stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

ليس خادم أفضل من سيده – الأب وليم سيدهم

825views

ليس خادم أفضل من سيده

قَلَبَ يسوع المسيح القيم التقليدية التي تربت عليها مجتمعاتنا ومازالت تتربع على عرش التقاليد المرعبة رأسًا ‏على عقب، فالخادم أو “الخدَّام” هو إنسان عبد المأمور، وظيفته تنفيذ أوامر “سيده” ويا ويله لو حاد قيد ‏أُنملة عن هذه الأوامر التي غالبًا ما تكون مهينة ومُذلة. ولأن الإنسان منذ قال قايين لله “لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا ‏لأَخِي؟‎”‎‏ (تكوين 4 : 9) .‏
ونحن جميعًا نميل لا إلى تجاهُل أخوتنا فقط ولكن إستغلالهم وإن لم يصل إلى درجة قتلهم كما فعل قايين ‏بأخيه هابيل غيرة منه على تفضيل الله لذبيحة هابيل، ورغم أن المسيح رفض “العبودية” إلا لله فقط فإن ‏العصور الوسطى في الشرق والغرب تشهد على إنتشار تجارة العبيد على يد المسيحيين والمسلمين بطريقة ‏همجية.‏
وحاول القديس بولس أن يحل التناقض بين الإيمان بالمسيح وبين تحرير العبيد فأوصى بمعاملة العبيد كأخوة ‏في الإيمان مع أسيادهم إن كانوا إعتنقوا الإيمان بالمسيح، ومعروف في التاريخ أن الدولة اليونانية التى ‏برزت فيها الفلسفة والفكر المنظم كانت تحتوى على طبقة العبيد وطبقة الأسياد.‏
وفي القرن السادس عشر بعد إفتتاح أمريكا اللاتينية على يد كريسوفر كولمبس استقدم المستعمرون ‏الغربيون ملايين العبيد من قارة أفريقيا ليستغلوهم في بناء حضارتهم التى استأصلت السكان الأصليين لقارة ‏أمريكا الجنوبية.‏
ولماذا نذهب بعيدًا ففي دول الخليج وحدها أكثر من مليون فيلبينى وفيلبنية يعملون عبيدًا عند سادة البترول ‏وفي مصر ولبنان وسوريا آلاف الخادمات الفيلبينيات وأغلبهن مسيحيات يعملن عبيدًا في منازل الأثرياء.‏
إن مجيء المسيح إلى وطننا الأرضي كان إيذانًا بتحرير هؤلاء العبيد واعتبر نفسه واحدًا منهم لابل طلب من ‏تلاميذه أن يقتدوا به ويجعلون مفهوم “الخدمة” و “الخادم” كلمة جذَّابة وتحمل قدرًا من الحُب الذي يحمله ‏الخادم لإخوته البشر مقرونًا بالحرية الذاتية وإن كان ما يميز العبد تقليديًا هو استلاب حريته الشخصية في ‏سبيل خدمة أسياده فإن المسيح الخادم يحثنا على إستخدام حريتنا الشخصية في قبول “خدمة الآخرين” بكل ‏حرية ودرجة كافية من الوعي بمفاعيل هذه الحرية.‏
فالإنسان المحرر من المسيح يخدم الآخر ليس بصفته سيدًا ولكن بصفته خليقة الله ومجبول على صورته ‏ومثاله فإكرامه من إكرام خالقه، لذا لا يستحى المسيح من أن يُعلن أنه جاء “ليخدُم” لا “ليُخْدَم”.‏
إن حقارة الإنسان السيد تكمن في كونه يتعامل من منطق أن العبيد ما إلا نفاية البشر، إكرامهم في إستغلالهم ‏في تنفيذ الأعمال الذي يراها السيد وضيعة وينفي عنهم صفة الإنسانية.‏