لنثبت أننا خدام الله – الأب وليم سيدهم
يقول القديس بولس في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس الاصحاح السادس وعدد 1: “فَإِذْ نَحْنُ عَامِلُونَ مَعَهُ نَطْلُبُ أَنْ لاَ تَقْبَلُوا نِعْمَةَ اللهِ بَاطِلًا.” إن كلمة “نعمل مع الله” هي إعتراف صريح من الرسول بولس بأننا لسنا مجرد آلات تعمل أوامر الله ولكننا “نعمل مع الله” بمعنى أننا شركاء في العمل، وكيف نمارس هذه الشراكة؟ يجيب بولس الرسول: “فِي صَبْرٍ كَثِيرٍ، فِي شَدَائِدَ، فِي ضَرُورَاتٍ، فِي ضِيقَاتٍ، فِي ضَرَبَاتٍ، فِي سُجُونٍ، فِي اضْطِرَابَاتٍ، فِي أَتْعَابٍ، فِي أَسْهَارٍ، فِي أَصْوَامٍ، فِي طَهَارَةٍ، فِي عِلْمٍ، فِي أَنَاةٍ، فِي لُطْفٍ، فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، فِي مَحَبَّةٍ بِلاَ رِيَاءٍ فِي كَلاَمِ الْحَقِّ، فِي قُوَّةِ اللهِ بِسِلاَحِ الْبِرِّ لِلْيَمِينِ وَلِلْيَسَارِ. بِمَجْدٍ وَهَوَانٍ، بِصِيتٍ رَدِيءٍ وَصِيتٍ حَسَنٍ. كَمُضِلِّينَ وَنَحْنُ صَادِقُونَ، كَمَجْهُولِينَ وَنَحْنُ مَعْرُوفُونَ، كَمَائِتِينَ وَهَا نَحْنُ نَحْيَا، كَمُؤَدَّبِينَ وَنَحْنُ غَيْرُ مَقْتُولِينَ، كَحَزَانَى وَنَحْنُ دَائِمًا فَرِحُونَ، كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ، كَأَنْ لاَ شَيْءَ لَنَا وَنَحْنُ نَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ.” (2كو 6: 4 -10)
إن العمل مع الله شيء نفتخر به، ولكن حينما نتأمل تحت أى ظروف نعمل وبأي روح نعمل مع الله فإننا نجد كل هذه السيمفونية التي نقلناها من رسالة القديس بولس لأهل كورنثوس: فالصبر وطول الأناة والجلد واللطف هي أفعال وممارسات يقوم بها الإنسان على أكثر من مستوى، المستوى الأول هو قبول الشروط السابقة على أى شراكة مع الله، والشرط الأول هو قبول النعمة الآتية من إيماننا القوي بالله، هذه النعمة المجانية هي التي تملأ روحنا وجسدنا بالقوة اللازمة لتحمل ألم الجلد الجسدي أو الصبر في المكاره.
ثم ثانيًا، بكل هذه الممارسات نثبت أننا نخدم الله، ونحظى بهذا اللقب لأننا قبلنا بكامل حريتنا أن ينضم الله علينا لهذه الخدمة وبالتالي تحمل كل المشقات والتحديات التي تقابلنا أبناء هذه الخدمة.
إذا تأملنا في الشكوى المستمرة للرسول من المضايقات التي يقابلها في رسالته، ومن الوقوع صريع التحديات والمشقات فإنه عليه أن يسأل نفسه جيدًا إن كان فهم جيدًا معنى رسالته وسط العالم، ومعنى أن يتحمل المشقات بالصبر والمثابرة وقوة الإحتمال.
ربما يكون قد انسحب دون أن يدري من الشراكة بينه وبين الله في القيام بهذه الرسالة، وبالتالي فهو يائس وقليل الصبر وعديم الإحتمال، إن حضور الله في عملنا الرسولي يضفي عليه صفة الدوام وصفة السلام، وجود الله بقوة في رسالتنا يبعد عنا الملل والشعور بالتعب الوجودي. وجود الله معنا يضفي علينا قوة الإحتمال ويطيل صبرنا ويضمد جروحاتنا ويبارك رسالتنا فتثمر فنفرح ونتجاوز كل شعور بالهزيمة واليأس ويجدد فينا روح الخدمة وروح العطاء.