كتاب مُرشِد خادم المرحلة الإعداديّة – الوحدة الثانية ” اللقاء الثانى “
كتاب مُرشِد خادم المرحلة الإعداديّة
الوحدة الثانية
زمن الصوم الكبير والآلام والقيامة
اللقاء الثانى
تجربة يسوع فى البرية
- النصّ الكتابىّ:
“ورجَعَ يَسوعُ مِن نَهرِ الأُردنِ، وهوَ مُمتَلئ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ، فاَقتادَهُ الرُّوحُ فى البرّيَّةِ أربعينَ يومًا، وإبليسُ يُجرّبُهُ، وما أكَلَ شيئاً فى تِلكَ الأيّامِ حتّى اَنقَضَت فَجاعَ. فقالَ لَه إبليسُ إلى أُوُرشليمَ، وأوقَفَهُ على شُرفَةِ الهَيكَلِ وقالَ لَهُ: إن كُنتَ اَبنَ الله، فقُل لهذا الحجَرِ أن يَصيرَ خُبزاً. فأجابَهُ يَسوعُ: يَقولُ الكتابُ: ما بالخُبزِ وحدَهُ يَحيا الإنسانُ.
وأصعَدَهُ إبليسُ إلى جبَلٍ مُرتَفِعِ وأراُه فى لَحظَةٍ منَ الزَّمنِ جميعَ ممالِكِ العالَمِ، وقالَ لَهُ: أُعطيكَ هذا السُّلطانَ كُلَّهُ ومَجدَ هذهِ الممالكِ، لأنَّنى أملكُهُ وأنا أُعطيه لِمَن أشاءُ. فإن سجدتَ لى يكونُ كُلُّهُ لكَ. فأجابَهُ يَسوعُ: يَقولُ الكِتابُ: للِرَّبَّ إلهِكَ تَسجُدُ، وإيَّاهُ وحدَهُ تَعبُدُ.
وأخدَهُ إبليسُ إلى أُورُشليمَ، وأوقَفَهُ على شُرفَةِ الهَيكَلِ وقالَ لَهُ: إن كُنتَ اَبنَ الله، فألقِ بِنَفسِكَ مِن هُنا إلى الأسفَلِ، لأنَّ الكتابَ يَقولُ: يُوصى الله مَلائكتَهُ بِكَ ليِحفَظوكَ. وهُم يَحمِلونَكَ على أيديهِم لِئلاَ تَصدَمِ رِجلَكَ بحَجَرٍ. فأجابَهُ يَسوعُ: ولكِن قيِلَ: لا تُجربِ الرَّبَّ إلهَكَ.
وبعدَما جرَّبَهُ إبليسُ بِكُلّ تَجرِبَة، فارقهُ إلى حِينٍ” (لو 4: 1 – 13).
(أنظر أيضاً مت 4: 1 – 11، مر1: 12 – 13).
- إلى خادم الكلمة:
بحسب الإنجيل تأتى تجربة يسوع فى البريّة، بعد اعتماده فى نهر الأردن، وبعد فترة صوم طويلة (40 يوماً)، ثُمَّ بعد ذلك بدء رسالته العلنيّة.
ويُظهر الإنجيليّون انتصار يسوع على قوى الشرّ منذ البداية. ونستطيع أن نرى بوضوح أن المسيح قد انتصر على التجربة فى كلّ المواقف التى سقط فيها الشعب اليهودى:
فى التجربة الأولى يقترح المُجرّب على يسوع أن يستغلّ بنوّته لله، ويستخدم قدرته العجائبيّة للتخلّص من الجوع، وهو يرفض إجراء معجزة لصالحه، وخاصّة عند احتياجه للطعام، عكس الشعب اليهودىّ الذى تذمّر عدّة مرّات على موسى والله بسبب الطعام “وقالوا لهُما: ليتَنا مُتنا بيدِ الرّبّ فى أرضِ مِصرَ. فهناكَ كُنَّا نجلِسُ عِندَ قُدورِ اللَّحمِ ونأكُلُ مِنَ الطَّعامِ حتّى نشبَعَ، فلماذا أخر جتُمانا إلى هذِهِ البرّيَّةِ لِتُميتا هذا الجمعَ كلَّهُ بالجُّوعِ؟” (خر 16:3).
والتجربة الثانية مضمونها الحصول على مُلك هذا العالم، دون مجهود أو مشقّة، بمجرّد السجود لإبليس، وهذا يتضمّن أن مُلك هذا العالم يتوقّف على الخضوع لإبليس، وعندما يرفض يسوع فإنه يعلن عن أنه لا يُريد أن يكون مدنياً لأحد، إلاَّ لأبيه، وأنه اختار طريق التجرّد والألم والفشل الظاهرى.
وهذا عكس موقف الشعب اليهودىّ فى البريّة، الذى أقام عجلاً من الذهب، ليسجد له بدلاً عن السجود لله “ولَّما رأى الشَّعب أنَّ موسى أبطأ فى النُّزولِ مِنَ الجبَلِ اَجتَمَعوا على هرونَ وقالوا لَه: قُمِ اَصنَع لنا آلِهةً تسيرُ أمامَنا. فهذا الرَّجلُ موسى الذى أخرَجنا مِن أرضِ مِصرَ لا نعرِفُ ماذا أصابَهُ” (خر 32: 1)، وهنا يُؤكّد يسوع نوقفه من المال والممتلكات.
والتجربة الثالثة حسب لوقا تجرى فى أورشليم، وهى الكبرى فى حياة يسوع، وهى تجربة النجاة من الموت لأنه ابن الله، ومطالبته بالتدخّل ضدّ تدبيره النهائى، يرفض يسوع أن يجعل نفسه كابن لله مُحصَّناً ضدّ جميع الأخطار.
لقد كان الشعب اليهودىّ، أثناء الخروج، يُجرّب الله ويُريد استغلاله لقضاء منافع خاصّة “فخاصموا موسى وقالوا: أعطونا ماءً نشربُهُ. فقالَ لهُم موسى: لماذا تُخاصمونَنى؟ ولماذا تجرّبونَ الرّبَ؟ وعطِشَ هُناكَ بَنو إِسرائيلَ إلى الماءِ وألقَوا اللَّومَ على موسى وقالوا: لماذا أصعدتَنا مِن مِصرَ لتميتَنا نحنُ وبَنونا ومَواشينا بالعَطشِ؟” (خر 17: 2- 3).
تُشير التجربة فى البريّة إلى طبيعة يسوع البشريّة، فهو قد جُرّب مثلنا، لكنّه انتصر على الشرّ، ولم يقع فيه مثلنا.
رفض يسوع فى نصّ التجربة أن يستغلّ وضعه كابن الله، للنجاة من الجوع والموت، والحصول على شهرة بين الناس.
يَظهر يسوع فى نصّ التجربة أنه إسرائيل الحقيقى، وقد استشهد بنصوص العهد القديم، وأعطاها معناها الصحيح رداً على استشهاد المُجرّب بنصوص العهد القديم، ولكن بطريقة حرفيّة وملتوية.
- الفكرة الاساسية:
رفض يسوع تسلّط الاحتياجات الماديّة، وحبّ الامتلاك، وحبّ الشهرة على حياة الإنسان. - الهدف:
– أن يتعرّف المخدومون على المعنى العميق لتجربة يسوع فى البريّة.
– أن يعى المخدومون الوقف المسيحى السليم، تجاه ما يقابلونه من مواقف وقرارات، حتّى يتصرّفوا تصرّفاً يليق بتلاميذ المسيح. - الاحتياجات والصعوبات:
- على الخادم أن يركّز على أن يسوع انتصر على التجربة، لأنه فَهِم كلام الله فى الكتاب المقدّس فهماً صحيحاً، وردوده على المُجرّب كانت من الكتاب المقدّس.
- إن المخدومين ينتظرون من الله مساعدتهم فى ما يُريدون تحقيقه، وعلى الخادم أن يرجع إلى حقيقة أن يسوع لم يستعمل قدرة الله لقضاء حاجة تعود عليه بالنفع، بل كان يبحث لا عن إرادته بل عن إرادة الله.
- على الخادم أن يوضّح معنى صوم يسوع 40 فى العهد القديم كان يرمز للاكتمال.
من صعوبات اللّقاء أن ينحصر تفكير المخدومين فى التجربة فى البريّة فقط، لكن على الخادم توضيح أن يسوع كان مُجرّباً طوال حياته من أهله، ومن الناس، ومن التلاميذ (انظر مت 16: 1، 19: 3، 22: 18).