stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

أخبار الكنيسة

لقاء البابا مع القادة الدينيين في سراييفو

1kviews

AP2918780_Articolo

خلال زيارته الرسولية لسراييفو التقى قداسة البابا فرنسيس قادة مختلف الديانات في البلاد خلال لقاء نُظم في المركز الفرنسيسكاني. وللمناسبة وجه البابا للحاضرين كلمة قال فيها: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، يسرني أن أشارك في هذا اللقاء الذي يضم ممثلين عن الطوائف الدينية الحاضرة في البوسنة والهرسك. أوجّه تحية ودية لكل واحد منكم ولجماعاتكم، وأشكركم بنوع خاص على الكلمات والأفكار اللطيفة التي سمعناها. وإذ أصغيت إليها يمكنني أن أقول لكم أنها أفادتني.

تابع الأب الأقدس يقول إن لقاء اليوم يشكل علامة للرغبة المشتركة في الأخوّة والسلام؛ إنه يقدم شهادة على الصداقة التي تبنونها على مر السنين والتي تعيشونها في إطار التعايش اليومي والتعاون. حضوركم هنا هو بحد ذاته “رسالة” لهذا الحوار الذي نبحث عنه جميعا ونعمل من أجله. أود بنوع خاص أن أذكّر بإحدى ثمار هذه الرغبة في التلاقي والمصالحة، ألا وهي تأسيس المجلس المحلي للحوار ما بين الأديان، في العام 1997، والذي يجمع المسلمين والمسيحيين واليهود. إني مسرور بالعمل الذي يقوم به المجلس من خلال إطلاق مبادرات متنوعة للحوار وتنسيق مبادرات مشتركة والحوار مع السلطات الرسمية. إن عملكم ثمين جدا في هذه المنطقة، لاسيما في ساراييفو، التي تشكل تقاطع طرق للشعوب والثقافات، حيث التنوع يشكل، من جهة، موردًا كبيرًا سمح بالتنمية الاجتماعية والثقافية والروحية في هذه المنطقة لكنه، من ناحية أخرى، كان سببًا لتمزُّق مؤلم وحروب دامية.

أضاف البابا فرنسيس يقول ليس من قبيل الصدفة أن تكون ولادة مجلس الحوار بين الأديان والمبادرات الأخرى في مجال العلاقات ما بين الأديان والعلاقات المسكونية، التي تستأهل كل تقدير، قد حصلت في نهاية الحرب، كاستجابة لمتطلبات المصالحة، وإزاء ضرورة إعادة بناء مجتمع مزّقه الصراع. يشكل الحوار ما بين الأديان، في الواقع، هنا كما في كل أنحاء العالم شرطًا لا غنى عنه من أجل السلام، ولذا إنه واجب لكل المؤمنين. (راجع الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل، 250). إن الحوار ما بين الأديان، وقبل أن يكون نقاشًا حول مواضيع الإيمان الكبيرة، هو “تحادث حول الحياة البشرية” (المرجع نفسه). فيه يتم تقاسم الحياة اليومية بشكلها الملموس، بأفراحها وأتراحها، أتعابها وآمالها؛ تُتخذ مسؤوليات مشتركة؛ يُخطط لمستقبل أفضل للجميع. نتعلم العيش معًا، والتعارف المتبادل وقبول بعضنا ضمن الاختلافات وقبول الآخر كما هو بحرية. في الحوار يتم التعارف ويطور مشاركة روحية توحّد وتساعد على تعزيز القيم الخلقية، القيم الخلقيّة الكبيرة، والعدالة والحرية والسلام. الحوار مدرسة في الإنسانية وعامل للوحدة يساعد على بناء مجتمع يرتكز إلى التسامح والاحترام المتبادل.

تابع الحبر الأعظم يقول لهذا السبب، لا يمكن للحوار ما بين الأديان أن ينحصر بقِلَّةٍ من الأشخاص، بالمسؤولين عن الجماعات الدينية وحسب، بل لا بد أن يمتد قدر المستطاع ليشمل المؤمنين كافة وكل بيئات المجتمع المدني. وفي هذا السياق يحتاج الشباب إلى اهتمام خاص، لأنهم مدعوون إلى بناء مستقبل هذا البلد. لكن لا بد من التذكير دوما بأن الحوار، وكي يكون أصيلاً وفاعلاً، يتطلب هوية مكوَّنة: بدون هوية مكوّنة يصبح الحوار بلا جدوى أو مضرًا. أقول هذا إذ أفكر بالشبيبة لكنه ينطبق على الجميع. وأضاف: أعرب عن تقديري الصادق لما فعلتموه حتى اليوم وأشجعكم على التزامكم من أجل قضية السلام، وأنتم أيها القادة الدينيون حماته الأوائل هنا في البوسنة والهرسك. أؤكد لكم أن الكنيسة الكاثوليكية ستواصل تقديم دعمها الكامل والتأكيد على استعدادها التام.

أضاف البابا فرنسيس يقول ندرك جميعا أن الدرب أمامنا ما تزال طويلة. لكن دعونا لا نفقد عزيمتنا أمام الصعوبات ولنسر بثبات في طريق الغفران والمصالحة. وإذ نستعيد ذكريات الماضي، كي نتعلّم أيضا من عِبَر التاريخ، دعونا نتفادى الندم والاتهامات المضادة، ولنترك الله ينقينا، الله الذي يهبنا الحاضر والمستقبل: فهو مستقبلنا، وهو الينبوع النهائي للسلام. وتابع قائلاً: هذه المدينة، التي أصبحت في الماضي القريب رمزًا حزينًا للحرب والدمار، أورشليم أوروبا هذه، بإمكانها اليوم، وبفضل تنوع شعوبها وثقافاتها وأديانها، أن تصير مجدّدًا علامة للوحدة، مكانا لا يُمثِّل فيه التنوع خطرًا بل غنى وفرصة للنمو معًا. في عالم ما يزال وللأسف ممزقًا بالصراعات، يمكن لهذه الأرض أن تصبح رسالة تشهد على إمكانية أن نعيش جنبًا إلى جنب، في التنوع لكن في الإنسانية المشتركة، وأن نبني معا مستقبل سلام وأخوة. إذ يمكن العيش من خلال صنع السلام! وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول إني ممتنّ للجميع على حضوركم وعلى الصلوات التي ستتكرمون برفعها على نية خدمتي. وأنا بدوري أؤكد لكم أني سأصلي من كلّ قلبي من أجلكم ومن أجل جماعاتكم ليباركنا الرب جميعا.

وفي ختام كلمته توجّه الأب الأقدس للجميع وقال والآن أدعوكم جميعًا لتلاوة هذه الصلاة للإله الحي والرحيم، الأزلي والحقيقي والوحيد:

أيها الله الكلي القدرة والأبدي،

أيها الآب الطيب والرحيم؛

يا خالق السماء والأرض وكل ما يرى وما لا يرى؛

يا إله إبراهيم، يا إله إسحق، يا إله يعقوب،

يا ملك وسيد الماضي والحاضر والمستقبل؛

الديّان الوحيد لجميع البشر،

يا من تجازي مؤمنيك بالمجد الأبدي!

نحن من نسل إبراهيم بحسب الإيمان بك، أيها الإله الأوحد،

يهود ومسيحيون ومسلمون،

نقف أمامك بتواضع

ونصلي لك بثقة

على نية هذا البلد، البوسنة والهرسك،

كي يعيش فيه بسلام وتناغم

رجال ونساء مؤمنون من مختلف الديانات والأمم والثقافات.

نصلي لك، أيها الآب، كي يحصل هذا الأمر

في بلدان العالم كافة!

قوّي في كل واحد منا الإيمان والرجاء،

الاحترام المتبادل والمحبة الصادقة

تجاه أخوتنا وأخواتنا جميعا.

هبنا أن نلتزم بشجاعة

في بناء العدالة الاجتماعية،

وأن نكون من ذوي الإرادة الطيبة،

مفعمين بالتفاهم المتبادل والغفران،

صانعين صبورين للحوار والسلام.

ولتكن كل أفكارنا وكلماتنا وأعمالنا

متناغمة مع إرادتك المقدسة.

وليكن كل شيء لعزّتك ومجدك وخلاصنا.

ولك التسبيح والمجد الأبدي، يا إلهنا!

آمين.

الفاتيكان