ليس شيء يُعجز الله – الأب وليم سيدهم

البتول تلد والعاقر تنجب، شيئان لا يستطيع الإنسان بنفسه أن يحصل عليهما، ولكن الله على كل شيء قدير، كيف؟ هل يعطل الله النواميس التي وضعها في الطبيعة لكي يحقق الخلاص للإنسان؟
يمكننا أن نعرف المعجزة بحسب العُلماء، بأن يحدث شيء غير عادي، وضد نواميس الطبيعة، ليس هذه المعجزة لأننا لا يمكن أن نصف الله خالق الطبيعة وواضع نواميسه وشرائعه فيها أن يعطلها.
ولكن المعجزة هي حدوث شيء غير معهود ولا يمكن تفسيره، ولأننا لا ندرك أو نفهم كيف حدث هذا الشيء فإننا نقول أنه فوق إدراكنا ولم يظهر حتى الآن شيء يفسره.
إذن، إن الله كلي القدرة والقوة لا يُعجزه شيء. والمعنى اللاهوتي لحبل البتول والعاقر هو الرغبة عند اللاهوتيين في التأكيد على الجانب الإلهي الذي بتدخله القوي إستطاع أن يتجاوز الحدود التي تمنع حدوث الشيء الذي من خلاله يشير الرب إلى تدخله شخصيًا لحصول هذا الحدث.
فالعذراء مريم تحبل وتلد من الروح القدس وليس من زرع بشري، وبالتالي فإن تدخل الروح القدس يعني الطهارة، النقاء، يعني أنفتاح العذراء على عمل الله الكلي القدرة. ولكي يتجسد عمل الروح القدس في التاريخ البشري كان يجب أن يوقف كل تدخل من يوسف زوج مريم.
ولكن الروح القدس الذي يلقح مريم العذراء يحتاج لغطاء بشري يساعد هذا الروح أن يتجسد في واقع البشر، وبالتالي فإن ما رآه يوسف خطيب مريم في الحلم، هو تصريح ميتافيزيقي القصد به طمأنة يوسف البار على حُسن مسلكه، وعلى أن يكتفي بأن يكون أبًا في الجسد، أمام عيون البشر، المطلوب من يوسف حتى لو كان لا يفهم ما يحدث معه، أن يعطي غطاء شرعي بمفهوم البشر لهذا الطفل الذي حبل به من الروح القدس.
أيضًا أفصح الملاك جبرائيل لمريم أن ما يحدث معها هو من الروح القدس وليس المطلوب الزرع البشري الان. إنه زرع إلهي لم تفهم مريم أيضًا لكنها قبلت أن يستخدمها الله لتنفيذ إرادته الخلاصية “هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ” (لو 1: 38)