مريم بيت الرب
هذا العام الرعوي اتخذت ايبارشيتنا شعار “بيت الرب: من الحجر للبشر”. ان قصة الخلاص بأكملها عملية تحول للإنسان من الخطيئة الى النعمة، من قلب حجر الى قلب حي، يسكن فيه الله. وها هي مريم، صورة كاملة لهذا المشروع الإلهي، هي هذا البيت الذي اعده الله منذ بدء الخليقة، حفظه من الخطيئة، كي يسكن فيه ابنه.
مريم هي بيت الرب، مقامه وسكنى مجده، هي هذا المخطط الذي يعرضه علينا الله كي نرى ماذا يريد ان يصنع بنا. كيف؟
– يأتي ملاك الرب الى مريم ويعلن لها كلمة. هذه هي بداية كل عمل الهي، كلمة تخلق. كلمة يفصل بها الله ما بداخلنا ظلمة عن نور، يابس عن ماء. بداية هذه الخليقة الجديدة التي يصنعها الله فينا هي كلمة. كلمة الله تخلق ولكنها أيضا محررة، فبكلمة اخرج الرب شعبه من مصر من ارض العبودية، واعطاه العشر كلمات: وصايا، كي يصبح شعب حر. كلمة الله أيضا تنير الطريق فهي مصباح للسبيل، بها يعطي الرب معنى لاحداث الحياة.
ونحن اذا نرغب هذا المشروع الإلهي، لا مفر لنا من ان نتقابل مع هذه الكلمة. اول وصية الرب يعطيها لشعبه: اسمع يا إسرائيل. نعم السماع هي اول وصية، سماع الكلمة. هذا ما وجدته خلال هذه الفترة الصغيرة من خدمتي الأسقفية، احتياج كبير وقوي لاعلان كلمة الله الخالقة، المحررة، المنيرة. كلمة تلمس واقع الانسان المعاصر. كلمة تساعده في حياته، تفسر له معناها، تمنحه الرجاء.
– فترد مريم على هذه الكلمة: هانذا امة الرب. الرد هو تعبير الانسان على كلمة الله، رد فعله عليها، بمعنى اخر ليتورجيا. الليتورجيا هي رد الشعب على كلمة الله، والتي تصبح سر مقدس بعمل الله. بها يتمم الله عمله في الانسان الذي ابتداه بالكلمة. وكم نحن في احتياج لتجديد حقيقي لليتورجيات التي بها يستطيع الانسان ان يدخل في علاقة مع الله، ويستقبل كامل نعمته. التجديد لا يعني تقليل الوقت ببساطة، او الصلوات. ولكن عملية كشف لكنز سر المسيح الفصحي وعرضه على المؤمن كي يتواصل معه بطريقة مباشرة. هذا الكنز الذي خفض نوره بسبب او لاخر.
– فتقوم مريم مسرعة لاليصابات: الكلمة تقيم ليتورجيا، ومعا يبنيان شركة. مريم تحتفل بسرها مع اليصابات، فتخدمها واليصابات تعلن لمريم نبؤة: هذه هي الشركة خدمة متبادلة، ليست فقط خدمة مادية ولكن نبوية، قدرة على مساعدة الاخر في مسيرته الايمانية.
كلمة، اسرار، شركة. هذه هي وسائل الرب لخلق هذا البيت، مع مريم كان هكذا، وهذا ما اتمناه لي ولكم في هذه الأيام المباركة.
نصبح بيت للرب، نترك انفسنا نتحول: من حجر لبشر.
صلوا لأجلي.
+ باخوم
النائب البطريركي
لشئون الايبارشية البطريركية.