” ما جئتُ لأدعُوَ الأبرارَ، بَلِ الخاطئين ” القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم
القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 – 407)، أسقف أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة ومعلِّم في الكنيسة
العظات عن القدّيس متّى، 30
” ما جئتُ لأدعُوَ الأبرارَ، بَلِ الخاطئين “
لماذا لم يدعُ يسوع متّى في الوقت نفسه حين دعا بطرس ويوحنا والآخرين؟ دعا متّى حين عرف بأنّه سيتبعُه، تمامًا كما تجسّدَ حين شعرَ بأنّ الناس مستعدّون لإطاعته. وللسبب عينه، اجتذبَ بولس بعد القيامة فقط (أع9). فهو يسبرُ القلوب ويدخلُ الى عمقِ كلِّ واحد، فيعلم كلَّ العلم متى يكون الشخص مستعدًّا ليتبَعَه. لم يدعُ متّى في البداية، لأنّ قلبه كان لا يزال قاسيًا جدًّا؛ لكن بعد الأعاجيب العديدة التي اجترحَها يسوع، وحين ذاعَ صيتُه، باتَ متّى مستعدًّا أكثر للاستماع إلى المعلِّم، وكان يسوع يدركُ ذلك.
يجدرُ بنا أيضًا أن نتأمّل في فضيلة هذا الرسول، الذي لم يخفِ حياتَه السابقة… كانت مهنتُه مُخزِية، بلا ضمير؛ فالأرباح التي جناها لم يكن لها أيّ مبرِّر. ورغم هذا كلّه، دعاه يسوع. لم يخجلْ من دعوة عشّار، كما لم يخجلْ من التكلّم مع امرأة زانية ومن السماح لها حتّى بتقبيل قدميه وببلِّهما بالدموع (لو7: 36). لأنّه لم يأتِ لمداواة الجسد فحسب، بل لشفاء النفس أيضًا. فهذا ما فعلَه مع المُخلّع؛ وبعد أن أظهر بوضوح قدرته على مغفرة الخطايا، توجّه إلى متّى، كي لا يتفاجأ الناس من قيامه باختيار عشّار كتلميذ له.