ليكون فرحكم كاملاً – الأب وليم سيدهم
يتناوب الفرح و الحزن على الإنسان كما يمارس الشهيق و الزفير ، إلا أن الفرح و الحزن هما حالتان نفسيتان و شعوريتان يعبران عن التوجه الكامل لشخصية الإنسان فى لحظة محددة و لو أخذنا “الفرح” فهو حالة يشعر فيها الإنسان بقدر من الإسترخاء و السكينة و يلونان نظرة الإنسان للحياة التى تنساب بين يديه بلون الربيع و التفاؤل و يشارك جسم الإنسان فى هذه الحالة إذ أن الإنسان الفرحان تنفرج أساريره و يكون فى حالة تفاعل إيجابى مع من حوله من البشر و في إنسجام كامل مع الطبيعة إن الفرح له أسباب كثيرة أهمها الشعور بالرضى عما يفعله الإنسان و عما يستقبله من أخوته البشر و الطبيعة أيضاً و خاصة فى علاقته مع الله.
و حين وصلتنى نتيجة الثانوية العامة و عرفت أنى الأول على دفعتى لم تسعنى الفرحة، أيقنت أن كل الأيام و الساعات التى سهرتها و تعبت فيها لتحصيل العلم أتت بثمار حلوة فرحت لأنى إنسان فرض على مصحح الامتحان الإعتراف بتفوقه. لأن والدىّ زادت ثقتهم فىّ و فى قدراتى، لأن زملائى أكتشفوا إنى إنسان ذكى. لأنى تحررت من عبودية الامتحان و قهرته و أنا طليق الآن بعد أيام و شهور من العزلة و القهر و السهر و الصبر و الاستذكار. فرحان لأن المستقبل أمامى أصبح رحباً و مفتوحاً و بإمكانى أن أواصل التفوق على ذاتى لدى شعور عارم بأن خبر نجاحى يجب ان ينتشر و يصل للدانى و القاصى فأنا أستحق أن يُحتفى بىّ.
كذلك حينما وُلدت أحتفت الأسرة و الأصدقاء بي. لم أكن فى موقف من يعى هذا الفرح و كل الطقوس التى ترافقه. والدتى والدى أخوتى الأسرة الكبيرة الأصدقاء. الجميع فرحوا لقدوم هذا الطفل، إنى فتحت طريقاً للمستقبل أمام الجميع لقد تمدد الآمال و الأحلام أمام أهلى لتصل إلى خمسين عاماً أو يزيد فى مستقبل قابل بالحبل بمشروع إنسان عظيم، قد يكون مهندساً أو دكتوراً أو رجل دين أو عالم من علماء الفضاء.
ولادة طفل هى ولادة حُلم كبير يتحقق لحظة بلحظة في ثنايا الوجود و الحياة اليومية ففيما العمر يغرب غند والدى و أجدادى أزف إليهم خبر إمتداد هذا الوجود و فتح باب الإمكانات و حلم مشروع طفل قد يتحول بعد عشرين عاماً أو أكثر إلى إنسان عظيم يُغير وجه الكون مثل زويل أو نجيب محفوظ أو الدكتور مجدى يعقوب أو بيل كلينتون …. الخ
أن أفرح بيوم زواجى هو الفرح بتأسيس خلية أسرية جديدة ملؤها المشاركة و العطاء و المستقبل و الحاضر بنون وبنات، فرحة الزواج هى فرحة وجود شريك أو شريكة يدخل مغامرة صنع الحياة اليوم وفي المستقبل. فرصة تغيير دفة الحياة ليصبح الماسكون على ناصيتها أثنان و ليس شخص واحد.
و الإثنان مرشحان ليكونا ثلاثة و أربعة و خمسة أو أكثر.. هى سفينة صغيرة تبحر في عباب الحياة، تتهادى على إيقاع موج البحر و تعاقب النهار و الليل.
إن فرحتى يوم دخولى إلى سلك الرهبنة لا يضاهيها فرح لقد قررت بملء إرادتى أن أكون خلية صغيرة فى جسد رهبانى عالمى ينشد الخدمة والمصالحة و إعلان الفرح فى كل المسكونة. إنها فرحة من وجد كنزاً في الأرض فباع كل ما له و اشترى هذه الارض ليعزز أركان مشروعه الوجودى. كل الامكانات مُسخرة للخدمة و نشر الفرح و السلام بين جنبات المكان الذى أعيش فيه. إنه فرح من أصبح مواطناً عالمياً يخدم فى أى مكان و كل إنسان دون تفرقة فى اللون و الجنس والدين.
هى فرحة مريم اخت مرثا التى اختارت النصيب الصالح، زكا الذى حظى بزيارة المخلص و مريم العذراء التى حبلت بالمخلص.
نعم أى فرح يضاهى فرح الولوج الى ناصية الحقيقة، و أى حقيقة أنصع من الإيمان بمخلص اسمه يسوع ابن الله.
و ليكون فرحكم كاملاً لأنكم آمنتم بأن مصدر الفرح هو معين لا ينضب وهو الذى يعطى لنجاحنا معنى وهو الذى يضفى على زواجنا معنى وهو الذى يضفى على تكريسنا شرعية و قبولاً و حبوراً.
نعم فرحنا كامل بقيامة يسوع المجيدة و قدرته الألهية على سحق الموت تحت أقدامنا و فتح باب العبور من حياة إلى حياة تجعل الموت مجرد لحظات عابرة لا تذكر فى عمر زمننا البشرى و السماوى الآبدى.
يارب أفرح قلوبنا و لا تسلمنا الى قبضة الأحزان بل حول هذه الاحزان إلى أفراح الانتصار عليها و افتح لنا باب الرجاء واسعاً