stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

معمدون و مرسلون – تأملات لشهر الرسالات الاستثنائي – 5 اكتوبر 2019

722views

‏5 أكتوبر 2019‏

 

‏- السبت الأسبوع السادس و العشرون من الزمن العادي ‏

با 4 : 5-12، 27-29 ‏
مز 69 : 33-37‏
لو 10: 17-24‏

في الأنجيل المخصص لتأملنا اليوم ، يعود السبعون ( أو الأثنان و سبعون ) تلميذا ‏من الأرسالية بفرح ، ليخبروا معلهم يسوع بنجاحهم الرعوي: ” يا رب ، حتى ‏الشياطين تخضع لنا باسمك ” ( لو 17 : 10 ) . و يسوع نفسه يشارك تلاميذه ‏فرحهم : ” كنت أرى الشيطان يسقط من السماء كالبرق ” ( لو 10 : 18 ) . و مثل ‏تلاميذ المسيح ، اولينا نحن أيضا القدرة على أن ندوس على الحيات و العقارب و ‏كل قوة للعدو ، و لن يضرنا شيء ( انظر لو 10 : 19 ). فالامر يتعلق بوعد يسوع ‏المسيح الذي يمنحه لكل تلاميذه في ( مر 16 : 18 ): ” و يمسكون الحيات ‏بأيديهم ، و ان شربوا شرابا قاتلا لا يؤذيهم، و يضعون أيديهم على المرضى ‏فيتعافون “. هكذا يعلن لنا يسوع أن الأرسالية ستكون قاسية و صعبة ، و لكن لا ‏تقرحوا بأن الأرواح تخضع لكم ، بل افرحوا بأن أسماءكم مكنوبة فى السموات ” ( ‏لو 10 : 20 ). من حق تلميذ المسيح أن يفتخر و يفرح بنجاح ارساليته في ‏التبشير ، و لكن لا بد و ان يكون الدافع الأساسي لهذا الفرح هو الفرح بما في ‏السماويات ، لا بد و أن ندخل في فرح الخلاص ، في فرح الرجاء : أيها الخادم ‏الصالح الأمين ، أدخل نعيم سيدك ” ( مت 25 : 21 : 23 ) . انه فرح الخادم ‏الاخير فيه ( انظر لو 17 : 10 ) الذي فعل ما يجب عليه ان يفعله . ‏

‏- ما يهم بالفعل بالنسبة للتلاميذ هو أن أسماءهم ستكون ” مكتوبة في ‏السموات ” ( لو 10 : 20 ). في التعليم اليهودي لذلك الزمن ، يعني هذا أن ‏السبعين ( الاثنين و السبعين ) العائدين من الأرسالية هم معروفون عند الله ‏كمواطني السماء . ان هذا بالنسبة لهم هو المنزل الحقيقي ، الملكوت الذي ‏يسمح فيه يسوع لهم بأن يدعوا الأخرين الذين سيرسلون اليهم . ثم، فجأة ، و ‏في منتصف الحوار مع التلاميذ المرسلين ، يتوجه يسوع الى مستمع اخر ، الى ‏ابيه الذي في السموات . و بصفتهم قد تثيتوا للتو كمواطنين في ملكوت الله ، فان ‏السبعين . و نحن أيضا ، اذا اتبعنا طريقهم . يستمعون الى حوار الهي . فنحن ‏شهداء على لحظة من لحظات الصلاة العميقة بين يسوع و أبيه . يسوع يشكر ‏الأب من أجل ارادته الرحيمة ، فالاسرار العظيمة كشفت ” للصغار ” و ليس ” ‏للمثقفين و العارفين ” ، و ستبقى مخفية عنهم .‏

‏- في الاطار التاريخي ليسوع ، فالتلاميذ الذين ذهبوا في أرسالية ” أطفال ” ليس ‏فقط لأنها خبرتهم الأرسالية الاولى ن و لكن أيضا لأنهم ربما لم يتلقوا تعليما ‏رسميا في عالم الله ، على قدم المساواة مع ذلك الذي تلقاه كهنة اليهود ‏المثقفين ، و الفريسيين ، و الزعماء الأخرين لليهودية في ذلك الزمان ، هذا لا ‏يعني انكار قيمة التعليم اللاهوتي ، و لكن الأعتراف بأن اللقاء مع الله هو دائما ‏عطية من الله ، و أن الأيمان به هو أساس كل أرسالية.‏

‏- يتأمل يسوع ، بعد ذلك ، بصوت مسموع ‏‎ ‎، حول طبيعة علاقته هو و الأب . هنا ‏،فى فقرة متشابهة الى حد كبير لاخرى فى انجيل متى ( انظر مت 11 : 25-30 ‏‏) و عبارات أخرى كثيرة في يوحنا ( انظر يو 3 : 35 : 13 : 3 : 14 : 9-11 ) ، ‏بكشف يسوع المعرفة الكاملة المتبادلة بين الاب و ابنه فى أنفتاح تام من ‏أحدهما للأخر : و هذا مصدر فرح و ترابط ، و سبب في الأثمار و في الأرسالية .‏

‏- و بفضل هذه العلاقة تكون ليسوع القدرة على دعوة الأخرين للعلاقة مع الله ، و ‏أن يدخلوا في ذلك الترابط الألهي . في هذه الحميمية ، نعرف من هو الابن كما ‏هو معروف و محبوب من الاب ، و من هو الأب ، كما هو معروف و محبوب من الابن ‏، ان السبعين المدعوين ليرفعوا المعاناة و القمع باسم يسوع ، يقابلون معنى ‏أرساليتهم في الاب و فى الابن و فى علاقة المحبة بينهما . عندما نستمع اليوم ‏الى هذه الرسالة الأنجيلية ، نستكمل دعوتنا الأعمق بأن ندخل في تلك العلاقة . ‏من الطبيعي ، فقط على أساس اللقاء مع الاب ، هكذا كما كشف لنا يسوع ، ننال ‏عطية محبة الله لنقدمها للأخرين في الأرسالية .‏

‏- ان كلمة الله اليوم تدعونا ، ليس فقط ، لنحرص على الجوانب المتنوعة من ‏الأرسالية ، و لكن أيضا لنكتشف بدأب ما تكشفه لنا تلك الحقائق عن الله . عندما ‏نعترف بأيمان بالطرق التى بها يأتى الله فينا و يعمل ، يمكننا أن نسمح لروحه ‏القدس بأن يوجه ارساليته تجاه الأخرين من خلالنا . ان العلاقة العميقة بين ‏التلاميذ المرسلين و يسوع ، فى وحدتها الألهية المحبة مع الاب ، تمنح الفرح و ‏الشغف و الحماس للألتزام الأرسالي . يفرح التلاميذ المرسلون بالمحبة ، ‏وبالعلاقة بينهم و بين معلمهم و ربهم ، و بدعوتهم لأن يكونوا ابناء و بنات لله ، و ان ‏أسماءهم مكتوبة فى السماوات ، أكثر بكثير من فرحتهم بنجاح مهمتهم .‏

‏- بهذا المعنى يكتب البابا فرنسيس فى وثيقة الأرشاد الرسولي ، فرح الأنجيل ، ‏فى الفقرة 21 : ان فرح الأنجيل الذي يملأ حياة جماعة التلاميذ هو الفرح ‏الأرسالي . يختبره التلاميذ الاثنين و السبعون ، و الذين يعودون من الارسالية ‏ممتلئين بالفرح ( انظر لو 10 : 17 ) . يعيشه يسوع ، و الذي يتهلل بدافع من ‏الروح القدس و يحمد الله لأن اعلانه وصل الى الفقراء و الصغار ( انظر لو 10 : 21 ) ‏‏. يستمع اليه بأعجاب شديد الأوائل الذين يؤمنون عند سماع عظة الرسل ” كل ‏منهم بلغة بلده ” ( اع 2 : 6 ) في العنصرة ، هذا الفرح هو علامة على ان الأنجيل ‏قد أعلن و أثمر . و لكن له دائما ديناميكية الخروج و العطية ، الخروج من الذات ، ‏السير و البذر من جديد دائما ، و دائما في مناطق أبعد . يقول السيد الرب : ‏لنذهب الى مكان اخر ، الى القرى المجاورة ، لابشر فيها أيضا ، فأني لهذا خرجت ‏‏” ( مر 1 : 38 ) عندما يتم بذر البذرة فى مكان ما ، لا يتوقف هناك ليشرح أفضل ، ‏و لا ليمنح علامات أخرى ، بل ان الروح يقوده ليرحل نحو قرى اخرى .‏