ما قلتموه همسًا سينادى به على السطوح – الأب وليم سيدهم
الإنسان أمام الله صفحة مفتوحة، لا يوجد شيء بعيدًا عن أعين الله، ليس لأن الله ليس لديه شيء إلا مراقبة تصرفاتنا وأفعالنا، بل لأن الله كالشمس حينما تطل على الكون تملأه نورًا، وبالتالي فهي تفرش للإنسان الطبيعة وكل الموجودات التي تحت السما.ء والشمس عطية من الله، وحضور الله في حياتنا ما خفي منها وما ظهر، لأنه “ضابط الكل” ولأنه يحنو على خليقته كالأم مع طفلها.
لا يوجد عند الله أسرار، لأن له الماضي والحاضر والمستقبل، أما نحن البشر، فنسر بعضنا الى بعض بأشياء لا نريد أن يضطلع عليها الآخرون، قد يكون السبب خيرًا أو شر، في كل الأحوال، ينبهنا الكتاب المقدس على المخاطر التي يسببها كلامنا في السر وفي العلن ويقول الإنجيل “بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ.” (مت 5: 37). ذلك لأن تغير كلامنا يؤدي إلى أذية المُصغي، خاصة إذا كان كلامًا يستوجب الحيطة و الحذر.
يطلعنا الكتاب المقدس عن الحوارات التي لا تنتهي بين الفريسيين وعلماء الشريعة وبين يسوع، لقد جاء يسوع في ملء الزمان لكي يقول الكلمة الفصل التي أرادها الله ويريدها للإنسان من قبل الآب، إلا أن الفريسيين والكتبة كانوا يعتبرون أنفسهم المتحدثون الرسميون باسم الله، وحينما ارسل الله ابنه الوحيد لكي يصحح ما زيفه الفريسيون ويخلص الفقراء والمظلومين والمضطهدين من جورهم وعدم أمانتهم، عارض هؤلاء الذين يعتبرون رجال الدين في ذلك العصر، ولم يفطنوا أن يسوع هو صاحب الكلمة الحق وليس هم.
ولأن رجال الدين هؤلاء حولوا الله إلى صنم يتحدثون باسمه، ويبدلون ويضيفون إلى كلامه فإنهم لم يستطعوا أن يفهموا أو يقبلوا يسوع الذي اعتبروه برئيس الشياطين يخرج الشياطين.
ولأن حججهم كانت متهافتة فلجأوا إلى الدسيسة والهمس واللمز وهم يدبرون له المكائد ويعدوا له الأخطاء. لذلك حذر يسوع تلاميذ من “خمير الفريسيين” ومن خبثهم ومحاولات إستدراجهم إلى مواقف تناقض ما كان يعلمه يسوع لهم، ورغم أن يسوع كان يشفي المرضى ويلتقي بالخطاة مثل ذكا والمرأة السامرية، والمرأة الخاطئة وقائد المئة، إلا أن حق الفريسيين كان يترجم بمجموعة من المؤمرات عليه لكي يتخلصوا منه، وكل ما كانوا يهمسون به فيما بينهم كان يسوع يفنده ويبطله في مهده، لذلك حذر يسوع تلاميذه من الهمس والنميمة لأنها تضر ولا تنفع، ووصفهم بأبناء الظلام التي تحاك فيه الدسائس وتُرتكب فيه المظالم.
إننا مدعوون لأن نكون شفافين في علاقتنا مع كل الناس، وشهود للحقيقة فلا نزيفها أو نخفيها بل نعلنها في وقتها المناسب مقتدين بيسوع معلمنا ومخلصنا.