stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالمسينودس 2023

مداخلة الكاردينال غريتش في افتتاح دورة التنشئة على السينودسيّة

312views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

18 يناير 2023

كتب : فتحى ميلاد – المكتب الاعلامي الكاثوليكي بمصر .

“لا يوجد في السينودس – أو على الأقل لا ينبغي أن يكون هناك – رابحون أو خاسرون، لأن ما يسود ليست إرادة الأغلبية، بل إرادة الله، التي يسمح لنا الروح القدس بالتعرُّف عليها من خلال عمل تمييز جماعي” هذا ما قاله الأمين العام لسينودس الأساقفة في مداخلته في افتتاح دورة التنشئة على السينودسيّة

بدأت عصر أمس دورة التنشئة على السينودسيّة التي ينظّمها مركز “Evangelii Gaudium” ومركز التنشئة التابع لجامعة “Sophia” في لوبيانو في إيطاليا بالتعاون مع أمانة سرِّ سينودس الأساقفة وقد افتتح الدورة الأمين العام لسينودس الأساقفة الكاردينال ماريو غريتش في مداخلة له تمحورت حول ثلاث نقاط من تعليم البابا فرنسيس من أجل تعميق البعد الروحي التأسيسي للسينودسيّة.

قال الكاردينال غريتش أولاً، وبحسب كلمات البابا فرنسيس، السينودس هو إصغاء إلى الروح القدس. في السينودس نحن لا نصغي إلى بعضنا البعض كما هو الحال في أي لقاء آخر. بالطبع، يشكل الإصغاء المتبادل أمرًا أساسيًّا، لكنه يفترض فعل إيمان بحضور الروح القدس في جميع المشاركين، إذ أن كل واحد منهم قد نال مسحة الروح في المعمودية والتثبيت. وبالتالي إذا كان صحيحًا أنه في جميع المعمدين، من الأول إلى الأخير، تعمل قوة الروح المُقدِّسة وأنَّ حضور الروح يمنح المسيحيين رابطًا مع الحقائق الإلهية وحكمة تسمح لهم بفهمها بشكل حدسي، على الرغم من عدم امتلاكهم للأدوات الكافية للتعبير عنها بدقة، لذلك لا نستغرب أن يكون القديس بندكتس قد أوصى رهبانه بأن يستمعوا أيضًا إلى صوت الصغير بينهم.

تابع الأمين العام لسينودس الأساقفة يقول تتيح لنا العملية السينودسية، التي تتألف من العديد من الأصوات فيما بينها، أن نتعرف في مختلف الأصوات – وربما للوهلة الأولى المتنافرة – على خلفية مشتركة، لم يكن الأفراد قد تنبهوا لها في البداية: خلفية مشتركة يتردد فيها صدى صوت الروح القدس، الذي وبشكل سرِّيٍّ ومتزامن، كما يخبرنا حدث العنصرة، يخلق التنوع – ويحافظ على الكنيسة من التطابق الصارم – ويحقق الانسجام في التنوع – الأمر الذي دفع القديس باسيليوس الكبير، في أطروحته الشهيرة حول الروح القدس، لكي يؤكِّد أنَّ الروح القدس هو تناغم.

أضاف الكاردينال غريتش يقول لقد تحدّث البابا فرنسيس عن هذا الأمر منذ خطابه الشهير في الذكرى الخمسين لتأسيس سينودس الأساقفة، في ١٧ تشرين الأول أكتوبر ٢٠١٥، عندما حدد لأول مرة وجه ما يسميه “كنيسة الاصغاء”: “شعب أمين، مجمعيّة أسقفية، أسقف روما: الأول في إصغاء للآخرين، والجميع في إصغاء للروح القدس “روح الحق”، لكي يعرفوا ما “يقوله للكنائس”. وهذه الفكرة نجدها أيضًا في الوثيقة التحضيرية للمسيرة السينودسية، التي نُشرت في ٧ أيلول سبتمبر ٢٠٢١: هناك سؤال أساسي يقودنا ويوجهنا: كيف يتحقق اليوم على مختلف المستويات (من المستوى المحلي إلى المستوى العالمي) ذلك “السير معًا” الذي يسمح للكنيسة بأن تُعلنَ الإنجيل، وفقًا للرسالة الموكلة إليها؛ وما هي الخطوات التي يدعونا الروح القدس للقيام بها لكي ننمو ككنيسة سينودسيّة؟ إنَّ مواجهة هذا السؤال معًا تتطلّب منا أن نصغي إلى الروح القدس، الذي مثل الريح ” تهب حيث تشاء فتسمع صوتها ولكنك لا تدري من أين تأتي وإلى أين تذهب” وأن نبقى منفتحين على المفاجآت التي ستُعدُّنا على طول المسيرة.

ثانيًا، تابع الأمين العام لسينودس الأساقفة يقول السينودس هو طاعة للروح القدس. وعلى هذا المستوى يمكننا أن نفهم تمامًا ما يعنيه البابا عندما يصر على الفرق بين السينودسيّة كأسلوب للكنيسة والمجالس البرلمانية التي تميز الأنظمة السياسية الديمقراطية الحديثة. السينودس ليس بحثًا عن حل وسط بين الأطراف البديلة، أو حتى المتعارضة. لا يوجد في السينودس – أو على الأقل لا ينبغي أن يكون هناك – رابحون أو خاسرون، لأن ما يسود ليست إرادة الأغلبية، بل إرادة الله، التي يسمح لنا الروح القدس بالتعرُّف عليها من خلال عمل تمييز جماعي. ويمكن لهذه الإرادة أن تتجلى إما في رأي حشد كبير، أو في رأي مجموعة صغيرة أو فرد، وغالبًا ما لا تتطابق مع أي موقف من مواقف البداية: فهي، إذا جاز التعبير، “طريقة ثالثة”، تأتي على مستوى أعلى، وتفتح إمكانيات غير متوقعة. إزاء الخوف من أن يُصار، من خلال المسار السينودسي، إلى إدخال ابتكارات إلى الكنيسة اليوم من شأنها أن تقلب دستورها الإلهي، ينبغي علينا أن نشدِّد بوضوح على هذه الطاعة للروح القدس. هذا هو بحسب الإنجيل الرابع، “روح الحق”، الذي لا يهدف إلى تجاوز كلمة يسوع، بل على العكس هو يسمح للكنيسة في كل زمان ومكان بأن تتذكرها وتفهمها بشكل أعمق وأن تشهد للمسيح وأن تأخذ مما هو له لكي تُعلنه للعالم. وبالتالي إذا خضع السينودس للروح القدس، فهو لا يبعد الكنيسة عن المسيح وعن كلمته، بل على العكس هو يعيدها إلى دروب الإنجيل، ويسمح لها ببلوغ فهم أعمق.

ثالثاً وأخيرً، أضاف الكاردينال غريتش يقول السينودس هو استدعاء الروح القدس. وهذا في الواقع جانب يسبق الاثنين الآخرين، لأنه شرطهما الأساسي. يصبح الاصغاء إلى الروح القدس والطاعة له ممكنين فقط في سياق استدعائه، والذي يتم تلخيص شكله الأساسي في الصلاة القديمة: “هلمَّ أيها الروح القدس”. ولكي نقول ذلك مجدّدًا مع البابا فرنسيس: “السينودسية تفترض وتتطلب حلول الروح القدس”. في هذا الأفق، يمكن أن يكمن أحد التحديات الآنيّة في إعادة اكتشاف “المناخ” التأسيسي المُصلي والليتورجي لكل دعوة سينودسيّة، تبدأ على الدوام بنشيد “هلمَّ أيها الروح القدس”: وكأننا نقول إن السينودس يتم الاحتفال به أولاً بالركوع والصلاة. لهذا السبب، في العملية السينودسية الحالية، علينا أن نعيد تقييم الصلاة القديمة الموجهة دائمًا إلى الروح القدس – من أجل جمعيّة كنسيّة للإدارة أو للتمييز – والمنسوبة إلى إيزيدور الإشبيلي والمستخدمة أيضًا في المجمع الفاتيكاني الثاني، الذي نحتفل بالذكرى السنويّة الستين على انعقاده. وبالكلمات الافتتاحية لهذه الصلاة بالتحديد، وبالتوافق مع ما يعلمنا إياه الأب الأقدس عن السينودسية، خلص الأمين العام لسينودس الأساقفة إلى القول أريد أن أختتم هذه المداخلة: “نحن هنا أمامك، أيها الروح القدس: نحن جميعًا مجتمعون باسمك. تعال إلينا، ساعدنا، انزل إلى قلوبنا. علِّمنا أنت ما يجب علينا فعله، وأظهر لنا المسيرة التي علينا أن نتبعها جميعًا […]”.