق: ليس ‏المهمّ أن ينجح هذا النشاط أو ذاك، بل أن تعرف النفوس المسيح وتحبّه وتعيش له.
وسّع آفاقهم: إجعلهم يفرحون بالخير الذى يعمله غيرهم، سواء كان من نفس المجموعة أو ‏من خارجها.
‏ لا تندهش من نقائصهم. وإذا لزم الأمر، آخذهم بوداعةٍ وصبر، وحَزم.
‏ وبالأخصّ، قابلهم شخصيّاً، شجّعهم، وإعطهم التوجيهات المُناسبة.
‏ لا توبّخهم أبداً علنياً. وازن بين قواهم وبين المهام التى تكلّفهم بها. لا تُرهقهم. ولا ‏تُطالبهم بأكثر من طاقتهم.
‏ أعطهم مثال الحماس، والفرح، والثقة، والروح الفائقة الطبيعة، علّمهم بمثالك أن ‏التضحية والألم، هما سرّ ومصدر كلّ ثمر رسولى، فالصليب هو سبيل خلاص النفوس.‏
 يجب الإعلان صريحاً وعلنياً عن سُلطة رئيس المجموعة. واشرح للأطفال أن هذا الرئيس، ‏عندما يُعطى الأوامر، إنما يُمارس واجب الطاعة أوّلاً.
‏ لا بدّ من حماية هذه السُلطة وتنميتها باستمرار.‏
 لا تضع أبداً قائداً حديثاً لمجموعة، فى موضع يصعب عليه فيه القيادة، أو يفوق إمكانيّاته.
‏ إذا كان على القائد أن يُنظّم عملاً بنفسه، تأكّد اوّلاً أنه فَهم جيّداً الموضوع المطلوب، وأنه ‏واثق من نفسه عند التنفيذ.
‏ لا تقُل أبداً للأطفال: “إعملوا ما تُريدون”. قُل لهم: “إعملوا ما طلب منكم قادتكم”.‏
 احذر من القوانين المُعلقة على الحائط. واشرح للأطفال أن هذه القوانين ليست لوائح إداريّة، ‏بل توجيهات تُساعد كلّ واحد على السلوك المسيحى الصحيح، ليكون الجميع فى سلام ‏ومحبّة وسعادة.‏
 أطلب من الأطفال أن يضعوا لأنفسهم لائحة داخليّة، يُحدّدون فيها المسموح والممنوع فى ‏حياتهم الجماعيّة. هكذا مثلاً: “التوقّف بمجرّد سماع الجَرس أو العلامة، الحرمان من اللّعب ‏فى حالة الغشّ أو الشَغب، عدم الكلام فى وقت الراحة والنوم…الخ”.
‏ يجب ألاَّ تهبط هذه القوانين على الأطفال آلياً من أعلى، من الرئاسة، وأنما من الأفضل ‏كثيراً أن يصيغها الأطفال بأنفسهم، وأن يكملوها تذريجيّاً. وإجعلهم يشتركون فى الحُكم على ‏مخالفيها.
‏ سيتمسّك الأطفال بالقرار الذى يتّخذونه بأنفسهم، أكثر بكثير ممّا يُقرّره المسؤول أو القائد ‏بدونهم. فالإنسان يتمسّك أكثر وأفضل بما يَصدر عنه.‏
 ضَع أمام الأطفال أهدافاً ساميّة يحقّقونها. لا تخشَ من أن تُثير فيهم الحماس لذلك. ولكن ‏احذر المبالغة والخيال، لئلاَّ تكون العاقبة والإحباط والفشل. ‏
 لن يتغيّر العالم من يومٍ إلى آخر. لا بدّ من العمل والجهاد والتضحية حتّى نهاية العالم. ‏فتدرَّب، ودرّب الأطفال على الصبر والثبات والثقة.‏
 علّم الأطفال ألاَّ ينزعجوا من عدم الوصول إلى نتائج سريعة، واعمل على تنمية روح ‏الإيمان فيهم. قُل لهم كثيراً: “يجب ان نعمل ما نؤمن به، وإن كنّا لا نرى له فوائد ماديّة ‏منظورة…. الصلاة والتضحية مفيدة دائماً…. خير مكافأة هى الإحساس بالرضى والسلام ‏والفرح الباطنى، فى الخدمة الأمنية، والمشاركة فى العمل الجماعى، والاشتراك فى عمل ‏الله”.‏
ثِق أنك بتكوين قادة، تفتح أمام الأطفال سُبلاً أفضل للثبات، وتُهيئ للكنيسة رُسلاً مُدرَّبين، وتُعطى ‏لعمل الذى تقوم به بنيه قوّية، هى أكبر ضمان للدوام والاستمرار والتجدّد.‏