كتاب مُرشِد خادم المرحلة الإعداديّة – الوحدة الثانية ” اللقاء الأول “
No tags
كتاب مُرشِد خادم المرحلة الإعداديّة
الوحدة الثانية
زمن الصوم الكبير والآلام والقيامة
اللقاء الأول
الصوم
- النصّ الكتابىّ:
“وإذا صُمتمُ، فلا تكونوا عابِسينَ مِثلَ المُرائينَ، يَجعلونَ وجوهَهُم كالحَةً ليُظهرِوا للِنّاسِ أنَّهُم صائِمونَ. الحقَ أقولُ لكُم: هؤلاءِ أخذوا أجرَهُم. أمّا أنتَ، فإذا صُمتَ فاَغسلِ وجهَكَ واَدهَن شَعرَكَ، حتّى لا يَظهَرَ للِناسِ أنًّكَ صائِمٌ، بل لأبيكَ الَّذى لا تَراهُ عَيٌن، وأبوكَ الَّذى يَرى فى الخِفيَةِ هوَ يُكافئُكَ” (مت 6: 16- 18).
“وبَينَما هُم يَخدِمونَ الرَّبّ ويَصومونَ قالَ لُهُم الرُّوحُ القُدُسُ: خَصّصوا لى بَرنابا وشاوُلَ لِعَمَلٍ دَعوتُهُما إلَيهِ. فصاموا وصَلُّوا، ثُمَ وضَعوا أيديَهُم علَيهِما وصَرَفوهُما” (أع 13: 2 – 3). - إلى خادم الكلمة:
بما أن الإنسان روح وجسد، لذلك يحتاج إلى أعمال روحيّة وأيضاً أفعال الجسد وأوضاعه الخارجيّة ليعبّر عن إيمانه.
والصوم المصحوب دائماً بالصلاة يضع الإنسان فى موقف تواضع أمام الله.
ويسوع وقت حياته الأرضيّة كان يصوم ويصّلى ويوصى بهما، ليس فقط فى أوقاتٍ خصّصها الشرع اليهودى، بل فى مناسبات عديدة كما هو وارد فى الإنجيل (أنظر مت 4،2، 17: 21، 9: 14).
وكانت الشريعة اليهوديّة تنادى بصومٍ كبير فى “يوم الكفّارة”، “وهكذا مَرَ علَينا وقتٌ حتّى مَضى صَومُ الكَفارةِ وصارَ السَّفَرُ فى البحرِ خَطِراً. فأخَذَ بولُسُ يُنذِرُهُم” (أع 27: 9). وكانت ممارسته شرطاً للانتماء إلى شعب الله “فكُلُّ مَن لا يُذلّلُ نَفسَهُ بالصَّومِ فى هذا اليومِ أقطعُهُ مِن بَينِ شعبِهِ” (لا 29: 23)، وكانت هناك أصوام جماعيّة فى ذكرى بعض المناسبات.
لم يفرض السيّد المسيح على تلاميذه هذه الاصوام، إلاَّ أنه لم يحتقر هذه الممارسات، لأنه أتى لا لينقض بل ليكمل، ويلّح السيّد المسيح أكثر على التجرّد من حُبّ المال وعلى إنكار الذات “ومن خَسِرَ حياتَهُ من أجلى يَحفَظُها، (مت 10: 38 -39)،ويلّح أيضاً على الصوم فى تكتّم تامّ وأن يكون مقروناً بمحبّة القريب والتسامح وهذا هو البرّ الحقيقى.
حافظت الكنيسة فى عهد الرسل على العادات اليهوديّة فيما يتعلّق بالصوم، ولكن طبقاً للروح الذى نادى به السيّد المسيح.
والقدّيس بولس لا يكتفى فقط باحتمال الجوع والعطش فى سبيل البشارة، بل يقدّم أصواماً عديدة “بَل نُظهِرُ أنفُسَنا فى كُلّ شئٍ أنَّنا خُدّامُ الله بِصَبرِنا فى الشَّدائدِ والحاجاتِ والَمشقات والضَّربِ والسَّجنِ والاضطرابِ والتَّعبِ والصَّومِ” (2كو 6: 4 – 5).
وظلّت الكنيسة أمينة على هذا التقليد، لكى تضع المؤمنين فى حالة انفتاح كامل لنعمة الربّ وعمل روحه القدّوس.
ولا ننكر أن الصوم مُعرّض لأن يتحوّل إلى ممارسات شكليّة وخارجيّة، وأختلطت بممارسة الصوم كثير من المفاهيم الخاطئة على سبيل المثال:
– إن الغرض من الصوم هو إذلال النفس: وهذا المفهوم خاطئ لأن السيّد المسيح أوصى بغسل الوجه ودهن الرأس، والتقوى المسيحيّة الصحيحة لا تُقرّ إذلال الجسد.
– إن الصوم مفيد صحياً: إن الهدف من الصوم سواء فى العهد القديم أو العهد الجديد لم يكن أبدأً الوضع الصحى للبشر. فى المزامير نجد “وهَنَت رُكبَتاى مِنَ الصَّومِ، ولحمى هَزيلٌ بِلا شَحمِ” (مزمور 109: 24)، وهنا عكس هذا المعنى.
وسنحاول أن نذكّر ببعض أهداف الصوم كما تعلّمنا الكنيسة الجامعة:
1- الصوم والآخرين:
الصوم هو فرصة لإتجاه الإنسان نحو الله، عن طريق إتجاه الإنسان نحو الآخر، فهو مناسبة أيضاً لإنصاف المظلوم ونُصرة الأرملة والبائس، والتفكير الإيجابى تجاه الآخرين.
من أهداف الصوم الاساسيّة هو مشاركة الآخرين، يقول أحد الآباء الأوّلين فى دفاعه عن المسيحيّين سنة 128 م: “لا تتناول يوم صيامك سوى خبز وماء، ثُمَّ احسب مبلغ ما كنت تنفقه فى ذلك اليوم على قوتك واعطه لأرملة أو يتيماً أو مُعوزاً، هكذا تحرم نفسك كى تُفيد أخر من حرمانك ليشبع، ويسأل الربّ من أجلك” (من كتاب الراعى لهيرماس).
فالكنيسة تجعل أحدى غايات الصوم الأساسيّة هى أن يُعطى الإنسان أخاه الإنسان، ليس فقط العطاء المادّى بل أيضاً أن تحلّ قيود الشرّ وأن نسعى لإنصاف إخواتنا (أنظر أش 58: 2- 7).
2- الصوم والتوبة:
إن الصوم هو وقت مميّز للتوبة، والتوبة تعنى تغيير الفكر والقلب، عندما يصوم الإنسان صياماً حقيقيّاً ينقاد لعمل الروح فيه، والروح القدس يقودنا والمصالحة مع الله والأخوة. - الفكرة الأساسيّة:
“فالصَّوُم الذى أُريدُهُ. أن تُحَلَ قُيودُ الظُّلمِ وتُفَكَ مَرابِطُ النيرِ ويُطلَقَ المُنسَحِقونَ أحراراً، ويُنزَعَ كُلُّ نيرٍ عَنهُم، أن تفرِشَ للجائعِ خبزَكَ وتُدخلَ المِسكيَن الطَّريدَ بيتك، أن ترى العُريان فتَكسوَهُ ولا تتهَّربَ مِن مُساعَدةِ قريبك” (أش 58: 6 – 7). - الهدف:
– أن يتعرّف المخدومون على المفهوم الصحيح للصوم.
– أن يترسّخ فى وجدان المخدومين أن الصوم الصحيح هو وصيّة الربّ يسوع نفسه وهو وصيّة الكنيسة.
– أن يتلّخ المخدومون من سيطرة المفهوم القانونى فقط للصوم ويذهبوا أبعد، حيث يرتبط الصوم بالصلاة والصدقة والتوبة. - الاحتياجات والصعوبات:
– يحتاج المخدومون إلى النظر للصوم نظرة السيّد المسيح، والتعرّف على تعاليمه فيما يخصّ الصوم.
– يحتاج المخدومون إلى إيقاظ الوعى بالبُعد الجماعى للصوم، حيث أن جماعة المؤمنين تصوم معاً والمسألة ليست تقوى فرديّة فقط، بل هو ممارسة جماعيّة، وهى من علامات وحدة الجماعة وتماسكها.
– قد يتساءل بعض المخدومين عن فائدة الصوم عن المنتجات الحيوانيّة وعلى الخادم أن يشرح لهم الحقيقة التالية: أباح الله أكل اللّحم من بعد الطوفان “وسيَخافُكُم ويَرهَبُكُم جميعُ حيواناتِ الأرض وطُيورِ السمَّاءِ، وكُلُّ ما يَدِبُّ على الأرض، وجميعُ أسماكِ البحرِ. فهذه كُلُّها أجعَلُها فى أيديكُم. كُلُّ حَىّ يَدبُّ فهو لكُم طَعاماً كالبُقولِ مِنَ النَّباتِ. أُعطيكُم كُلَ شئ” (تك 9: 2 – 3)، بينما كان أبوانا الأولان يأكلان النباتات وثمار الاشجار، وبعد الخطيئة الأولى بدأ الإنسان يأكل من لحوم الحيوانات ومنتجاتها “وقالَ اللهُ لِنُوحِ ولِبَنيهِ: أُقيمُ الآنَ عَهدى معَكُم ومعَ نَسلِكُم مِن بَعدِكُم، ومعَ كُلّ خليقَةٍ حَيَّةٍ معَكم مِنَ الطيُّور والبَهائِمِ ووُحوشِ الأرضِ، كُلّ ما خرَج معَكُم مِنَ السَّفينةِ مِن جميعِ حيوانِ الأرضِ. أُقيمُ عَهدى معَكم، فلن ينقَرِضَ ثانيةً بِمياه الطُّوفانِ أىُّ جسَد حَىّ، ولن يكونَ طُوفَانٌ آخرُ لخرابِ الارضِ” (تك 9: 9- 11). لذلك فإن الامتناع عن الأطعمة ذات الأصل الحيوانى مثل اللّحم واللّبن، هو محاولة العودة إلى عصر الفردوس قبل الخطيئة، حيث المصالحة والسلام بين البشر بعضهم مع بعض، والبشر مع بقيّة الكائنات.
جاء فى كتاب “الشرع الخاصّ” للكنيسة القبطية الكاثوليكيّة ما يلى عن الصوم:
- الانقطاع هو الامتناع عن أكل اللّحوم وعن البياض مثل البيض والألبان ومنتجاتها، وهذا واجب فى الايّام التالية:
- أيام الجُمع طوال العامّ إلاّ فى فترة الخمسين، وإذا وقع أحد الأعياد: عيد الميلاد – الغطاس -عيد الرسل – إنتقال العذراء بالنفس والجسد إلى السماء.
- برامون، أى اليوم السابق لعيد الميلاد والغطاس.
- صوم نينوى.
- صوم الميلاد ومدّته 15 يوماً.
- الصوم الكبير ومدّته 40 يوماً.
- صوم الرسل ومدّته أسبوع.
- صوم السيّدة العذراء ومدّته 15 يوماً.
- الصوم هو الامتناع عن الأكل والشرب من منتصف اللّيل إلى الظهر، ولا يتمّ فيه خطوبات أو أكاليل، ويجب أن يكون فى الأيّام التالية:
- برامون عيد الميلاد وعيد الغطاس.
- صوم نينوى 3 ايام.
- الصوم الكبير ما عدا السبت والأحد من كلّ أسبوع.
- أسبوع الالام بكامله بما فيه سبت النور.